ترجمة ابراهيم قنبر
لقد أثقلت جائحة كوفيد-١٩ كاهل الدول الناشئة التي تُعاني بالأصل من مديونية كبيرة، وذلك جرّاء هروب رؤوس الأموال وانخفاض سعر صرف عملتها المحلية وارتفاع أسعار الفائدة.
لذلك سيترتب على الأزمة الاقتصادية العالمية التي سبّبها كوفيد-١٩، وهي الركود الأعمق منذ عام ١٩٤٥، عواقب كبيرةً على مسار النمو في الدول الناشئة، كما سيؤدّي انخفاض الطلب العالمي إلى تراجع الصادرات الصناعية الآسيوية، أي سيسبب انخفاضًا في المواد الخام للدول المنتجة، بالإضافة إلى ذلك سيهتزّ قطاع السياحة على المدى الطويل.
في المجال نفسه، وفي هذه الفترة بالذات، سوف يتسبّب ضعف النُظم الاجتماعية والصحية في صعوباتٍ متعدّدةٍ للطبقات المتوسّطة الناشئة، فعلى سبيل المثال، الهند، حيث الإنفاق على المجال الصحّي هو الأدنى في العالم (١.٢٨٪ من الناتج المحلّي الإجمالي)، ستتأثر بشدّة من الأزمة العالمية، وسوف تجد آليّات المساعدة التنمويّة المدعومة من البنوك متعدّدةٍ الأطراف صعوبةً في لعب دور استقرارٍ تلقائي، ذلك لأنّ القطاع الخاصّ سيتأثر بشكلٍ دائمٍ بهذه الأزمة.
يُقدِّر صندوق النقد الدولي الاحتياجات ب٢.٥ تريليون دولار:
قدّم صندوق النقد الدولي أول تقديرٍ لاحتياجات الدول الناشئة والنامية والتي تصل إلى مبلغٍ مُرعبٍ قدره ٢٥٠٠ مليار دولار.
ستنجح الدول الغربية في زيادة الديون في الأسواق لتمويل خُطط الإنعاش، لكن ستبقى المشكلة في البلدان النامية، التي سيتعيّن عليها مواجهة مشكلة مزدوجة: ارتفاع أسعار الفائدة من جهة، ومن جهةٍ ثانية تأثير المنافسة التي تسير بالطبع لصالح الولايات المتّحدة وأوروبا واليابان وحتى الصين.
تعاني البلدان الناشئة بالأصل من هروب رؤوس الأموال وانخفاض سعر صرف عملتها المحليّة وارتفاع أسعار الفائدة، وفوق ذلك كلّه فقد زادت مديونية هذه البلدان بشكلٍ كبير منذ عام ٢٠٠٧، ووصلت نسبة ديون بلدان الجنوب قبل الأزمة إلى المستوى التي كانت عليه في التسعينات، أي قبل إلغاء الديون في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
كما سيترتّب على البلدان الأكثر مديونيّةً، ولا سيما أنغولا والأرجنتين وأوكرانيا وتونس وزامبيا وأكوادور، مواجهة “جدارٍ” من الدّيون، يرتبط بهذا الحاجز ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض العملة المحليّة، كما يمكن أن تتأثر بعض الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل البرازيل وجنوب أفريقيا والهند، لأنّ هذه الاقتصادات لها ارتباطٌ مباشرٌ وتتأثر بسرعة وبشكلٍ كبيرٍ بالصدمات الخارجية.
تُعيد أزمة كوفيد-١٩ إلى الأذهان المخاوف من تخلّف الدول النامية عن السداد، ولكن هذه المرّة المخاوف جدّية وكبيرة، لذلك صدَرت العديد من النداءات من المؤسّسات الدولية، ولا سيما من صندوق النقد الدولي ونادي باريس، لإعادة هيكلة الديون قبل أي خطوةٍ أخرى، ثمّ ما لبثت هذه المخاوف أن تحولت إلى حقائق عندما وجد لبنان نفسه في ٩ آذار/مارس في حالة تخلّفٍ عن السداد، كما أرجأت الأرجنتين في ٧ نيسان/أبريل دفع ١٠ مليار دولار حتى عام ٢٠٢١.
الخوف من نقص السيادة:
الخوف من نقص السيادة الوطنية للدول المدينة هو الأقوى، حيث سيتعين على الدول أن تواجه نفقاتٍ عديدةٍ ترتبط مباشرةً بالأزمة الصحية والحظر، ثمّ نفقاتٍ اجتماعيةٍ ترتبط بصدمة الركود.
في مواجهة هذا الوضع قرّرت مجموعة العشرين في ١٥ نيسان/أبريل وقف الفائدة على الدّيون المستحقّة في ٢٠٢٠، قرّرت فقط وقف الفائدة وليس إلغاء الديون.
كما يدعو صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بشكلٍ متكرّر الدائنين إلى تجميد سداد الديون خلال الوباء، مثل هذه المبادرات الأولية ضروريّ في هذا الوقت بالذات، ولكن لن تكون كافيةً.
والأهم من كل ما سبق أن مصلحة الدول الغربية والصين _كونها من أهم الدائنين_ تكمن في الحفاظ على مسار نموّ مرتفع للبلدان الناشئة لأنّها على الأقل منافذ صناعيةٍ وتجاريّةٍ وصناعيّةٍ مهمّةٍ لها.
لورانس لازيانو عضو المجلس العلمي لمؤسّسة الابتكار السياسي لصحيفة لا تروبين ٢٦نسيان/أبريل ٢٠٢٠
رابط المصدر: