في أواسط آب/أغسطس، أبلغت واشنطن مجلس الأمن الدولي بإطلاقها عملية تدوم ثلاثين يوماً لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران (أو ما يعرف بـ “سنابّاك”). في هذه المجموعة من الأسئلة والأجوبة، يشرح خبراء (مجموعة الأزمات الدولية) ريتشارد غوان، وآشيش برادان ونيسان رافاتي مضامين هذه الخطوة على الاتفاق النووي الذي وُقّع عام 2015.
ما هو “سنابّاك”؟
في تموز/يوليو 2015، أقر مجلس الأمن الدولي بالإجماع خطة العمل الشاملة المشتركة بإصداره القرار رقم 2231. وطبقاً للمادة 11 من القرار، يمكن لـ “دولة مشاركة” في الاتفاق النووي، وعلى أساس “عدم أداء مهم” من قبل أحد الأطراف الأخرى في الاتفاق، إطلاق عملية إعادة فرض (أو “سنابّاك”) ستة قرارات لمجلس الأمن صدرت ضد إيران بين عامي 2006 و2010 أنهي العمل بها بموجب القرار 2231. من شأن إعادة فرض العقوبات أن تلغي موعداً نهائياً سيحل قريباً فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على واردات وصادرات إيران من الأسلحة؛ وأن تعزز القيود المفروضة على نشاط إيران في مجال الصواريخ البالستية؛ وأن تفرض على إيران تعليق عملية التخصيب النووي، إضافة إلى إجراءات أخرى. وبموجب أحكام القرار 2231، إذا لم يصدر المجلس قراراً جديداً يؤكد فيه استمرار وقف العقوبات بعد 30 يوماً، فإن العقوبات تعود فوراً إلى النفاذ.
ألم تنسحب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة؟
نعم، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق في أيار/مايو 2018. لكن واشنطن تجادل بأنه رغم خروجها من الاتفاق، فإنها مذكورة في نص القرار 2231 بوصفها طرفاً مشاركاً في خطة العمل الشاملة المشتركة، ما يمنحها وضعاً قانونياً يمكّنها من استخدام آلية الأمم المتحدة في إعادة فرض العقوبات. الأطراف الأخرى في الاتفاق (فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وروسيا والصين، المعروفون معاً بمجموعة الأربعة + واحد، إضافة إلى إيران) يخالفون هذا الرأي، ويردون على ادعاء الولايات المتحدة بإطلاقها عملية “سنابّاك” بالتأكيد على أن الولايات المتحدة كانت قد تخلت جوهرياً عن حقها بفعل ذلك عندما انسحبت من الاتفاق النووي.
لماذا تجري هذه المناظرة الآن؟
ينص القرار 2231 على أن القيود التي تفرضها الأمم المتحدة على الدول التي تبيع أسلحة تقليدية لإيران، أو تشتري أسلحة إيرانية، ستُرفع في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2020، بعد خمس سنوات من اليوم الذي تم فيه تبني خطة العمل الشاملة المشتركة. قبل استحضار عملية “سنابّاك”، طرحت الولايات المتحدة قراراً يقترح أن تبقى هذه الإجراءات قائمة “إلى أن يقرر مجلس الأمن خلاف ذلك”- بعبارة أخرى، تمديدها إلى ما لا نهاية. فشل القرار في 14 آب/أغسطس، وحصل على صوت واحد مؤيد من جمهورية الدومينيكان. الصين وروسيا صوتتا ضد مشروع القرار، بينما امتنع الأعضاء الأحد عشر الآخرون في المجلس عن التصويت. بعد أن تعرضت محاولة الولايات المتحدة إعادة فرض القيود المفروضة على إيران بشأن الأسلحة للصد، مضت قدماً، كما كانت قد حذرت من أنها ستفعل، في محاولة لإطلاق آلية “سنابّاك” في 20 آب/أغسطس.
ماذا حدث منذ أطلقت الولايات المتحدة عملية “سنابّاك”؟
رفض الأعضاء الآخرون في مجلس الأمن بقوة الإبلاغ الذي قدمه وزير الخارجية مايك بومبيو بإطلاق عملية “سنابّاك” في 20 آب/أغسطس، ومنذ ذلك الحين تعاني الولايات المتحدة من عزلة شبه كاملة في المجلس؛ إذ إن رسالة مشتركة قدمت في نفس اليوم من الأطراف الأوروبية الثلاثة المشاركة في خطة العمل الشاملة المشتركة (فرنسا، وألمانيا وبريطانيا – المعروفة بمجموعة الثلاث)، تقول إن إبلاغ الولايات المتحدة لم يكن “فعالاً”، كبحت أي زخم كانت إدارة ترامب تأمل بتوليده لصالح مناورتها. بل إن توبيخ مجموعة الثلاث خوَّل الأغلبية الساحقة للأعضاء الآخرين في المجلس أيضاً بتسجيل اعتراضاتهم خطياً، العملية التي بلغت ذروتها بقيام ثلاثة عشر من أصل الأعضاء الخمسة عشر في المجلس بالتعبير خطياً عن رفضهم الاعتراف بادعاء الولايات المتحدة بأنها تتمتع بوضع يمكّنها من فعل ما فعلته.
ومنذ ذلك الحين، تبنى الدبلوماسيون الأميركيون مقاربة مزدوجة في الأمم المتحدة. أولاً، حاولوا دون نجاح حشد دعم الأعضاء الآخرين، بمن فيهم إندونيسيا والنيجر –رئيستا مجلس الأمن في آب/أغسطس وأيلول/سبتمبر، على التوالي– لعرض قرار باستمرار وقف عقوبات الأمم المتحدة كما ينص القرار 2231، لتستعمل الفيتو ضد مشروع القرار. في حين أن مثل ذلك القرار ليس ضرورياً لنجاح إعادة فرض العقوبات، اعتقد بعض الدبلوماسيين أن واشنطن أرادت إضافة طبقة جديدة من الشرعية الإجرائية إلى محاولة بالكاد تستطيع إخفاءها لإنهاء خطة العمل الشاملة المشتركة.
ثانياً، استمر الدبلوماسيون الأميركيون في اتخاذ موقف دفاعي في نيويورك لتفادي العزلة العلنية في المجلس في الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة أثماناً على الأعضاء الآخرين لامتناعهم عن دعم إعادة فرض العقوبات. في الأيام التي تلت الإبلاغ بإعادة فرض العقوبات مباشرة، يذكر أن الولايات المتحدة اعترضت على عقد عدة اجتماعات شخصية للمجلس لتفادي احتمال إجراء نقاش منفصل يهدف إلى إعطاء الفرصة للأعضاء الآخرين للتعبير في المجلس عن هواجسهم واستمرار دعمهم لخطة العمل الشاملة المشتركة.
وقد حذر الدبلوماسيون الأميركيون الأعضاء الآخرين من أن أزمة بشأن إيران من شأنها أن تفضي إلى تدهور أوسع للعمل الدبلوماسي في نيويورك. ففي 31 آب/أغسطس، استعملت الولايات المتحدة الفيتو ضد قرار حول قضايا تتعلق بمحاربة الإرهاب قدمته إندونيسيا في تحرك فسره الأعضاء الآخرون في المجلس، على الأقل جزئياً، بأنه عقاب لجاكرتا على عدم تيسيرها لعملية إعادة فرض العقوبات عندما كانت رئيسة للمجلس. لكن باستثناء ذلك، فإن عمل المجلس استمر بشكل طبيعي حتى الآن.
ماذا بعد؟
تهدف الولايات المتحدة من وراء عملية إعادة فرض العقوبات –التي تدعي أنها ماضية في تحقيقها– إلى استعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة التي كانت مفروضة قبل التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة اعتباراً من 20/أيلول سبتمبر. لكن بالنظر إلى الانقسام بين وجهة نظر واشنطن وتقييم الأعضاء الآخرين في المجلس بأن الولايات المتحدة تفتقر إلى الوضع القانوني الذي يمكنها من إطلاق الآلية، من المرجح أن يتم طرح ادعاء موازٍ لذلك. ستدعي إدارة ترامب، ربما بدعم من حلفائها في الشرق الأوسط، بأنها قد استعادت جميع عقوبات الأمم المتحدة على الأنشطة الإيرانية – وتصر على أن هذه العقوبات ملزمة لجميع الدول الأعضاء. سيحوّل المسؤولون الأميركيون اهتمامهم على الأرجح نحو إنفاذ العقوبات بالضغط على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للاعتراف بإعادة فرض العقوبات التي كانت مفروضة قبل التوصل إلى خطة العمل الشاملة المشتركة.
ادعى وزير الخارجية بومبيو في مقالة رأي نشرها مؤخراً بأن “جميع الدول ملزمة بتنفيذها؛ والقيام بخلاف ذلك يقوض بشكل صارخ سلطة المجلس ومصداقيته، ومن شأنه أن يجعل من الطبيعي إنفاذ قرارات مجلس الأمن بشكل انتقائي”. الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس، بما في ذلك مجموعة الأربعة + واحد الأطراف في الاتفاق النووي، سيؤكدون – وربما كتابة مرة أخرى – بأنهم لا يعتبرون ادعاءات الولايات المتحدة هذه مشروعة وأن العقوبات لم يُعَد فرضها. وبالتالي فإن معظم أعضاء المجلس سيعتبرون أن أحكام القرار 2231 تستمر في تحديد مجريات العمل. وستتجاهل هذه الأطراف ادعاء الولايات المتحدة المناقض وستمتنع عن إنفاذ العقوبات.
من المرجح أن يتم استعراض كلا الحجتين خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع القادم. بعض الدبلوماسيين في نيويورك يعبرون عن قلقهم من أن الرئيس دونالد ترامب سيستخدم خطابه أمام الجمعية لتهديد الأمم المتحدة بعقوبات مالية إذا لم يقف المجلس وراء خطة إعادة فرض العقوبات، رغم أن معظمهم يعتقدون بأن مثل ذلك التهديد سيكون مجرد جعجعة. قادة مجموعة الأربعة+واحد، الذين سيخاطبون الجمعية العامة في فيديوهات مسجلة مسبقاً، قد يكررون التعبير عن التزامهم بخطة العمل الشاملة المشتركة، لكن من المرجح أن يقللوا من أهمية القضية لتحاشي توليد احتكاك إضافي مع واشنطن.
ما هو دور الأمين العام للأمم المتحدة والأمانة العامة في هذا النزاع؟
ليس هناك فرد أو كيان في منظومة الأمم المتحدة يستطيع الحكم بشأن ما إذا كان لمناورة الولايات المتحدة بإعادة فرض العقوبات شرعية أم لا (قد يكون لمحكمة العدل الدولية القدرة على ذلك، رغم عدم وجود مؤشر حتى الآن بإمكانية اتخاذ مجلس الأمن لقرار يطلب منها تقديم رأي في المسألة، الأمر الذي يمكن أن يستغرق شهوراً على أي حال). القضية حتى الآن سياسية ودبلوماسية وليست مسألة حكم قانوني.
من المرجح أن تشهد المرحلة القادمة من دبلوماسية الأمم المتحدة مناورات أميركية لإعادة تطبيق آليات مراقبة العقوبات المفروضة على إيران التي تم تفكيكها في عام 2015. إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يعتقد بأن عملية إعادة فرض العقوبات شرعية، على سبيل المثال، يمكن أن يحاول إعادة تشكيل لجنة الخبراء الدوليين لمراقبة انتهاكات العقوبات التي كانت موجودة بين عامي 2010 و2015. ورغم أن هذا التحرك سيكون مجرد آلية تقنية (بالنظر إلى أن أنظمة عقوبات الأمم المتحدة يمكن أن تتمتع بالقوة القانونية بصرف النظر عن وجود لجان لمراقبتها)، فإنها يمكن أن تبعث برسالة إلى مسؤولي الأمم المتحدة بوجوب أخذ الموقف الأميركي على محمل الجد.
لقد قاوم غوتيريش حتى الآن الدعوات للتدخل في النزاع وادعى بأن أعضاء المجلس “ينبغي أن يفسروا قرارهم”، لكنه قد يجد أنه من الصعوبة بمكان البقاء حيادياً تماماً. وحتى إذا لم يتخذ الأمين العام أي إجراء على الإطلاق، فإن أعضاء المجلس المعارضين للموقف الأميركي سيفسرون امتناعه على أنه دليل على أن ادعاء واشنطن لا أثر له. من المفترض أن يقدم الأمين العام تقريراً حول تنفيذ القرار 2231 لمجلس الأمن كل ستة أشهر، ويحين موعد تقديم التقرير القادم في كانون الأول/ديسمبر، ما سيفرض عليه اتخاذ موقف حيال مضامين الأحداث الأخيرة.
رغم ذلك، ليس لدى الأمين العام ما يكسبه من تبني موقف صلب في هذا النزاع. وسيكون من الأفضل له ألا يفعل أكثر من إبلاغ أعضاء المجلس بأنه عليهم تسوية الأمر فيما بينهم.
وبالنظر إلى أنه من غير المرجح أن يكون هناك تسوية واضحة للنزاع على المدى القصير، سيسود التشوش والغموض حول نقاط تفصيلية ناجمة عن “سنابّاك”. إحدى هذه النقاط تتعلق بوضع الأفراد والكيانات الذين كانوا سابقاً يخضعون لعقوبات الأمم المتحدة لكن رفعوا عن قائمة العقوبات في أعقاب تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة وتبني القرار 2231. من شأن إعادة فرض عقوبات سابقة أن يعني أن هؤلاء الأفراد والكيانات يمكن أن يصنفوا مرة أخرى بموجب نظام عقوبات يعاد فرضه. كما أن وضع قناة المشتريات التي تأسست بموجب القرار 2231 “لنقل الأشياء، والمواد، والمعدات، والسلع والتكنولوجيا اللازمة للأنشطة النووية بموجب الاتفاق النووي” سيكون موضع تساؤل، حيث ستجادل الولايات المتحدة بأن هذا الترتيب ينبغي أن يوقف الآن. الأثر الملموس لأي من هذين الإجراءين على إيران على المدى القصير غير واضح، ومن المرجح أن يغرق أعضاء المجلس ومسؤولو الأمم المتحدة في نقاشات لا تفضي إلى قرار حول هذه القضايا التقنية.
ماذا يحدث عندما ينتهي نفاذ الحصار المفروض على إيران بشأن الأسلحة التقليدية؟
بالنظر إلى أن معظم أعضاء مجلس الأمن قد رفضوا الموقف الأميركي، فإنهم يقبلون بأن الحظر المفروض على إيران بشأن الأسلحة التقليدية –والذي حاولت الولايات المتحدة تمديده قبل الدعوة إلى إعادة فرض العقوبات– سينتهي في 18 تشرين الأول/أكتوبر. وقد طرحت مجموعة الثلاث خيارات تسووية حول الحظر، مثل تمديده لمدة سنة أو ستة أشهر، لكن لم يكن أي من تلك الخيارات مقبولاً للولايات المتحدة أو الصين أو روسيا، ناهيك عن إيران.
تحد القيود من قدرة إيران على استيراد أو تصدير طيف من الأسلحة التقليدية، بما في ذلك “الدبابات، والعربات المصفحة، وأنظمة المدفعية ذات العيار الكبير، والطائرات المقاتلة، والطائرات المروحية الهجومية، والسفن الحربية، والصواريخ أو أنظمة الصواريخ، كما هي معرَّفة لأغراض سجل الأمم المتحدة للأسلحة التقليدية أو المواد ذات الصلة بها”. خلال زيارة قام بها وزير الدفاع الإيراني إلى موسكو في آب/أغسطس، توقع الوزير “فصلاً جديداً في التعاون الدفاعي” مع روسيا بعد انقضاء أمد القيود، وقد أشارت التقديرات الاستخبارية الأميركية إلى احتمال قيام إيران بشراء طائرات ودبابات. وقد أبلغ المسؤولون الأميركيون نظراءهم الغربيين بأنهم سيفرضون عقوبات ثنائية على الشركات الصينية أو الروسية التي تبيع أسلحة لإيران، رغم أن العديد من هذه الشركات يخضع أصلاً لعقوبات أميركية.
كما يدعي المسؤولون الإيرانيون بأنه بعد رفع القيود سيكون لدى البلاد “القدرة على تصدير عتاد عسكري بقيمة عدة مليارات من الدولارات سنوياً”؛ وتتكهن وسائل الإعلام بأن إيران يمكنها إيجاد مشترين لأنظمتها الصاروخية وأنظمة الدفاع الجوي التي تنتجها محلياً، ولعتادها البري ولسفنها البحرية والطائرات المسيرة التي تنتجها. رغم ذلك، وبعد 18 تشرين الأول/أكتوبر، فإن صادرات إيران ستظل خاضعة لأوامر حظر أخرى من مجلس الأمن، بما في ذلك تلك التي تغطي اليمن ولبنان، كما يستمر حظر يفرضه الاتحاد الأوروبي في النفاذ على الأقل حتى نهاية عام 2023.
ما الذي يعنيه كل هذا بالنسبة للاتفاق النووي؟
تعكس المناظرة الدائرة حول “سنابّاك” انقساماً ظهر بين الولايات المتحدة ومجموعة الأربعة+واحد منذ انسحاب إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة. وتقول واشنطن بأن الضغط –الأحادي عند الضرورة، والجماعي عندما يكون ذلك ممكناً– يمكن أن يجبر إيران على القبول بمطالبها ليس فقط بإعادة النظر ببنود الاتفاق النووي بل أيضاً تقديم التنازلات بشأن جملة أوسع من القضايا. لمجموعة الأربعة + واحد آراء مختلفة بشأن السياسة حيال إيران، لكن حتى في الحالات التي تسودها هواجس مشتركة مع واشنطن (فإن الأوروبيين، على نحو خاص، متوجسون من نفاذ القيود المفروضة على الأسلحة) حيث تبقى أولويتهم إنقاذ الإطار المتفاوض عليه القائم كأساس لنقاشات أوسع، رغم انتهاك إيران لأحكامه رداً على الحملة الأميركية بممارسة “أقصى درجات الضغط”.
يلاحظ أحدث التقارير الربعية التي تصدرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على سبيل المثال، أن طهران مستمرة في تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز سقف 3.67% الذي حددته خطة العمل الشاملة المشتركة وراكمت مخزونها من اليورانيوم المخصب ليصل تقريباً إلى 10 أضعاف الحد الذي حدده الاتفاق النووي بـ 202.8 كغ. وفي الوقت نفسه، لاحظت الوكالة انخفاضاً في مخزون إيران من الماء الثقيل، و أبلغ مديرها العام رافاييل غروسي في 14 أيلول/سبتمبر مجلس محافظي الوكالة أن عمليات التفتيش كانت قد بدأت في موقعين لدى الوكالة هواجس بشأنهما حيث كانت عملية الوصول إلى المواقع قد أصبحت مثار توتر (ولو أنها منفصلة عن خطة العمل الشاملة المشتركة).
ينبغي أن يدفع الإجماع الواسع الذي ظهر ضد محاولة الولايات المتحدة إعادة فرض العقوبات إلى تخفيف حدة رد الفعل الإيراني على الجبهة النووية، بالنظر إلى أن ذلك قد يقوض الجهود التي تبذلها جميع الأطراف التي ظلت في الاتفاق لإنقاذه (وإلى عزل طهران بدلاً من واشنطن). طهران، من جهتها، تعتبر انتهاكاتها الراهنة رداً محسوباً على تآكل المزايا الاقتصادية التي توقعتها من خطة العمل الشاملة المشتركة. وهي ترغب برفع العقوبات، كما نص الاتفاق النووي، مقابل استئناف الالتزام الكامل. إدارة ترامب، من جهتها، تبدو عازمة على المضي قُدماً بمقاربتها بممارسة “أقصى درجات الضغط”.
كيف ستؤثر الانتخابات الأميركية على النزاع؟
يدرك معظم الدبلوماسيين ومسؤولي الأمم المتحدة أن حصيلة الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر ستقرر نتيجة النزاع الدائر بشأن “سنابّاك”. إذا فاز الرئيس ترامب بفترة رئاسية ثانية، سيكون لديه ما يكفي من الوقت والفرصة لقتل خطة العمل الشاملة المشتركة، ومن ثم يأمل بأن تعود إيران إلى التفاوض على اتفاق مختلف (اتفاق قال إنه “اتفاق جيد لإيران”). بالمقابل، فإن خصمه، نائب الرئيس السابق جو بايدن، اقترح العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة، إذا عادت إيران إلى الالتزام بالاتفاق، ومن ثم محاولة “تعزيز وتوسيع” شروطه. من غير الواضح تماماً ما هي الخطوات التي سيترتب على إدارة بايدن اتخاذها في الأمم المتحدة لتفكيك اندفاعة الولايات المتحدة لإعادة فرض العقوبات بشكل رجعي وإعادة التأكيد على التزامها بخطة العمل الشاملة المشتركة. لكن من غير المرجح أن يترك دبلوماسيو ومسؤولو الأمم المتحدة في نيويورك التفاصيل التقنية لإجراءات الأمم المتحدة تعرقل إعادة بناء الاتفاق النووي.
رابط المصدر: