د. محمد جانلي – باحث
لك أن تخيَّل دولة أُسِّست من قبل مجتمعٍ صغير، كان يتألف في البداية من بضع قرى، ولكنَّه سرعان ما أصبح إمبراطورية كبيرة. يحكم الدولة قسمين منفصلين من المجتمع. بخلاف ذلك، ليس للجماهير الكبيرة تأثير كبير على الإدارة. هذه الدولة -التي لديها فهم فريد للقانون- هي جمهورية تقليدية تغيُّر نظامها بمرور الوقت، مع أنَّها كانت تحكمها في البداية ملكية. أصبح مواطنو الطبقات العليا لهذه الدولة، الذين لديهم هيكل طموح، أغنياء جداً في العملية التاريخية. أصبح القسم الذي يشغل مناصب ومناصب مهمة في إدارة الدولة أكثر ثراءً ويستمر في الثراء بصورة أسرع. لكن الآن، السياسيون والموظفون المدنيون الذين يناضلون بجشع من أجل الإثراء والمجد والشهرة يضرون بالدولة من نواحٍ عديدة.
كانت الدولة مشغولة بالحروب والصراعات في عديدٍ من البلدان في مناطق جغرافية مختلفة مؤخراً. بعبارة أخرى، تحاول توسيع أراضيها ونطاق نفوذها. في حين تقاتل الجيوش في دول أجنبية هناك فوضى كاملة في البلاد. تتسبَّب قضايا مثل العداوات الشخصية، والغيرة المفرطة، والعناد، الكبرياء والهيبة، والصراعات الطبقية، وعدم القدرة على الوصول إلى السلطة والشهرة في العاصمة، في صراع السياسيين البارزين والجمهور مع بعضهم بعضاً.
مع التغييرات الجذرية التي أُجْريت مؤخراً، فَقَدَ الجيش هيكله الكلاسيكي، ومن ثَمَّ فَقَدَ وحدته وسلامته. وهكذا، لم يعد جيش الدولة والأمة، وأصبح هيكلاً عالمياً يتكوَّن من وحدات عسكرية من السياسيين، أو مجموعات المصالح. حتى أنَّ بعضاً منهم شكَّل منظمات مسلحة من المرتزقة تعمل كشركة ربحية.
سنتحدَّث في هذا المقال عن أسباب الحرب الأهلية التي اندلعت في هذه البيئة، وأدَّت إلى تآكل الدولة. في هذه الحرب الأهلية، هناك جانبان يتألفان من شخصيتين مهيمنتين، وأشخاص أقوياء مجتمعين حول هذين الشخصين. نظراً إلى أنَّ جزءاً كبيراً من الجمهور لا يستطيع تقييم هذه التطورات تقييماً كاملاً، فإنَّهم يميلون إلى الانحياز وَفْقاً للتطوُّرات.
الشخص المهيمن هو الشخص الناجح تماماً في مهنته أو مهنتها. هذا الشخص مهتم أيضاً بالسياسة. كما حقَّق نجاحاً كبيراً كسياسي، وفاز في انتخابات مهمة. بعد فوزه في هذه الانتخابات، اتبع سياسة شعبوية، واكتسب مكانة مهمة في نظر الناس العاديين. على وجه الخصوص، نجح في جذب مجموعات مختلفة اعتقدت أنَّها مضطهدة أو مستبعدة من إدارة الدولة حتى ذلك الحين. كما منح هذا الشخص الجنسية لعدد كبير من الأجانب، بما في ذلك المهاجرين وطالبي اللجوء. ومن ثَمَّ نمت قاعدة المعجبين نمواً كبيراً.
بعد ذلك، قام بتوزيع الأراضي من الأراضي المملوكة للدولة على الفقراء والمتجنسين حديثاً، وبنى منازل بتكلفة رخيصة. أثناء القيام بذلك، لم يتردَّد في خرق القانون عند الضرورة. تلقَّى سلوكه ردة فعل كبيرة من أشخاص آخرين في إدارة الدولة وبعض السياسيين، لكنَّه لم يواجه أي إجراء قانوني، إذ حصل على دعم الجماهير، وكان يتمتَّع بحصانة قانونية.
هذا الشخص الذي يوشك منصبه الرفيع في الدولة على الانتهاء، وضع أمامه أهدافاً سياسية أكبر وبدأ الاستعدادات لها. ومع ذلك، بسبب القيود القانونية، لا يمكن حتى أن تكون مرشحاً للوصول إلى أهدافها السياسية الجديدة، وللتخلُّص من هذه القيود، يتواصل ويتحدث مع عديدٍ من الأشخاص في العاصمة وخصوصاً في البرلمان. فضلاً عن ذلك، وبفضل شبكة المخابرات التي أنشأتها لخدمة نفسها، وليس الدولة، فإنَّها تراقب عن كثب كل ما يحدث في البلاد.
بطبيعة الحال، يتابع خصومه أيضاً تحركاته عن كثب، ويبذلون قصارى جهدهم للامتثال الصارم للقيود القانونية. ومع ذلك، فقد أصبح هذا الشخص أقوى من أن يُوقَف بعد الآن. على سبيل المثال، جمع ثروة كبيرة، والتي ستكون مفيدة في النضال السياسي. حصل على هذه الثروة عن طريق مهامه رفيعة المستوى. لقد اكتسبت عديداً من المؤيدين والشركاء المهتمين عن طريق توفير فوائد اقتصادية كبيرة ليس فقط لنفسها، ولكن أيضاً لأولئك الذين يعملون معها. والأهم من ذلك أنَّها شكَّلت فريق عمل محترف مخلص على أساس شراكة المصالح من حوله.
لقراءة المزيد اضغط هنا
.
رابط المصدر: