ما بعد التمرُّد: مستقبل مجموعة «فاغنر» الروسية، وسيناريوهات نشاطها في أفريقيا

بعد التمرد الذي قامت به مجموعة “فاغنر” العسكرية ضد موسكو في 24 يونيو 2023، اعترف الكرملين بعقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة مجموعة “فاغنر”، وعلى رأسهم يفغيني بريغوجين، في 29 يونيو الماضي، أي بعد خمسة أيام فقط على وقوع التمرد العسكري في البلاد. هذا الاجتماع أضفى المزيد من الغموض على وضع بريغوجين ومستقبله، وكذلك مستقبل المجموعة ونشاطها في الداخل الروسي، وعلى جبهات القتال في أوكرانيا، وكذلك في مواقع انتشارها في القارة الأفريقية وبعض البلدان الأخرى مثل سورية. وكان قد سبق ذلك مباشرة، إعلان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو أن بريغوجين غادر الأراضي البيلاروسية وأنه موجود داخل روسيا. هذه الحقيقة بدورها أثارت تساؤلات عن طبيعة الصفقة التي قضت بإنهاء التمرد العسكري، إذ تبين أن قائد التمرد يتجوّل بحرية في روسيا، ويعيد ترتيب اتصالاته وعلاقاته من دون عوائق.

 

تُناقش هذه الورقة مستقبل مجموعة “فاغنر” بعد التطورات الأخيرة، ومصير قائد المجموعة، ومدى قدرته على مواصلة التحكم بقواته المنتشرة في مناطق مختلفة، ومستقبل الوجود العسكري للمجموعة في مناطق انتشارها العالمية.

 

مضامين لقاء بوتين مع بريغوجين ودلالاته 

عقب تمرد “فاغنر” برز نوع من الانقسام داخل النخب الروسية حول كيفية التعامل مع مصير “فاغنر”. فبينما دعا رئيس لجنة الدفاع في مجلس “الدوما”، أندريه كارتابولوف، إلى إقرار قانون ينظّم عمل الشركات الأمنية الخاصة، اعتبر رئيس “لجنة القانون الدستوري وبناء الدولة” في مجلس الاتحاد (الشيوخ)، أندريه كليشاس، أن إقرار هذا القانون ليس أمراً ملحّاً في الوقت الراهن. في حين رأت أوساط أن موسكو لا يمكن أن تسمح حالياً بولادة كيان عسكري آخر مشابه لـ”فاغنر”، وأن تفضيلات الرئيس بوتين تتجه نحو حصر الاعتماد على وضع مقاتلي المجموعة تحت سيطرة مباشرة إما لوزارة الدفاع أو لترتيب جديد في العلاقة مع بريغوجين.

 

وبعد مرور خمسة أيام فقط على وصف تمرد بريغوجين ومسلحيه بأنه “خيانة عظمى”، أقرّ الكرملين بما جاء في تقارير نشرتها جريدة “ليبيراسيون” الفرنسية عن اللقاء الذي جمع بوتين بقادة المجموعة. فقد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن اللقاء استمر لمدة ثلاث ساعات، وقد استعرض فيه بوتين مع القادة البالغ عددهم 35 شخصاً، التمرد المسلح والقتال الدائر في أوكرانيا والخطوات اللاحقة المحتملة للتعاون مع مجموعة “فاغنر”. وخلال الاجتماع قدّم قادة “فاغنر” راويتهم لما حدث يوم التمرّد وقبله، وأكدوا الولاء الكامل لبوتين، وأن الصراع استهدف قيادة وزارة الدفاع وليس تهديد سلطة الكرملين أو الاستقرار السياسي في البلاد.

 

بالتوازي مع الإعلان عن الاجتماع، نشرت وزارة الدفاع الروسية شريط فيديو لقائد الأركان فاليري غيراسيموف، مُكذبةً بذلك أنباء اعتقاله وإعفائه من منصبه. وتلك كانت المرة الأولى التي يظهر فيها الرجل منذ حادثة التمرد، الذي كان مطلب إقالته إلى جانب وزير الدفاع سيرغي شويغو أبرز دوافع تمرد بريغوجين.

 

لقد أظهر الكرملين عبر الإعلان عن الاجتماع وعبر شريط غيراسيموف، أن بوتين وبرغم التصدعات التي برزت أخيراً يتحكم بالوضع في البلاد، ويواصل إقامة توازنات دقيقة بين الأطراف المتنافسة من حوله. وفي هذا الصدد برز أيضاً ما يأتي:

 

  • لا يزال الرئيس بوتين يحتاج إلى بريغوجين على الجبهة وفي مناطق أخرى. وحتى لو كان الكرملين غير راض عن تحركات “فاغنر” خلال التمرد، إلا أن القضاء على نفوذ بريغوجين في هذه المرحلة بالذات لا يناسب الكرملين.
  • حمل الكشف عن اللقاء في الكرملين إشارةً إلى النخبة الروسية هدفها نشر الطمأنينة بأن الوضع مستقر ويُدار مباشرة من جانب الرئاسة، بعدما سيطرت مشاعر عدم اليقين على بعض رجال الأعمال الروس، وجزء مهم من النخب.
  • أظهر لقاء بوتين مع قادة “فاغنر” أن صفقة إنهاء التمرد جاءت بإدارة من جانب الكرملين، وأن دور الوساطة الذي قام به رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو كان جزءاً من آلية التحكم في الوضع التي وضعها الكرملين.

 

ملامح صفقة إنهاء التمرد 

توقف زعيم التمرد المسلح عن الظهور الإعلامي منذ 25 يونيو الماضي، فور الإعلان عن التوصل إلى صفقة بوساطة الرئيس البيلاروسي ينتقل بموجبها مع بعض المقربين إليه إلى بيلاروسيا، في مقابل وقف ملاحقته وأفراد مجموعته الذين شاركوا في التمرد جنائياً في روسيا بتهمة “الخيانة العظمى”.

 

وقامت سلطات بيلاروسيا بتخصيص قاعدة عسكرية سوفيتية قديمة في البلاد، وأطلقت تكهنات حول آليات محتملة للتعاون مع مجموعة “فاغنر” لرفع كفاءة الجيش البيلاروسي، وخصوصاً في مجال “تكتيكات الحرب المباشرة”. ودلت تصريحات لوكاشينكو على أن خيار تمركز جزء من قوات فاغنر في بيلاروسيا بات محسوماً. إلا أن غياب بريغوجين عن الأنظار ترافق مع الكشف عن سلسلة من التحركات اللافتة، بينها أن بريغوجين واصل التحرك بطائرة خاصة بين المدن الروسية من دون عوائق. وأوحى هذا الأمر وخط تحركات بريغوجين بين موسكو وسان بطرسبورغ وروستوف في الجنوب، حيث التمركز العسكري الرئيس، بأن الرجل يواصل ترتيب ملامح المرحلة المقبلة وبعلم كامل على الأغلب من جانب الكرملين.

 

وبناءً عليه، يمكن استكشاف ملامح الصفقة الغامضة التي أنهت التمرد وفق ما يأتي:

 

  • قِسمٌ من قوات “فاغنر”، التي يبلغ تعدادها داخل روسيا وفي مناطق التمركز في لوغانسك (أوكرانيا) نحو 25 ألف مقاتل، سوف يُنقَل إلى سلطة وزارة الدفاع، بموجب اتفاقات تعاقد. هذا القسم لا يمكن حالياً تقدير حجمه، لكن أوساط روسية ترى أنه لن يكون كبيراً، لأن الشروط والحوافز التي تقدمها وزارة الدفاع ليست مغرية بالمقارنة مع الوضع السابق للمجموعة. كما أن التعبئة المضادة لنشاط الوزارة سابقاً تركت تأثيرات عميقة على مقاتلي “فاغنر”. وعموماً، سوف تواصل هذه المجموعة -على الأغلب- المشاركة في الأنشطة العسكرية في أوكرانيا.

 

  • القسم الآخر من “فاغنر” سوف ينتقل إلى بيلاروسيا، بناءً على اتفاق مباشر بين موسكو ومينسك، وهذا القسم يواصل الولاء لبريغوجين، خلافاً للمجموعات التي ستبقى تحت سلطة وزارة الدفاع. والمهام الموكلة إلى هذه المجموعة في بيلاروسيا ستتركز في تدريب وحدات خاصة على عمليات الاقتحام والقتال القريب وحماية مراكز حدودية، وفقاً لتصريحات الرئيس لوكاشينكو. وهذه المجموعة ستكون مستعدة للانخراط في القتال في حال اتسع نطاق العملية العسكرية في أوكرانيا وانخرطت فيها بيلاروسيا بشكل مباشر.

 

  • بريغوجين نفسه سوف يُنهي صلته بالمجموعة المتبقية في روسيا، لكنه سوف يحافظ على أعماله ونشاطاته التجارية في روسيا، كما أنه سيواصل التحكم بقواته المنتشرة في أفريقيا ومناطق أخرى، ويبدو أن هذا العنصر هو السبب الأساسي وراء حرص الكرملين على عقد صفقة مع زعيم فاغنر. في المقابل، يلتزم بريغوجين عدم الإدلاء بتصريحات في الشأن الداخلي الروسي، وفي ملف الحرب الأوكرانية.

 

  • المجموعات المنتشرة في أفريقيا، التي يصل تعدادها وفقاً لبيانات مختلفة من 8 إلى 12 ألف مقاتل، سوف تحصل على الموارد اللازمة لأداء مهامها، ولن تتوقف النشاطات التجارية أو المالية التي انخرطت فيها سابقاً.

 

سيناريوهات التعامل مع “فاغنر” في أفريقيا

برغم تلك الملامح العامة للصفقة المبرمة مع بريغوجين، فإن مصير القوات المنتشرة في أفريقيا يشغل بشكل خاص تفكير النخب السياسية في روسيا. وكان لافتاً أخيراً، بروز معطيات تعلقت بانسحاب مئات المقاتلين من “فاغنر” من أفريقيا. وسجلت مصادر غربية، ومنها صحيفة “جون أفريك” الفرنسية، أن نحو 500-600 مرتزق روسي غادروا بانغي، عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى، إلى موسكو. ودفع ذلك إلى توقُّع أن ثمة سيناريوهات يجري ترتيبها للمرحلة المقبلة. في حين لا يزال مصير قائد مجموعة “فاغنر” في أفريقيا الوسطى فيتالي بيرفيلييف، وهو يحمل صفة مستشار رئيس أفريقيا الوسطى، موضع تساؤل، بعدما كان أفيد في وقت سابق أنَّه بعد تمرد بريغوجين، قرر الكرملين استبدال بيرفيليف وغيره من مسؤولي “فاغنر” في جمهورية أفريقيا الوسطى.

 

وفي هذا الصدد، يبرز تصريح لافت لوزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عقب التمرد، فقد قال إن “مجموعة “فاغنر” ستواصل عملياتها في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى”. وقد يكون هذا التصريح حمل رسائل تطمينية للنخب الحاكمة في أفريقيا التي أقلقتها التطورات حول “فاغنر”.

 

السيناريو الآخر المحتمل هنا، والذي يُرجِّحه بعض الأوساط الروسية، هو انتقال أفراد مجموعة “فاغنر” المتمركزين في بلدان أفريقية إلى العمل تحت أطر جديدة تماماً، بمعنى أن يتم تأسيس مجموعة شبيهة بـ”فاغنر” خارج البلاد، يستمر نشاط المجموعة من خلالها بالنسبة للراغبين في مواصلة العمل في تلك المناطق. هذا السيناريو ليس مُرضياً تماماً للكرملين، لأنه يعني أن جوهر المشكلة في التعامل مع المجموعات المسلحة الخارجة عن سيطرة وزارة الدفاع لن يحل تماماً، لكنه على الأقل يَفي بشكل مؤقت بحاجة موسكو إلى عدم الانسحاب بشكل مفاجئ وعشوائي من مناطق لدى روسيا فيها مصالح مهمة. وفي حال تم التعامل مع هذا السيناريو لا يُستبعد أن يكون لبريغوجين نفسه دورٌ في ترتيب الوضع الجديد على أساس التوافقات القائمة مع الكرملين.

 

إذا نُفِّذَ هذا السيناريو فإن “فاغنر” ستكون قد انقسمت إلى جزءين يتميز كلاهما عن الآخر بقوة. أحدهما يعمل بصفة شرعية تحت سلطة وزارة الدفاع في الداخل الروسي وفي أوكرانيا، والآخر يعمل في مناطق انتشار المجموعة في الخارج ولكن لم يتم تحديد آليات نهائية للتعامل معه بعد.

 

ولا يبدو أن الكرملين مُستعد للمخاطرة بمكانة مجموعة “فاغنر” في أفريقيا ونفوذها، علماً بأن المجموعة تمدَّدت في القارة بالتزامن مع توقيع موسكو اتفاقات تعاون عسكري مع نحو 20 دولة أفريقية في الفترة ما بين عامَي 2015 و2019. وحالياً ترتكز صلات “فاغنر” بهذه الدول على عقود رسمية مبرمة مع حكوماتها لتدريب الجيوش الوطنية وقوات الشرطة فيها، والمساعدة في مواجهة حركات الإرهاب والتمرد، وحفظ الأمن. وينتشر عناصر الشركة في العديد من الدول الأفريقية، أبرزها ليبيا والسودان وموزمبيق ومدغشقر وجمهورية أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينا فاسو، فيما تتنوّع أنشطتها بين دعم عمليات قوات خليفة حفتر، والذي وصل ذروته إبّان حملة الأخير على العاصمة طرابلس (2019)؛ ومواجهة توسّع حركة “الشباب” في موزمبيق منذ عام 2017، وحماية مناطق وحقول النفط والغاز في شمالي البلاد لغاية وصول قوات رواندية نظامية لقيادة هذه العمليات في المنطقة في صيف عام 2021؛ ودعم جهود عدّة دول في مواجهة الإرهاب وحركات التمرّد وتعزيز قدراتها العسكرية والأمنية.

 

وفي إطار الصراع الجاري حالياً مع الغرب على النفوذ في القارة الأفريقية، فإن المقاربة السابقة التي تطرحها موسكو لتثبيت حضورها من خلال دعم الأنظمة الحاكمة، وتعزيز قدراتها في مواجهة الاضطرابات أو ظروف عدم الاستقرار، حققت نجاحات مهمة وجعلت موسكو قادرة على منافسة المقاربة الصينية أو الأمريكية للوجود في القارة السمراء، خصوصاً أن “فاغنر” برهنت عمليّاً، وعبر تمكين حكومات الدول المتعاقدة معها من تحقيق استقرار أمني ملحوظ، على عدم جدوى المساعدات العسكرية والأمنية الغربية لكلٍّ من مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو وغيرها، في جهودها لمكافحة الإرهاب والعنف المسلّح وتمدّدهما على نحو بات يمسّ كل أسس الدولة.

 

إذن، تُعد “فاغنر” من أهم أدوات نفوذ روسيا في أفريقيا، وهو الأمر الذي يجعل الكرملين حريصاً على استمرار هذه الأداة، مهما كانت تسميتها، بمعنى أنها قد تحمل تسمية “فاغنر” أو أي هيكلية بديلة يتم إنشاؤها بنفس مواصفات المجموعة الحالية ومهامها.

 

استنتاجات وتوقعات 

لا شك في أن التمرد العسكري لمجموعة “فاغنر” هزّ سمعة روسيا بقوة، وأثار تساؤلات عن مدى قدرة الرئيس فلاديمير بوتين على مواصلة إدارة الصراعات المتفاقمة بين النخب المختلفة، والسيطرة على الوضع والاستقرار العام في البلاد. كما أن التسوية التي تمت وإنْ كانت جرت بادارة وإشراف مباشر من جانب الرئيس بوتين لكنها فتحت عن تكهنات كثيرة حول التداعيات المحتملة داخلياً، خصوصاً لجهة الصدمة التي أحدثها التطور على المزاج الشعبي، وعلى النخب التي تعاظم قلقها. وقد يكون الحديث الذي تم تداوله بنشاط في وسائل إعلام غربية حول التأثيرات المحتملة على خطط الرئيس بوتين للترشح في العام المقبل لولاية جديدة، جزءاً من النقاشات التي بدأت تنتشر أكثر على شبكات التواصل الاجتماعي في روسيا، مع تكهنات مختلفة حول هذا الموضوع.

 

من جانب آخر، أظهر الكرملين أنه يُحكم قبضته بقوة على الوضع، وأنه -حتى عند عقد تسويات يقدم في ظاهرها تنازلات واضحة كما ظهر في العلاقة مع بريغوجين- لن يذهب بعيداً نحو منح أي طرف المجال ليظهر بمركز قوة منافس للكرملين، أو أن يُهدد التوازن الذي يديره الكرملين بين النخب، وقد اتضح ذلك من خلال تمهُّل بوتين في إجراء أي مناقلات في وزارة الدفاع، وفي حرصه على تأكيد الإبقاء على وزير الدفاع ورئيس الأركان في منصبيهما.

 

وفي المقابل لا يُستبعَد أن يُطلق بوتين عملية واسعة تجري من دون إعلانات صاخبة لتطهير الجيش ووزارة الدفاع من الشخصيات التي دعمت التمرد، أو كانت مستعدة للانخراط في تحرك بريغوجين ضد وزير الدفاع. في هذا الإطار بدأت معطيات تتحدث عن فرض إقامة جبرية في المنزل على القائد السابق للعمليات في أوكرانيا سيرغي سوروفيكين، وعن عملية تمشيط واسعة داخل هياكل الوزارة والأجهزة الأمنية وكذلك في الأحزاب السياسية الممثَّلة في البرلمان ومجلس الشيوخ، لإبعاد الشخصيات المشكوك بولائها. وتتّجه الأنظار على هذا الصعيد إلى شخصيّات سياسية مثل سيرغي ميرونوف، وهو برلماني وزعيم أحد الأحزاب، إضافة إلى النائب أوليغ ماتفيشيف، اللذَين جمعتهما علاقة وطيدة ببريغوجين في مرحلة سابقة.

 

وفي الوقت ذاته، يبدو أن الرئيس بوتين لن يُقْدم على إجراء تعديلات جدية في سير أعمال الحكومة على الصعيد الداخلي، أو في مسار العمليات القتالية الجارية في أوكرانيا برغم انسحاب الكتلة الأكبر من “فاغنر” من المعركة. ومن المتوقع أن يجري تعويض النقص بزجّ وحدات إضافية من الشيشان ومناطق القوقاز عموماً.

 

وفيما يخص الحرب مع أوكرانيا، فقد يشكل انتقال جزء وازن من مجموعة “فاغنر” إلى بيلاروسيا تطوراً مهماً على صعيد احتمالات اتساع نطاق هذه الحرب، والأدوار التي يمكن أن تؤديها هذه المجموعة لاحقاً، خصوصاً أنها ما زالت تحت سيطرة زعيمها بريغوجين. لكنْ في المقابل أظهر التمرد العسكري مخاطر الاعتماد على هياكل من المرتزقة في العمليات العسكرية المباشرة على الحدود، وتجربة توجيه “فاغنر” سلاحها نحو الداخل الروسي قد تشكل عنصراً ضاغطاً ليس فقط على الحكومة البيلاروسية، ولكنْ على أوساط كثيرة داخل روسيا نفسها.

 

أما على صعيد نشاط فاغنر في أفريقيا وسورية، فلا يبدو الكرملين مستعداً للتضحية بالحضور الروسي المهم في القارة الأفريقية، ومهما كان شكل التسوية النهائية التي ستجري لتحديد آليات التعامل مع هيكلية “فاغنر”، فإن المؤكد أن الحضور المباشر للمجموعة تحت أي مسمى سوف يتواصل، وسوف يُعزَّز لاحقاً لإظهار أن الحدث الذي جرى في روسيا لن يترك تأثيرات على التحركات الخارجية للمجموعة. وهنا يمكن التفريق بين نشاط “فاغنر” في أفريقيا ونشاط المجموعة في سورية، بمعنى أن الوجود في أفريقيا لا يمكن أن ينتقل إلى إدارة وزارة الدفاع في كل الأحوال، بينما قد تعمل موسكو على وضع آليات لبسط السيطرة على القوات الراغبة في مواصلة العمل في سورية عبر نظام العقود المباشرة مع الوزارة.

 

.

رابط المصدر:

https://epc.ae/ar/details/scenario/mustaqbal-majmuat-wagner-alruwsia-wa-sinaryuhat-nashatuha-fi-afriqia

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M