تُعد زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان، في السابع والعشرين من يونيو2022، الأولى من نوعها منذ تولي السلطان العماني هيثم بن طارق مقاليد الحكم في البلاد في يناير 2020. واستهدفت هذه الزيارة تعزيز العلاقات الثنائية، والتشاور والتنسيق في أبرز القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك؛ إذ يواجه المنطقة عدد من التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية. ويستهدف هذا التقرير استعراض أبرز دلالات هذه الزيارة، وتناول محاور أبرز ملفات التعاون المُشترك بين البلدين.
دلالات انعقاد للقمة
نجد أن هناك حراكًا مُكثفًا تشهده المنطقة العربية خلال شهر يونيو 2022، ويتضح ذلك جليًـا في ضوء الاتصالات والزيارات المُتبادلة بين قادة دول المنطقة، والتي تُعد فرصة لبحث أوجه العلاقات الوثيقة ومسارات التعاون الثنائي والتنسيق المُشترك حيال مُختلف القضايا محل الاهتمام المُشترك، بالإضافة إلى أبرز المُستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، والعمل على تعزيز آليات العمل العربي لمواجهة التحديات المُشتركة.
فقد سبقت زيارة الرئيس السيسي إلى عمان سلسلة من الزيارات لقادة الدول الخليجية إلى القاهرة؛ إذ عُقدت قمة ثلاثية في 19 يونيو2022 بمدينة شرم الشيخ بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وملك المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبد الله الثاني وملك المملكة البحرينية الملك حمد بن عيسى آل خليفة. وقام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارة أجرى خلالها مُباحثات مع القيادة المصرية في 20 يونيو2022، وقد أعقب هذه المُباحثات زيارة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد إلى مصر في 24 يونيو 2022.
وفى هذا السياق، تأتى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان في توقيت بالغ الأهمية؛ إذ تستهدف هذه الجولات والمُباحثات العمل على تقريب وجهات النظر للاتفاق على بلورة أجندة موحدة تخدم مصالح الدول العربية قبيل انعقاد القمة العربية الأمريكية المقرر استضافتها في السعودية، منتصف شهر يوليو المقبل 2022، ومن المُحتمل أن تناقش قمة جدة عددًا من الملفات، لاسيما قضايا الأمن الغذائي، وأسعار الطاقة التي تأثرت جراء اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في الرابع والعشرين من فبراير 2022، وتعزيز الأمن الإقليمي. ومن الجدير بالذكر أن المنطقة العربية تشهد عددًا من التحديات والتي يُمكن استعراضها على النحو التالي:
- الملف النووي الإيراني: لا شك أن المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني تنعكس على أمن منطقة الخليج؛ إذ من الضروري الأخذ في الحسبان الدور الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة.
- الأزمة اليمنية: تلحق هجمات جماعة الحوثيين الضرر بأمن واستقرار المملكة العربية السعودية، وهو ما يتطلب تضافر الجهود لمواصلة المساعي لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
- القضية الفلسطينية: فهناك حرص عربي على التأكيد على ضرورة دعم القضية الفلسطينية، وقيام دولة مستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
مجالات التعاون المُشترك
تحمل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان أبعادًا استراتيجية مُهمة في إطار التأكيد على الحرص المصري على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين على كافة الأصعدة، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي:
الصعيد السياسي: ترتبط مصر وسلطنة عُمان بعلاقات سياسية قوية؛ فهناك تشاور وتنسيق مستمر بينهما في القضايا الثنائية والإقليمية والدولية، فضلًا عن أن هناك توافقًا في الرؤى بين البلدين حيال القضايا ذات الاهتمام المُشترك. ويقدر المسئولون العُمانيون الدور الذي تلعبه مصر في حل الصراعات في المنطقة.
الصعيد الأمني: تحرص القاهرة على التأكيد على استقرار وأمن منطقة الخليج؛ لكون أمن الخليج جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وذلك لمواجهة التحديات الإقليمية المُشتركة. وهناك توافق مصري عماني بشأن التنسيق لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والعمل على نشر ثقافة التسامح والاعتدال، وهو ما ينعكس على استقرار المنطقة.
الصعيد الاقتصادي: هناك حرص بين البلدين على تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين؛ إذ يبلغ التبادل التجاري بين مصر وسلطنة عمان بلغ أكثر من 293 مليون دولار أمريكي بنهاية يونيو 2021، وفى عام 2020، نجد أن هناك 744 شركة مصرية تستثمر في سلطنة عمان بإجمالي رأس مال مستثمر يتجاوز مليارًا و856 مليون دولار أمريكي. فضلًا عن أن هناك حرصًا على تسيير الوفود التجارية لرجال الأعمال للاستفادة من الفرص المُتاحة في البلدين. وتعكس لنا هذه المؤشرات الاقتصادية السعي إلى تحفيز الاستثمارات المباشرة وتعزيز معدلات النمو لدى كلا البلدين.
وأخيرًا، يمكن القول إن القمة المصرية العمانية تعكس الحرص على أمن واستقرار الوطن العربي في ظل التحديات الدولية والإقليمية، وهو ما يتطلب تضافر الجهود بين البلدين والعمل على استمرار التنسيق لتقويض التهديدات المُشتركة.
.
رابط المصدر: