مادورو… الرحلة القصيرة إلى أفول “الشافيزية”

اسم فنزويلا أعطاه الفاتحون الإسبان لهذه الأرض، لأن ما رأوه على بحيرة ماركايبو من مساكن تطفو على سطح الماء ذكرهم بـ”فينيزا (أي البندقية). وعندما وصل هوغو شافيز إلى السلطة بواسطة الانتخابات عام 1998 بعد محطة في السجن نتيجة محاولة انقلابية فاشلة، أضاف الصفة “البوليفارية” إلى اسم هذه الجمهورية النفطية.

وبعد أكثر من ربع قرن، يقترب نظامه من خسارة مدوية في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى نهار الأحد. كل المؤشرات تدل على أن “الجمهورية الخامسة” التي أسسها شافيز- الغارقة في أزمة اقتصادية عميقة أدت إلى نزوح ربع سكانها- قد استنفدت كل أوراقها. ومع حصول هذا السيناريو، تدخل البلد مرحلة انتقالية معقدة ومبهمة النتائج.

بوليفار والنفط، هذه هي أدوات حكم هوغو شافيز، وكان يفضل كلمة “ثورة”. في العاصمة كاراكاس، ولد سيمون بوليفار الملقب بـ”المحرر” عام 1783 وساهم عسكريا وسياسيا بدءا من عام 1820 في استقلال كل دول أميركا الجنوبية تقريبا. حلم بوليفار بدولة مركزية موحدة تمتد من الأرجنتين للمكسيك، ولكن في أقل من عشر سنوات انهار بنيانه الاتحادي– الذي كان يضم كولومبيا والإكوادور وفنزويلا وبنما والبيرو وبوليفيا- أمام النزعات التقسيمية والجهوية في كل دولة من هذه الدول، وتوفي مريضا ومعزولا ومحبطا في جزيرة كولومبية عام 1830، مع أنه بقي حتى اليوم أيقونة في كل دول أميركا اللاتينية. وإضافة إلى أنها بلد بوليفار، فإن فنزويلا هي بلد النفط. وهي أشرفت على تأسيس “الأوبيك” عام 1960 في بغداد، وتملك أكبر احتياطي عالمي للنفط المحقق (48 مليار طن)، حتى قبل السعودية مع أن استخراجه أصعب بكثير. ومنذ أكثر من قرن، فإن النفط– الذي يمثل حتى اليوم 90 في المئة من موارد الدولة- هو أداة الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي، وأحيانا العكس.

“رسام الثورة”

هوغو شافيز لم يكن يوما محل إجماع في صفوف شعبه: مقابل الحقد الدفين الذي كانت تكنه له النخبة، كانت الشرائح الأكثر فقرا من الشعب الفنزويلي “تعبده” لأنها رأت فيه أول رئيس يعيرها اهتماما ويتكلم مثلها. شافيز متحدث من الطراز الأول، قادر على مسمرة المستمعين ساعات في مهرجان أو أمام التلفاز، وهو يخطب ويشرح ويفاجئ ويشتم ويمزح ويغني ويقرأ شعرا… وكل ذلك في الجلسة نفسها. وهذه الكاريزما– الإيجابية أو السلبية حسب هوية المستمع– جعلت منه “زعيم الموالاة والمعارضة في آن، لأن أقصى طموح المعارض هو أن يختاره كخصم، وأن يقرر مهاجمته لتزداد شعبيته بين أعداء شافيز”.

 

أ ف ب أ ف ب

الرئيس الفنزويلي السابق هوغو شافيز يلقي كلمة خلال احتفالات رأس السنة الجديدة في حصن تيونا في كاراكاس، 28 ديسمبر 2007 

وبعد ولايتين متتاليتين في الرئاسة، أراد شافيز أن يعدل “دستوره” ليقوم بولاية ثالثة (بداية سقط اقتراحه في استفتاء– وكانت هزيمته الانتخابية الوحيدة- ثم أعاد طرحه بعد سنة وفاز). عشية الاستفتاء، سأله صحافي بريطاني: “لماذا لا تفعل مثل بوتين؟”، وكان الزعيم الروسي وقتها قد ترك الرئاسة لرئيس وزرائه ثم عاد إليها من بعد (بدلا من أن يتعلم شافيز من بوتين، بوتين هو الذي تعلم من شافيز… ولكن هذه قصة أخرى). أجابه الزعيم الفنزويلي بقهقهة عريضة: “وهل نوقف بيكاسو عن العمل وهو لم ينته بعد من رسم لوحة غيرنيكا؟”.

