لا يزال التطرف اليميني والإسلاموي هو الخطر الداخلي الأكبر للدول الأوروبية، وذلك عبر استغلال الجماعات اليمينية والإسلاموية المتطرفة التبرعات لدعم الأنشطة المتطرفة واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي للتحريض على الكراهية والعنف واستقطاب أعضاء جدد. وغالباً ما تستخدم تلك الجماعات المنشورات التي تحض على مخالفة القيم الأوروبية ومساعدة المتطرفين إلى السفر إلى مناطق الصراعات.
واقع التطرف الإسلاموي
بلجيكا: تستخدم الجماعات المتطرفة منابر المساجد ومواقع التواصل الاجتماعي للتحريض على الكراهية والعنف وبث الخطاب المتطرف، وغالباً ما تستخدم تصريحات تعتبر مخالفة للقيم الأوروبية. ففي 30 سبتمبر 2022 أوقفت السلطات البلجيكية الإمام المغربي “حسن إكويسن” بسبب تصريحات اعتُبرت “مخالفة لقيم الجمهورية” ولأسباب تتعلق “بأمن الدولة”، وصدرت مذكرة توقيف أوروبية وقدرت السلطات البلجيكية متابعيه بـ (178) ألف مشارك على قناته على منصة “يوتيوب”.
أكدت السلطات القضائية البلجيكية في 17 أبريل 2022 أن هناك (14) شخصاً ساعدوا المجموعة “الجهادية” التي نفذت هجمات باريس في عام 2015 ووجهت السلطات اتهامات بشأن قيادة مجموعة إرهابية أو المشاركة في أنشطة إرهابية ومساعدة المتطرفين على السفر إلى سوريا.
فرنسا: اعتبر أعضاء برلمانيون فرنسيون في الأول من سبتمبر 2022 إن قرار الحكومة والقضاء الفرنسيين بطرد الداعية الإسلامي المغربي “حسن إيكويسن” جاء متأخراً وغير فعال، وأكد النائب عن “التجمع الوطني” نيكولا ميزوني” أن “الدولة فاشلة” ويجب أن “تمنح نفسها الوسائل اللازمة لممارسة سياسة فعالة” فيما يتعلق بعمليات الطرد.
شنت الجماعات الإسلاموية المتطرفة في 26 سبتمبر 2022 حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تستهدف المدارس الفرنسية، وتنشر هذه الجماعات خطابات متشددة كالتشجيع على مخالفة التقاليد الفرنسية، وابتزاز الشابات المسلمات اللواتي يخلعن حجابهن عبر نشر صورهن وخلق صراعات وتوترات بين الأساتذة والطلاب، وتأتي هذه الخطابات من حسابات مجهولة الهوية عبر تطبيقي “TikTok” و “Twitter”.
أطلق وزير الداخلية الفرنسي “جيرالد دارمانان” في 28 سبتمبر 2022 إجراءات الإغلاق الإداري لمسجد في إقليم الراين الأسفل (شمال شرق) بتهمة تسهيل “انتشار الأيديولوجية المتطرفة” كما أن العديد من الشباب الذين يحضرون المسجد أصبحوا “متطرفين”. ويعرف إمام المسجد بمشاركته في أنشطة متطرفة في الإقليم لعشرات السنين” ويظهر الإمام “عداء واضحاً تجاه المجتمع الفرنسي ويضاعف التصريحات الاستفزازية والمعادية للقيم الجمهورية”.
بريطانيا: تعاني قوات الشرطة في المملكة المتحدة وعبر أوروبا من “ثقافة التطرف” المتزايدة، فهناك تحذيرات من زيادة مشاركة الضباط لمحتوى متطرف على الإنترنت. تنامت أنشطة الجماعات المتطرفة داخل السجون البريطانية وتصاعدة وتيرة استقطاب وتجنيد النزلاء ففي 27 أبريل 2022 أعلنت السلطات البريطانية نيتها عزل السجناء بتهم التطرف والذين يشكلون خطراً وذلك للحد من جر النزلاء الأخرين إلى التطرف لا سيما أن التهديد في السجون يأتي من الإرهاب الإسلاموي، وأنه لا يوجد تهديد آخر يضاهيه.
أنشأت مصلحة السجون البريطانيىة (3) ثلاثة مراكز فصل وسجوناً داخل السجون بحيث يمكن إبعاد المتطرفين الأكثر نفوذاً عن السجناء الآخرين، وتضم هذه المراكز الثلاثة – وهي “مركز فصل فرانكلاند” بدائرة سجون صاحبة الجلالة، ومركز “فصل وودهيل” ومركز “فصل فول سوتون”
يقول “دومينيك راب” وزير العدل البريطاني “يجب علينا أن نقتل في المهد توجهات السيطرة القسرية التي يفرضها متطرفون وقد تؤدي إلى التطرف والإرهاب”. ويريد “راب” زيادة عدد الأماكن في مراكز المراقبة الدقيقة من (50) إلى (60) في إنجلترا وويلز، حيث يتم احتجاز أكثر السجناء عنفاً.
أظهرت التحقيقات في بريطانيا في 22 سبتمبر 2022 أن الجماعات المتطرفة تستخدم التبرعات لدعم الأنشطة المتطرفة، ومن المحتمل أن تمول تلك التبرعات نشاطاً إرهابياً، فعلى سبيل المثال سُجن رجل بعد إدانته بـ(9) جرائم بموجب قانون الإرهاب لعام 2000 وشملت جرائمه الدخول في تمويل أنشطة الجماعات المتطرفة وجمع الأموال وحيازة أشياء لأغراض متطرفة.
السويد: قامت السويد بترحيل إمام كان يعمل في عدد من المساجد كونه شخصية رئيسية في التطرف وتجنيد مقاتلي داعش في جميع أنحاء السويد، ويشكل تهديداً للأمن القومي، فهناك (14) شخصاَ على صلة به سافروا للقتال في صفوف داعش.
تسعى الحكومة السويدية إلى سن قوانين أكثر صرامة لاستهداف المتطرفين الإسلاميين حيث تم اعتقال (5) أشخاص بمن فيهم مستشار مدرسة بعد سلسلة من المداهمات المرتبطة بالتطرف. يسعى أئمة متشددون في السويد لاستغلال ما تم وصفه على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه “اختطاف” لأطفال الجالية المسلمة المقيمة هناك للتحريض على العنف وذلك عبر الموقع الإلكتروني “شؤون إسلامية” الذي نشر نحو (20) تسجيل فيديو. محاربة التطرف في ألمانيا ـ جدلية الإسلام والإسلام السياسي. ملف
واقع الإسلام السياسي
سويسرا: لعبت الأجهزة الأمنية في 30 مارس 2022 في سويسرا دوراً هاماً في تقليل النفوذ الأجنبي على عكس فرنسا وألمانيا. فلا توجد شبكة واسعة من الإسلاميين لا سيما تنظيم الإخوان المسلمين على نطاق سويسرا تهدف إلى نشر أيديولوجيتها المتطرفة. وتشير النتائج في سويسرا إلى تراجع التأثير الأجنبي بشكل عام خلال السنوات الماضية وأن جماعات الإسلام السياسي ليس لديها تأثير كبيرعلى المساجد والجاليات المسلمة خاصة في “لوزان وزيورخ وبازل وبرن وديليمونت”.
لا تزال جماعة الإخوان المسلمون والمنظمات المرتبطة في 28 يوليو 2022 بها تتلقى دعماً مالياً كبيراً من الأمول العامة، وتسهل منصة للتأثير على الرأي العام في أوروبا، ويتم تقديم المساعدة للجمعيات الثقافية والدراسات الإسلامية على جميع مستويات الحكم في أوروبا.
ترسل الدول الأعضاء تبرعات بملايين الدولارات إلى منظمات مثل الإغاثة الإسلامية والتي على الرغم من مشاركتها في الأعمال الخيرية لا تزال تحمل أجندة إسلاموية ووجهات نظر معادية للقيم الغربية. تشمل التهديدات التي يتعرض لها المجتمع المدني الأوروبي من قبل جماعة الإخوان المسلمين إعاقة اندماج الأقليات والتحريض على العنف وتعزيز الكراهية وأنها تشكل بيئة حاضنة للإرهاب.
النمسا: اتخذت النمسا موقفا متشددا ضد ما تصفه بالإسلام السياسي إن الجماعة لديها موقف غامض من العنف وتروج لسرد “نحن ضدهم” الذي يوفر “بيئة مواتية للتطرف” على الرغم من وجود بضع مئات فقط من الشخصيات البارزة في أوروبا سعى نشطاء الإخوان إلى تصوير أنفسهم كممثلين للمجتمع الإسلامي بأكمله. محاربة التطرف في أوروبا ـ أزمة الهوية، الأسباب والمعالجات
واقع التطرف اليميني
ألمانيا: تستغل جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا التظاهرات لتمرير أجندتهم في ألمانيا ودعت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج في 26 أغسطس 2022 المواطنات والمواطنين في ألمانيا للانتباه لهوية الأطراف الذين يتظاهرون معهم.
كشفت السلطات الألمانية في 13 مايو 2022 أن هناك على مدار 3 سنوات (327) موظفا في الهيئات الأمنية الاتحادية والحكومية لديهم صلات بالتيار اليميني المتطرف بالإضافة إلى مشاركة الموظفين في أحداث متطرفة أو أداء التحية النازية والعديد من العناصر كانوا ضمن مجموعات دردشة تم خلالها تبادل محتوى يميني متطرف
كان من بين الموظفين الذين تم تصنيفهم على أنهم متطرفون يمينيون (83) شخصاً في جهاز مكافحة التجسس العسكري واكتشف (4) أشخاص في الجمارك، و(2) في مكتب الشرطة الجنائية الاتحادية، وواحد في كل من أجهزة المخابرات الداخلية الألمانية، وواحد في الاستخبارات الخارجية وآخر في شرطة البرلمان الألماني. وتم الاشتباه في ارتباط (30) شخصا بحركة “مواطني الرايخ” أو ثبت صلتهم بها
فرنسا: تشير استطلاعات الرأي في فرنسا إلى أن في 30 أغسطس 2022 إلى أن فرنسا تشهد تحولاً سياسياً واجتماعياً إذ تتجه أكثر فأكثر نحو اليمين المتطرف على صعيد السلطة وعلى الصعيد الشعبي أيضاً. ويقول الخبير السياسي “ماتيو كرواساندو” إن الاستطلاع “يظهر بوضوح التصاعد في الراديكالية في الغضب وفي عدد الناس الذين يريدون تغيير النظام وقلب الطاولة”.
بريطانيا: أظهرت السلطات البريطانية في 5 أكتوبر 2022 تزايد عدد الأشخاص الذين يخدمون في القوات المسلحة البريطانية ويجري إدراجهم في برنامج مكافحة الإرهاب بسبب الاشتباه في الانتماء لليمين المتطرف وتشكل جماعات اليمين المتطرف في بريطانيا أكبر مجموعة في الجيش البريطاني والبحرية والقوات الجوية الملكية. محاربة التطرف في أوروبا ـ سياسات الاندماج، المعوقات والتدابير
التقييم
تمكنت التيارات “السلفية الجهادية” في أوروبا من نشر أيديولوجيتها عبر مؤسسات الدولة الرسمية والمساجد والجمعيات والمراكز الإسلامية، واستغلت أئمة المساجد والدعاة لتجنيد المزيد من الأعضاء. يأتي التهديد في السجون الأوروبية من الجماعات الإسلاموية المتطرفة ولا يوجد تهديد آخر يضاهيه حيث تسعى جماعات “السلفية الجهادية” إلى استغلال السجون الأوروبية لتجنيد واستقطاب النزلاء.
لا تزال جماعة الإخوان المسلمون والمنظمات المرتبطة في أوروبا تتلقي الدعم المالي والسياسي ، ولا تزال تحمل أجندة متتطرفة وتصوير أنفسهم كممثلين للجاليات المسلمة في أوروبا وخلق مجتمع مواز.
توجد العديد من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لتنامي أنشطة اليمين المتطرف في العديد من الدول الأوروبية، وبالنظر إلى أنشطة اليمين المتطرف نجد أنها تركز على نشر نظريات المؤامرة وكراهية الأجانب والتشكيك في سياسات الاتحاد الأوروبي.
تعاني المؤسسات العسكرية في أوروبا من “ثقافة التطرف” المتزايدة لا سيما التطرف اليميني حيث تشير التحقيقات إلى مشاركة الضباط للمحتوى المتطرف على الإنترنت. يعكس تزايد أنشطة الجماعات المتطرفة ضرورة مراجعة سياسات مكافحة التطرف داخل أوروبا في ظل الانتقادات الموجهة للحكومات الأوروبية بشأن الإجراءات والتدابير المتأخرة المتعلقة بطرد وترحيل المتطرفين الإسلاميين.
الهوامش
Bradford man jailed for terror fundraising
https://bbc.in/3ysRWPs
Sweden deports imam accused of being an ISIS recruiter
https://bit.ly/3yrovNs
فرنسا: بدء إجراءات إغلاق مسجد إمامُه معاد صريح للجمهورية ومروّج للإسلام السلفي
https://bit.ly/3Et2fqA
فرنسا: لجنة وزارية تحذر من حملة إسلامية متشددة تستهدف العلمانية داخل المدارس
https://bit.ly/3fO4Tgd
الإرهاب: تحذيرات من الفشل في منع التطرف داخل سجون بريطانيا
https://bbc.in/3yqlj4I
استطلاع جديد يظهر تطبيع الفرنسيين أكثر فأكثر مع اليمين المتطرف
https://bit.ly/3MgrG0r
نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
.
رابط المصدر: