د. أحمد سلطان
لا أحد يملك الجواب القاطع عن السيناريو الذي ستنتهي به الحرب الروسية الأوكرانية الشرسة (سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا) ولا عن عدد الشهور أو حتى السنين التي ستستغرقها هذه الحرب، ولكن من الواضح والمؤكد أن بوتين وحلفاء زيلينسكي الغربيين دخلوا (وأدخلوا الجميع معهم) في مغامرة كبري ونفق مظلم صار صعبًا العثور على مخرج منه.
وبعد مائة يوم، خلفت الحرب الروسية الأوكرانية إرثًا كبيرًا للعالم، أكبر من الخسائر المادية؛ ألا وهو ضرورة البحث عن مصادر بديلة ونظيفة للطاقة مع توافر إمدادات آمنة. وخلال فترة المائة يوم الأولى للحرب الروسية، اتضحت الصورة كاملة واكتملت ملامح مستقبل الطاقة العالمية، والتي أظهرت تنامي الطلب على الطاقة البديلة والنظيفة. وبتجاوز الحرب الروسية الأوكرانية يومها المائة، تبدلت معطيات عديدة وتغيرت، وسط إعادة صياغة كاملة لخريطة الطاقة العالمية، فيما الثابت هو إصرار الدب الروسي على تحقيق أهداف بوتين، وإصرار زيلينسكي على التصدي لها.
مقدمة
تُعد الحرب الروسية الأوكرانية، هي أول حرب تعصف بالقارة الأوروبية وبين جيشين نظاميين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأول خطر حقيقي يُنذر باندلاع حرب شاملة في القارة منذ أكثر من حوالي ۸٠ عامًا. وبينما بدت هذه الحرب في أسابيعها الأولى وكأنها حرب إقليمية ذات نطاق محدود واستعراض قوة، مع مرور الأشهر الأولى تبين لاحقًا أنها أكبر بكثير من ذلك.
فقد وصلت تبعات الحرب الروسية إلى كل أصقاع العالم على نحو غير متوقع، فللحروب ظلال عديدة، بعضها يُعد وآخر لا يُحصى، عدادات الدمار والخراب والقتل والتي تتسبب فيها الآلات العسكرية تظل قيد الإحصاء والحصر. وستترك الحرب آثارًا قوية على الحياة اليومية والاقتصاد والتحالفات السياسية في أنحاء أوروبا كلها، من أراس إلى موستار، ثم امتدت إلى العالم أجمع.
وقد أدت الحرب إلى اضطراب حاد في أسواق الطاقة العالمية والجانب الجغرافي السياسي المتعلق بها، ودفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي إلى الارتفاع إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من أكثر من ١٤ عامًا، ومُرغمة العديد من دول العالم وليست القارة الأوروبية وحدها على ضرورة إعادة النظر في آليات حصولها على الطاقة.
وتُعد روسيا أكبر مصدر للنفط في الأسواق العالمية، وإمداداتها من الغاز الطبيعي تغذي الاقتصاد الأوروبي. وقد فرضت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، علاوة على دول أخرى، عقوباتٍ اقتصادية على روسيا، وأعلنت خططًا لإنهاء اعتمادها على إمدادات الوقود الأحفوري الروسية، بيد أنه حتى في ظل وابل القنابل الروسية المنهمر على أوكرانيا، يستمر إلى اليوم تدفق النفط والغاز الطبيعي إلى دول عدةٍ أدانت الغزو الروسي.
وبصفة عامة ليست هذه المرة الأولى التي دفعت فيها تحركات عسكرية روسية زعماء العالم إلى القلق بشأن تأمين الطاقة، فقد ثارت مخاوف عديدة عندما غزت روسيا دولة جورجيا وذلك في عام ٢٠٠۸، وعندما اجتاحت أيضًا الأراضي الأوكرانية والاستيلاء على شبه جزيرة القرم وذلك في عام ٢٠١٤، مما أثبت إن إغراء مصادر الطاقة الروسية الرخيصة قد ثبتت قوته الشديدة في الماضي، ولكن قد تختلف الأمور هذه المرة لأنها في مواجهة أمريكية أوروبية لكسر سلاح بوتين القوي وهو الطاقة.