إخراج الفقر من العتمة

بدأ شافيز برسم هذه اللوحة/الثورة فور وصوله للسلطة: استفاد من سعر نفط مستقر ثم متصاعد خلال أول عشر سنوات من حكمه. بعد دفع بيروقراطية الدولة، كان يكرّس قسما كبيرا من الفائض النفطي المرتبط به مباشرة إلى ما يسميه “الاستثمارات الاجتماعية”. جن جنون النخبة وحاولت الإطاحة به عام 2002 بواسطة إضراب عام في شركة النفط وأيضا بواسطة انقلاب قام به بعض العسكر وبعض رجال الأعمال. انتهى الانقلاب بعد 48 ساعة وعاد شافيز مظفرا إلى قصر ميرافلوريس. أما الإضراب، فقد استمر أكثر من شهرين، طرد شافيز لإنهائه كل مديري الشركة و15 ألفا من موظفيها ما يساوي نصف عددهم الإجمالي. لم يتعظ شافيز بل بالعكس، وبدءا من عام 2003، رفع هذه “الاستثمارات الاجتماعية” بشكل مضطرد تحت راية الـ”ميسيونيس” أي الإرسالات، وهي كناية عن مشاريع اجتماعية قائمة داخل الأحياء الفقيرة، أشهرها مشروع صحة عامة يعمل في الآلاف من مراكزه نحو 20 ألف طبيب كوبي (وسيلة لدفع النفط الذي أمنته فنزويلا لكوبا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتكريما لـ”معلمي” فيدل كاسترو).

 

انهار سعر النفط عام 2008 وشافيز لا يكثرث. كما لا يكترث بأن تنمو من حوله “برجوازية بوليفارية” طافت من حولها روائح الصفقات الفاسدة التي لم تبدأ معه ولكنها لم تنته معه

 

 

وهناك مشاريع متخصصة بثلاثين موضوعا تقريبا من التعليم إلى الأسواق الشعبية ذات الأسعار المدعومة. وكان تيودورو بيتكوف- الشيوعي السابق وأحد ألدّ منتقديه- يقول عنه إنه “أخرج مسألة الفقر من العتمة ووضعها تحت الأضواء، ولا مجال لأحد بعد اليوم أن يتجاهلها”. النتائج في هذا الوقت لا تحتمل الشك: خلال عقد، تراجعت نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر من 43.9 إلى 28.5 في المئة، وتحت خط الفقر المدقع من 17 إلى 8 في المئة، وتم محو الأمية.

الهروب إلى الأمام

لقد انهار سعر النفط عام 2008 وشافيز لا يكثرث. كما لا يكترث بأن تنمو من حوله “برجوازية بوليفارية” طافت من حولها روائح الصفقات الفاسدة التي لم تبدأ معه ولكنها لم تنته معه. هذا هو الوجه الآخر للزعيم “البوليفاري”: إنه يلاحق حلما ولكنه في الواقع أشطر في الكلام أكثر من الفعل، وفي استنباط المشاريع أكثر من متابعتها. وهو شخصاني في أولوياته ويصعب معه العمل الجماعي المتساوي والنقدي، ولذلك خسر الكثير من أصدق معاونيه طوال حياته السياسية.

 

رويترز رويترز

قوارب صيد ترسو على طول الساحل قرب مركز تكرير باراجوانا (CRP) بعد تسرب نفط خام في سبتمبر من خط أنابيب يربط مناطق الإنتاج بأكبر مصفاة تابعة لشركة PDVSA المملوكة للدولة، في بونتا كاردون، فنزويلا في 2 أكتوبر2021 

ويعشق “بوليفار القرن العشرين” الهروب إلى الأمام: لذته في تحدي جورج بوش في عقر الأمم المتحدة وإهانته في منظمة الدول الأميركية، و”يسليه” استفزاز تحالف مع أحمدي نجاد وهكذا دواليك. في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2012 ينتخب شافيز لولاية ثالثة على التوالي (رابعة إذا حسبنا انتخابه الأول وفق الدستور القديم). وبعد شهر في خطاب للأمة، يفاجئ الجميع قائلا: “إن لم أعد قادرا على متابعة مهمتي، يجب أن يستلم نائب الرئيس نيكولاس مادورو، ثم أوصلوه إلى الرئاسة”. هذه مخالفة للدستور الذي ينص على أن رئيس المجلس هو من يجب أن يستلم في المرحلة الانتقالية.
يوم تدشين الولاية الجديدة في 8 يناير/كانون الثاني 2013، لم يسمح له وضعه الصحي بالظهور فحوّل كل صلاحياته لمادورو معينا إياه رئيس حكومة، وهو منصب غير موجود دستوريا. توفى شافيز في 5 مارس/آذار، وعلى ما يبدو أراد تنظيم وراثته تحاشيا لصراع داخلي بين أبرز معاونيه.

تخفيض المشاركة كخطة

من مواليد عام 1962، نيكولاس مادورو ابن عائلة معارضة تقليديا، وقد بدأ حياته المهنية سائقا لأوتوبيس الدولة، وحياته السياسية كنقابي متحمس وكمناضل أمين في الفريق المحيط بشافيز. ثم تدرج في كل مراكز “الجمهورية البوليفارية” من نائب إلى رئيس مجلس إلى وزير خارجية، وصولا إلى نائب رئيس عند تسميته للوراثة. عام 2013، نجح مادورو بفارق 1 في المئة من الأصوات على مانويل موراليس الذي كان قد هزمه شافيز قبل سنة بفارق 10 نقاط مئوية. وعام 2015، في أول انتخابات تشريعية في عهده، خسرت الكتلة الموالية الأكثرية المطلقة لأول مرة منذ وصول شافيز للسلطة، لا بل كادت المعارضة أن تحصل على ثلثي المقاعد. استوعب مادورو أنه لا يحظى بكاريزما معلمه الذي كان “مجنون انتخابات” ويعرف كيف يرفع نسبة المشاركة فيها، معه أو ضده لا فرق.

 

ما كسر ظهر النظام هو الأزمة الاقتصادية والانكماش الذي قلص حجم الاقتصاد بـ70 في المئة بين عامي 2014 و2021

 

 

فَهِمَ مادورو أنه لن يستمر في السلطة بالوسائل نفسها، فاعتمد طريقا مختلفا أقرب إلى نموذج نيكاراغوا القائم على وضع أكبر عدد من العراقيل أمام سير العملية الانتخابية لتخفيض المشاركة: منع المنافسين من الترشح أو اعتقالهم، أو قمع المعارضة في الشارع، على أمل أن تؤدي هذه الوسائل إلى مقاطعة الاستحقاق من قبل المعارضة وانخفاض المشاركة فيها للسماح بفوز السلطة. على سبيل المثال، عام 2013، عندما فاز مادورو بالرئاسة بفارق ضئيل، شارك نحو 80 في المئة من الناخبين. عام 2018، عندما جدد ولايته وحصل على 68 في المئة من الأصوات، لم يشارك إلا 40 في المئة من الناخبين. عام 2015 عندما فازت المعارضة بثلثي المقاعد في المجلس التشريعي، شارك 75 في المئة من الناخبين. عام 2020، عندما فازت “الكتلة الشافيزية” بأكثر من 90 في المئة من المقاعد، لم يشارك إلا 30 في المئة من الناخبين.

الصراع على الشرعية

لم يتحسن سعر النفط مع ولاية مادورو فتفاقمت المشاكل الاقتصادية، ومستقوية بفوزها في مجلس النواب، أخذت المعارضة تتفنن في تكتيكاتها، وأخذ الطلاب يرفدونها بدم جديد. وفي عام 2014، نُظّمت حملة سياسية باسم “المخرج” والمقصود “مخرج سلمي ودستوري” لمغادرة مادورو السلطة. وللتفلت من محاولة عزله “الانقلابية” وأمام مأزقه الاقتصادي، لجأ النظام أكثر وأكثر إلى قمع المظاهرات الاحتجاجية واعتقال عدد من قيادات المعارضة والطلاب ولأول مرة إلى تصفيات جسدية. أيضا، عام 2019، بتشجيع من دونالد ترمب، قررت المعارضة عدم الاعتراف بولاية مادورو الثانية، واعتبار رئيس المجلس خوان غايادو المعارض رئيسا “شرعيا”.

 

أ ف ب أ ف ب

الرئيس الفنزويلي والمرشح الرئاسي نيكولاس مادورو يحيي أنصاره في التجمع الختامي لحملته في كاراكاس في 25 يوليو 

إزاء هذا الواقع، انقسمت الدول الأميركية والأوروبية وعاشت فنزويلا مع رئيسين خلال سنتين، كل واحد اعتبر الآخر “مغتصبا” للسلطة، قبل أن تتخلى المعارضة عن هذا التكتيك الذي وصفته أخيرا بـ”العقيم”. عام 2020، من ضمن التدابير لمحاصرة النظام، اتهمت الولايات المتحدة مادورو بجرائم فساد ومخدرات وتببيض أموال، وقدمت مكافأة من 15 مليون دولار لمن يقدم معلومات تسمح باعتقاله.

“الداء الهولندي” بكل حلّته

ولكن للحقيقة ما كسر ظهر النظام هو الأزمة الاقتصادية والانكماش اللذين قلصا حجم الاقتصاد بـ70 في المئة بين عامي 2014 و2021. وبسببها، غادر فنزويلا خلال العقد المنصرم أكثر من سبعة ملايين من أولادها أي ما يمثل ربع السكان وتوزعوا على كل دول القارة، فيما يعتبر أكبر عملية نزوح عرفتها أميركا الجنوبية. حالة نموذجية وصارخة لما يسمى “الداء الهولندي” في الدول النفطية: مع فشل تنويع اقتصادها، بقيت فنزويلا تستورد كل ما لا تنتجه، ومع انهيار سعر النفط، صار حتميا تقليص الاستيراد وبدأت تظهر ثغرات في الواقع التمويني. ومع انخفاص الموارد، خفت الاستثمارات في شركة النفط ما أدى إلى تراجع إنتاجها: البلد الذي كان ينتج مليونين ونصف المليون برميل يوميا عام 2013 وصل إنتاجه إلى سبعمئة ألف برميل عام 2022. ومع تراجع الموارد، تسارع تعطل القطاعات الاقتصادية، الواحد تلو الآخر. بالتأكيد، لا يمكن نسب عمق الأزمة فقط إلى مادورو، فجزء منها بنيوي آت من الجمهورية الرابعة، وجزء منها فواتير أخطاء ارتكبها شافيز بين نفقات غير محسوبة النتائج في الداخل والخارج وتأميمات عشوائية وسياسات بيروقراطية لتجميد الأسعار، دون نسيان العقوبات الأميركية بالتأكيد. والنتيجة أن التضخم– وهو مشكلة دائمة في فنزويلا– تفلت من أي رقابة: وصل إلى 1300000 في المئة عام 2018 ما أجبر الدولة على شطب 5 أصفار من العملة الوطنية (البوليفار) ثم مجددا 6 أصفار عام 2021، وصار التجار يفضلون أن يزنوا العملة بدلا من عدها كسبا للوقت!

 

قررت زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماشادو تجيير تعيينها لصالح أستاذة جامعية رفض النظام تسجيلها في آخر لحظة

 

 

وقد تدهورت كل الخدمات العامة وأبرز مثال هو انقطاع الكهرباء خلال 6 أيام متتالية عام 2019. هذه مجرد نماذج لما حصل في ما يعتبر أسوأ أزمة حصلت في تاريخ فنزويلا، وقد أدت كما هو طبيعي إلى حالات من الجوع وإلى ارتفاع مريب لمستويات الجريمة وإلى عودة الفقر بقوة ومحو كل مكتسبات الفترة الشافيزية: قياس الفقر بظروف الحياة وليس فقط بمستوى المداخيل، حيث وصل إلى 67 في المئة من السكان عام 2022 بعد أن كان 39 في المئة عام 2014. فقط بدءا من عام 2022، ونتيجة دولرة غير رسمية وبرغماتية أكبر في التعاطي مع القطاع الخاص، تم وقف التدهور ولاحت بعض ملامح استعادة النشاط الاقتصادي، يؤشر عليها نمو بحدود 5 في المئة بدءا من عام 2023 حتى لو بقي الاقتصاد بعيدا عن حجمه قبل عقد. فالمشاكل البنيوية ما زالت هي هي وتمنع استعادة جدية: دولة مفلسة واقتصاد غير منتج وغير تنافسي وعاجز عن التداين.

