انفجار مرفأ بيروت يعد الثالث في القوة بعد انفجاري هيروشيما وناكازاكي اللذان أدى الى استسلام اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية.
فماهي برأيكم تأثيرات انفجار مرفأ بيروت وتداعياته في المستقبل القريب؟
وهل يؤدي انفجار بيروت الى نهاية الحروب في الشرق الأوسط او بداية حروب جديدة، او يؤدي الى سقوط أنظمة ونهاية شخصيات بارزة، او تغيير قواعد اللعبة؟
الدكتور سليم كاطع علي:
إن حادث انفجار مرفأ بيروت هو الأكبر والاضخم مقارنة بالحوادث والازمات التي شهدتها الدولة اللبنانية منذ استقلالها في اربعينيات القرن الماضي، انطلاقا من أن مرفأ بيروت يعد حلقة وصل مهمة بين الشرق والغرب، وهو عامل مهم من عوامل ديمومة الاقتصاد اللبناني، إذ تمر خلاله أكثر من ثلثي تجارة لبنان الخارجية، ومن ثم فان تدمير هذا المرفأ يعني فقدان لبنان للرئة الاقتصادية الرئيسة للاقتصاد اللبناني.
وعليه فان اهم تداعيات تدمير مرفأ بيروت سوف تتركز في الساحة اللبنانية بالدرجة الأساس، إذ أن حالة عدم الاستقرار ستكون هي الحالة السائدة في المشهد السياسي اللبناني، عبر توظيف كل طرف من الأطراف السياسية لهذا الحادث بالضد من الأطراف الأخرى، وانعدام الثقة بين جميع أطراف العملية السياسية في لبنان. ومما يعزز من حالة عدم الاستقرار، هو عدم قدرة الدولة اللبنانية في أحكام سيطرتها الكاملة على هذا المرفأ، إذ ان الواقع يؤشر ان المرفأ تتقاسمه جهات واحزاب تتمتع بالنفوذ، ولها مرجعيات سياسية وحزبية لغرض تحقيق أهدافها الخاصة بعيدا عن المصلحة العامة.
فضلا عن ذلك، فإن تداعيات الحادثة سوف تنعكس على معادلة الصراع بين حزب الله اللبناني والكيان الاسرائيلي، إذ سوف يجعل من المواجهة بين الطرفين مؤجلة في الوقت الحالي، وربما نشهد ما يمكن تسميته بالهدنة المتبادلة وأن كانت غير معلنة بين الأطراف المتصارعة في المنطقة، وبما يفضي الى تغيير قواعد اللعبة بين أطراف الصراع في المستقبل، انطلاقا من أن خوض الحروب في عالم اليوم لا يحتاج إلى تحشيد الجيوش واستعمال الاسلحة التقليدية بقدر ما يؤشر ان حروب المستقبل ستكون معتمدة على المعرفة والتطور التقني او ما يمكن تسميته بالحروب الذكية التي ربما تلحق دمارا اكثر مما تتركه الحروب التقليدية.
إلى جانب ما سيشكله الانفجار من ضغوط شعبية وسياسية في لبنان بسبب فشل الطبقة السياسية في إدارة الدولة، وموجهة تحديدا بالضد من حزب الله، وربما تفضي لاحقا إلى تغيير شكل النظام السياسي في لبنان، والطبقة السياسية المتحكمة حاليا، وهو ما يؤشر فتح الجبهة الداخلية لتكون ضد توجهات حزب الله، ونشاطاته وامتداداته سواء في الداخل او الخارج، وضرورة عدم تعريض لبنان لمزيد من الدمار وعدم الاستقرار، ومما يعزز من ذلك هو طبيعة التوظيف للحادث بين الأطراف السياسية اللبنانية تجاه بعضها البعض الآخر.
كما لا يمكن استبعاد إمكانية حدوث هجرة عكسية من لبنان إلى الدول الأخرى بحثا عن الأمان والاستقرار نظرا لانعدام الاستقرار في لبنان سياسيا واقتصاديا وماليا وامنيا، وهو ما ينعكس سلبا على المواطن اللبناني بالدرجة الأساس.
الباحث حسن كاظم السباعي:
بغض النظر عن أسباب أو من يكون خلف انفجار بيروت الدموي فإنَّ أقل ما يُمكن أن يوصف؛ إنه “الحادي عشر من سبتمبر الشرق أوسطي”، فتداعيات الحدث تذكّرنا بتلك الحملات التأريخية التي وقعت في بداية هذا القرن.
و رغم أنَّ الحديث قد يكون مبكرًا فيمن يكون خلف الإنفجار، لكن يبدو أن ذلك سيبقى لغزًا كما أنَّ الحملات التي استهدفت أمريكا قبل عقدين لا تزال تعتبر لغزًا عند البعض.
إلا أنّ هنالك فارق بين الهجوم النيويوركي والانفجار البيروتي وهو في الرد الأمريكي الذي غيّر أنظمة وأطاح بحكومات وبدّل النظرة السياسية والرؤية الاستراتيجية الأميركية في العالم، وهذا ما قد نفقده في الحدث البيروتي بسبب حسابات الأطراف الدخيلة هناك، فقصارى ما يمكن توقعه هو تصفية حسابات محدودة، ولذلك يُستبعد أي تغيير جذري محتمل.
ولو أردنا أن نضيف شيئا من التفاؤل؛ فلا نتحدث عمن كان من وراء حادث الانفجار أو إن كان متعمدًا او حصل خطأ، بل المشهد الآن -سابقًا وحاضرًا ومسقبلا- من وكيف يريد استغلال الحدث.. الآن مرحلة فرز الأوراق لا خلطها، ثم إكمال التحقيقات لا إطلاق التصريحات المثيرة والإعلامية، طبعًا فإنَّ تفاعلات القضية واسعة كثيرة، لا تقتصر على لبنان أو المنطقة فحسب، وما زيارة الرئيس الفرنسي إلا بداية التفاعل الدولي، كما أن ركوب الموجة من هذا الطرف أو ذاك -سواء داخلي أو خارجي- دليل ما يحوزه لبنان من موقع حساس قديما وحديثا.
من هنا فإننا سوف نشهد تداعيات سريعة متلاحقة للحدث تطال المنطقة برمتها، وترسم ملامح مرحلة جديدة مختلفة تماما عن كل ما سبق، صراع الإرادات سيكون أقوى وأشد، وتنافس الأطراف لحسم النزاع يعتمد على دخول معطيات جديدة وتغيير موازين القوى لصالح الشعوب، ولكن السؤال الجديد القديم هو: أين ومن أين؟، لننظر وننتظر حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، من حدث ليس له مثيل من قبل.
الدكتور اسعد كاظم شبيب:
لا اتفق مع القول الذي يصور ويشبه تداعيات انفجار مرفأ بيروت بانفجار هيروشيما وناكازاكي الياباني اذ ان الانفجار الأخير هو نهاية حرب تقليدية انتهت بقصف نووي، أما انفجار بيروت حتى لو افترضنا ناجم عن عمل عدائي قامت بيه الكيانات والأنظمة المعادية للبنان فانه سوف لا يحيد القوى الفاعلة في لبنان كما فعل القصف الأمريكي على اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، كما انه اي الانفجار سوف لا يفتح حرب جديدة ولذلك الضغوطات والحسابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بلبنان، من جانب ثاني هناك تراجع للاصطفافات المحورية بعد حرب الاستنزاف ضد الارهاب والتوتر الإقليمي وتداعيات جائحة كورونا، في حين برزت تفاعلات حربية اخرى كالحروب السبرانية وحروب الانفجارات الغامضة التي ضربت عدد من البلدان كالعراق وايران وليس آخرها مرفأ لبنان، التي قد تصنف على أنها ضربات استباقية تحجم من قدرات الخصوم.
الدكتور محمد مسلم الحسيني:
بالرغم من فظاعة الكارثة التي ألمت بالشعب اللبناني الشقيق وشدة تأثيراتها ومضاعفاتها الإقتصادية والإجتماعية والصحيّة، فإن هذا الحدث الأليم سوف لن يغير كثيرا “في نظري” في معادلات اللعبة السياسية التي تتجاذبها المصالح والأطماع والنفوذ سواء كان ذلك على الساحة اللبنانية الداخلية أو الخارجية…. المناوشات الإعلامية ورفع أصابع الإتهام أو رمي المسؤولية على هذا الطرف أو ذاك سوف لن تغيّر المواقف المتضادة بين الأطراف ولن تحدث “على أكثر تقدير” فائدة أو مضرة سيّاسية لطرف على حساب طرف آخر. المحصلة هي خسارة الشعب اللبناني أولا وأخيرا وربح العدو المتربص خلف الحدود.
الدكتور رائد الهاشمي:
لاشك ان انفجار بيروت ستكون له تداعيات كبيرة على المنطقة وخاصة ان كثير من الحكومات ستعيد ترتيب اوراقها وخاصة حكومات لبنان والعراق، واعتقد ان نفوذ حزب الله في لبنان سيتأثر كثيرا بالسلب وستضعف قوته كثيرا بسبب زيادة الرقابة الدولية على المنطقة التي ستستغل هذا الحادث لصالحها وستفرض المزيد من الرقابة والقيود.
اما لبنان فاعتقد سيستعيد عافيته نتيجة التعاطف الدولي والاممي معه وسيحصل على المزيد من المساعدات والدعم الذي سيعزز اقتصاده ويكسر الركود السائد فيه، أما أمريكا فإنها ستستغل هذه الحادثة لزيادة بسط نفوذها في المنطقة وزيادة قواعدها بحجة حماية الشعوب العربية وبالمحصلة سيكون العرب هو الخاسر الوحيد في كل هذه المعادلة.
الدكتور قحطان الحسيني:
ضخامة الانفجار وحجم الدمار الذي خلفه أثار تساؤلات عديدة عن أسبابه ومن يقف وراءه وفيما اذا كان بفعل فاعل أم هو نتيجة عرضية للإهمال وسوء التدبير.. وأياً كان السبب فتداعيات الانفجار ستدفع الكثير من الدول الى اعادة حساباتها ورفع درجة التأهب والحذر خوفا من حدوث هكذا انفجار على اراضيها.. أما على صعيد التفاعلات الدولية وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط فإن تعامل الدول مع الحدث سينطلق من كونه حادث عرضي وسيتم التركيز على الجانب الانساني والتغاضي عن تداعياته السياسية في ظل عدم وجود دليل على الجهة التي تقف وراءه أو المسببة له..
واعتقد ان تأثيرات التفجير ستكون محلية أكثر منها اقليمية او دولية، ومن المستبعد أن يتم التصعيد باتجاه التوتر بين لبنان واسرائيل في ظل عدم وجود دليل ادانة ضد اسرائيل وقد تحاول بعض الجهات توريط حزب الله واتهامه بأنه المسبب لهذا الانفجار ولو بشكل غير مباشر نتيجة سياساته التي اضعفت الدولة اللبنانية مما يؤدي الى توتر وتصعيد متبادل بين اطراف الحكومة اللبنانية قد تؤدي بالنتيجة الى اسقاط الحكومة الحالية..
ورغم ان الحادثة قد افزعت الكثير في الداخل والخارج لكن المتضرر الوحيد هم اللبنانيون وهم من يترتب عليهم اعادة النظر بطريقة ادارة شؤونهم وترتيب بيتهم الداخلي، ورغم ان اسرائيل والولايات المتحدة وايران لن تجعل القضية تمر مرور الكرام وسيركزون في جهودهم على معرفة تفاصيل واسرار كل مايتعلق بالانفجار لكنهم لن يعمدوا الى التصعيد لان جميع الدول منشغلة هذه الايام بمشكلاتها الداخلية وسوف لن يبذلوا جهودا كبيرة للتعامل مع حدث يعتبرونه حادثا عرضيا ذو جانب انساني..
الدكتور محمد الخاقاني:
بغض النظر عن طبيعة الإنفجار الهائل في مرفأ بيروت وعن الجهة المنفذة له، نرى بإن معطيات الحادث تتعلق بما جرى ويجري في المنطقة، فالتفجيرات الاخيرة في إيران ومنشأتها النووية وضرب المواقع الحشدية في العراق وتعرض سوريا لضربات متكررة ربما يقودنا الى فاعل واحد او اكثر وهو المستفيد الاكبر من محاولة خلط الاوراق من جديد في منطقة ملتهبة مثل الشرق الأوسط، وربما تؤسس لمعادلات سياسية جديدة ورسم خرائط نفوذ ووجود جديدة بفعل تدهور الاوضاع سواء الامنية والإقتصادية والسياسية في بعض البلدان التي تتعرض بين حين وآخر الى هزات سياسية ونقصد بها دول إيران وسوريا ولبنان ممن يطلق عليهم محور المقاومة.
وتزامنت تلك المعطيات على ارض الواقع مع تفعيل قانون قيصر من قبل الولايات المتحدة وبالتالي نجد ان ذلك الامر لا يعدو كونه حلقة من مسلسل تضييق الخناق على إيران، وقد تكون تلك الافعال لا تخطئ عين المتابع والمراقب لمجريات الامور في المنطقة ومحاولة تقليل النفوذ الإيراني فيها وعليه لا نستبعد وقوف دول مستفيدة من زعزعة الاستقرار في تلك الدول لصالح اسرائيل والولايات المتحدة.
الدكتور مسلم عباس:
لا يمكن مقارنة الانفجار مع غيره من حيث القوة التفجيرية فقط.
في الحرب العالمية كان اميركا هي التي القت القنابل العدوانية على الشعب الياباني وهدفها المعلن هو دفع البلد الى الاستسلام.
في لبنان لا يوجد من يتبنى التفجير، ولا يوجد حتى الان من هو المتهم الفعلي بالتقصير في التخزين وغيره.
على مستوى القيادة السياسية في لبنان لا يمكن لشخص واحد ولا حزب واحد ولا حزبين ولا ثلاثة ان يتخذوا القرار بل هناك احزاب متعددة وهناك قيادات كثيرة بل وهناك تدخلات خارجية اكثر كلها لا تسمح بتغير التوازنات السياسية بشكل جذري.
بينما في اليابان كان هناك الامبراطور وحده هو الذي يقرر وقد ادى الى الاستسلام.
حروب الشرق لا تنتهي لعدم وجود قوة واحدة مهيمنة ولا يوجد افق لهيمنة قوة على غيرها بشكل مطلق.
الإعلامي مصطفى ملا هذال:
اعتقد الغرض الأول من الانفجار في الوقت الحالي هو استثمار التدهور الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وجاءت هذه الضربة للمرفأ لتعمق الجرح الاقتصادي كون اغلب الدول قد تمتنع عن إرسال بضائعها لعدم ضمان سلامة بواخرها في لبنان.
اما الغرض الثاني وأتمنى اكون صائبا فيه، هو تأجيج الداخل اللبناني ضد السيد حسن نصر الله، وهذا بدى واضحا من خلال ترويج بعض وسائل الإعلام المعادية لإيران بأن سبب الانفجار هو معمل لتصنيع الصواريخ تابع لحزب الله، بالتأكيد فان النتيجة هو زيادة السخط على تصرفات الحزب وتحميله الخراب والدمار الذي لحق بالبلاد، اعتقد بعد هذه الحادثة ستقل شعبية الحزب وتتراجع كثيرا وهو ما تسعى امريكا لتحقيقه.