الحرب الروسية وإعادة ترتيب أوراق الطاقة العالمية
الحرب الروسية الأوكرانية غيرت العديد من مفاهيم القوى والتحالفات على الساحة الدولية، حيث تحاول القارة الأوروبية على إعادة ترتيب أوراقها وأولوياتها، وأكد زعماء الدول الأوروبية أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان بمثابة ضربة الصحوة لهم، لا سيما بعد خلافات عصفت داخليًا ضمن الاتحاد الأوروبي والتي انتهت بخروج بريطانيا منه، وعاد الأوروبيون وتوحدوا بقرار معاقبة بوتين.
ولأن روسيا تُعد من أكبر الدول التي تمد أوروبا بالطاقة ولا سيما الغاز الطبيعي، فكانت إمكانية فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي أشبه بابتلاع السم، إلا أن دول الاتحاد الأوروبي عزموا على عقاب موسكو، ومع نهاية الشهر الماضي قرر قادة دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعهم فرض حظر تدريجي يصل إلى ٧٥٪ على النفط الروسي إلى القارة الأوروبية ويصل إلى حوالي ٩٠٪ في نهاية عام ٢٠٢٢.
وبدوره حاول بوتين استباق العقوبات بقرارات تهدف إلى الضغط على الدول الأوروبية، من خلال المطالبة بدفع ثمن الطاقة بالعملة المحلية، ليُمثل ذلك استفزازًا واضحًا للدول الأوربية، وهو ما وافقت عليه بعض الدول ورفضته أخرى. ولذلك، دفعت الحرب قادة دول العالم المختلفة والقارة الأوروبية بالأخص إلى ضرورة إعادة النظر في خططهم للحصول على الطاقة، وهو ما قد تترتب عليه آثار قوية على صعيد العديد من القضايا الدولية والإقليمية.
وتمثل روسيا أكبر مُصدر للنفط، إذ تُمثل صادراتها النفطية حوالي أكثر من ٥ ملايين برميل يوميًا من النفط الخام بنسبة حوالي ١٢٪ من إجمالي التجارة العالمية، وتُشكل حوالي ٢٬۸ مليون برميل يوميًا من صادرات المنتجات النفطية العالمية، أي ما يعادل حوالي ١٥٪ من تجارة المنتجات المكررة عالميًا.
والاتحاد الأوروبي وحده كان يستحوذ على أكثر من حوالي ٤٥٪ من صادرات روسيا من الخام والمنتجات النفطية وذلك بنهاية عام ٢٠٢٢، وقبل الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في نهاية فبراير الماضي، وبعد قرار الحظر الأخير، بدأ الاتحاد الأوروبي رحلة البحث عن مصادر بديلة للنفط الروسي، وموجهًا أنظاره إلى منطقة بحر الشمال والقارة الأفريقية والشرق الأوسط.
الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية ما زالت تلعب دورًا كبيرًا ومؤثرا في تشكيل سوق الطاقة العالمي، والتي منها مبادئ العرض والطلب، كما للبيئة والصحة العالمية تأثير بالغ على أسعار الطاقة والنفط، وهذا ما شهده العالم جراء تداعيات جائحة كورونا. والجدير بالذكر أن أسعار النفط قد تراجعت إلى حوالي ٩ دولارات في أبريل من عام ٢٠٢٠، وتحسنت الأسعار وارتفعت حتى مستويات كبيرة حيث بلغت حوالي ١٣۸ دولارًا للبرميل مع بداية الحرب.
توقعات بزيادة الطلب العالمي على النفط
الطلب العالمي على النفط ربما تجاوز ذروته ولن يعود إلى ما كان عليه، هكذا قالها فان بوردن الرئيس التنفيذي لشركة شل في عام ۲۰۲۰، وقال للصحفيين بعد أن أعلنت شركته الإنجليزية الهولندية للطاقة انخفاضًا حادًا في أرباح الربع الثاني إن تعافي الطلب سيستغرق وقتًا طويلًا هذا إذا تعافي. لم يكن فان بوردن وحيدًا في رأيه المتشائم، فقد كان ما تمر به سوق النفط العالمية غير مسبوق، شأنه شأن كثير من الأحداث خلال جائحة كورونا، كان الطلب قد انخفض انخفاضًا حادًا مع توقف عمليات السفر، ولم تستطع صناعة النفط خفض معدلات الإنتاج بالسرعة الكافية لمجاراة الانخفاض الحاد في الأسعار.
وما لبث النفط ينفض غبار الكوفيد، إلا وتعثر في تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، غير أنه بعد أقل من عامين يبدو أن تنبؤات بوردن وغيره من كبار رجال الطاقة عن نهاية عصر النفط كانت سابقة لأوانها، وتسببت الحرب في أوكرانيا إلى دفع الأسعار إلى مستويات قياسية لم تصل إليها منذ ١٤عامًا، ليتخطى سعر برميل النفط حاجز ١٣٠ دولار، والتي لم تتخط من قبل ١٤٧دولارًا للبرميل.
فمن المتوقع أن يعصف الصراع الروسي الأوكراني بأسواق النفط العالمية والتي لم تستفق بعد من آثار جائحة كورونا ومتحوراتها المختلفة، وروسيا هي المنتج الثاني للنفط في العالم والتي تتحكم في ٤۰٪ من احتياجات القارة الأوربية من الغاز الطبيعي، ولذلك فإن الأزمة الراهنة ستؤدي إلى خلخلة عنيفة ولأشهر طويلة في أسواق النفط والطاقة. ومن المؤكد ثبات سعر البرميل النفطي فوق ١٠٠ دولارًا على المديين القريب والبعيد، فموسكو أضافت معدلات جديدة من التقلبات السعرية وحالات عدم اليقين في أسواق النفط، وحطمت العديد من أساسيات السوق.
فتأثير الحرب الروسية الأوكرانية على رأس أسباب اشتعال الأسعار، وستثير هذه التوترات القوية بين المعسكرين الغربي والروسي القلق حول استمرار عمليات وسلاسل الإمدادات النفطي؛ إذ تنتج روسيا حوالي عشرة ملايين برميل من النفط، وجاء الارتفاع القياسي في أسعار النفط كنتيجة رد فعل رجال ومستثمري الطاقة تجاه التطورات في أوكرانيا، مع قلقهم من التأثير المحتمل للحرب على إمدادات البترول والغاز الطبيعي، وأنه في حالة استمرار الحرب وتوسع الدب الروسي في الأراضي الأوكرانية سيحدث صدع حاد في الإمدادات النفطية، مما سينعكس على أسعار النفط بشكل ملحوظ، وسنجد الأسعار تتهاوى إلى الانخفاض المتذبذب في حالة زيادات كبيرة في الإنتاج.
الركود العالمي
عندما تصل أسعار النفط إلى مستويات قياسية، فإن تلك الأسعار ستقود العالم إلى ركود اقتصادي كبير على المدى المتوسط، وتدفع الدول المستهلكة للنفط إلى تكثيف جهودها للبحث عن بدائل أخرى للطاقة. وجدير بالذكر ما حدث في عام ٢٠٠۸ عندما ارتفعت أسعار النفط إلى حوالي ١٤٧ دولارًا للبرميل، قبل التدهور الكبير والسقوط إلى مستويات أقل من ٣٦ دولارًا للبرميل، وما حدث في مارس من عام ٢٠١٢ إذ وصل سعر برميل النفط إلى حوالي ١٢۸ دولارا، ثم تراجع إلى حوالي ٢٦ دولارًا في يناير من عام ٢٠١٦.
فالعالم الآن أصبح لا يحتمل كارثة اقتصادية عالمية أخرى بعد مرور فترة زمنية قصيرة، ويجب ضرورة تضافر الجهود العالمية والمتمثلة في ضرورة السحب من المخزونات الاستراتيجية النفطية والتي يبلغ حجمها أكثر من ٤٬٥ مليارات برميل من النفط الخام، بالإضافة إلى الطاقة الإنتاجية غير المستغلة للعديد من الدول، تلك النقاط وحدها قادرة على تعويض أي نقص محتمل من النفط، سواء جاء النقص بسبب حظر تصدير أكثر من حوالي ٦ ملايين برميل يوميًا من النفط الروسي أو من حلفائها المصدرين للنفط مجتمعين.
وقد واصلت أسعار النفط ارتفاعها بعد اتفاق الاتحاد الأوروبي على حظر جزئي للنفط الروسي وقرار الصين رفع بعض القيود المفروضة لاحتواء فيروس كورونا، وسط زيادة الطلب قبيل ذروة موسم عطلات الصيف في الولايات المتحدة وأوروبا، وبحلول الساعة 08:03 صباحًا بتوقيت جرينتش، ارتفع سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم شهر أغسطس المقبل بنحو حوالي ٠٬٧١٪، ليصل إلى حوالي ١٢٠٬٣٦ دولارًا للبرميل، وصعد سعر العقود المستقبلية لخام غرب تكساس الوسيط تسليم شهر يوليو المقبل بنسبة حوالي ٠٬٧٧٪ ومسجلًا بذلك حوالي ١١٩٬٤١ دولارًا للبرميل، وذلك للمرة الأولى منذ ٢٤ مارس الماضي.
وعلى الجانب الأخر تعهدت أيضًا برلين ووارسو بوقف وارداتها من النفط الروسي، حتى لو لم تجبرا على ذلك، وستتفاقم المخاوف إزاء نمو سلبي أو صفر نمو في أوروبا مع بيانات تظهر تراجع الاقتصاد الفرنسي بنسبة حوالي ٠٬٢٪ في الربع الأول مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، في خفض للتوقعات.
بكل تأكيد سيؤدي الحظر إلى ارتفاع جنوني في أسعار النفط العالمية، ولكن روسيا ستجد بديلًا لأوروبا لتصريف النفط الروسي وبالتالي سترتفع عوائد روسيا النفطية وتتضرر أوروبا جراء أزمة نقص إمدادات الطاقة، ويأتي ذلك في الوقت الذي تتجه خلاله روسيا شرقًا لتوطيد العلاقات مع الصين والهند والتي تُعد أسواق بديلة لأوروبا لاستيعاب النفط الروسي في حال تفعيل الحظر الروسي بالفعل، وبفارق زمني ضئيل للغاية، وبعد ساعات من تصريحات وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك بشأن أن الاتحاد الأوروبي سيوافق على الأرجح على حظر على واردات النفط الروسي في غضون أيام.
ملامح المائة يوم القادمة
أعلن الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي أن موسكو وبعد مائة يوم سيطرت على أكثر من ٢٠٪ من الأراضي الأوكرانية، وهذا يُعد أول تصريح رسمي أوكراني يتحدث عن تقدم ونسبة السيطرة الروسية. وبذلك، فإن روسيا وخلال مائة يوم استطاعت السيطرة على تلك النسبة الهزيلة، أي أنها لو اعتمدت على نفس الاستراتيجية التي نهجها بوتين خلال المدة السابقة، فإنها ستحتاج إلى أكثر من عام ونصف على الأقل لتسيطر على كامل الأراضي الأوكرانية، مع عدم الأخذ في الحسبان اختلاف المواقع وقوة تحصينها ومقاومة الجيش الأوكراني بها، كما حدث في العاصمة كييف، ومع ضرورة الأخذ في الحسبان إصرار دول الاتحاد الأوروبي القضاء على سلاح بوتين الاقتصادي وهو الغاز الطبيعي ومحاولة حشد الولايات المتحدة الأمريكية لإنجاح هذا المخطط.
كل هذا يؤدي إلى أنه ليس من مصلحة بوتين وموسكو إطالة أمد هذه الحرب، رغم الحديث عن إمكانية ذلك، لأن الاقتصاد الروسي من الممكن أن يعاني من المزيد من العقوبات والضغوطات والخسائر على المدى البعيد، وستعاني دول القارة الأوروبية وسيدفع الجميع ثمن عدم اللجوء إلى طاولة المفاوضات، وأن موسكو ستحتاج بعد السيطرة على الشرق (دونباس) وتحقيق بوتين لهدفه المتمثل في تحرير قلب أوكرانيا الصناعي القديم، ولإعلان نصره الجزئي واللجوء إلى المفاوضات مجددًا للخروج بأقل الخسائر من الغزو الروسي لأوكرانيا.
فيما يفكر الآن الأوروبيون في حزمة عقوبات سابعة لعزل موسكو بشكل أكبر ومؤثر، ولكن لا يتوقع في الوقت الحاضر أن يكون من ضمنها الغاز الطبيعي الذي لا يزال الأوروبيون يعتمدون عليه بشكل كبير؛ لا سيما أن تعويضه أصعب بكثير من النفط.
والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي اتفق حاليًا على حظر استيراد الفحم من روسيا وحظر جزئي على استيراد النفط الروسي، ولكنه لم يقرر حظر استيراد الغاز الطبيعي، في وقت تراجعت تدفقات الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا وذلك من خلال خط أنابيب نورد ستريم بداية الأسبوع الحالي. وكذلك تجب الإشارة إلى أن ضخ الغاز الروسي إلى أوكرانيا متراجع منذ منتصف مايو الماضي، وذلك عندما أعلنت السلطات الأوكرانية خروج نقطة سوخرانوفكا عن العمل بعدما صرحت سلطات التشغيل بفقدها السيطرة الكاملة على البنى تحتية ذات الصلة، كونها موجودة في مناطق احتلها الجيش الروسي.
فيما حذر رئيس اتحاد روابط أصحاب العمل في ألمانيا حكومة بلاده من فرض حظر فوري على استيراد الغاز الطبيعي من موسكو، ومؤكدًا أن ألمانيا غير مستعدة لتلك الخطوة. وحذر راينر دولجر رئيس الاتحاد بالاشتراك مع جروج كنيل رئيس اتحاد الصناعة النمساوي من ارتفاعات الأسعار وتباطؤ نشاط التصنيع وتوقف في إنتاج بعض القطاعات نتيجة توقف استيراد الغاز الطبيعي الروسي.
مجمل القول، بات المشهد على صعيد الطاقة أكثر ضبابية عالميًا، والغزو الروسي لأوكرانيا أشعل سوق النفط والطاقة العالمية، وبلا شك إن حظر الصادرات النفطية الروسية والغاز سيدخل أسواق الطاقة العالمية وإمداداتها في دوامة عنيفة وتبعات لن تتحملها أوروبا نفسها. ومما لا شك فيه إن أسعار النفط ستواصل الارتفاع خلال الأيام المقبلة، وذلك كنتيجة للعديد من العوامل وفي مقدمتها الحرب الروسية على أوكرانيا، وهذه ليست المرة الأولى التي ترتفع فيها أسعار النفط الخام العالمية إلى هذه المستويات، ولن تكون المرة الأخيرة، فقد مر سوق النفط العالمي بمثل هذه الأوضاع في السابق، ويجب ألا نبالغ في رد الفعل حيال هذه الأوضاع.
وفي الأخير، ستجيب المائة يوم المقبلة عن كل الأسئلة التي تشغل بال جميع المهتمين بلعبة النفط والطاقة، وهل الخاسر جراء هذا الغزو الروسي والاجتياح العسكري لأوكرانيا هو أوكرانيا وحدها؟ وهل عاقبت القارة الأوروبية نفسها قبل أن تعاقب بوتين؟ وقرار أوبك الأخير بشأن زيادة الإنتاج النفطي للمنظمة هل سيطفئ حريق أسعار النفط التي تكتوي بها الاقتصادات الأوروبية والعالمية؟
.
رابط المصدر: