مراكز الطاقة في اليمن وجغرافيا الصراع … دراسة في الأبعاد والتحديات

علي جبلي

 

يعد الصراع من أقدم الظواهر الإنسانية، وهو من ضمن الدراسات المعقدة في العلوم الاجتماعية، ويعود السبب في ذلك إلى تداخل العوامل المنشئة لحالة الصراع، وتنوع مصادره، وتعدد الأهداف والدوافع والأبعاد، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وفي المنطقة العربية منها بالتحديد، التي أصبحت ساحة نفوذ للقوى الكبرى، نتيجة أهمية موقعها الاستراتيجي الذي يتوسط العالم ويشكل ممراً وسوقاً مهمةً للتجارة العالمية، إضافة إلى تعدد مواردها الطبيعية من جهة، وشعور الإحساس بالندرة في هذه الموارد لدى المشاريع الإقليمية والدولية.

ولطالما كان التنافس على الموارد أحد أسباب الصراع بين القوى الكبرى، وقد كان الصراع قديماً يتمركز حول الماء والغذاء، ثم تطور فيما بعد الثورة الصناعية ليركز على الموارد الناضبة كالطاقة، حيث يخوض العالم صراعاً كبيراً على مصادر الطاقة، وتحاول الدول الكبرى الهيمنة على تلك المصادر، وتوفير احتياطات استراتيجية ضخمة؛ لأنها العامل الأساسي حالياً في الإنتاج الصناعي والزراعي، وبهذا تحول النفط إلى سلعة استراتيجية تتحكم في مصير العالم، خصوصاً أن الوقود الأحفوري لا يزال يمثل ما يقارب 80 في المئة من الطاقة المستهلكة، وعلى الرغم من الحديث عن “نهاية عصر النفط” والتوجه الدولي إلى الطاقة البديلة، فإن تحقيق ذلك يبقى مهمة صعبة حالياً، نظراً للتحديات المتعددة التي تواجه هذا النوع من الطاقة، على رأسها التكلفة المرتفعة المتعلقة بالتقنيات والطرق الخاصة بالنقل، وكيفية التخزين، والكفاءة التي تسمح لها بمواجهة الظروف المناخية، بخلاف الوقود الأحفوري الذي يعد مصدراً موثوقاً في الظروف المناخية المتعددة.

وقد تعددت أسباب الصراع في اليمن نتيجة تعدد الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، ومن ثم تعددت الدوافع وتنوعت العوامل، ففي حين تتعلق بعض تلك الدوافع بالصراع الداخلي على السلطة، فإن أطرافاً أخرى إقليمية ودولية ترى أن الصراع مرتبط بموقع اليمن، بهدف السيطرة على الموقع والممر المائي لتأمين وحماية المصالح الاستراتيجية الإقليمية والدولية.

في هذه الدراسة الصادرة عن مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، نحاول تسليط الضوء على عامل مهم من عوامل الصراع في اليمن، وهو عامل الطاقة، وعلى الرغم من ضعف التناول البحثي والسياسي لمركزية الطاقة في الصراع اليمني، فإنَّ هناك جملة من المؤشرات، المباشرة وغير المباشرة، التي تدل على أن النفط عامل مركزي في الصراع، حيث يوجد في اليمن مساحات نفطية واسعة، والسعي لأن تكون اليمن دولة نفطية- بحسب خبراء- يعد مشروعاً قابلاً للدراسة، ويتطلب جهوداً حثيثة واهتماماً بتوسيع أعمال التنقيب وتطويرها، وتعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد، إضافة إلى أن اليمن يجاور دول الخليج التي تمتلك ما يزيد على نصف احتياطيات العالم (54 في المئة) من النفط، و23 في المئة من الاحتياطي العالمي من الغاز، وأي انهيار أمني في اليمن سيؤدي إلى اختراق أمن الخليج، وهذا بدوره سيؤثر في إنتاج النفط وأسعاره، ولهذا كان أمن اليمن جزءاً لا يتجزأ من أمن الخليج. كما يعزز ذلك أيضاً حضور ملف النفط في تفاصيل السياسة وجغرافيا المواجهات وملفات التفاوض الداخلية والخارجية.

وقد حاولنا في هذه الدراسة تسليط الضوء على هذا العامل من خلال أربعة مباحث رئيسة؛ فتطرق المبحث الأول للطاقة وأهميتها الأمنية، في حين تناول المبحث الثاني أهمية اليمن النفطية وعلاقة ذلك بالصراع، ثم تناولنا في المبحث الثالث جغرافيا وأطراف الصراع المحلي وعلاقة ذلك بالطاقة، ونوقشت في المبحث الرابع علاقة المجتمع الإقليمي والدولي بالصراع في اليمن، ودور ملف الطاقة في التنافس السياسي والاقتصادي.

المبحث الأول: الطاقة.. الماهية والأهمية

الطاقة هي إحدى المقومات الرئيسة للمجتمعات، وتحتاج إليها القطاعات التنموية المختلفة، وبقدر ما اختصرت الطاقة عمليات التنقل والتصنيع وسهلتها بقدر ما أسهمت في ترسيخ حالة التنافس على مصادر النفط وطرائق تصديره.

أولاً: مفهوم الطاقة

تعد الطاقة “Energy” إحدى خصائص المادة التي يمكن تحويلها إلى شكل من أشكال العمل أو الإشعاع أو الحرارة، وتُعَرَّف بأنها قدرة المادة على إعطاء قوى قادرة على إنجاز عمل معين.

وعرفها ماكس بلانك بأنها مقدرة نظام معين على فعل إنتاج ما ونشاط خارجي، وفي تعريف آخر: هي عبارة عن كمية فيزيائية تظهر على شكل حرارة أو حركة ميكانيكية أو كطاقة ربط في أنوية الذرة بين البروتون والنيترون[1].

وتتنوع أشكال الطاقة ما بين طاقة كيميائية وتدخل فيها: البطاريات والفحم والغاز الطبيعي، وطاقة ميكانيكية كالطاقة المختزنة في الأشرطة المطاطية، إضافة إلى الطاقة الحرارية والشمسية والكهربائية والنووية وغيرها من أنواع الطاقة. كما تتعدد مصادرها ما بين مصادر متجددة، وهي المصادر الموجودة في الطبيعة والمتجددة تلقائياً، كالطاقة الشمسية مثلاً وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وطاقة الأمواج والطاقة الجوفية، ومصادر غير متجددة، وتسمى المصادر الناضبة، ويمثل هذا النوع 80 في المئة من مصادر الطاقة المستهلكة، نظراً لتوفرها وإمكانية تخزينها واستخدامها غير المكلف، ومن أهم أنواعها الفحم والغاز الطبيعي والنفط.

كما يعد النفط المصدر الأول للطاقة غير المتجددة، ويمثل 40 في المئة من الطاقة المستهلكة في العالم، ويليه الغاز الطبيعي الذي يمثل 23 في المئة من الطاقة المستخدمة، ويشكلان مع الفحم قرابة 80 في المئة من الاستهلاك العالمي، والنفط والغاز يتكونان من بقايا الحيوانات الميتة والنباتات، وهما الوقود الأحفوري المستخدم للتدفئة، ويستخدمان محركاً لوسائل النقل، كما يستخدم النفط الخام لصنع البلاستيك والمطاط ومستحضرات التجميل.

وعلى الرغم من المحاولات التي جرت لإيجاد بدائل أخرى للطاقة فيما أصبح يعرف بالطاقة المتجددة، فإن الطاقة المستخرجة من الوقود الأحفوري تظل تشكل أساس الطاقة العالمية، وقد شهد مطلع الألفية الثالثة استهلاك العالم لحوالي 11500 مليون طن من الطاقة، نصيب الوقود الأحفوري منها 9120 مليون طن، وهذا يعني أنه على الرغم من المكانة التي حظيت بها الطاقة النووية، فإن الوقود الأحفوري ما زال يتربع على عرش أهم مصادر الطاقة العالمية[2].

وتأتي أهمية الطاقة من حاجة الإنسان إلى التدفئة والضوء ونقل البضائع والمنتجات والصناعات المتطورة والأدوات المنزلية المختلفة، وتعد الطاقة من المواضيع الهامة، نظراً لاحتياج كل البشر إليها، حيث لا وجود للمصانع ووسائل النقل المختلفة وما يرتبط بها من مطارات وموانئ، من غير وجود الطاقة؛ العنصر الأهم في تطوير هذه الوسائل واستمرارها، حيث يذهب ثلثا الطاقة المستهلكة إلى قطاعي النقل والصناعة، وتعتمد وسائل النقل على المشتقات النفطية خاصة بنسبة 90 في المئة[3].

كذلك فإن الطاقة تشكل محركاً للتنمية الاجتماعية، وهي أساس التقدم والتنمية الاقتصادية، وتسهم في تشكيل الناتج المحلي الإجمالي للبلدان، بوصفها مصدر الثروة والتنافس السياسي، وقد أسهمت الطاقة في تغيير وجه العالم، فالفحم كان أساس قيام الثورة الصناعية في أوروبا، واكتشاف البترول والغاز غيّر المعادلة تماماً في العالم، وعلى هذا الأساس أصبحت الطاقة عنصراً مؤثراً في كل مجالات الحياة، وعاملاً مهماً من عوامل الصراع والتنافس العالمي.

ثانياً: الأهمية الأمنية للطاقة

تعد الطاقة عنصراً مهماً من عناصر الأمن القومي، وذلك لارتباطها بالاقتصاد لكونها المحرك الأساسي لاقتصاديات العالم، ويعد الأمن الطاقوي أحد المحددات المهمة للسياسات الخارجية للدول، وذلك من خلال تأمين مصادرها، ومواجهة المخاطر التي تعترض ممرات النفط العالمية، وقد شكل الصراع على مصادر الطاقة بنداً مهماً في العلاقات الدولية منذ اكتشافها، وأسهمت الثورة الصناعية في إعطاء هذا الصراع دفعة قوية جعلته يحتل مكانة بارزة في العلاقات الدولية، وفي الخطاب السياسي الدولي.

1. أمن الطاقة وأثره في الصراع

الأمن الطاقوي من المفاهيم الشائعة في الدراسات الأمنية، وهو من المفاهيم الحديثة، وقد استخدم بطريقة مباشرة خلال الحرب العالمية الأولى، وعلى الرغم من شيوع هذا المفهوم والاتفاق على فكرة أمن الطاقة فإن هناك اختلافاً في تعريفها، حيث يعرف أمن الطاقة تقليدياً بأنه “توفر الإمدادات الكافية والمعقولة والموثوقة من الطاقة”، وهذا التعريف على وضوحه فإنه لا يحيط بمختلف أبعاد أمن الطاقة.

وقد عرفته الأمم المتحدة عام 1999 بأنه “الحالة أو الوضعية التي تكون فيها إمدادات الطاقة متوفرة في كل الأوقات، وبأشكال متعددة وبكميات كافية وبأسعار مقبولة”، فيما يرى الباحث كسين شنغ ليو أن أمن الطاقة هو “أمن الإمدادات وأمن الطلب”، والمقصود بأمن الإمدادات ديمومة دخول المتاح لمصادر الطاقة العالمية، والمقصود بأمن الطلب كفاية استهلاك الطاقة وحماية البيئة[4].

هذه التعريفات المتعددة ربما تركز على جزئيات محددة تتعلق بالتوفير والكمية والأسعار، وهناك دعوة أن ينطوي فهم أمن الطاقة على ثلاثة أبعاد مركزية وهي[5]:

–  الوفرة: ينبع أمن الطاقة في المقام الأول من توفر الخدمات والسلع الطاقوية، وقدرة المستهلكين على تأمين الطاقة التي يحتاجون إليها. وتتطلب الوفرة وجود أسواق طاقوية، حيث يتاجر كل من المشتري والبائع بهذه السلع والخدمات، بشرط اتفاق الطرفين على مراعاة المصالح الاقتصادية والتجارية والسياسية وغيرها. ومع ذلك فإن قوة كل لاعب في السوق ومهارته في سبيله نحو تحقيق مصالحه الذاتية هو الذي يحدد شروط التجارة لحساب هذا الطرف وذاك.

– الموثوقية: تنطوي الموثوقية على مدى الحماية التي تتمتع بها خدمات الطاقة من الانقطاع، فالطاقة هي اللبنة الأساسية في النشاط الاقتصادي والحياة اليومية، ويهدد انقطاعها القدرة على تشغيل المصانع وإنارة المستشفيات وتدفئة المنازل باستمرار، ويشمل تعزيز الموثوقية الطاقوية تنويع مصادر التزويد وكذلك سلسلة التوريد المستخدمة في نقل الطاقة، والحدّ من الطلب عليها، وخلق خزانات للطوارئ، وتطوير المزيد من البنى التحتية.

– القدرة: يعاني في الواقع وبشكل مزمن ما يقارب 1.8 مليار نسمة في العالم مما يشار إليه أحياناً بفقر الطاقة، ومن الواضح أن الأمن الطاقوي بالنسبة إلى هؤلاء يختلف عن ذلك في العالم المتقدم، فهو بالنسبة لهم الوصول إلى الطاقة لتزويدهم بالاحتياجات الأساسية؛ كالمياه النظيفة والطبخ والإضاءة والنقل العام، في حين أن الأمن الطاقوي في الأجزاء الأكثر تقدماً يرتبط أكثر بموثوقية الإمدادات، والوصول إلى موارد الطاقة بكميات كافية، والقدرة على تحمل التكاليف، والحماية من انقطاع إمدادات الطاقة.

وبناء على ذلك، يعد مفهوم أمن الطاقة من المفاهيم الشائعة في الصراع الدولي في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وذلك نظراً للتوزيع غير المتكافئ لمصادر الطاقة الأحفورية على مستوى العالم، فالدول ذات الاقتصاديات الحديثة والمتطورة تعتمد على الطاقة الأحفورية بشكل متزايد؛ لمقابلة احتياجاتها بكميات كافية وأسعار معقولة، والدول التي تمتلك هذه المصادر تسعى لبيعها بأسعار مجزية وبالكمية التي تحددها، ومن هنا أصبحت المعادلة بين المنتجين والمستهلكين من الهواجس التي تهدد أمن الطاقة العالمي، إضافة إلى المخاطر التي تتعرض لها البنية التحتية لمصادر الطاقة، وعدم الاستقرار في الدول المنتجة، والعمليات الإرهابية المهددة، فمثلاً دفعت الحرب بين العراق وإيران في ثمانينيات القرن الماضي أمريكا إلى الحضور العسكري في منطقة الخليج لمراقبة إمدادات الطاقة في مضيق هرمز، كما أن المقاطعة العربية للغرب في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 لوقوفها إلى جانب الكيان الإسرائيلي كان لها أثرها في أمن الطاقة، حيث صرح وزير الخارجية الأمريكي حينها بقوله: إن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا كررت الدول العربية مقاطعة الغرب بالنفط، لأن ذلك يمثل تهديداً للأمن والاستقرار الدولي حسب الرؤية الأمريكية[6].

وهكذا أصبح تأمين موارد النفط يشغل اهتمام الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، وأصبحت من خلاله الدول النفطية ساحة تنافس، سواء الخليج العربي أو آسيا الوسطى أو بحر قزوين، إضافة إلى مناطق عبور هذه المنتجات، وقد لجأت الدول القوية في سبيل توفير احتياجاتها من الطاقة إلى قدراتها العسكرية في الضغط على دول الطاقة، وأدى هذا الصراع إلى صياغة البناء الجيوستراتيجي العالمي بالشكل الذي يؤدي إلى التحكم في موارد الدول الصغيرة، وقد أسهم الانتصار الأمريكي في الحرب الباردة في بناء نظام عالمي أحادي القطبية، حققت من خلاله التحكم في موارد الدول، من خلال الحضور العسكري في بحر قزوين والخليج والعراق وأفغانستان وغرب أفريقيا، تحت ذرائع مختلفة، ومحاصرة المساعي الروسية والصينية في التمدد الخارجي.

2. أمن الطاقة والسياسة الخارجية

يحتل أمن الطاقة مكانة بارزة في أولويات السياسة الخارجية للدول، وفي إطار سعي الولايات المتحدة إلى تطوير بدائل الطاقة المتجددة وإحلالها محل النفط، ركزت على التنقيب عن النفط في السواحل الأمريكية خلال إدارة باراك أوباما، ومع هذا حافظت على خططها الخارجية لتأمين إمدادات الطاقة من الخارج، وغني عن القول أن الولايات المتحدة ترى أن الحصول على الطاقة بكميات “معقولة” وبأسعار “مناسبة” جزء من أمنها القومي لا يمكن المساومة عليه، لارتباطه بسلام العالم، لهذا لجأت إلى تنويع أدوات سياستها الخارجية، وانتقلت في أثناء حكم أوباما إلى استخدام القوة الناعمة في المحافظة على أمنها القومي، بدلاً من القوة الصلبة التي انتهجتها في عهد بوش، كما سعت لتزويد حلفائها الأوروبيين باحتياجاتهم من الطاقة بدل الارتماء في أحضان موسكو[7].

وقد بدأ اعتماد الطاقة أداة في السياسة الخارجية منذ مدة، ويعد أول مثال على ذلك قرار عصبة الأمم المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية بحظر البترول على إيطاليا بعد عدوانها على الحبشة، أما المثال الثاني فتمثل في قرار رئيس وزراء إيران الدكتور محمد مصدق، عام 1951، بتأميم صناعة البترول، تلك السياسة كانت بمنزلة انتقال ثوري في منطلق العلاقات بين الدول المستوردة والدول المصدرة، إضافة إلى قرار جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس للملاحة البحرية لمدّة عام واحد، من عام 1956 إلى عام 1957، وقد لجأت بموجبه الدول إلى استعمال رأس الرجاء الصالح، لكن ذلك الأمر خلف لها العديد من المتاعب المالية والاقتصادية، وقد دفعت هذه الأزمة الدول الأوروبية إلى أن تتخذ قرارات جديدة[8].

كذلك فقد أصبح أمن الطاقة محدداً رئيساً للسياسات الخارجية للدول الكبرى في المنطقة، حيث استخدمت أمريكا سلاح الطاقة في مواجهة إيران والشركات المتعاونة معها، من خلال الحصار الاقتصادي على النفط الإيراني، وفرض العقوبات الأمريكية الجديدة في 2019، في المقابل كان الرد الإيراني بتهديد مرور الطاقة وحركة الشحن الدولية في مضيق هرمز ومياه الخليج، كما تمتلك إيران قدرات عسكرية يمكن أن تشكل تهديداً لأمريكا وحلفائها في المنطقة من خلال سيطرة الأذرع المسلحة التابعة لها على حدود الدول الخليجية في العراق وسوريا واليمن، ومن خلالها تُشن الهجمات المختلفة ضد المصالح والقواعد الأمريكية في منطقتي الخليج العربي والبحر الأحمر.

إضافة إلى ذلك فقد هددت روسيا في حربها على أوكرانيا المجتمع الأوروبي بقطع إمدادات الغاز عن ألمانيا وأوروبا في حال فرض حظر على صادراتها النفطية، كما امتنعت دول الخليج عن زيادة حصتها من الإنتاج لتغطية العجز الذي أحدثته الحرب الروسية الأوكرانية، وبهذا أصبحت الطاقة ورقة قوية من أوراق الصراع في السياسة الدولية، وأصبحت الطاقة عصب السياسة، ولا يمكن فهم خارطة الصراع السياسي، دون فهم طبيعة الصراع حول الطاقة.

المبحث الثاني: الأهمية النفطية لليمن

اليمن جزء لا يتجزأ من شبه الجزيرة العربية وإحدى الوحدات الجيولوجية المكونة للدرع العربي، وقد أثبتت الأبحاث والدراسات الجيولوجية أن الجزء الأكبر من الصخور التي في الجزيرة العربية هي صخور ذات خواص وتراكيب وأعمار جيولوجية مُلائمة لتوليد النفط وخزنه وحفظه، بناء على ذلك توالت الاكتشافات النفطية في اليمن منذ عقدي الثمانينيات والتسعينيات حتى ما قبل الحرب اليمنية عام 2014، وبالتحديد في حوض مأرب وشبوة والمسيلة والجوف.

أولاً: مراحل الاكتشافات النفطية في اليمن

تعود البدايات الأولى للاكتشافات النفطية في اليمن إلى الثلاثينيات من القرن الماضي، وقد مرت هذه الاكتشافات بثلاث مراحل[9]:

المرحلة الأولى: 1938 – 1980

تعود البدايات الأولى للأعمال الاستكشافية عن النفط في اليمن إلى عام 1938 من خلال شركة نفط العراق؛ التي نفذت بعض الأعمال الجيولوجية والجيوفيزيائية، وفي فترات مُتقطعة حتى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، في محافظتي حضرموت والمهرة، ونفذت كذلك شركة براكلا وديلمان، من ألمانيا الغربية، بعض الأعمال الاستكشافية في المنطقة الغربية لليمن في تهامة (الصليف والبحر الأحمر) 1952– 1954.

واستمرت الأعمال الاستكشافية في أوائل الستينيات من قبل عدد قليل من الشركات لتنفيذ بعض المسوحات في مناطق عديدة بالجمهورية، وحفر 31 بئراً استكشافيةً حينها، وقد كان لها نتائج إيجابية تشير إلى وجود مواد هيدروكربونية في المنطقة، وقد انسحبت تلك الشركات تباعاً بدون تحقيق نتائج، لأسباب ومُبررات مُختلفة.

المرحلة الثانية: 1981– 1990

في عام 1981 تمت المفاوضات والتوقيع مع شركة “هنت” الأمريكية على اتفاقية المشاركة في الإنتاج في منطقة مأرب/الجوف قطاع (18)، وكان لنتائج الجهود الاستكشافية والبحثية دور في تحديد مصايد نفطية مُحتملة وواعدة، وعلى ذلك بدأ نشاط حفر الآبار عام 1984 ليُكتَشَف على إثر ذلك النفط لأول مرة في تاريخ اليمن الحديث، وقد تم إنتاج النفط من هذا الحقل عام 1986.

بعد ذلك توالت الاكتشافات النفطية في عدد من مناطق اليمن كما في الجدول:

م المنطقة القطاع التاريخ الشركة المكتشفة الدولة
1 محافظة شبوة 4 1987 تكنو اكسبورت الاتحاد السوفييتي سابقاً
2 شرق شبوة 10 1987 توتال فرنسا
3 حليوة والنصرة 5 1989 تجمع شركات بإشراف شركة النفط اليمنية
4 المسيلة 14 1991 كنديان أوكسي (نكسن حالياً)

*الجدول من ترتيب الباحث ومصدره وزارة النفط اليمنية

 

المرحلة الثالثة: 1990 – 2007

كان لتحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو/أيار 1990 دور مهم وأساسي في نمو العمليات الاستكشافية، وقد حرم عدد كبير من الشركات النفطية العالمية من الاستثمار في مُختلف مناطق اليمن، نظراً لعدم توفر المناخ الاستثماري الملائم، وفقدان شروط الأمن والاستقرار وتكامل الإمكانيات.

في هذه المرحلة قُسِّمت مساحة الجمهورية اليمنية إلى قطاعات (بلوكات) مُتاحة للأعمال الاستكشافية المفتوحة أمام الشركات النفطية العالمية، وقد أثمرت تلك الأعمال الاستكشافية الآتي:

م النتيجة المنطقة القطاع العام
1 بدء الإنتاج وبناء المنشآت السطحية ومد خط الأنبوب للتصدير إلى ميناء بلحاف. غرب عياد 4 1991
2 اكتشاف حقل “سونا”، ومد الأنبوب إلى ميناء الضبة، وبدء الإنتاج والتصدير. قطاع المسيلة 14 1991-1993
3 بدء الإنتاج والتصدير من القطاع النفطي “جنة”. قطاع جنة 5 1996
4 اكتشافات خرير، وعطوف، ووادي تاربة. شرق شبوة 10 1997
5 اكتشاف النفط في قطاع “حواريم”. حواريم 32 1999-2001
6 بدء الإنتاج من قطاع شرق “سار” بحضرموت. شرق سار 53 2001
7 إعلان قطاع “S1” تجارياً ودخوله الإنتاج. قطاع دامي S1 2003
8 إعلان قطاع “51” تجارياً ودخوله الإنتاج. شرق الحجر 51 2003-2004
9 إعلان قطاع “43” تجارياً ودخوله الإنتاج. جنوب حواريم 43 2005
10 إعلان قطاع “9” تجارياً ودخوله الإنتاج. قطاع مالك 9 2005
11 إعلان قطاع “S2” تجارياً ودخوله الإنتاج. قطاع العقلة S2 2005

*الجدول من ترتيب الباحث ومصدره وزارة النفط اليمنية

 

أما الغاز الطبيعي فقد بدأ اكتشافه بالتزامن مع الاستكشافات النفطية في عام 1984 في القطاع (18) بحوض مأرب/ الجوف النفطي، ويقدر المخزون الغازي المكتشف في القطاعات النفطية المنتجة حتى يونيو/حزيران 2006 بحوالي 17.026 تريليون قدم مكعبة.

وقد أدى اكتشاف احتياطيات وفيرة من الغاز إلى التفكير في زيادة استثماره، حيث عملت وزارة النفط والمعادن اليمنية على تشجيع الاستثمار في هذا المجال من خلال إقامة المنشآت الإنتاجية لمادة غاز البترول المسال، وتوفير مستلزمات نقله، والمعدات والأجهزة اللازمة له، وذلك بهدف إحلاله محل مصادر الطاقة التقليدية الأخرى مثل الحطب والبترول والكيروسين. وقد تم التوقيع، في عام 1997، على اتفاقية تنفيذ مشروع تسييل وتصدير الغاز الطبيعي، الذي يعد واحداً من بين عشرين مشروعاً مماثلاً في العالم أجمع، وهو من المشاريع الاستثمارية الكبرى والتركيبة الأولى من نوعها للشراكة بين القطاعين الخاص والعام في اليمن[10].

* هيئة الاستكشاف وإنتاج النفط/ عدن

 

ثانياً: القطاعات النفطية في اليمن.. الفرص والتحديات

اتّسعت الخارطة النفطية في اليمن في العام 2013 لتشمل 105 قطاعات، منها 66 قطاعاً مفتوحاً للاستثمار بعد أن كانت عام 2000 تضم 63 قطاعاً فقط. وعدد القطاعات المنتجة 13 قطاعاً، أي ما يعادل 12 في المئة من إجمالي القطاعات، و23 قطاعاً استكشافياً تمثل 22 في المئة من حجم الخارطة النفطية[11]، لكنَّ هذه الأرقام تغيرت فيما بعد، بسبب تسارع الأحداث واندلاع الحرب في العام 2014.

1. القطاعات الإنتاجية والاستكشافية

ينقسم الإنتاج النفطي بين القطاعات النفطية المنتجة والقطاعات الاستكشافية، وتحتل ثلاثة قطاعات نفطية في اليمن نسبة 70 في المئة من الإنتاج، وهي القطاعات الموجودة في محافظات حضرموت وشبوة ومأرب، وهي:

القطاع الأول: قطاع المسيلة حضرموت، ويحتل المركز الأول بين القطاعات النفطية في الجمهورية اليمنية، ويمثل 39 في المئة من إجمالي الإنتاج النفطي.

القطاع الثاني: قطاع مأرب الجوف، ويمثل 19 في المئة من إجمالي الإنتاج النفطي.

القطاع الثالث: قطاع جنة بمديرية عسيلان محافظة شبوة، بنسبة إنتاج 12 في المئة.

وقد نُفذ في اليمن خلال الأعوام السابقة للحرب عدد من أعمال الاستكشاف من قبل 13 شركة نفطية عالمية، وتركزت هذه الأعمال في الأحواض التالية:

  • 12 قطاعاً في حوضي (المسيلة وسيئون).
  • 9 قطاعات في حوضي (السبعتين والحجر).
  • 3 قطاعات في حوض (حيزع – القمر).
  • قطاع في حوض (المكلا – سيحوت).
  • قطاع في حوض (تهامة)[12].

*المصدر: هيئة استكشاف وإنتاج النفط/ عدن

 

يتناول الجدول التالي أهم البيانات الإحصائية للقطاعات الاستكشافية والإنتاجية بين عامَي 2015 و2018، وهو آخر تقرير منشور في موقع الوزارة، مع ملاحظة أن هناك قطاعات غير داخلة في هذه الإحصائيات، وأن القطاعات الاستكشافية انخفضت مع نهاية 2020 إلى 11 قطاعاً استكشافياً، بسبب انسحاب الشركات المشغلة لها[13].

2. الفرص

يضطلع النفط بدور محوري في التنمية المحلية، لكونه من أهم مصادر النقد الأجنبي، وقد كان له دور مهم في الموارد اليمنية حتى عام 2014. ويضم اليمن كما سبق معنا “105” قطاعات، منها “13” قطاعاً إنتاجياً، وقد شكل هذا الجزء قبل الحرب 70 في المئة من إيرادات الدولة، مع حديث عن وجود مكامن متعددة تحتوي على كميات من المخزون النفطي.

*المصدر: هيئة استكشاف وإنتاج النفط/ عدن

يبلغ عدد الأحواض الرسوبية في اليمن اثنا عشر حوضاً موزعة في عموم الجمهورية اليمنية، المنتج منها فقط حوضان رسوبيان؛ المسيلة والسبعتين. وبحسب عدد من الخبراء فإن حوض الربع الخالي وحوض صنعاء وحوض جزيرة سقطرى وحوض المكلا، إضافة للأحواض البحرية على طول خليج عدن يبدو أن فيها أهدافاً هيدروكربونية مشجعة، إضافة لحوض تهامة الذي يعد حوضاً كربونياً واعداً، وفقاً لوجود التسربات على السطح، وكذلك شواهد النفط في العديد من الآبار الاستكشافية التي حُفِرَها في الحوض[14].

ووفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية[15] فإن اليمن يمتلك احتياطات نفطية مؤكدة تبلغ 3 مليارات برميل و17 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى ذلك فإن اليمن يحتل المرتبة الـ29 من بين الدول التي لديها احتياطيات نفطية مؤكدة، والمرتبة الـ32 من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، كما أن هناك معلومات حديثة[16] تشير إلى أن الاحتياطي المؤكد من النفط حوالي 5 مليارات برميل، و18 تريليون قدم مكعبة من الغاز، وهذه المعلومات تتعلق بالاحتياطي المؤكد، فضلاً عن المحتمل والممكن، وعلى الرغم من أنه لا يمكن مقارنة احتياطيات اليمن النفطية المؤكدة باحتياطيات البلدان المجاورة، لكنها كافية لتلبية الطلب المحلي والتصدير، وفي حال تفعيل بقية القطاعات فإن اليمن سيتقدم كثيراً في الإنتاج.

وقد توسعت الاكتشافات النفطية في اليمن في الفترات السابقة، ومع هذا لا تزال هناك قطاعات واسعة لم تلق حقها من الاهتمام، نتيجة جملة من التحديات الداخلية والخارجية كما سيأتي معنا، ومع هذا تظل فرص التوسع النفطي متاحة، في حال شهد اليمن حالة من الاستقرار الداخلي والاهتمام الخارجي.

ومن الشواهد على ذلك مبادرة حكومة التوافق الوطني، في العام 2013، عن طريق وزارة النفط والمعادن، حيث طرحت الوزارة عدداً من القطاعات للاستثمار، وقد أعلنت حينها وزارة النفط تأهل تسع شركات عالمية، وهي (هنت) الأمريكية، و(سيركل أويل) الإيرلندية، و(كوفبيك) الكويتية، و(بترا) البرازيلية، و(هيرتج أويل) البريطانية، و(باكستان أويل فيلدس ليمتد) الباكستانية، و(دي إن أو) النرويجية، و(جي واي بي) التركية، و(جيوبترول) البنمية، كما أعلنت شركات أخرى رغبتها في الاستثمار، ولكن هذه الشركات لم تستطع مباشرة العمل نظراً لتسارع الأحداث العسكرية[17].

وعلى الرغم من ظروف الصراع التي أعاقت إنتاج النفط كثيراً، فقد كشف وزير النفط والمعادن اليمني عبد السلام باعبود، في حوار مع جريدة الشرق الأوسط الدولية، في العام 2021، عن عودة 5 شركات نفطية عالمية للإنتاج بعد توقف لسنوات من جراء الانقلاب والحرب، إلى جانب استئناف شركات عالمية كبرى مختصة في خدمات الحقول النفطية، كشركتي “بيكرهيوز” و”شلمبرجر” العالميتين، لتستأنف نشاطها في اليمن، وأوضح الوزير أنه لأول مرة منذ الانقلاب حُفر عدد من الآبار الاستكشافية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 في قطاع 9 النفطي، إلى جانب إنجاز مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد بمساحة 269 كيلومتراً مربعاً في القطاع نفسه، إضافة لجهود الشركات الوطنية التي استعادت العمل منذ وقت سابق ومنها شركة صافر في قطاع 18 مأرب، وشركة بترومسيلة في قطاعات حضرموت[18].

هذه المؤشرات تمثل فرصة للعودة التدريجية لتفعيل الموارد اليمنية المكتشفة، وتوسيع الاكتشافات الجديدة، والاستفادة من الجهود والخبرات الحديثة، وتوفير الأجواء السياسية والأمنية المناسبة.

3. التحديات

من المخطط له أن تستمر جهود الإنتاج النفطي في اليمن، حيث تفيد تقارير وزارة النفط اليمنية أن ستة قطاعات استكشافية كان من المتوقع أن تصبح منتجة خلال السنوات الماضية، غير أن أعمالها الاستثمارية توقفت بسبب الحرب، كما تعاني الصناعات الاستخراجية عموماً،وفي مقدمتها النفط والغاز، عدداً من العوائق الداخلية والخارجية، على رأسها:

التحدي الأول: الملف الأمني

تتعدد التحديات الأمنية للإنتاج النفطي، وعلى رأسها تلك المرتبطة بالصراع القائم منذ عام 2014، حيث أدت الحرب في اليمن إلى تراجع كبير في صادرات اليمن من النفط والغاز، وكان الإنتاج اليمني من النفط قد وصل في أوائل العقد الواحد والعشرين إلى أكثر من 400 ألف برميل يومياً، لكن ظروف الحرب أثرت في عملية الإنتاج لتصل إلى ما بين خمسين ألف برميل وستين ألفاً يومياً، حسب تصريحات رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك[19].

إضافة إلى ذلك، فقد تعرضت البنية التحتية للنفط والغاز بين عامي 2012 و2013، لـ 78 هجوماً تخريبياً، مقارنة بـ 62 هجوماً خلال السنوات العشرين ما قبل 2012[20].

وفي ظل الحديث عن سعي المجتمع الدولي لإعادة تفعيل الموارد اليمنية، والتوجهات المحلية لتعزيز تصدير الموارد النفطية، تجددت أعمال استهداف أنابيب النفط، حيث أقدم مجهولون على استهداف خط أنبوب الغاز المسال في منطقة النشيمة في محافظة شبوة، في تحدٍّ يعد الأول منذ إعلان المجلس القيادي الرئاسي في 7/4/2022، أعقبه تفجير أنبوب آخر بمديرية ميفعة في محافظة شبوة، في 13/5/2022، فضلاً عن إحباط السلطات المحلية محاولات أخرى للتفجير، في مشهد يظهر أن له أبعاده المتعددة التي على رأسها عرقلة أي إجراءات لتعافي الاقتصاد المحلي وإحباط محاولات تفعيل الموارد النفطية اليمنية، كما أن هذه الحوادث تؤثر في توجهات الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار في اليمن، لتعيد إلى المشهد التفجيرات التي حدثت في الفترات السابقة، وخصوصاً بعد نقل السلطة من الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله صالح.

التحدي الثاني: الضعف الإداري وتعدد دوائر النفوذ المحلية

يعاني الملف النفطي في اليمن جملة من التحديات الإدارية والمالية، تتعلق بسوء التخطيط، وضعف الطاقة التخزينية، وعدم توفر مخزون تشغيلي واستراتيجي كافٍ لمواجهة الأزمات المتكررة، وضعف تطوير وتحديث وتوسيع المصافي المحلية، والاستنزاف، وعرقلة الاستكشافات، وضعف صيانة الآبار، وتأخر صدور قانون النفط والغاز، وضعف الكوادر والشركات المحلية، فضلاً عن تحديات الصراع، وانتشار السوق السوداء في أغلب المحافظات اليمنية، وغير ذلك من التحديات.

كذلك تسيطر على قطاعات النفط ومؤسساته دوائر نفوذ يمنية، ويفرض على الشركات المستثمرة شركاء آخرون محليون، وهذا ما جعل ملف النفط في اليمن أكثر غموضاً، وأدى ذلك إلى تراكمات الفساد وضعف الشفافية، سواء فيما يتعلق بالأرقام والإحصاءات الحقيقية، أو ما يتعلق بمعايير التعامل مع الشركات الأجنبية، التي أثرت في القدرة على تشجيع الاستثمارات، وحولت اليمن إلى بلد طارد للاستثمار، وصار المُتداول بين المهتمين بهذا المجال أنه لا تأتي إلى اليمن إلا شركات تحيط بها شبه فساد.

ومن أمثلة ذلك، بيع الغاز الطبيعي المسال بأسعار أقل من الأسعار السائدة في السوق العالمية، خلال حكم الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، حيث بيع الغاز لشركة “توتال” الفرنسية بدولار واحد، ولـ “كوغاز” الكورية بثلاثة دولارات لكل مليون وحدة حرارية، وقد كانت الأسعار العالمية حينها تتراوح ما بين 11 و12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية.

إضافة إلى ذلك فقد كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة في العام 2008، عن عمليات تهريب للمشتقات النفطية، وتضمن التقرير أسماء عدد من وكلاء لشركة النفط يمتلكون محطات خاصة، وأسماء الأشخاص الذين جرى تأجير المحطات لهم، وتضمن كذلك الكميات المسحوبة لهؤلاء الوكلاء من شركة النفط، والكميات التي بيعت، والكميات المهربة، إضافة إلى وجود تقارير برلمانية سابقة عن تنامي ظاهرة تهريب المشتقات النفطية إلى خارج الحدود اليمنية بالسعر العالمي، وشراء المشتقات النفطية بالسعر المدعوم داخلياً. وبحسب خطاب مجلس الوزراء أمام مجلس النواب في العام 2007، فقد قُدرت كميات المشتقات النفطية المهربة خارج الحدود بـ100 ألف طن متري شهرياً، وكانت تكلف الدولة شهرياً 18 مليار ريال يمني، حيث ذكر الخطاب أن 75 في المئة من مادة الديزل كانت تهرب للخارج[21].

وفي عام 2015، سيطر تنظيم “القاعدة” على ساحل حضرموت الذي فيه أهم منفذ لتصدير النفط، وهو ميناء الضبة النفطي، وعلى الرغم من أن الحكومة اليمنية الشرعية أعلنت توقُّف إنتاج النفط وتصديره 18 شهراً، فإن تقارير أشارت إلى أن “القاعدة” واصل تسويق النفط وبيعه في المكلا، وكان زعماء التنظيم على اتصال مع عملاء محليين أو سفن في البحر لإتمام الصفقات الخارجية[22].

ونتيجة للصراع في اليمن فقد سيطر القطاع الخاص في مناطق الشرعية وفي مناطق الحوثي على السوق النفطية، وتعددت بذلك وسائل التهريب والاحتكار والتلاعب بالأسعار، ويشارك في ذلك مسؤولون في الشرعية وقيادات حوثية كبيرة.

هذه الأمثلة تدل على أن بعض الملفات النفطية في اليمن تدار خارج إطار المؤسسات الرسمية للدولة، وأحياناً عن طريق تجار نفط محليين متعاقدين مع جهات داخلية وخارجية، ومن ثم فإن تعدد دوائر النفوذ داخل هذه المؤسسة يرسخ حالات الفساد المالي والإداري التي يعانيها الملف النفطي في اليمن، وهذا الأمر أتاح للمستفيدين استثمار الأزمات السياسية والاقتصادية في تحقيق الأهداف الخاصة، وإعاقة أي عملية لإعادة تطوير وتأهيل المنشآت النفطية في اليمن.

التحدي الثالث: التحدي الإقليمي

بخصوص ما يتعلق بالعامل الخارجي، فبحسب موقع وزارة النفط اليمنية نقلاً عن دراسات غربية يمتلك اليمن مخزوناً نفطياً كبيراً، وأكبر منبع نفط في العالم يوجد على الحدود السعودية اليمنية[23].

هذه المعلومة المشار إليها في موقع الوزارة تبدو غير مؤكدة بتقارير ميدانية رسمية، نظراً للانسحاب المتكرر للشركات الأجنبية من هذه المنطقة؛ لكن من ناحية المساحة يظهر أن حوض جنوب الربع الخالي الذي يبدأ من صحراء حضرموت مروراً بالجوف وأطراف صعدة، من أكبر الأحواض الرسوبية في اليمن، وقد نفذت شركة “هنت” في الثمانينيات اكتشافات عديدة في هذه المنطقة، وفي بداية التسعينيات نفذت “شركة فيليبس” مسوحات في الجزء الغربي، وفي عام 2009 انسحبت شركة “GSPC” الهندية من المنطقة بعد حصولها على حقوق الاكتشاف. وفي ظل هذا الانسحاب المتكرر يدور حديث عن تدخل إقليمي لمنع الإنتاج بسبب خلافات مع دول الجوار، كما سيأتي معنا، وبذلك فإن الملف النفطي في اليمن يواجه عدداً من التحديات؛ داخلية وخارجية.

المبحث الثالث: الصراع في اليمن: الجغرافيا والطاقة

يقع اليمن في الجهة الجنوبية الغربية لشبه الجزيرة العربية، ويتميز بموقعه الجغرافي الهام الذي يربط بين قارتي آسيا وإفريقيا، ويطل على بحر العرب وخليج عدن والبحر الأحمر بمساحة 2500 كم2، ويتميز اليمن بموقعه الجغرافي وتعدد الموارد المحلية وتنوع المناخ، وهذا ما يجعل منه منطقة استراتيجية في الإقليم.

أولاً: الصراع اليمني والدور المركزي للطاقة

يعاني اليمن حالة من الصراع السياسي والعسكري منذ الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول 2014، العام الذي قامت فيه جماعة الحوثي المدعومة من إيران بالانقلاب على السلطة الشرعية في اليمن والسيطرة على مؤسسات الدولة، والتمدد في كل المحافظات، وهو ما كان سبباً في تدخل قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، في السادس والعشرين من مارس/آذار 2015؛ بهدف تحرير اليمن من الانقلاب الحوثي، وانضم عدد من الدول العربية والإسلامية، لكن السعودية والإمارات تعدان أبرز دول التحالف، نتيجة وجود قواتهما داخل الأراضي اليمنية وإدارتهما للمعارك العسكرية، وتأثيرهما في القرار السياسي اليمني.

تتعدد عوامل الصراع في اليمن، حيث لا يبدو أن سبباً واحداً وراء الأحداث الجارية في هذه البقعة الجغرافية، غير أن دور النفط يعد عاملاً مركزياً من عوامل الصراع، ويسهم بدور كبير في استدامته، ويظهر ذلك من خلال:

1- أهمية اليمن النفطية

يأتي اليمن في المرتبة الـ29 من بين الدول التي لديها احتياطيات نفطية مؤكدة، وفي المرتبة الـ32 من حيث احتياطي الغاز الطبيعي، وسبق معنا أن اليمن يضم 105 قطاعات، منها 13 قطاعاً إنتاجياً، وفيه مساحات نفطية لم تُفعَّل إلى الآن، وهذا ما يجعله محط تنافس إقليمي ودولي للتحكم في هذه الموارد، حيث إن السعي لأن يكون اليمن دولة نفطية- بحسب عدد من الخبراء- يعد مشروعاً قابلاً للدراسة، ويتطلب جهوداً حثيثة واهتماماً بتوسيع أعمال التنقيب وتطويرها، والحد من عوامل الفساد وتفعيل الشفافية، وقبل كل ذلك استتباب الأمن والاستقرار، كما سبق معنا.

2- اليمن والجوار الخليجي النفطي

يجاور اليمن دول الخليج التي تمتلك ما يزيد على 54 في المئة من الاحتياطي العالمي من النفط، و23 في المئة من الاحتياطي العالمي من الغاز[24]، وأي انهيار أمني في اليمن سيؤدي إلى اختراق أمن الخليج، وهذا بدوره سيؤثر في إنتاج النفط وأسعاره، ولهذا كان أمن اليمن جزءاً لا يتجزأ من أمن الخليج، والمحافظة على أمن الخليج من مهمة المجتمع الدولي.

كذلك فإن اليمن يشرف على مساحات واسعة من البحر الأحمر، الذي يعد من أهم المناطق الاستراتيجية عالمياً؛ نظراً لموقعه الجغرافي الذي يربط بين ثلاث قارات؛ هي آسيا وإفريقيا وأوروبا، إضافة إلى موقعه المتوسط بين البحر الأبيض وبحر العرب، الذي جعل منه حلقة وصل بين ثلاث مناطق إقليمية؛ هي القرن الإفريقي والشرق الأوسط والجزيرة العربية، وهذا ما جعل أمن الخليج وأمن البحر الأحمر قضية واحدة[25].

3- موقع اليمن المطل على خط الملاحة الدولي

يتمتع اليمن بموقع جغرافي مهم، ويطل على خطوط الملاحة الدولية، وجزء كبير من صادرات العالم يمر عبر اليمن، من خلال مضيق باب المندب الذي يتحكم في الطرق التجارية بين الشرق والغرب، حيث تنقل عبره أوروبا نحو 60 في المئة من احتياجاتها من الطاقة، وتنقل الولايات المتحدة الأمريكية نحو 25 في المئة من احتياجاتها النفطية، كما تمر عبر مضيق باب المندب تقريباً عشرون ألف سفينة تجارية سنوياً، وهذا الأمر عزز الوجود العسكري الدولي في سواحل البحر الأحمر. إضافة إلى وجود الموانئ اليمنية الممتدة على طول الساحل اليمني الكبير، التي توفر منفذاً مهماً لتصدير النفط الخام، وأصبحت محل اهتمام إقليمي واسع، نظراً لإمكانية أن توفر بديلاً عن نقل الطاقة عبر مضيق هرمز.

4- الصراعات الإقليمية ومركزية النفط

هناك حالة من التناقضات والصراعات الإقليمية، وخاصة بين السعودية وإيران، اللتين تتنافسان على الدور الإقليمي وتسـعيان لبسـط استراتيجيتهما في المنطقة؛ فإيران تسعى إلى الوصول إلى المنافذ البحرية الرئيسة، وعلى رأسها باب المندب للسيطرة عليه، بالإضافة إلى هيمنتها على مضيق هرمز، وهذا الأمر سيمكنها من التحكم في طرق النفط في المنطقة، وتطويق السعودية من الجنوب من خلال السيطرة على اليمن، وقد استغلت إيران بقاء اليمن خارج المنظومة الخليجية، والصراعات اليمنية الداخلية، وحاولت توسيع نفوذها في اليمن من خلال الدعم الذي تقدمه لجماعة الحوثي، أملاً في السيطرة على اليمن وتطويق السعودية.

5- الصراعات الدولية وتنافس الطاقة

يعيش العالم صراعات متعددة، وحروباً اقتصادية متواصلة، وقد لا يكون آخرها الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز، وصاحبتها حزم متعددة من العقوبات الاقتصادية المتبادلة. هذه التحديات تضطر العالم إلى البحث عن موارد نفطية بديلة، خصوصاً بعد رفض منظمة “أوبك” رفع إنتاجها، وهذا الأمر يتطلب البحث عن تلك الدول التي لا تزال ربما بكراً في هذا المجال، والتنافس في التحكم في مواردها.

6- الاقتصار على تحرير المناطق النفطية

اقتصر التحرير على المناطق النفطية، فعلى الرغم من سيطرة الحوثيين على أغلب المحافظات اليمنية فإن الدور العسكري للتحالف، وخصوصاً الإمارات، اقتصر على تحرير المناطق الاستراتيجية في اليمن، كالسواحل اليمنية، ومحطات الغاز، وحقول النفط، والمدن المرفئية، ثم أتبع ذلك السيطرة على موانئ عدن والمكلا وبئر علي والمخا ومحطة بلحاف الغازية، كما سيطر على سقطرى اليمنية البعيدة عن مناطق الصراع، ووصلت قوات التحالف إلى المهرة في شرق اليمن، البعيدة عن الوجود الحوثي، ثم توقفت عمليات التحرير على الحدود الشمالية لجنوب اليمن، ومؤخراً استؤنفت العمليات العسكرية المدعومة من التحالف في نهاية العام 2021، إثر سيطرة الحوثيين على عدد من مديرات شبوة، لكنها توقفت بعد تحرير تلك المديريات كما سيأتي معنا.

7- استغلال ملف النفط في إشعال الاحتجاجات المحلية

يعد النفط ورقة سياسية للإطاحة بالحكومات اليمنية وإسقاط المسؤولين، وقد كان ارتفاع أسعار النفط أحد أهم الأوراق التي استخدمتها جماعة الحوثي في الانقلاب على الحكومة الشرعية، كما أن تخريب أنابيب النفط كان أحد أسباب اندلاع أزمة المشتقات النفطية بين عامي 2011 و2014، إضافة إلى دور العامل النفطي في تعدد الحركات الاحتجاجية كالهبة الحضرمية، وتصاعد الخلافات السياسية كالخلاف بين رئيس الوزراء معين عبد الملك ومحافظ حضرموت فرج البحسني، كما سيأتي معنا.

وعليه، فإن النفط يعد عاملاً مركزياً في الصراع اليمني، حيث تتعدد أدواره من منشئ للصراع إلى عامل من عوامل استدامته، ونتيجة لذلك فقد تأثرت الموارد اليمنية كثيراً بسبب الصراع القائم، وعُطل أكثرها، حيث تمت السيطرة على الموارد العامة للدولة في عدد من المحافظات اليمنية، وتُتَّهم التشكيلات العسكرية غير الرسمية باختطاف القطاعات والمحطات النفطية، والسيطرة على الموانئ والجزر والمطارات اليمنية، وهذا الأمر أسهم كثيراً في ارتهان القرار اليمني للدول الإقليمية؛ نتيجة تغييب موارد الدولة، واعتمادها على المساعدات والمعونات الخارجية.

ثانياً: أطراف الصراع المحلية وجغرافيا الطاقة

تتعدد التشكيلات المسلحة في اليمن بتعدد أطراف الصراع المحليين في اليمن، وقد حرصت الحكومة على توحيد الجيش الوطني ودمج المقاومة الشعبية ضد الحوثي في إطار الجيش، ومع هذا لا تزال التشكيلات المسلحة غير الرسمية تفوق من حيث العدد والإمكانات ومساحة السيطرة قدرات الجيش الوطني، ولعل ذلك يعود إلى عدد من العوامل، على رأسها التدخلات الخارجية المؤيدة لهذه التشكيلات، وعلى الرغم من نص اتفاق الرياض، الذي وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، على توحيد القوات العسكرية، وضم التشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لوزارة الدفاع اليمنية وترقيمها، وإصدار القرارات اللازمة، تحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، خلال 60 يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق، فإن ذلك لم يحدث.

مؤخراً، وبعد تأسيس المجلس القيادي الرئاسي أدرجت مهمة توحيد القوات المسلحة وإنهاء الانقسام في صدارة مهام المجلس، وخصوصاً تلك التي تم تمثيل قيادتها في المجلس، لكن لا تزال هناك جملة من التحديات تعترض هذا التوجه، ولا تزال أغلبيتها محافظة على وجودها العسكري وسيطرتها على الموارد الحيوية داخل نطاقها الجغرافي، ويبدو أن هذه المهمة ستأخذ وقتاً طويلاً للتحقق.

1- الجيش الوطني والحكومة اليمنية

تأسس الجيش الوطني عقب الانقلاب على الحكومة الشرعية في صنعاء، وتتوزع سيطرته على مناطق متفرقة من محافظتي مأرب وتعز وجبهات القتال التابعة لهما هناك، إضافة لسيطرته على الأطراف الشمالية من محافظة حجة وأجزاء من محافظة الجوف، وانتشاره في محافظتي حضرموت والمهرة.

تسيطر الحكومة على شركة النفط والغاز الوطنية الرائدة في اليمن المعروفة بشركة “صافر”، التي تعد أكبر منتج للغاز الطبيعي وثاني أكبر منتج للنفط في اليمن، وتأسست الشركة في 23 /3/1997، وقد منحت الشركة في العام 2005 حقوق الملكية الحصرية لعمليات إنتاج النفط والغاز في القطاع الأول من مربع 18 في حوض مأرب. ومنذ عام 2009 فصاعداً وصلت صافر إلى أعلى مستويات إنتاجها من برميل النفط المكافئ وتسليمه، وأصبحت الشركة من عام 2013 توفر خدمات شاملة لليمن ومواطنيها تصل إلى أكثر من 40،000 برميل من النفط يومياً، و2.4 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي في اليوم، و28000 برميل من غاز البترول المسال في اليوم الواحد، وبهذا يعد إنتاج صافر هو المصدر الأساسي للاقتصاد اليمني[26].

أدت الأحداث العسكرية وغياب الحكومة عن المشهد إلى توقف الشركات النفطية كلها، وقد استؤنف الإنتاج في العام 2017، وأصبح إنتاج شركة صافر ما يقارب 10 آلاف برميل يومياً، إضافة إلى أنها لا تزال المزود الرئيس للغاز المسال في اليمن.

إضافة إلى ذلك، يبدو أن الحكومة أهملت خط أنبوب نفط صافر الممتد إلى البحر الأحمر، الذي كان يمر النفط عبره إلى رأس عيسى، بطول 438 كيلومتراً، ومنه يُصدَّر النفط للخارج، حيث يتعرض الأنبوب لعلميات تخريب ممنهجة، لسحب النفط الخام من الأنبوب وبيعه في السوق السوداء، وتقدر سعة النفط في هذا الأنبوب بما يقارب مليون برميل منذ توقف عملية التصدير في العام 2014[27].

كما عانى ملف النفط في اليمن من غياب الجمارك، وبحسب تصريحات رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، فمنذ بداية الحرب لا تُدفع الجمارك على المشتقات النفطية لميزانية الدولة، إلى أن أعيد تفعيلها في أغسطس/آب من العام 2019، كما أنه لا تزال بعض المنافذ خارج سيطرة الدولة[28].

هذه المعلومات تفسر في مجملها دور الملف النفطي في استدامة الصراع، نتيجة غياب حضور الدولة، حيث وفر الانفلات الأمني فرصة للتحكم في الموارد، خصوصاً بعد الحديث عن غياب تقارير بعض القطاعات النفطية، واحتكار تجار محددين للملف النفطي في اليمن ومن بينهم مسؤولون في الحكومة، وهو ما أدى إلى استمرار الصراع، نتيجة ربما رغبة بعض الأطراف المحلية في الاستفادة أكثر من غياب دور الدولة الرقابي.

2- الحوثيون

تعود نسبة الحوثيين إلى بدر الدين الحوثي، الأب الروحي للجماعة، وقد ظهر هـذا المصطلح في مدينة صعدة شمال اليمن، ونُسب إليه عدد من المنتمين للمذهـب الزيدي، وقد مرت الجماعة الحوثية بعدة مراحل، وفي كل مرحلة من مراحلها ظهـرت باسم غير الاسم الذي سبق، ففي البداية ظهـرت الجماعة باسم تنظيم الشباب المؤمن، الذي أسس في بداية التسعينيات، بوصفها جماعة علمية زيدية تهـتم بالبناء الفكري الواسع وتأسيس المدارس العلمية، تلت هذه المرحلة مرحلة المواجهـة العسكرية مع الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، وهـي المرحلة التي استمرت حتى عام 2009، ثم تحولت الجماعة بعد ذلك إلى الحكم بعد استيلائها على السلطة في العام 2014.

ترى جماعة الحوثي أن الحق في حكم اليمن لها، بناء على رؤيتهم السياسية المبنية على أن الحكم لذرية الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب، وتسعى لفرض ذلك بقوة السلاح، وقد قامت بالانقلاب على الحكومة الشرعية في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول 2014، حيث استغلت جماعة الحوثي الارتفاع المحدود في أسعار المشتقات النفطية للقيام بالانقلاب على الحكومة الشرعية.

منذ ذلك الحين يسيطر الحوثيون على محافظات الشمال باستثناء صحراء الجوف ومحافظة مأرب التي يحاصرونها من عدة جهات، وباستثناء كذلك أجزاء من محافظات حجة والضالع ومديريتي حيس والخوخة في الحديدة.

وقد تمكن الحوثيون، في مارس/آذار 2020، من السيطرة على محافظة الجوف الغنية بالنفط، وكانت السيطرة على الجوف حلماً يراودهم من قبل، حيث اشترطوا ضم الجوف وصعدة في إقليم واحد، ضمن أقاليم رؤية الدولة الاتحادية التي انبثقت عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد في صنعاء قبل الانقلاب الحوثي، لكن جاءت المخرجات على خلاف ما كانوا يأملون.

وسعى الحوثيون كذلك بكل قوة للسيطرة على محافظة مأرب، وتطويقها من عدة محاور، إذ إن سيطرتهم على المحافظة- وفق رؤيتهم- ستمكنهم من كسب ورقة رابحة، وفرض شروطهم في أي مفاوضات قادمة، كما أنها ستوفر لهم دخلاً إضافياً لكونها محافظة نفطية، وفي سبيل ذلك خسرت الجماعة عدداً من مقاتليها على أبواب المحافظة منذ سبع سنوات، أملاً في الوصول إلى نفط المحافظة الذي سيدر عليها ثروات تعزز من ميزانيتها وموقعها السياسي، وهم كذلك يربطون أي مفاوضات سياسية بالحصول على حصتهم من نفط مأرب.

هذا وتسيطر جماعة الحوثي على ميناء رأس عيسى الواقع على البحر الأحمر بمحافظة الحديدة، ويمثل خزاناً عائماً مؤهلاً لتحميل وشحن السفن بالنفط الخام لأغراض التصدير، وكان نفط مأرب/ الجوف (القطاع 18 بمأرب) ونفط قطاع جنة (قطاع 5)، وبعض الحقول المجاورة، يُضَخُّ إلى هذا الميناء عبر خط أنبوب على مساحة 439 كيلومتراً، منها 9 كيلومترات في المغمورة، ليرتبط بالباخرة صافر في البحر الأحمر، وسعته التخزينية 3 ملايين برميل، وقطر 24-26 بوصة، وهو أول ميناء أنشئ وضخ النفط إليه في اليمن عام 1985-1986[29].

سيطرت جماعة الحوثي على هذه الباخرة، ومن حينها لم تخضع للصيانة، وهي في حالة تدهور مستمر، وهناك تحذيرات محلية ودولية من تسرب النفط منها، الذي من المتوقع أن تترتب عليه نتائج كارثية على المناطق المطلة على البحر الأحمر، وقد حذر عدد من المنظمات الدولية من خطورة تسرب النفط من الناقلة، ومنها الدراسة التي أجرتها منظمة السلام الأخضر البيئية ((Greenpeace، حيث أكدت الدراسة أن الأزمة الإنسانية يمكن أن تطال الملايين بسبب التسرب، وقالت الدراسة إن النفط المتسرب سيؤثر في اليمن وإرتيريا والسعودية، وستتأثر منه جيبوتي والصومال، وأكدت الدراسة أن النفط الخام يحتوي على مواد مسرطنة، وسيكون لها تبعات طويلة المدى[30].

تتخذ جماعة الحوثي من الناقلة ورقة ابتزاز وضغط على المجتمع الدولي والحكومة اليمنية، وتحرص على الاستفادة من النفط الموجود فيها لحسابها ولتغطية جبهات القتال، وتشترط السماح بزيارة واحدة للتفتيش والصيانة في آن واحد، كما تقدم الحكومة اليمنية عدداً من المقترحات ومنها تفويض الأمم المتحدة في الاستفادة من عائدات النفط الموجود على الناقلة في دفع مرتبات الموظفين ودعم العمليات الإنسانية في البلاد، لكن ذلك لم يلق أي تجاوب من قبل جماعة الحوثي، أو ضغط من الجهات الدولية.

إضافة إلى ذلك فقد استفادت جماعة الحوثي من تجارة النفط عبر الشركات الخاصة التابعة لقياداتها، والتي تهيمن على تجارة النفط في مناطق سيطرة الجماعة بالكامل، وقد أنشئت هذه الشركات بعد قرارات الجماعة بتحرير سوق الوقود عام 2016. وبحسب تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن في العام 2012، فإن شركة “تامكو” تسيطر على أكثر من 30 في المئة من سوق استيراد الوقود إلى الحديدة، وتزود هذه الشركة شركة “ستار بلس” المملوكة لشركة الفقيه وشركائه، والفقيه موظف لدى صلاح فليته، شقيق المتحدث باسم عبد الملك الحوثي، حسب تقرير الخبراء[31].

وقد كشفت مبادرة استعادة اليمن  (Regain Yemen)في تقرير جديد لها، عن تورط هذه الشركات مع بنوك وشركات صرافة محلية لتهريب النفط الإيراني وغسل الأموال لتمويل الحوثيين، وأوضح التقرير أن الحوثيين عملوا على إقصاء رجال أعمال يمنيين وتقريب آخرين ينتمون إليهم، وإنشاء شركات نفطية بهدف التحايل على العقوبات الدولية والأمريكية. وذكر التقرير أن نحو 30 شركة يتخذها الحوثيون واجهة لاستيراد النفط الإيراني، كما أن تلك الشركات تعمل مع شركات وسيطة مقابل حصول الأخيرة على فوارق أسعار كبيرة ما بين سعر الشراء وسعر البيع في المحطات، وأشار التقرير إلى أن الشركات الوسيطة سُجلت بأسماء قيادات حوثية من الصف الثاني والثالث كرجال أعمال مستحدثين، وفتحت لهم حسابات مصرفية في البنوك التجارية الواقعة تحت سيطرتها، بعد أن عطلت دور إدارة مكافحة غسل الأموال في البنك المركزي، ومن أبرز تلك الشركات الوسيطة: ستار بلاس وبلاك دايموند، التي يملكها صلاح فليتة، ويتبع شركة بلاك دايموند عدد من الشركات الأخرى، منها شركة وزراكون للاستيراد، والمركز التجاري، وشركة توب فود، وشركة جود هيبر التجارية، حيث فتحت لها حسابات في البنوك لممارسة الأعمال التجارية دون التحري أو التدقيق حسب المعايير الدولية للبنوك[32].

هذه الهيمنة الحوثية على تجارة النفط في مناطق سيطرتها فاقمت سوء الوضع الإنساني في مناطق سيطرة الجماعة، وأسهمت في رفد ميزانيتهم، كما أن الحشد الحوثي للسيطرة على منابع النفط في اليمن تغذيه عائدات سوق النفط والغاز الذي تسيطر عليه قيادات الجماعة، بعد سماح المجتمع الدولي والحكومة اليمنية لهم بالاستيراد، بشرط الخضوع للرقابة وتحويل العائدات الضريبية للبنك المركزي في عدن، وهو ما لم يحدث، ثم سُمح لهم بعد ذلك بالاستيراد بشرط تحويل الضرائب لبنك الحديدة وتسليم مرتبات موظفي الدولة، وهو ما لم يحدث كذلك.

كما أن تهديد وضرب المنشآت النفطية في السعودية والإمارات من قبل جماعة الحوثي، الذي كثفته الجماعة في الفترة الماضية، يوضح أهمية ورقة النفط في الصراع الحالي، والدور الحوثي المرتبط بإيران في التركيز على الملف النفطي داخلياً وخارجياً، وتهديد الأمن الطاقوي في المنطقة.

3- القوات المشتركة (قوات طارق صالح والقوات التابعة لها)

بعد مقتل الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح، في 4 ديسمبر/كانون الأول 2017، وفك الارتباط بين المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) وجماعة الحوثي، غادر عدد من القيادات السياسية والعسكرية العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وعلى رأسهم العميد طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس الأسبق، الذي بدأ من حينها العمل على تأسيس تشكيلات مسلحة تابعة له، سُميت في بداية الأمر “حراس الجمهورية”، وأعلن استكمال تأسيسها في 19 أبريل/نيسان 2018، وقد انطلقت عملياتها من مفرق المخا غرب تعز، وكان الهدف من هذه العملية تحرير الشريط الساحلي الغربي، لكن العملية لم تكتمل، نتيجة التوقيع على اتفاق استوكهولم في 18 ديسمبر/كانون الأول 2018.

فيما بعد انضم عدد من التشكيلات المسلحة الأخرى لحراس الجمهورية، وشُكِّل ما سميَ بـ”القوات المشتركة”، وأُجبرت “ألوية العمالقة” على الانضمام لقوات طارق صالح على الرغم من ممانعتها في البداية، وتضم “ألوية العمالقة” مجاميع مسلحة أغلبها من التيار السلفي، يصل عددها إلى 12 لواء، يضم اللواء بين 3600 و1800 جندي، وقد شاركت هذه القوات في تحرير باب المندب وميناء المخا، وبرز دورها أكثر في معركة الساحل الغربي.

وعلى الرغم من ضم هذه القوات للمنطقة العسكرية الرابعة فإنها تتلقى الدعم والإسناد والتوجيهات من الإمارات، وقد فرضت الإمارات القيادي السلفي أبو زرعة المحرمي قائداً لهذه القوات، الذي عُين فيما بعد نائباً في المجلس القيادي الرئاسي.

مؤخراً قامت قوات العمالقة بتحرير مديريات بيحان وعسيلان والعين في محافظة شبوة النفطية في نهاية العام 2021، بعد أن سيطرت عليها جماعة الحوثي، وعلى الرغم من سيطرة الحوثيين المستمرة على عدد من المناطق اليمنية وتوقف عمليات التحرير لسنوات، فإنَّ قوات التحالف استأنفت العلميات، وهو ما يفسر أن هناك حسابات خاصة في عملية التحرير، خصوصاً أن حقل “جنة هنت” النفطي -ثالث حقل منتج حالياً- يقع في مديرية عسيلان، وقد سيطرت عليه جماعة الحوثي، وهو ما استنفر قيادات التحالف لتحرير تلك المديريات. فيما بعد تسلمت قوات اللواء السابع عمالقة حماية الحقل والمناطق القريبة منه، وهذا الأمر ربما يفسر كيف سُمح ابتداء لتلك المناطق بالسقوط بيد الحوثيين، ثم الدوافع من وراء عملية التحرير التي توقفت بمجرد تأمين تلك المديريات.

كما تضم القوات المشتركة ألوية المقاومة التهامية، وهي قوات منحدرة من إقليم تهامة، وقد دُمج بعضها في إطار القوات المشتركة، وسُرِّح بعضها الآخر نتيجة رفضهم الانضمام لهذه القوات، وتتخوف قيادة المقاومة التهامية مما أسمتها أطماع طارق صالح[33].

اختيار الساحل الغربي مقراً للقوات المشتركة يأتي في إطار السعي للسيطرة على الجزر والموانئ اليمنية، والتحكم في صادرات النفط وطريق الملاحة الدولي، من خلال السيطرة على الجزر المطلة على باب المندب، إضافة إلى الحديث عن أهداف إماراتية لاستثمار القطاعات النفطية البحرية، كما سيأتي معنا في المبحث الرابع، وبحسب عضو مجلس النُّواب ومحافظ تعز الأسبق، علي المعمري، في لقاء مع برنامج بلا حدود في قناة الجزيرة[34]، فإن طارق صالح يعمل على إدخال مشتقات نفطية مهربة، من خلال الاستيراد غير القانوني، ويقوم ببيعها لحسابه، وقد مثل وجود هذه القوات في الساحل الغربي فرصة للتعامل المباشر مع السفن غير القانونية، مستفيداً من ميناء المخا والبنية التحتية للدولة في تخزين المشتقات النفطية وتحقيق أهدافه الخاصة.

4- المجلس الانتقالي الجنوبي

يعد المجلس الانتقالي المظلة السياسية للتشكيلات المسلحة غير الرسمية في المحافظات الجنوبية، وقد تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي في 11 مايو/أيار 2017، بدعم من الإمارات، ويضم عدداً من التشكيلات المسلحة غير الرسمية التي تسيطر على مدينة عدن وجزيرة سقطرى وأجزاء من محافظات الضالع وأبين ولحج وشبوة وحضرموت، وقد حاول المجلس الانتقالي من خلال هذه التشكيلات التابعة له تحقيق عدد من الأهداف النفطية، على رأسها السيطرة على جميع المحافظات الجنوبية والشرقية، سعياً لفرض أمر واقع في تلك المحافظات، وإعلان انفصالها عن اليمن.

يتبع المجلس الانتقالي عدد من التشكيلات المسلحة، على رأسها النخبة الشبوانية، التي أسست في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، في محافظة شبوة الواقعة في منطقة مركزية بين جنوب اليمن وشماله وشرقه، وفيها أهم الحقول النفطية والمنشآت التابعة لها، ومِن أهمها منشأة بلحاف الاستراتيجية، المخصصة لتصدير الغاز المسال، وهي “مجموعة غير نظامية تتلقى توجيهاتها مِن غير الحكومة الشرعية”، حسب تصريحات محافظ محافظة شبوة السابق محمد بن عديو[35].

وقد جرى تشكيل قوات النخبة الشبوانية مِن المناطق التي فيها كل ثروات محافظة شبوة مِن النفط والغاز، وخطوط نقل الغاز مِن مأرب إلى شبوة، وخط نقل النفط مِن منطقة (العَلَم) إلى منطقة (النُّشيمة). ويوجد في هذه المناطق الشريط السَّاحلي، ومشروع الغاز في بلحاف، وميناء بلحاف، وموانئ أخرى، ومواقع تصلح لإنشاء موانئ بمواصفات عالمية. وتتحكم هذه المجموعات في الخطِّ الدّولي الرَّابط بين شبوة والسعودية، وتتحكم في الاتجاه إلى وادي حضرموت وصحراء الربع الخالي، وكل المطارات المدنية والعسكرية في شبوة هي في هذه المديريات، إضافة إلى المصالح والمشاريع الحيوية والمناطق السياحيَّة والأثرية[36].

وقد حاولت قوات النخبة الشبوانية السيطرة على مركز المحافظة في عهد المحافظ محمد صالح بن عديو أكثر من مرة لكنها لم تتمكن من ذلك، وبعد تعيين محافظ شبوة الجديد عوض بن الوزير العولقي في نهاية العام 2021، تم تغيير اسم النخبة الشبوانية إلى قوة دفاع شبوة، والدفع بها نحو عتق للسيطرة عليها، وإحكام السيطرة على المحافظة.

وتتبع للمجلس الانتقالي كذلك الأحزمة الأمنية، وهي تشكيلات أمنية أسست في محافظة عدن ومحافظات لحج وأبين والضالع، منذ مارس/آذار 2016، وتسيطر على المشهد السياسي والعسكري في أغلب تلك المناطق، في غياب شبه تام للقوات التابعة للحكومة، وقد سعى المجلس الانتقالي من خلال هذه الأحزمة إلى خصخصة شركتي النفط الوطنية ومصافي عدن، والسيطرة على أصولهما، حيث رفض المجلس الانتقالي التعيينات الحكومية في هذه الشركات، وحرص على تعيين قيادات موالية له.

5- الاستثناء الحضرمي

تعد محافظة حضرموت من أهم المحافظات اليمنية مِن حيث المساحة والثروة، فهي المحافظة الأكبر مساحة في اليمن، إذ تبلغ مساحتها حوالي 193,032 كيلومتراً مربعاً، وتمثل قرابة ثلث اليمن، وتمتلك ثروات نفطية كبيرة، حيث كانت تنتج قبل الحرب ما يقارب 355 ألف برميل يومياً، لكن إنتاجها تضاءل بعد الصراع، ويصدر أغلبه للخارج.

تأسست في المحافظة قوات النخبة الحضرمية في العام 2016، وتنتشر في ساحل حضرموت، وهي تتبع للمنطقة العسكرية الثانية، لكنها “تعمل إلى حدٍّ كبير خارج سيطرة هذه الأخيرة”[37]، حسب تقرير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن في يناير/كانون الثاني 2017، ووصفها وزير الخارجية اليمني السابق، محمد عبد الله الحضرمي، بـ”الميليشيا”، وذلك في تغريدة له على تويتر، نشرتها الصفحة الرسمية للوزارة، على إثر خلاف بين الحكومة اليمنية وقوات النخبة التي اعترضت حاويات العملة الخاصة بالبنك المركزي، حيث قال: “حادث تحويل مسار حاويات العملة الخاصة بالبنك المركزي، يوم أمس، من قبل ميليشيات مسنودة بقوات إماراتية من ميناء المكلا واحتجازها في مقرها أمر مرفوض، وخارج عن مهامها التي جاءت من أجلها”[38].

تنشط في محافظة حضرموت شركة “بترومسيلة”، الشركة الوطنية الرائدة في اليمن في مجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز والمشاريع المتصلة بقطاع الطاقة. وقد أُسست في 18 ديسمبر/كانون الأول 2011 بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 244 للعام 2011 لتشغيل القطاع 14 بعد انتهاء اتفاقية المشاركة في الإنتاج مع المشغل السابق (شركة كنديان نكسن).

تقوم الشركة حالياً بتشغيل القطاعات 10 و14 و51 و53 في محافظة حضرموت. وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016 مَنح قرار مجلس الوزراء رقم (32) للعام 2016 شركة بترومسيلة تكليفاً لتشغيل القطاع 53، وفي 20 يوليو/تموز 2018، وبتوجيه رئيس الجمهورية اليمنية السابق عبد ربه منصور هادي، وقّعت شركة بترومسيلة مذكرة تفاهم مع شركة جنرال إلكتريك لإنشاء محطة كهربائية بقدرة 264 ميجاوات في عدن[39].

وتدير شركة “بترومسيلة” ميناء الضبة لتصدير النفط الخام الواقع على ساحل البحر العربي الذي يجري فيه تجميع وتصدير النفط الخام الذي تنتجه الشركة، وكذلك من قطاعات إنتاجية أخرى في المنطقة، ويُنقل عبر خط أنبوب يمتد بطول 137 كيلومتراً.

ويقع ميناء ضبة في مدينة الشِّحر بمحافظة حضرموت، ويعد أكبر ميناء نفطي على مستوى اليمن، وهو مجهز بجميع الإمكانات المتعلقة باستقبال السفن العملاقة، ورسوها، وشحنها.

يشرف على هذه القطاعات النفطية قوة حماية الشركات التابعة للنخبة الحضرمية، ويبدو أن وضع قوات النخبة الحضرمية يشبه إلى حد بعيد وضع المحافظة وعلاقتها بالمجلس الانتقالي، حيث تتواجد قوات النخبة في إطار المنطقة العسكرية الثانية، وتنشط من خلالها في تنفيذ أهدافها العسكرية والأمنية، وتكثف قوات النخبة الحضرمية من وجودها حول القطاعات النفطية في المحافظة، وخاصة ميناء الضبة النفطي، الذي يشرف عليه لواء الضبة التابع للنخبة الحضرمية، ويتحكم في الطريق الرابط بين مدينة المكلا ومديريات حضرموت الشرقية.

في نفس الوقت، يدير المحافظة والقوات العسكرية فيها اللواء فرج البحسني محافظ المحافظة وقائد المنطقة العسكرية الثانية وعضو المجلس القيادي الرئاسي، وقد حرص المحافظ على موازنة علاقاته المحلية بين أطراف الصراع المتعددة، ويُقدم نفسه على أنه رجل الشرعية اليمنية، وفي نفس الوقت يحتفظ بعلاقة جيدة مع المجلس الانتقالي ومع السعودية والإمارات، ويحرص على الاستفادة من التناقضات المتعددة في بسط حضوره في المحافظة.

ومع تردي الخدمات الأساسية في المحافظة يتجدد الخلاف بين البحسني والحكومة الشرعية بين حين وآخر، حول إيرادات المحافظة، لا سيما النفط، حيث تعاني حضرموت من تردي الخدمات الأساسية، ويتساءل أبناؤها دائماً عن مصير الإيرادات، وهناك تهديدات متكررة من قبل المحافظ بإيقاف تصدير النفط في حال لم تتجاوب الحكومة مع مطالب المواطنين في حضرموت، فيما يتهم المجتمع المحلي المحافظ بأنه المسؤول الأول عن إدارة الموارد في المحافظة، وعليه، فيبدو أن دور المحافظ يفوق دور المجلس الانتقالي في حضرموت، نظراً لعلاقة البحسني المباشرة بدول التحالف، ويظهر أن ثمة إجماعاً إقليمياً ودولياً على بقاء حضرموت الساحل بهذا المستوى، وعدم إغراقها في الصراع أكثر، والاستفادة من مواردها في تغطية مرتبات موظفي الدولة، ورعاية أنشطة الحكومة المحدودة فيها.

المبحث الرابع: التنافس الإقليمي والدولي على الطاقة ودوره في الصراع اليمني

الحضور الدولي والإقليمي في الملف اليمني يرجع إلى عدد من الأسباب التي كان لها دور في تكثيف هذا الحضور الإقليمي، ويأتي على رأسها أهمية المنطقة عموماً، وأهمية اليمن سياسياً واقتصادياً وأمنياً في هذه الدائرة الاستراتيجية، إضافة إلى إشكالية النفط الذي أدى التنقيب عنه في الثمانينيات، خصوصاً في المناطق الحدودية، إلى خلافات مع دول الجوار، وقد تمكن الشطر الجنوبي حينها من الاتفاق على تسوية الخلافات مع سلطنة عمان، في حين استمر الخلاف مع السعودية.

مؤخراً وفي ظل الأزمة التي يعيشها اليمن تمكنت قوات التحالف العربي من استعادة المحافظات النفطية، كما حصل في شبوة وأطراف مأرب، واستعادة مدينة المكلا عاصمة حضرموت بعد أن سيطر عليها تنظيم القاعدة، وبقيت المحافظات الأخرى بيد الحوثيين، ما يوحي بأن هناك حسابات أخرى تحتل موقعاً مهماً في المعادلة السياسية والعسكرية في اليمن.

أولاً: أبعاد الدور الإقليمي في اليمن وعلاقته بالطاقة

البعد النفطي في الحضور الإقليمي والدولي في الملف اليمني حاضر وبقوة، تكشف عنه كثير من المؤشرات، منها الانتقائية في تحرير المحافظات ذات الثقل النفطي، التي تنم- كما يرى مراقبون- على أهداف خاصة لدى دول التحالف العربي، قد يكون النفط أحد أسبابها.

1- المملكة العربية السعودية

يرتبط اليمن والسعودية بروابط سياسية وثقافية وجغرافية مشتركة، حيث يقع اليمن في الحدود الجنوبية للسعودية، ويبلغ طول الشريط الحدودي بينهما حوالي ألف وأربعمئة كيلومتر، وتعد السعودية الدولة الأولى الأكثر تأثيراً في السياسة اليمنية، وتوجد في السعودية أكبر جالية يمنية في الخارج، وقد مرت العلاقات اليمنية السعودية بمراحل متعددة، وتميزت كل مرحلة بطبيعتها الخاصة، حسب ظروف الأحداث السياسية الجارية حينها، وكان أكثر تلك المراحل تعاوناً بعد توقيع اتفاقية جدة الحدودية في العام 2000.

في العام 2011، وبعد الاحتجاجات اليمنية المناهضة للرئيس حينها علي عبد الله صالح، تبنت المملكة العربية السعودية اتفاقية نقل السلطة إلى نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي، ليصبح بعدها الرئيس الشرعي لليمن، وتضاعف حينها التأثير المباشر للسعودية في السياسة اليمنية، وترتيب الشؤون السياسية والعسكرية في اليمن.

في العام 2015 وبعد انقلاب جماعة الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن، تبنت السعودية خيار التعاون مع الرئيس الشرعي، تحت مظلة “التحالف العربي لدعم الشرعية” وبمشاركة عدد من الدول الإقليمية، وعلى الرغم من الخبرة الكبيرة لدى السعودية في التعاطي مع الملفات اليمنية، فإنها تأخرت في حسم العملية العسكرية في اليمن لمصلحة الشرعية، على الرغم من التأييد السياسي المحلي والإقليمي والدولي.

السياسة السعودية الخارجية تجاه اليمن يتحكم فيها البعد الأمني، وينعكس العامل الأمني على تفاعل السعودية مع مختلف الملفات، دون تحديد لمستوى التهديد وكيفية التعامل معه، وهو ما انعكس على أداء المملكة في عدد من الملفات اليمنية، سواء ما يتعلق بالتعامل مع الانقلاب الحوثي، أو ما يتعلق باتفاق الرياض الذي رعته السعودية بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهذا الأمر أدى إلى تأخر حسم الملفات اليمنية العسكرية والسياسية، وهو ما أثر سلباً في أداء الحكومة وتعقيد الواقع اليمني، وتحوله إلى تهديد جيوسياسي للأمن القومي السعودي.

في إطار هذا الصراع يتداخل الملفان الاقتصادي والأمني مع الملف السياسي، وخصوصاً ملف النفط والغاز في اليمن، وتتباين الرؤى السعودية الداخلية أحياناً في الفصل بين هذه الملفات الثلاثة، حتى أصبح ملف النفط حاضراً ضمن السياسة السعودية في اليمن، ويظهر ذلك من خلال:

خط الأنبوب النفطي

في ظل الصراع السعودي مع إيران، والتحديات التي يواجهها مضيق هرمز، ثمة حديث عن رغبة سعودية في مد أنبوب نفطي عبر محافظة المهرة شرق اليمن إلى بحر العرب بطول ثلاثمئة كم تقريباً، وقد بدأت المساعي السعودية مع سلطنة عمان أولاً، لكن لم يصل الطرفان إلى اتفاق، فاتجهت إلى اليمن، وكان ذلك في عهد الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح في التسعينيات، لكن المفاوضات لم تفضِ إلى اتفاق[41].

في العام 2017 بدأت السعودية بترسيخ وجودها في محافظة المهرة، وبناء العديد من المنشآت العسكرية في المحافظة، كما أضافت السعودية الآلاف من المهريين على كشوف رواتبها، وحاولت شركات البناء السعودية إقامة بنية تحتية، واعتبر كثيرون في المحافظة أنها مقدمة لبناء خط أنابيب، وهو ما أدى إلى اشتباكات بين قبائل المهرة وأطقم شركات الهندسة السعودية. كما أمنت القوات السعودية ميناء نشطون، ما أثار شكوكاً محلية بأنه كان موقعاً مخصصاً لمحطة تصدير النفط[42].

على الرغم من هذه المعطيات فإن السعودية تؤكد أنها من أجل تأمين المنطقة من تهريب الأسلحة لجماعة الحوثي[43]، في حين ترى قيادات محلية أن الخطوات التي قامت بها الشركات السعودية تؤكد فكرة القيام بتجهيزات تشييد الأنبوب، وأن هذه الفكرة ينبغي أن تتم بالطرق الرسمية؛ لكن يبدو أن الوضع السياسي والأمني في اليمن لا يشجع على الإقدام على مثل هذه الخطوة، وقد بدأت السعودية وعمان مؤخراً التفكير في مد هذا الأنبوب عبر سلطنة عمان.

التنقيب في المناطق الحدودية

تتميز المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية بوفرتها النفطية كما سبق، وقد سعى اليمن لتنفيذ عدد من الاكتشافات في المناطق الحدودية، لكن يتم الانسحاب فجأة من دون إبداء الأسباب، وبحسب مصادر سعودية[44] ففي أواخر الثمانينيات أرسلت المملكة العربية السعودية خطابات إلى ست شركات نفط في اليمن ادعت فيها أن 12 من 20 امتيازاً منحها اليمن لشركات النفط تعمل في منطقة متنازع عليها، وأن السعودية تؤكد حقوقها، وقد أثر ذلك في عمليات الاستكشاف لشركات النفط البريطانية (BP) وشركة فيليبس، إضافة إلى توقف أعمال شركة “هنت أويل” الأمريكية فجأة في العام 1984 بمحافظة الجوف، وفي عام 2009 انسحبت شركة “GSPC” الهندية من المنطقة بعد حصولها على حقوق الاكتشاف.

وفي العام 2013، وبتوجيه من الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، قامت شركات نفطية بحفر أربع آبار في القطاع 18 بمنطقة الخسف بالجوف، وقد أعلنت الانتهاء من حفر أول بئر في عام 2014، وتقدر الطاقة الإنتاجية لهذه البئر بستة ملايين قدم مكعبة من الغاز، لكن الاكتشاف توقف بعد ذلك فجأة دون إيضاح.

هذا التوقف المفاجئ في أعمال الاستكشاف يصاحبه الحديث عن تدخل سعودي لمنع الإنتاج في هذه المنطقة. وبحسب تصريحات لمحافظ محافظة الجوف الأسبق، محمد سالم بن عبود، فقد تم الاتفاق على أن يتجه الاستكشاف والإنتاج شمالاً وشرقاً، أي في محافظات مأرب وشبوة وحضرموت، وأن يتوقف في محافظة الجوف نظراً لدواعٍ سياسية واقتصادية وأمنية[45].

هذه التصريحات من مصدر مسؤول على الرغم من أهميتها فإنها لم توضح طبيعة هذه الأسباب، وهذا ما يطرح عدداً من التساؤلات فيما يتعلق بملف النفط عموماً في اليمن، والعلاقة السعودية بهذا الملف التي يشوبها الغموض كثيراً، وتضارب المعلومات عن الدور السعودي في هذا الملف، حتى أشيع في العام 2020 عن اقتراح سعودي على الحكومة اليمنية عقد اتفاقية تمنح شركة أرامكو جميع حقوق النفط والغاز في المثلث النفطي (مأرب، الجوف، شبوة) لمدة 40 عاماً، وهو ما نفته الحكومة اليمنية.

2- الإمارات العربية المتحدة

تعد الإمارات ثاني دول التحالف العربي في اليمن، وهي من أهم الفاعلين الإقليميين في الصراع اليمني، وعلى الرغم من عدم وجود حدود جغرافية تربطها باليمن فإن للإمارات دوراً فاعلاً يفوق ميدانياً ربما دور المملكة العربية السعودية، وخاصة في المحافظات الجنوبية، التي أبدت الإمارات اهتماماً كبيراً بها، بقدرٍ تجاوزَ أهداف التحالف العربي لدعم الشرعية، حسب تصريحات وزير الخارجية اليمني السابق، محمد الحضرمي، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 2019[46].

تحاول الإمارات في سياستها الخارجية، وخصوصاً في اليمن، الجمع بين الأهداف العسكرية والتجارية المتداخلة، وتسعى لاستغلال جغرافيا اليمن لممارسة نفوذها في الخليج وإفريقيا وآسيا، مِن خلال تشجيع استخدام طرق شحن بديلة ومكمِّلة لطرقاتها الرئيسة انطلاقاً من ميناء “جبل علي” في دبي، في حال تعطلت حركة النقل عبر مضيق هرمز أو أصيبت بخلل ما، كما يساهم ذلك في الحد من المشكلة التي تلوح في الأفق من جراء “تخمة المرافئ” في شمال الخليج، حيث خطر حدوث فائض في الطاقة الاستيعابية من جراء وفرة المرافئ الأساسية الراهنة، وكذلك بسبب توسيع مرفأي “الدَّقم” و”صلالة” في سلطنة عُمان.

وقد بنت الإمارات مؤخراً قواعد عسكرية في القرن الإفريقي، مثل قاعدة “عصب” العسكرية في إريتريا، في العام 2016، وقاعدة “بربرة” في جمهورية أرض الصومال، في فبراير/شباط 2017، وأعادت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان بناء ميناء “حولاف” في محافظة سقطرى، وقد حولت بعض هذه الموانئ التجارية، مثل “بربرة”، إلى مواقع بحرية إماراتية[47].

بناء على ذلك، سعت الإمارات منذ بداية التدخل العسكري في اليمن إلى السيطرة على المناطق التي فيها الموانئ والجزر وحقول النفط، حتى وإن كانت هذه المناطق بعيدة عن نفوذ جماعة الحوثي، كما حصل مع محافظة سقطرى البعيدة كلياً عن الصراع، كما عززت وجودها في محافظتي شبوة وحضرموت التي فيها 35 قطاعاً نفطياً، وسيطرت على عدد من منابع النفط ومحطات التصدير، ودفعت بكل ثقلها لتغيير محافظ محافظة شبوة محمد صالح بن عديو في نهاية العام 2021، لتحكم سيطرتها بشكل كبير على المياه اليمنية ومنابع النفط والغاز، ومن أهم الموانئ النفطية التي سيطرت عليها الإمارات ميناء بلحاف النفطي، الذي توقف منذ بداية الصراع.

يقع ميناء بلحاف على البحر العربي بمحافظة شبوة، وبه خمسة خزانات سعة كل منها 126 ألف برميل. أنشئ الميناء عام 1990، ويعد ثاني أهمِّ معمل عربي لتسييل الغاز الطَّبيعي وتصديره إلى الأسواق العالميَّة، وهو أكبر مشروع استثماري في اليمن. وقد أدَّت السَّيطرة عليه إلى التَّأثير في قطاعات الإنتاج اليمنية، وخاصة قطاع النفط والغاز والمعادن؛ ما أدى إلى الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة اليمنية، في بلد يعتمد على تصدير النفط والغاز.

يظهر البعد النفطي في هذا الموضوع من خلال السيطرة على مثل هذه الموانئ، وعلى القطاعات الاستكشافية، حيث يمتلك اليمن عدداً من القطاعات المفتوحة للاستكشاف والتنقيب، أغلبها في المياه البحرية، وقد تم تحديد 45 موقعاً استكشافياً بحرياً في المياه اليمنية بين عامي 2009 و2014، بعد أعمال قام بها الفريق الفني التابع للهيئة العامة للاستكشافات النفطية الحكومية، وكانت النتائج شبه إيجابية في عشرة منها، ولهذا تشير مصادر يمنية إلى أن الإمارات حددت سبعة قطاعات بحرية للبدء بالتنقيب عن النفط فيها، بعد دراسة هذه المواقع بعناية منذ عام 2016، مشيرة إلى أن أربعة من هذه القطاعات في البحر العربي وخليج عدن، والباقي في الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر، منها مواقع في رأس عمران القريب من باب المندب[48].

كما تحضر الإمارات بشكل مباشر داخل جزيرة سقطرى، بعد السيطرة عليها من قبل مجموعات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في العام 2020، ووفقاً لمصادر محلية فقد بدأت الإمارات بالتنقيب عن النفط والغاز في الجزيرة.

وحوض سقطرى، وخاصة منطقة جنوب الجزيرة، من المناطق التي بدأ التنقيب فيها مبكراً، لكن الشركات الأجنبية انسحبت من هناك دون ذكر أي أسباب، ولم تعط أي بيانات لحكومة اليمن الجنوبي حينها[49].

كما عملت الإمارات على التموضع في المناطق الحيوية المطلة على ممر النفط العالمي “مضيق باب المندب”، وذلك من خلال السيطرة على جزيرة ميون، التي تقع في مدخل مضيق باب المندب، وتتمتع بأهمية استراتيجية، حيث تطل على البحر العربي وخليج عدن والمحيط الهندي، وتعد الجزيرة إحدى أهم نقاط التفتيش البحرية للعديد من شحنات الطاقة والبضائع التجارية، وقد سيطرت عليها الإمارات في العام 2015.

تفيد تقارير دولية بسعي الإمارات لبناء قاعدة جوية في هذه الجزيرة، حيث أفاد تقرير لوكالة أسوشييتد برس (Associated Press) الأمريكية، بأن قاعدة جوية تبنى على جزيرة ميون اليمنية، ونقلت الوكالة عن مسؤولين يمنيين أن الإمارات تقف وراء بناء هذه القاعدة، وأن سفارة الإمارات في واشنطن ومسؤولين إماراتيين في أبو ظبي لم يردوا على طلب تقدمت به للتعليق على الخبر، وأن هناك توتراً بين الإمارات والشرعية اليمنية حول طلب الإماراتيين من الحكومة اليمنية توقيع اتفاقية لتأجير جزيرة ميون لمدة 20 عاماً[50].

القاعدة الجوية التي تسعى الإمارات لإنشائها في الجزيرة تتيح لها التحكم في خطوط شحن ناقلات النفط، خاصة بعد سيطرة الإمارات على عدد من الجزر الاستراتيجية في اليمن، والتي ستتمكن عبرها من الإشراف والمراقبة على السفن المختلفة.

السيطرة الإماراتية، من خلال وكلائها أو مباشرة، على عدد من المنشآت اليمنية وتعطيلها، وعلى رأسها ميناء المخا وباب المندب ومدينة عدن بمطارها ومينائها وأهم مواردها ومطار الريان في المكلا، وجزر سقطرى وميون وحنيش، وميناء بلحاف في محافظة شبوة، يظهر أن للإمارات من ورائها أهدافاً سياسية عامة، تتعلق بالطموح الإماراتي إلى الهيمنة على المنطقة، وبناء شبكة نفوذ داخل الجزر والموانئ في هذه المنطقة، تتيح لها التحكم الاقتصادي وممارسة النفوذ السياسي، وتشكيل تفاهمات ثنائية مع الدول الكبرى.

كما تسعى الإمارات لتحقيق أهداف اقتصادية أخرى لا تقل أهمية عن سابقتها، ومن ضمن تلك الأهداف ما يتعلق بالنفط الذي تتعدد الأهداف نحوه، حيث حرصت الإمارات على تعطيل الموارد اليمنية، ويتم استخدامها كأوراق سياسية للمقايضة، لتحقيق أهداف استراتيجية، ومن أجل أن يظل القرار السياسي اليمني مرتهناً لدول التحالف، وأي استئناف للعملية الاقتصادية في اليمن سيعيد الاعتبار للحكومة، إضافة إلى أن الإمارات ترى أن تفعيل موانئ اليمن سيؤثر على حصتها السوقية من موانئها الإماراتية، ولهذا تعرقل أي تقدم في تطوير الموانئ اليمنية.

3- سلطنة عمان

تعد عمان الدولة الخليجية الثانية التي تربطها باليمن حدود مشتركة، يبلغ طولها حوالي 294 كم، ولعمان روابط ديمغرافية واقتصادية بمحافظة المهرة اليمنية البعيدة عن الوجود الحوثي، وعلى الرغم من تبني عمان سياسة الحياد الإيجابي في علاقتها الخارجية، فإنها تتمتع بحضور في الملف اليمني وعلاقة بالفاعلين المحليين في الصراع، ويستفزها أي حضور للسعودية والإمارات على حدودها الجنوبية الغربية، كما تربطها في نفس الوقت علاقات جيدة بإيران، وكل هذه العوامل جعلت من الحضور العماني في الملف اليمني فاعلاً.

تجاور المهرة منطقة ظفار العمانية التي خرجت منها ثورة ظفار -المدعومة من قيادات اليمن الجنوبي- في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وكادت تطيح بالسلطان قابوس، وهو ما عزز الاهتمام العماني بالمهرة، من خلال دعم أبنائها وتجنيسهم والاستثمار في هذه المنطقة، وتعزيز النفوذ السياسي والجغرافي فيها، لقطع أي وجود سعودي أو إماراتي فيها، وترى في الخط السعودي للنفط الذي سعت السعودية أن يمر عبر المهرة انتهاكاً لنفوذها.

وقد حاولت عمان، في العام 2015، مد أنبوب الغاز الإيراني عبر الإمارات، الذي كانت عمان تعول عليه في دعم اقتصادها، من خلال إعادة التصدير لأطراف آخرين عبر الموانئ العمانية، لكن الإمارات رفضت ذلك الطلب، إضافة إلى ذلك فإن الصين تعمل على تطوير استثماراتها في ميناء “الدقم”، ولهذا ترى عمان في الوجود السعودي والإماراتي في المهرة تطويقاً استراتيجياً للسلطنة، وتهديداً لحدودها الاستراتيجية مع اليمن، ووأداً لأنشطتها الاقتصادية التي تسعى لتنويعها في مواجهة التحديات المالية التي تعيشها.

التفسير العماني للصراع في اليمن جزء كبير منه يتعلق بالملف الاقتصادي، حيث يرى يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني السابق، أن تدخل الأطراف الخارجية عقد الصراع في اليمن، وقال: إن “البعض يعتقد أن اليمن لديه ثروات دفينة، ويسعى لأن تكون له حصة في هذه الثروات”[51]، إضافة إلى ذلك فإن وجود حوض جزع قمر في المهرة، وهو من الأحواض المشجعة، يجعل من الملف الاقتصادي عموماً والملف النفطي خصوصاً، من الملفات الحاضرة في السياسة العمانية، على الأقل من خلال تصورها لرؤية أطراف الصراع الإقليمي بخصوص اليمن.

4- إيران

الحضور الإيراني في المنطقة عموماً وفي اليمن على وجه الخصوص تسنده الرؤية المذهبية الاثنا عشرية، ونظرية ولاية الفقيه، وفكرة تصدير الثورة الإيرانية، فإيران ذات أهداف توسعية، وترى نفسها مركزاً للإسلام الشيعي في المنطقة، إضافة إلى أن الفراغ الأمني الذي تعيشه المنطقة، وإخفاق المنظومة العربية في استيعاب تطلعات الشعوب العربية، مكن إيران من التسلل إلى عدد من الدول العربية.

يمثل البحر الأحمر، وبالأخص مضيق باب المندب، أهمية كبرى في حركة التجارة الدولية، وبالنظر إلى التوجهات الخارجية لإيران فإنها تحاول، في إطار صراعها مع الغرب، أن تحضر في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، وعلى نحو يمكنها من المبادأة الاستراتيجية لاستباق أي هجوم عليها، والبقاء داخل دوائر التأثير الإقليمي ومناطق تقاطع النفوذ والمصالح، ولهذا تعمل على تطوير وجودها في الدول المطلة على البحر الأحمر[52].

على رأس الأهداف الإيرانية في التوسع الخارجي محاولة الوصول إلى المنافذ البحرية الرئيسية في المنطقة، والسيطرة على باب المندب، الذي سيمكنها، إضافة إلى هيمنتها على مضيق هرمز، من التحكم بنفط المنطقة، وعرقلة صادرات المنطقة من النفط، كما تسعى إيران لإحكام السيطرة على الجزء الشمالي من اليمن، ومن ضمنه محافظة مأرب وما تبقى من محافظة الجوف، سعياً إلى هدفها الكبير الذي يبدأ من السيطرة على منابع النفط في اليمن، وينتهي بالسيطرة على السعودية وقيادة الحرمين وتسلم زمام قيادة المسلمين.

ثانياً: الدور الدولي في الصراع اليمني وعلاقته بالطاقة

يحضر التنافس الدولي في المنطقة في عدد من الملفات السياسية والاقتصادية، على رأسها ملف النفط والملفات التابعة له، كالحماية الأمنية والمحافظة على خطوط الملاحة الدولية، وفي هذا الإطار يأتي التنافس الدولي في منطقة غربي المحيط الهندي والبحر الأحمر، نظراً لما تمثله هذه المنطقة من أهمية جيوسياسية واستراتيجية.

هذه الأهمية جعلت هذه المنطقة هدفاً لقوى دولية استعمارية، وبؤر صراعات مسلحة طويلة، فمن الناحية الاستراتيجية تهيمن هذه المناطق على جانب من طرق تدفق الطاقة والتجارة البحرية، مع وفرة مواردها الاقتصادية وخصائصها الجغرافية، كما تبرز في هذا الإطار المضايق البحرية التي تتحكم في تدفق النفط القادم من دول الخليج وإيران، ومع تطور صناعة النقل البحري برزت أهمية موانئ المنطقة، وعلى رأسها الموانئ اليمنية[53].

كما يتجه الاهتمام الدولي بمنطقة الخليج واليمن إلى الاستثمار في عملية التنقيب عن النفط، باعتبار أن المساحات الكبرى في اليمن لا تزال مناطق استكشافية، حيث تفيد دراسات محلية[54] أن الدول المصدرة لا تستفيد إلا ما يعادل 20 في المئة، في حين تستفيد الدول ذات الصناعات البتروكيماوية حوالي 80 في المئة من قيمة النفط على صورة صناعات مثل المطاط والزيوت والدهون والمنظفات والبلاستيك والمنسوجات وغيرها.

1- الولايات المتحدة الأمريكية

تتعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع اليمن بحساسية؛ بوصفه عمقاً استراتيجياً للمملكة العربية السعودية ودول الخليج. وقد رسخت الولايات المتحدة من وجودها في منطقة الخليج لكونها تمثل أكبر مخزون نفطي في العالم، واعتبرت أي مساس بها مساساً بالأمن القومي الأمريكي، ووفقاً لمبدأ كارتر يحق للولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية للدفاع عن مصالحها في منطقة الخليج العربي، ولهذا اختارت السعودية أن تعلن من واشنطن بداية حربها في اليمن على جماعة الحوثي، باعتبار أن الحوثي- ومن خلفه إيران- يقف ضد المصالح الأمريكية في المنطقة، حيث وفرت أمريكا الدعم اللوجستي والاستخباراتي لهذه الحرب في بداياتها، وعلى الرغم من الفتور الأمريكي فيما بعد فإن الملف الإيراني بتعقيداته المختلفة، وعلاقته بالخليج، يفرض على واشنطن أن تستمر قريبة من دول الخليج، ولهذا عينت واشنطن مبعوثاً خاصاً بها لليمن.

وتسعى أمريكا لقطع الطريق أمام خط الحزام والأمل الصيني، وأن يكون لها وجودها في المنافذ الاستراتيجية في المنطقة، حيث يعد الصعود الاقتصادي الصيني على المستوى العالمي مؤشر تهديد للهيمنة والدور الأمريكي، خصوصاً أن نوايا الصين بدأت تتكشف منذ 2017 بعد بنائها لأول قاعدة عسكرية في جيبوتي[55]، إضافة إلى أن المشروع الصيني الطموح الذي دشنته في 2013 “مشروع الحزام والطريق” يتطلب دوراً أمنياً ودبلوماسياً وعسكرياً يؤمن قدرتها على المضي والاستمرار في هذا المشروع، وهو ما ترى فيه أمريكا تهديداً لوجودها.

مؤخراً، وبسبب التداعيات العالمية للحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن ثمة تحركات أوروبية وأمريكية لإعادة إحياء صادرات اليمن من النفط والغاز، وتفعيل المنشآت النفطية، خصوصاً بعد زيارات المبعوث الأمريكي لليمن، تيم ليندركينغ، مع القائمة بأعمال سفير الولايات المتحدة في اليمن، كاثي ويستلي، إلى محافظتي حضرموت وشبوة النفطيتين، في مارس/آذار من العام 2022.

2- المملكة المتحدة

تسعى بريطانيا إلى ممارسة أدوار مباشرة في منطقة الشرق الأوسط، والاهتمام بالمستعمرات القديمة، بعيداً عن الوسطاء الإقليميين كما كانت سابقاً، إضافة إلى أنها تقف في الحلف المعادي للصين وتسعى مع الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الطموح الصيني، وتطمح إلى أداء دور سياسي واقتصادي في المنطقة، من خلال عودتها للتأثير في الدول التي استعمرتها سابقاً، هذا فضلاً عن أنها هي المسؤولة عن الملف اليمني في مجلس الأمن.

ويظهر أن لبريطانيا أهدافاً استراتيجية تتقاطع في أكثر من نقطة مع حلفائها المناوئين لإيران في الخليج وفي الشرق الأوسط والعالم، تتعلق بأمن الطاقة، والنقل البحري الذي تقوم عليه، ومناشط الاقتصاد الأزرق في غرب المحيط الهندي، التي تساهم في كل مجالاتها على المستويين العام والخاص، ولا يستبعد أن يكون لبريطانيا مطامع استعمارية بملامح معاصرة في اليمن، خصوصاً إذا تمكن الحوثيون من التحرك باتجاه الشرق إلى محافظة المهرة، لأن هذا يعني توفير “نقطة تقرب للوصول بالصواريخ والطائرات غير المأهولة إلى المصالح البريطانية وحلفائها في الخليج وشمال غربي المحيط الهندي، لأنها ستكون عرضة الاستهداف الحوثي”[56].

ولهذا ثمة حديث عن الوجود البريطاني في المحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن، وخصوصاً في ميناء الضبة ومطار الغيضة وسيحوت، بالشراكة مع دول إقليمية، يؤكد هذا وصول قوات بريطانية خاصة (SAS) مكونة من أربعين جندياً إلى محافظة المهرة شرق اليمن، في أغسطس/آب من العام 2021، تحت دعوى تعقب إرهابيين يتبعون إيران، هاجموا ناقلة “ميرسر ستريت”في خليج عمان، لكن الحوثيين المتهمين بالعملية لم يصدر عنهم ما يثبت أو ينفي ذلك، وهو ما يدل على أن الدوافع البريطانية ربما أكبر من هذه الحيلة.

3- الجمهورية الفرنسية

العلاقات اليمنية الفرنسية تتميز بأبعادها المتعددة السياسية والثقافية والاقتصادية، ويحظى الملف الاقتصادي باهتمام خاص، حيث كان اليمن محط الاهتمام الفرنسي منذ ثمانينيات القرن الماضي من خلال زيارات علماء النبات والمناخ والطب، وقد سبق أن سيطرت فرنسا، في العام 1886، على جزيرة الشيخ سعيد المقابلة لجزيرة ميون على مضيق باب المندب، وكانت الجزيرة مركزاً لتجميع البن والبضائع القادمة عبر المحيط الهندي.

وفي العهد الجمهوري توسعت العلاقات اليمنية الفرنسية أكثر، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية، ومعها دخلت الشركات التجارية والصناعية إلى اليمن، وقد نفذت عدداً من المشاريع، خصوصاً في مجالي الاتصالات والطرق، وفي العام 1986 تمت الموافقة على اتفاقية المشاركة في الإنتاج المبرمة بين الجمهورية العربية اليمنية حينها وشركة توتال، وفي العام 1995 تم التوقيع على الاتفاقية النهائية لمشروع الغاز الطبيعي بين وزارة النفط والثروات المعدنية اليمنية وشركة توتال الفرنسية، الشركة المنفذة لمشروع استثمار الغاز اليمني، وقد قامت الشركة بعدها بتنفيذ عدد من المشاريع في اليمن.

تدير شركة توتال الحصة الكبرى من ميناء بلحاف النفطي، الذي تسيطر عليه الإمارات منذ بداية الصراع في اليمن، وتتهم فرنسا بالتواطؤ مع الإماراتيين في السيطرة على الميناء، بناء على ذلك وجه واحد وخمسون نائبا فرنسياً، في العام 2021، استفساراً لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بشأن وجود قاعدة عسكرية ومركز اعتقال في الميناء، معبرين عن قلقهم من استغلال بلحاف بطريقة تتعارض مع القانون الدولي واتفاقيات الحرب.

وقد حاولت الحكومة اليمينة قبل اندلاع الصراع في اليمن تعديل أسعار الغاز مع شركة توتال، لكن الشركة رفضت ذلك، وكان اليمن قد وقع اتفاقية بيع الغاز في العام 2005، ومدتها عشرون عاماً، مع شركة توتال الفرنسية وكوجاز الكندية، كما سبق معنا، وقد تمكنت الحكومة من تعديل الأسعار مع الشركة الكندية في العام 2014، وكانت توتال قد اعتمدت أدنى المؤشرات لبيع الغاز المسال.

ومنذ مطلع العام 2022، وبالتزامن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تحاول شركة توتال استئناف إنتاج الغاز المسال وتصديره من “قطاع 18” في منطقة صافر النفطية، بعد توقف دام سبع سنوات، وتضغط بعدد من الأوراق لإعادة تفعيل التصدير حسب شروطها.

وعلى الرغم من الحضور الفرنسي الكبير في الملف الاقتصادي اليمني فإن نفوذها السياسي ظل محدوداً، ولم تقدم فرنسا شيئاً ملموساً لليمن، سواء على الصعيد السياسي أو الإنساني، على الرغم من موقعها في مجلس الأمن، وتصريحات السفير الفرنسي في اليمن، جان ماري صفا، المؤيدة للشرعية اليمنية، لكن يبدو أن الدور الفرنسي يبحث أدوات ضغط وتأثير أكثر في الملف اليمني.

4- جمهورية الصين الشعبية

يعد الاقتصاد أحد المحددات المركزية للسياسة الصينية الخارجية، ولهذا تتنافس الصين مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على ممرات التجارة العالمية، ومواقع التنقيب عن النفط، حيث تمتلك الصين قاعدة بحرية في جيبوتي، تسعى من خلالها لتأمين حركتها التجارية ووارداتها النفطية التي تمر عبر مضيق باب المندب، الذي تمر منه أكثر من 67 في المئة من التجارة بين أوروبا والصين عبر مضيق باب المندب و12في المئة من واردات الطاقة من الشرق الأوسط إلى الصين.

في هذا الإطار تربط اليمن بالصين علاقة تاريخية، وقد تعززت هذه العلاقة أكثر بعد قيام الوحدة اليمنية في 1990، حيث عمقت بكين علاقتها بصنعاء بالتجارة الثنائية والاستثمار في البنية التحتية والوصول إلى الموارد النفطية، حينها كانت الصين بأمس الحاجة إلى النفط نتيجة نموها الاقتصادي الثابت وزيادة طلبها للطاقة؛ وأصبحت الشركات الصينية المملوكة للدولة مهتمة بالاستثمار في استكشاف الطاقة وتطويرها حتى لدى الدول المنتجة للنفط بكميات صغيرة، مثل اليمن. وفي عام 1996 اتفقت الصين واليمن رسميّاً على تحسين التعاون في مجالات التنقيب عن النفط وإنتاجه وتكريره؛ ووقعتا عقداً يقضي بشراء مصفاة تشنهاي 30 ألف برميل نفط يوميّاً من اليمن، وبحلول عام 1999 كان اليمن ثاني أكبر مصدّري النفط الخام إلى الصين، حيث صدّرت 4.1 ملايين طن سنويّاً، كما استثمرت شركتان مملوكتان للصين؛ شركة البترول والكيماويات الصينية (سينوبك) وشركة سينوكيم، في قطاع النفط اليمني خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين[57].

في العام 2005، وقّعت شركة سينوبك على صفقة بقيمة 72 مليون دولار للتنقيب عن النفط واستخراجه في القطاع رقم 69 في شبوة، والقطاع رقم 71 في حضرموت، وفي عام 2008 سدّدت شركة سينوكيم 465 مليون دولار مقابل حصة 16.78 في المئة (نحو 6,500 برميل يوميّاً) في القطاع رقم 10 بمنطقة التنقيب شرقي محافظة شبوة، وبحلول عام 2011 بلغ إنتاج الشركتين، سينوبك وسينوكيم، نحو 20 ألف برميل يوميّاً، ما يشكل 8 في المئة من إجمالي الإنتاج في اليمن، وبحلول عام 2000 بلغت صادرات النفط اليمنية إلى الصين 735 مليون دولار، ومع اندلاع الحرب في اليمن أغلقت بكين سفارتها في صنعاء وأجلت خبراءها العاملين، وتم تعليق المشاريع الصينية المتعلقة بالنفط والبنية التحتية.

وتربط الصين علاقات جيدة بالأطراف الإقليمية؛ السعودية وإيران، فالصين تستورد 1.8 مليون برميل من النفط الخام السعودي يومياً، كما شيدت شركة سينوبك الصينية أول مصفاة لها خارج الصين في المملكة، وهو مشروع مشترك مع شركة أرامكو السعودية التي استثمرت فيها الصين 10 مليارات دولار. في المقابل تربطها علاقات جيدة بإيران، وقد مثل الاتفاق النووي عام 2015 فرصة لزيادة الشراكة بين بكين وطهران، لهذا حرصت بكين على موازنة العلاقة بين الطرفين بخصوص الأزمة اليمنية، فوافقت على القرارات المدعومة من الرياض كقرار مجلس الأمن 2014 الذي يقضي بتنحي علي صالح من الحكم، وصوتت للقرار 2016 الذي طالب بنزع سلاح الحوثي وانسحابه من المدن التي سيطر عليها، كما حرصت على علاقتها بإيران خارج إطار الملف اليمني، وتحرص الصين أن يكون لها دور الوسيط بين طهران والرياض، لكن يبدو أن هناك حذراً سعودياً من هذه الخطوة[58].

وتسعى الصين لتنفيذ مشروع الحزام والطريق، البري والبحري، الذي يعد ملف الطاقة من أكبر اهتماماته، حيث يولي اهتماماً كبيراً لمد خطوط أنابيب نقل النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية، وبناء شبكات الطرق والسكك الحديدية والإنترنت.

يأتي اليمن في قلب هذا المشروع، نظراً لموقعه على مضيق باب المندب، وتعدد الموانئ البحرية والجزر الاستراتيجية، لكنَّ ظروف الحرب، وسيطرة القوات الإماراتية والقوات الموالية لها على كثير من المناطق المحررة، تحول دون تحقيق المشاريع الصينية، وتُتَّهم الإمارات- بحسب وكيل وزارة النقل اليمني السابق عامر عوض البرعام- بأنها وكيل لدول كبرى للتصدي لمشروع الصين الضخم لإحياء طريق الحرير[59].

ولأن ظروف الحرب أثرت سلباً في مشاريع الطاقة والبنية التحتية وإعادة الإعمار في اليمن، فإن الصين يمكن أن تستأنف هذه الدور فيما بعد، نظراً لحاجتها الماسة إلى مضيق باب المندب، إضافة لمرور المسار البحري الغربي لمشروع الحزام والطريق على موانئ عدن والمخا والحديدة، ولهذا تترقب الصين أي انفراجة للوضع في اليمن لتوسيع حضورها الاقتصادي، وتفعيل اتفاقية تطوير ميناء عدن التي وُقعت في العام 2013، وكان من المتوقع أن تبدأ الصين إجراءات العمل على تطوير الميناء في العام 2015، لكن العمل جمد بسبب اندلاع الحرب، وفي حال تنفيذ هذا المشروع سيمثل نقلة نوعية تعيد الميناء إلى خارطة المنافسة الدولية.

بناء على ذلك، تحتفظ الصين بتواصلها مع كل أطراف الصراع من أجل ضمان مستقبلها في اليمن، وتربطها علاقات جيدة بدول الإقليم، خصوصاً السعودية وعمان وإيران، وهذا ما يجعل الصين تمثل دوراً مركزياً في ملف التنافس الاقتصادي في المنطقة، وكل فعل اقتصادي يقف خلفه طموح سياسي يدفعه للأمام، وحماية أمنية تضمن استمراريته، وهذا ما يجعل التنافس على المنطقة يأخذ بعداً دولياً موسعاً.

5- جمهورية روسيا الاتحادية

العلاقات اليمنية الروسية تاريخية، سواء قبل الوحدة بين شطري اليمن أو بعدها، وهي من الدول التسع عشرة الراعية للسلام في اليمن. حرصت روسيا على تنفيذ عدد من المشاريع التنموية في اليمن؛ من بينها محطة الطاقة الحرارية، ومجمع التحلية بالحسوة في عدن، وميناء الحديدة، ومصنع الإسمنت في باجل، وخط أنابيب النفط الذي يربط بين حقل نفط شبوة وميناء بير علي بطول 190 كم.

تدرك روسيا أهمية النفط في اليمن، حيث تمكن علماء الجيولوجيا الروس- بحسب السفير الروسي السابق في اليمن فلاديمير ديدوشكين- من العثور على النفط والغاز والذهب والحديد في اليمن. كما حددت روسيا أولويتها في التعاون في مجال استخراج النفط والغاز، وإنتاج البترول، واستخراج المعادن، وبناء محطات توليد الطاقة في عدن والمخا، والاستثمار في قطاع الزراعة. وقد حدَّدت هذه الخطط اللجنة الروسية اليمنية للتعاون الاقتصادي والعلمي والتقني في اجتماع رئيسيها المشاركين في صنعاء في بداية عام 2014[60].

بناء على ذلك، تحرص موسكو على المحافظة على علاقتها مع أطراف الصراع المحلية، سواء الحكومة أو الأطراف المناوئة لها، والتقت بوفد من المجلس الانتقالي الجنوبي، وتربطها علاقات جيدة مع الأطراف الإقليمية المهتمة بالشأن اليمني، كالسعودية والإمارات من جهة، وإيران من جهة أخرى، وتحاول موازنة علاقاتها بين الأطراف كافة، حيث تركز روسيا في موقفها من اليمن على المصالح الاستراتيجية، واتفاقيات الطاقة والأسلحة التي تربطها بالأطراف الإقليمية والحكومة اليمنية.

خاتمة

يكتسب النفط أهمية استراتيجية نظراً للدور المركزي الذي يتمتع به، وعلاقته بالصناعات المتعددة ووسائل النقل المختلفة، واليمن لديه من القدرات النفطية ما يمكن أن يعزز من أهميته النفطية في المستقبل، حيث إن أغلب تلك القدرات لم تفعل إلى الآن، بسبب عدد من التحديات الإدارية والسياسية والمالية.

كما أن الحضور الإقليمي والدولي في اليمن مرتبط بعدد من العوامل، من أهمها مركزية النفط نظراً لأهمية اليمن النفطية أولاً، ثم لأهمية موقع اليمن الذي يربط بين قارتين من أكبر قارات العالم، ووقوعه على خط الملاحة الدولية، وامتلاكه عدداً من الموانئ والجزر المهمة، إضافة لعلاقة اليمن بمنطقة الخليج، المنطقة الأهم للنفط العالمي، وهذه المعطيات جعلت من النفط عاملاً مركزياً من عوامل الصراع، وعددت من أدوات وحيثيات الحضور الإقليمي والدولي في الملف اليمني.

بناء عليه، يعد النفط أحد دوافع التنافس السياسي والصراع العسكري الداخلي، وتمثل محافظات مأرب وحضرموت وشبوة أهم المدن النفطية في اليمن، التي تتمركز فيها أغلب المواجهات العسكرية، حيث تسيطر الحكومة بوضوح على مدينة مأرب ومديرية الوادي بمحافظة مأرب، كما تسيطر على صحراء الجوف ومحافظة حضرموت، فيما تستميت أطراف الصراع الأخرى في السيطرة على هذه المحافظات، خصوصاً الحوثي الذي يسعى لاستكمال السيطرة على مأرب؛ لضمان تحويل عائدات النفط من مأرب إلى ميزانية الجماعة.

ويسيطر المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على عدد من المحافظات الجنوبية، وأجزاء من حضرموت الساحل، وقد سعى سابقاً للسيطرة على محافظة شبوة قبل إقالة محافظها محمد صالح بن عديو، في ديسمبر/كانون الأول من العام 2021، وقد أفرزت ظروف تعيين محافظ شبوة الجديد، عوض باوزير، التوازن في علاقته بالقوى المحلية المتعددة، لكن قد لا يثبت على هذا الموقف، نتيجة التنافس المحلي والإقليمي في هذه المحافظة.

كما يبدو أن الاستثناء الحضرمي كان مشجعاً لتجاوز ثنائية “الشرعية والانتقالي”، وتأسيس كيان جديد يتولى المشهد السياسي في اليمن، وتندرج في إطاره المكونات الرسمية وغير الرسمية، ويحقق في نفس الوقت طموح دول التحالف، وهو ما عُرف بـ”المجلس القيادي الرئاسي”، حيث مثل الانتقالي الجنوبي في الفترة السابقة حرجاً للمملكة العربية السعودية التي جاءت لخدمة الشرعية، كما مثلت شرعية الرئيس السابق عائقاً لأهداف التحالف الخاصة، ولهذا جاءت هذه الصيغة السياسية الجديدة لتحقيق عدد من الدوافع، التي من أهمها على ما يبدو الخروج من المأزق السابق الذي رسخ الانقسام في إطار القوى المعارضة لجماعة الحوثي. ويُمكن لهذه الخطوة في حال كانت هناك إرادة إقليمية جادة أن تؤسس لحالة السلام في اليمن.

وعلى الرغم من تشكيل هذا المجلس من غالبية القوى المحلية، فإن انهيار الحلول السياسية السابقة، وضعف الضغط السياسي الإقليمي والدولي على القوى المعرقلة، وأداء بعض دول التحالف المناهض للحكومة الشرعية، وتباين مواقف الأطراف الممثلة في المجلس؛ يجعل مسألة انهياره أمراً وارداً، خصوصاً في ظل الارتهان اليمني شبه الكامل للمجتمع الإقليمي والدولي، وهذا ما يجعل من الصعوبة الجزم بنجاح المجلس في تحقيق السلام المنشود. الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع الصراع

المراجع

الكتب

جان ماري شوفالييه، مئة كلمة في الطاقة، ترجمة أحمد بن إبراهيم الوادي، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية، الرياض، ط1، 2015.

عدنان أحمد عبد الله، تنمية القطاع الصناعي المعتمد على خامات النفط والغاز، هيئة استكشاف وإنتاج النفط اليمنية، عدن.

علي الذهب، التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن.. دراسة في تطوير آليات المواجهة، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ط1، 2021.

فهد راوح، أزمة المشتقات النفطية في اليمن مظاهر وأسباب، مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، إسطنبول، ط1، 2021.

محمد كمال عبد الحميد، أمن الخليج وأمن البحر الأحمر قضية واحدة، دار الهلال، القاهرة، 1977.

الرسائل الجامعية

عبد القادر دندن، الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على الاستقرار في محيطها الإقليمي: آسيا الوسطى جنوب شرق آسيا، رسالة دكتوراه، جامعة باتنة الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2012-2014.

فوزية قاسي، الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب: منطق الأمننة في الساحل الإفريقي، رسالة ماجستير، جامعة وهران الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2012-2013.

المجلات

إبراهيم ميرغني وسلطان الحارثي، الصراع على مصادر الطاقة الأحفورية وانعكاساته على الأمن الدولي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد 17، 2018.

مسفر الغامدي، النفوذ الإيراني في حوض البحر الأحمر: أهداف ومعوقات البقاء في إقليم حيوي، مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، مجلة الدراسات الإيرانية، السنة الثانية، العدد الخامس، 2017.

الوضع الراهن للنفط والغاز في اليمن، المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، العدد 14، 2016.

المواقع الإلكترونية

إليونورا أردماني، الاستثمارات الإماراتية المتنامية في البنى التحتية في قطاعي الطاقة والأمن في اليمن: تشكّل بصورة مطردة القوة المحرِّكة خلف التدخل الإماراتي لمحاربة الإرهاب، مركز كارينجي، 19/7/2018، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/rszko

إيناس خليل، بحث عن الطاقة ومصادرها وصورها وتحولاتها، 22/11/2021، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/wQI6

تقرير فريق الخبراء، مستوردو الوقود المنتسبون للحوثيين، مجلس الأمن، 2021.

تقرير مبادرة استعادة، النفط والدماء: تقرير خاص عن تجارة وشركات النفط الحوثية، 20/12/2021، تاريخ الاطلاع: 4/5/2021، في: https://cutt.us/AK4OO

الجزيرة، التنقيب عن النفط في محافظة الجوف اليمنية، 14/3/2014، تاريخ الاطلاع: 20/3/2022، في: https://cutt.us/rGKqc

جيفارا الشبواني، تقرير خاص عن قوات النخبة الشبوانية بين الواقع المعاش وتحديات المستقبل ودلالات الماضي، هنا عدن، 14/8/2017، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/Px52H

خالد بن سلطان بن عبد العزيز، موسوعة مقاتل من الصحراء، الوحدة اليمنية والحرب الأهلية 1994، تاريخ الاطلاع: 20/3/2022، في: https://cutt.us/UcyIW

دونالد ترامب، صراع النفط، شهارة نت، 10/11/2016، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/ZqL9N

شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج، الموقع الرسمي، عن صافر، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/U9Ydh

شركة مسيلة لاستكشاف وإنتاج البترول، نبذة حول بترو مسيلة، موقع الشركة، تاريخ الاطلاع: 29/3/2022، في: https://cutt.us/ejkWa

عامر عوض البرعام، الإمارات تحتل 9 مواقع اقتصادية في اليمن: تدمير الإيرادات، العربي الجديد، 1/11/2019، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/G9XmZ

عبد الرحمن حجري، قائد مقاومة تهامة: نرفض وصاية طارق صالح، قناة يمن شباب، 11/12/2019، تاريخ الاطلاع: 29/3/2022، في:  https://cutt.us/kCtaE

عبد السلام باعبود، وزير النفط اليمني لـ”الشرق الأوسط”: الحوثيون يبتزون العالم بصافر، جريدة الشرق الأوسط الدولية، العدد 15522، مايو/أيار 2021، في: https://cutt.us/k7vtO

علي الذهب، ما هي الاستراتيجية البريطانية العسكرية في اليمن، عربي 21، 11/8/2021، تاريخ الاطلاع: 20/3/2022، في: https://cutt.us/nr2hM

علي المعمري، برنامج بلا حدود، قناة الجزيرة، 23/6/2021، تاريخ الاطلاع: 15/3/2022، في: https://cutt.us/pt8FZ

فلاديمير ديدوشكين، الذكرى التسعين لتأسيس العلاقات الروسية اليمنية.. طريق طويل للصداقة والتعاون الودي الثنائي، المصدر أونلاين، 23/10/2018، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في:https://cutt.us/6cAO9

قناة الإخبارية السعودية، لقاء خاص مع رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، 13/12/2019، تاريخ الاطلاع: 30/4/2022، في: https://cutt.us/eWO8H

قناة الشرق، لقاء خاص مع معين عبد الملك، 12/2/2022، تاريخ الاطلاع: 23/4/2022، في: https://cutt.us/1cDaO

قناة العربية، طرق تهريب السلاح الإيراني للحوثيين، 8/11/2017، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/J9jXl

محمد الحضرمي، كلمة الأمم المتحدة، قناة سهيل، 29/9/2019، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/ubwrD

محمد السامعي، شركات عالمية تتنافس على الاستثمار النفطي في اليمن، وكالة الأناضول، 25/5/2013، تاريخ الاطلاع: 9/3/2022، في: https://cutt.us/B1sHE

محمد بن عديو، مقابلة تلفزيونية خاصة، قناة حضرموت اليوم، 12/10/2020، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/ONQwh

محمد حفيظ، تحت أنظار “الشرعية” والحوثيين… نفط اليمن يستخرجه اللصوص، تحقيق استقصائي للجزيرة نت، 6/7/2021، تاريخ الاطلاع: 30/4/2022، في:https://cutt.us/oq7Cz

محمد راجح، مخطط إماراتي لنهب نفط اليمن تسلل عبر البحر، العربي الجديد، 11/3/2020، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/Y4iPS

محمد عبد الله الحضرمي، وزارة خارجية الجمهورية اليمنية، تويتر، 30/6/2020، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/IExef

المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، “دول مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية“، ورقة مرجعية للمؤتمر السنوي الثالث لمراكز الأبحاث العربية، 5/ 12/ 2016، تاريخ الاطلاع: 7 /3/ 2022، في: https://cutt.ly/VOKzBfA

منير بن وبر، كيف يؤثر النفط على حاضر السياسة في اليمن ومستقبلها، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، 19/7/2019، تاريخ الاطلاع: 15/3/2022، في: https://cutt.us/ROooH

موقع رويترز، “الصين تفتتح أول قاعدة عسكرية دولية في جيبوتي”، 1/8/2019، تاريخ الاطلاع: 7/2/ 2022، في: https://cutt.ly/KIT1zQU

هشام الخولاني، مصالح الصين النفطية والاقتصادية مع الخليج تتجاوز اليمن العالق في الحرب، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 27/1/2021، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/xh78I

وزارة النفط والمعادن اليمنية، الغاز، موقع الوزارة، تاريخ الاطلاع: 22/2/2022، في: https://cutt.us/ceeHR

وزارة النفط والمعادن اليمنية، نبذة تاريخية عن استكشاف النفط في اليمن، موقع الوزارة، تاريخ الاطلاع: 22/2/2022، في: https://cutt.us/tOVDP

الوليد أبو حنيفة، الأمن الطاقوي وأهمية تحقيقه في السياسة الخارجية: دراسة “في المفهوم والأبعاد”،المركز الديمقراطي العربي، 13/1/2017، تاريخ الاطلاع: 22/2/2022، في: https://cutt.us/KLc6u

يحيى أبو زيد، هل استيقظت الرياض من حلمها بإنشاء أنبوب نفط في المهرة، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 24/12/2021، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/0qk5y

 

المراجع الأجنبية

 

Greenpeace, Says abandoned Yemen oil tanker a ‘grave threat’, 27/1/2022, Accessed on 15/3/2022, in: https://cutt.us/PUG5J

Asher Orkaby, Saudi Arabia’s War in Yemen Is About Oil, Accessed on; 17/3/2022, in: https://cutt.us/eM1th

JON GAMBRELL, Mysterious air base being built on volcanic island off Yemen, Associated Press, (25/05/2021), Accessed on 27/05/2022, in: https://cutt.us/hhaz

 

 

[1] إيناس خليل، بحث عن الطاقة ومصادرها وصورها وتحولاتها، 22/11/2021، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/wQI6

[2] إبراهيم ميرغني وسلطان الحارثي، الصراع على مصادر الطاقة الأحفورية وانعكاساته على الأمن الدولي، مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد 17، 2018، ص435.

[3] جان ماري شوفالييه، ترجمة أحمد بن إبراهيم الوادي، مئة كلمة في الطاقة، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم التقنية، الرياض، ط1، 2015، ص16.

[4] عبد القادر دندن، الاستراتيجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على الاستقرار في محيطها الإقليمي: آسيا الوسطى جنوب شرق آسيا، رسالة دكتوراه، جامعة باتنة الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2012-2014، ص 46.

[5] فوزية قاسي، الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب: منطق الأمننة في الساحل الإفريقي، رسالة ماجستير، جامعة وهران الجزائر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2012-2013، ص 74-75.

[6] إبراهيم ميرغني وسلطان الحارثي، مرجع سابق، ص441.

[7] المرجع نفسه، ص446.

[8] الوليد أبو حنيفة، الأمن الطاقوي وأهمية تحقيقه في السياسة الخارجية: دراسة “في المفهوم والأبعاد”، المركز الديمقراطي العربي، 13/1/2017، تاريخ الاطلاع: 22/2/2022، في: https://cutt.us/KLc6u

[9] وزارة النفط والمعادن اليمنية، نبذة تاريخية عن استكشاف النفط في اليمن، موقع الوزارة، تاريخ الاطلاع: 22/2/2022، في: https://cutt.us/tOVDP

[10] وزارة النفط والمعادن اليمنية، الغاز، موقع الوزارة، تاريخ الاطلاع: 22/2/2022، في: https://cutt.us/ceeHR

[11] محمد السامعي، شركات عالمية تتنافس على الاستثمار النفطي في اليمن، وكالة الأناضول، 25/5/2013، تاريخ الاطلاع: 9/3/2022، في: https://cutt.us/B1sHE

[12] وزارة النفط اليمنية، مرجع سابق.

[13] وزارة النفط اليمنية، مرجع سابق.

[14] منظمة الأكاديميين والمهنيين في اليمن، مستقبل النفط في اليمن، 24/5/2022، تاريخ الاطلاع: 29/5/2022، في: https://cutt.us/W9TC9

[15] منير بن وبر، كيف يؤثر النفط على حاضر السياسة في اليمن ومستقبلها، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، 19/7/2019، تاريخ الاطلاع: 15/3/2022، في: https://cutt.us/ROooH

[16] منظمة الأكاديميين والمهنيين اليمنيين، مرجع سابق.

[17] محمد السامعي، مرجع سابق.

[18] عبد السلام باعبود، وزير النفط اليمني لـ”الشرق الأوسط”: الحوثيون يبتزون العالم بصافر، جريدة الشرق الأوسط الدولية، العدد 15522، مايو/أيار 2021، في: https://cutt.us/k7vtO

[19] معين عبد الملك، لقاء خاص مع قناة الشرق، 12/2/2022، تاريخ الاطلاع: 23/4/2022، في: https://cutt.us/1cDaO

 [20] الوضع الراهن للنفط والغاز في اليمن، المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن، وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية، العدد 14، سنة 2016، ص3.

[21] فهد راوح، أزمة المشتقات النفطية في اليمن مظاهر وأسباب، مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، إسطنبول، ط1، 2021، ص20/41.

[22] منير بن وبر، مرجع سابق.

[23] وزارة النفط اليمنية، مرجع سابق.

[24] المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، “دول مجلس التعاون الخليجي: السياسة والاقتصاد في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية“، ورقة مرجعية للمؤتمر السنوي الثالث لمراكز الأبحاث العربية، 5/ 12/ 2016، تاريخ الاطلاع: 7 /3/ 2022، في: https://cutt.ly/VOKzBfA

[25] محمد كمال عبد الحميد، أمن الخليج وأمن البحر الأحمر قضية واحدة، دار الهلال، القاهرة، د.ط، 1977، ص12.

[26] شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج، الموقع الرسمي، عن صافر، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/U9Ydh

[27] محمد حفيظ، تحت أنظار “الشرعية” والحوثيين… نفط اليمن يستخرجه اللصوص، تحقيق استقصائي للجزيرة نت، 6/7/2021، تاريخ الاطلاع: 30/4/2022، في:https://cutt.us/oq7Cz

[28] معين عبد الملك، لقاء خاص مع رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، قناة الإخبارية السعودية، 13/12/2019، تاريخ الاطلاع: 30/4/2022، في: https://cutt.us/eWO8H

[29] وزارة النفط اليمنية، مصدر سابق.

[30] Greenpeace, Says abandoned Yemen oil tanker a ‘grave threat’, 27/1/2022, Accessed on 15/3/2022, in: https://cutt.us/PUG5J

[31] تقرير فريق الخبراء، مجلس الأمن، مستوردو الوقود المنتسبون للحوثيين، 2021، ص42.

[32] تقرير مبادرة استعادة، النفط والدماء: تقرير خاص عن تجارة وشركات النفط الحوثية، 20/12/2021، تاريخ الاطلاع: 4/5/2021، في: https://cutt.us/AK4OO

[33] عبد الرحمن حجري، قائد مقاومة تهامة: نرفض وصاية طارق صالح، قناة يمن شباب، 11/12/2019، تاريخ الاطلاع: 29/3/2022، في:  https://cutt.us/kCtaE

[34] علي المعمري، برنامج بلا حدود، قناة الجزيرة، 23/6/2021، تاريخ الاطلاع: 15/3/2022، في: https://cutt.us/pt8FZ

[35] محمد بن عديو، مقابلة تلفزيونية خاصة، قناة حضرموت اليوم، 12/10/2020، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في:

https://cutt.us/ONQwh

[36] جيفارا الشبواني، تقرير خاص عن قوات النخبة الشبوانية بين الواقع المعاش وتحديات المستقبل ودلالات الماضي، هنا عدن، 14/8/2017، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/Px52H

[37] تقرير فريق الخبراء، مجلس الأمن، يناير/كانون الثاني 2017، ص20.

[38] محمد عبد الله الحضرمي، وزارة خارجية الجمهورية اليمنية، تويتر، 30/6/2020، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/IExef

[39] شركة مسيلة لاستكشاف وإنتاج البترول، شركة بترو مسيلة، موقع الشركة، نبذة حول بترو مسيلة، تاريخ الاطلاع: 29/3/2022، في: https://cutt.us/ejkWa

[40] دونالد ترامب، صراع النفط، شهارة نت، 10/11/2016، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/ZqL9N

[41] Asher Orkaby, Saudi Arabia’s War in Yemen Is About Oil, Accessed on; 17/3/2022, in: https://cutt.us/eM1th

[42] يحيى أبو زيد، هل استيقظت الرياض من حلمها بإنشاء أنبوب نفط في المهرة، مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 24/12/2021، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/0qk5y

[43] قناة العربية، طرق تهريب السلاح الإيراني للحوثيين، 8/11/2017، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/J9jXl

[44] خالد بن سلطان بن عبد العزيز، موسوعة مقاتل من الصحراء، الوحدة اليمنية والحرب الأهلية 1994، تاريخ الاطلاع: 20/3/2022، في: https://cutt.us/UcyIW

[45] الجزيرة، التنقيب عن النفط في محافظة الجوف اليمنية، 14/3/2014، تاريخ الاطلاع: 20/3/2022، في: https://cutt.us/rGKqc

[46] محمد الحضرمي، كلمة الأمم المتحدة، قناة سهيل، 29/9/2019، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/ubwrD

[47] إليونورا أردماني، الاستثمارات الإماراتية المتنامية في البنى التحتية في قطاعي الطاقة والأمن في اليمن: تشكّل بصورة مطردة القوة المحرِّكة خلف التدخل الإماراتي لمحاربة الإرهاب، مركز كارينجي، 19/7/2018، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/rszko

 

[48] محمد راجح، مخطط إماراتي لنهب نفط اليمن تسلل عبر البحر، العربي الجديد، 11/3/2020، تاريخ الاطلاع: 17/3/2022، في: https://cutt.us/Y4iPS

[49] منظمة الأكاديميين والمهنيين اليمنيين، مرجع سابق.

[50] JON GAMBRELL, Mysterious air base being built on volcanic island off Yemen, Associated Press, (25/05/2021), Accessed on 27/05/2022, in: https://cutt.us/hhaz

[51] يوسف بن علوي، مؤتمر الحوار العربي الإيراني، مركز الجزيرة للدراسات، 22/5/2022، تاريخ الاطلاع: 29/5/2022، في: https://cutt.us/pNJv4

[52] مسفر الغامدي، النفوذ الإيراني في حوض البحر الأحمر: أهداف ومعوقات البقاء في إقليم حيوي، مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية، مجلة الدراسات الإيرانية، السنة الثانية، العدد الخامس، 2017، ص134.

[53] علي الذهب، التهديدات الأمنية غير التقليدية غربي المحيط الهندي وخليج عدن.. دراسة في تطوير آليات المواجهة، مركز الجزيرة للدراسات، الدوحة، ط1، 2021، ص64.

[54] عدنان أحمد عبد الله، تنمية القطاع الصناعي المعتمد على خامات النفط والغاز، هيئة استكشاف وإنتاج النفط اليمنية، عدن، ص4.

[55] موقع رويترز، “الصين تفتتح أول قاعدة عسكرية دولية في جيبوتي”، 1/8/2019، تاريخ الاطلاع: 7/2/ 2022، في: https://cutt.ly/KIT1zQU

[56] علي الذهب، ما هي الاستراتيجية البريطانية العسكرية في اليمن؟ عربي 21، 11/8/2021، تاريخ الاطلاع: 20/3/2022، في: https://cutt.us/nr2hM

[57] هشام الخولاني، مصالح الصين النفطية والاقتصادية مع الخليج تتجاوز اليمن العالق في الحرب،مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، 27/1/2021، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/xh78I

[58] المرجع نفسه.

[59] عامر عوض البرعام، الإمارات تحتل 9 مواقع اقتصادية في اليمن: تدمير الإيرادات، العربي الجديد، 1/11/2019، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في: https://cutt.us/G9XmZ

[60] فلاديمير ديدوشكين، الذكرى التسعين لتأسيس العلاقات الروسية اليمنية.. طريق طويل للصداقة والتعاون الودي الثنائي، المصدر أونلاين، 23/10/2018، تاريخ الاطلاع: 28/3/2022، في:https://cutt.us/6cAO9

 

.

رابط المصدر:

https://fikercenter.com/2022/06/08/%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%83%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%AC%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9/

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M