“وريثة” شافيز تكره أفكاره

في أكتوبر الماضي، تم توقيع اتفاق بين النظام والمعارضة في جزيرة البارباد في بحر الكاريبي ينص على إجراء انتخابات رئاسية في الجزء الثاني من عام 2024 وتسهيل مشاركة مرشحي المعارضة مقابل رفع العقوبات الأميركية المفروضة على الاقتصاد الفنزويلي لفترة 6 أشهر. بعد ذلك، نظمت المعارضة انتخابات تمهيدية في صفوفها فازت فيها ماريا كورينا ماشادو بنسبة 90 في المئة من المقترعين. سارعت السلطة لقول إن ماشادو محرومة لمدة 15 سنة من حقوقها السياسية، ما جعل الولايات المتحدة تجدد العقوبات. وبعكس المتوقع من السلطة التي راهنت على مقاطعة المعارضة للانتخابات، قررت ماشادو تجيير تعيينها لصالح أستاذ جامعي رفض النظام تسجيله في آخر لحظة. فتدخل الرئيسان اليساريان البرازيلي لولا والكولومبي بيترو وحصلا على تمديد من 12 ساعة لفترة التسجيل ما سمح للمعارضة بتسجيل اسم السفير السابق إدموندو غونزاليس (74 سنة).

 

رويترز رويترز

المرشح الرئاسي المعارض إدموندو غونزاليس وزعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو يحييان الآلاف من المؤيدين خلال التجمع الختامي للحملة في كاراكاس، 25 يوليو

 

وفي أسابيع معدودة، حققت ماشادو– “الوريثة” الحقيقية لحيوية شافيز الديمقراطية رغم كرهها للرجل ولأفكاره- معجزة. إذ زارت كل أرجاء البلد بصحبة غونزاليس ونجحت في تجيير كل رصيدها السياسي لرجل خجول ومجهول حتى الأمس القريب. كل استطلاعات الرأي الرصينة تدل على أن غونزاليس مستقر فوق خط الـ50 في المئة. أما مادورو فبعد تحسن وضعه خلال الشهر الأخير نتيجة كثافة حملته، ارتفعت أصواته المتوقعة من الخمس أو الربع إلى ثلث الناخبين. وخلال آخر أسبوعين، ارتفعت حرارة المعركة مذكرة بما قاله خبير فنزويلي عتيق: “لو أن الكلمات تقتل، لتركت الحرب الكلامية في فنزويلا ملايين من الضحايا”. فكل فريق أخذ يتهم الفريق الآخر بمحاولة اغتياله.
مادورو عاود الاتصال بالولايات المتحدة ليقول: “أنا الضمانة الوحيدة لبقاء السلم وأخشى حماما من الدم إذا فازت المعارضة”، فيما أخذت ماشادو وغونزاليس يتكلمان عن “انتقال سلمي منظم للسلطة دون صدامات أو انتقام”.
هل من الممكن أن تسلم الشافيزية بخسارتها شبه المحسومة؟ الخبراء يجزمون بأن المضايقات ستتضاعف حتى يوم غد الأحد ولكن التزوير مستحيل مع الاقتراع الإلكتروني. في المرات القليلة السابقة عندما خسروا بالصناديق، سلّموا بالنتيجة، إلا أنها المرة الأولى التي قد تطال الخسارة فيها الرئاسة. الأكيد أنه إذا حصل هذا السيناريو، فستبدأ عملية تفاوض معقدة لأن الرئيس الجديد لن يتسلم السلطة قبل بداية السنة المقبلة وستكون مؤسسة الجيش وقتها بيضة القبان. وبانتظار ظهور الصورة النهائية، الخبر المطمئن الوحيد أن استطلاعات الرأي تدل على أن أكثرية الشافيزيين أيضا يريدون ما يسمونه “الكامبيو” أي التغيير.

 

المصدر : https://www.majalla.com/node/321634/%D8%A8%D8%B1%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%8A%D9%84/%D9%85%D8%A7%D8%AF%D9%88%D8%B1%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%81%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%B2%D9%8A%D8%A9

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M