هادي جلو مرعي
شرق المتوسط رواية لعبد الرحمن منيف، وسباق المسافات الطويلة الى الشرق الأوسط رواية ثانية لعبد الرحمن منيف، ومايزال السباق مستمرا برغم مضي السنين على نهاية أشكال من الإستعمار الذي ضرب شرق المتوسط، وتوغل فيه.
حتى إن الطريف في أمر الشرق أن الرئيس جورج بوش عندما كان ينوي غزو العراق، وكان ينوي حشد الدعم الدولي إتصل بالرئيس الفرنسي جاك شيراك، وهاتفه بمكالمة سرية كشفت لاحقا، وطلب منه الدخول في التحالف من أجل إحتلال بغداد، وذكر له بعضا من الروايات الدينية عن قوم يأجوج ومأجوج، وقرب خروجهم من جبال أوزبكستان، وتهديدهم للبشرية، وان الرئيس شيراك لم يفهم المغزى والعلاقة بين بغداد وقوم ياجوج ومأجوج، وظل يجمع المعلومات عن ذلك، وهو مايعده البعض سبيلا لفهم العقلية التي تحرك الغرب وأمريكا والصهيونية نحو الشرق، وربط الإقتصاد والثروات بالدين والأسفار القديمة.
في ليبيا يدور صراع مخيف، تتداخل فيه المصالح، ويتحالف فيه الأعداء مع بعضهم، حتى إن الحليف في مكان ما يدخل ضد حليفه في ليبيا، فتتوافق تركيا وقطر والولايات المتحدة ضد الطموح الروسي في الشرق الليبي دعما لخليفة حفتر الرابض في بنغازي القريبة من غرب مصر، وعينه الى الغرب من طرابلس حيث شرق تونس، بينما تتحرك النوايا في مناطق مختلفة من العالم بذات القوة والرغبة، فالأتراك الذين يجمعهم تحالف أصولي مع إخوان ليبيا ومصر وشمال افريقيا يحاولون التنسيق مع إخوان اليمن بضوء أخضر من حلفاء لها.
ويكاد الأمر أن يتحول الى معركة جبارة في منتصف المسافة بين الغرب الليبي، وشرق البلاد في سرت عاصمة القذافي، ومملكة البترول، وموانيء البلاد الرئيسية، مع شعور متعاظم داخل مصر وحليفاتها العربيات بقرب الخطر من الديار العربية بفعل التحالف بين تركيا والإخوان، وبرغم ماتلقاه إخوان مصر من ضربات لكن من غير المؤكد أنهم ضعفوا عن التواصل مع قطر وتركيا، وبلدان أخرى تناكف تلك الدول حيث منح مجلس الدفاع الوطني في مصر الموافقة للجيوش المصرية على دخول الشرق الليبي، ودعم قوات المشير حفتر، والرمي بثقل القاهرة العسكري هناك مع أن الأمر قد يتحول الى مؤامرة لإستنزاف القاهرة وإضعافها.
ومحاولة الإمارات إقناع الرئيس الروسي بتوفير غطاء جوي للقوات المصرية لمواجهة القوات التي تدعمها أنقرة التي دفعت بمقاتلين كثر، وأسلحة ومعدات الى الجبهات المحتملة، والمتوقع أن تشهد صداما مرتقبا.
تبدو الدول العربية في الصراع الليبي الأقرب الى الحق خاصة وإن روسيا وتركيا وفرنسا وامريكا تندفع من أجل مصادر الطاقة، وضمان نفوذها وحضورها، وتبدو أوربا قلقة من الحضور الروسي على خاصرتها الجنوبية، بينما تقلق واشنطن من هذا التمدد، ولاترغب باريس برؤية القواعد التركية في مستعمراتها الأفريقية السابقة، وهو الحال الذي ينسحب على اليونان التي ترى في التوغل التركي قريبا من قبرص، ومن جزيرة كريت مثيرا للهلع.
وعلينا أن نقرر مع من نتعاطف. مع دول هي مثلنا مستهدفة مثل دولنا، أم مع دول تستهدف ثرواتنا، وحضورنا التاريخي، ومستقبلنا، وهل يصح أن نبارك التحالفات بين منظمات ودول، أم ان نبني دولنا، ونمنع تدخل الآخرين في شؤوننا؟ فالخطر الداهم آت، ونحن نتفرج كما هي عادتنا.
رابط المصدر: