مي صلاح
سقط بوريس جونسون بعد ضغط كبير وتمرد من نواب حزب المحافظين أدى إلى استقالته من منصب رئاسة الوزراء، وأعطى فرصة للحزب الذي يتزعمه أن يدفع بالمرشحين المناسبين لخلافته في سباق مزدحم، ليجد المرشحون أنفسهم أمام تحديات وعوائق خلفها جونسون وراءه دون حل، وتبدأ الصراعات بينهم حول من منهم لديه الخطة الأفضل لإنقاذ بريطانيا من المستقبل غير محدد الملامح الذي تواجهه.
عندما استقال جونسون من منصبه يوم 7 يوليو، أوضح أنه سيبقى رئيسًا للوزراء إلى أن يختار المحافظون زعيمًا جديدًا، وفق جدول زمني تم تحديده من قبل أعضاء البرلمان المحافظين من خلال هيئة تسمى “لجنة 1922”. وتتم عملية الاختيار على مرحلتين: الأولى تقتضي تقليص عدد المرشحين إلى اثنين فقط من قبل تصويت المشرعين المحافظين، والثانية بتصويت أعضاء حزب المحافظين الحاكم المقدر عددهم بحوالي 200 ألف شخص من الجمهور البريطاني، تظهر نتيجته في الخامس من سبتمبر المقبل. وكان المرشحون الأكثر توافقًا لدى نواب حزب المحافظين هم: موردونت، وكيمي بادنوش، وسويلا برافرمان، وجيريمي هانت، وريشي سوناك، وليز تروس، وتوم توجندات، وناظم الزهاوي.
الأزمات الاقتصادية أكبر التحديات أمام المتنافسين على رئاسة وزراء بريطانيا
تلعب في هذه المنافسة عوامل عدة، على رأسها “البرنامج الاقتصادي” لكل المرشحين؛ في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بريطانيا، لا سيما على وقع تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا. وإذا كان أعضاء الحزب سينظرون إليها على أنها من الأولويات، لا سيما مع استمرار صعود حزب العمّال في استطلاعات الرأي، وتمكّنه من التقدم في انتخابات محلية جرت خلال العام الحالي، إلا أن الحسابات الداخلية للحزب لاختيار رئيس جديد للحكومة لن تكون بمنأى عن التأثيرات الأخرى، وسيحاول الحزب الحفاظ على مكانته وسط المنافسين.
وقد سلطت الحملات الانتخابية الضوء على انقسام حزب المحافظين بشأن مسألة الضرائب، إذ تعهد كل المرشحين بإجراء تخفيضات ضريبية فورية إن فازوا، باستثناء “سوناك” الذي يرى أن التخفيضات يجب التمهل فيها حتى ينخفض التضخم، مستشهدًا بأيقونة الحزب “مارجريت تاتشر”، ومؤكدًا أنها كانت ستدعم منهجه لو كانت موجودة.
وكذلك، هيمنت أزمة تكلفة المعيشة التي تخنق البريطانيين على المناقشات، وتمت أيضًا مناقشة قضايا النزاهة والثقة على نطاق واسع. وتطرق الجميع إلى إعلان موقفهم من “بوتين” والحرب الأوكرانية، فجميعهم أكدوا أنهم لن يجلسوا معه في قمة مجموعة العشرين، عدا “تروس” التي أكدت أنها ستحضر القمة، وستدعوه إلى مغادرتها والخروج منها. وقد اتفق الجميع تقريبًا على دعم التزام بريطانيا بالحد من انبعاثات الكربون إلى الصفر بحلول عام 2050، مستعرضين استراتيجيتهم البيئية حول هذا الموضوع.
وقد أسفرت الجولة الخامسة والأخيرة من جولات التصويت الإقصائي من قبل نواب حزب المحافظين عن إعلان وزير الخزانة السابق “ريشي سوناك” ووزيرة الخارجية الحالية “ليز تروس”، كمرشحين نهائيين سيختار أعضاء حزب المحافظين زعيمًا للحزب ورئيسًا للوزراء من بينهما.
وحصل سوناك في الجولة الأخيرة التي جرت الأربعاء الماضي على 137 صوتًا، فيما حصلت تروس على 113 صوتًا، وحصلت وزيرة الدفاع السابقة “بيني موردانت” على 105 أصوات، ما أدى إلى استبعادها من السباق، في تصدر واضح لسوناك في الجولات الخمس التي صوت فيها نواب حزب المحافظين لتقليص عدد المرشحين إلى اثنين فقط.
ماذا نعرف عن وزير المالية السابق؟
إذا فاز “ريشي سوناك” بزعامة الحزب سيصبح أول بريطاني من أصول آسيوية وهندية يشغل هذا المنصب. ولا ننسى أن سوناك كان أحد أهم أسباب سقوط جونسون؛ فاستقالته هو ووزير الصحة “ساجد جاويد” يوم 5 يوليو أدت إلى رضوخ جونسون وزعزعة استقراره وإعلان تنحيه عن المنصب الأكبر في البلاد، إذ تبعت استقالة سوناك 60 استقالة لنواب حزب المحافظين من الحكومة.
وبين من رأى في موقف سوناك “خيانة” لجونسون وبين من أثنى على شجاعته، يقترب وزير الخزانة السابق من مقعد رئيس وزراء بريطانيا عقب تصدره في الجولات الخمس من التصويب الإقصائي لتحديد المرشحين النهائيين للفوز بزعامة الحزب ورئاسة الوزراء. لكن تصدر سوناك قد لا يعكس رغبة القاعدة الأوسع من أعضاء حزب المحافظين الذين قد لا يمنحونه أصواتهم حسبما أظهر استطلاع لـ “YouGov”، وأن تروس قد تتغلب عليه بفارق يقترب من 20 نقطة.
ويواجه سوناك البالغ من العمر 42 عامًا عدة نقاط ضعف، أبرزها كونه مصرفيًا ثريًا سابقًا، ويوصف بأنه أغنى نائب بريطاني؛ وهذا يعني أنه بعيد عن قاعدة الجمهور الذي يعيش وسط ارتفاع معدلات التضخم وتكلفة المعيشة الصعبة، فضلًا عن تلطخ اسمه وسط فضيحة “بارتي جيت” التي كانت أحد أهم أسباب سحب الثقة من جونسون.
ولكن لسوناك كذلك رصيد جيد؛ إذ تم تعيينه مباشرة كوزير للخزانة قبل جائحة كورونا، وأسهمت خطط الإغاثة التي وضعها لمواجهة تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية ومساعدة البريطانيين على تجاوز تأثيرها عليهم في بروزه إلى واجهة المشهد السياسي. فحين ضربت الجائحة الاقتصاد البريطاني، تعهد سوناك بفعل كل ما يلزم لمساعدة الناس، وقدم خططًا بقيمة 350 مليار جنيه ضربت بسياسة حزب المحافظين التي تدعو إلى التقشف عرض الحائط، بالإضافة إلى برامج الدعم المالي للمتضررين، هذا فضلًا عن دعمه سياسة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقد يصبح سوناك وزيرًا للاقتصاد أو يُمنح “منصبًا كبيرًا آخر في الدولة” إذا أصبحت تروس رئيسة للحكومة.
“ليز تروس” المفضلة لدى جمهور الحزب الحاكم
باتت “ليز تروس” المرشحة المفضلة لخلافة بوريس جونسون في زعامة حزب المحافظين ورئاسة وزراء المملكة المتحدة، بعد أن أعلنت دعمها لرئيس الوزراء السابق بعد استقالة وزيري المالية والصحة، ورفضت الاستقالة من منصبها حتى لا تترك البلاد في فوضى وأن استقالتها ستكون “تقصيرًا في أداء الواجب”. وينسب إليها الفضل كذلك في تأمين الإفراج عن الصحفية “نازانين زاغاري” بعد 6 سنوات من الاعتقال في إيران، وأيضًا في فرض عقوبات على روسيا والأوليغارشية الروسية.
ولكن لا ينسى الكثيرون لها موقفها المتذبذب من الـ”بريكست”، فقد قادت حملة من أجل بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتبنّى بحماس الانسحاب من التكتل، ويصبح لها الفضل في إبرام اتفاقيات التبادل التجاري بعد الخروج. وقد أعادت كذلك تشكيل نفسها كمدافعة عن قضايا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وواصلت مفاوضات جادة مع الاتحاد الأوروبي بشأن التجارة في أيرلندا الشمالية. وبفوزها، ستكون “تروس” ثالث سيدة تتولى رئاسة الوزراء في بريطانيا بعد “تاتشر” و”تيريزا ماي”.
أوجه الاختلاف والاتفاق بين المترشحين لرئاسة الوزراء
يخوض المرشّحان “تروس” و”سوناك” مناظرات فيما بينهما، حيث تطرح الأزمات ذاتها التي تعصف بالمملكة المتحدة للنقاش، وعلى المرشحين أن يقدما رؤيتين مختلفتين خلال المواجهة، إضافة إلى تقديم حلول عجزت الحكومة السابقة عن تقديمها. وقد أظهرت المناظرة التي جرت بينهما وجود خلافات جوهرية في وجهات النظر، إذ مزق خلالها كل منهما خطط الآخر حول الضرائب والإنفاق، وصولًا إلى شخصيتهما، لزعزعة الرأي العام وتغيير نتائج الاستطلاعات، ويمكن إجمال أبرز هذه الخلافات فيما يلي:
- خطط تنافسية حول الضرائب والإنفاق:
الخلاف بين المرشحين يجعلنا نسلط الضوء على الانقسامات الموجودة بالأساس داخل الحزب الحاكم في بريطانيا بشأن أفضل طريقة لإدارة الاقتصاد، بين “تروس” التي تدعو إلى استمرار الانفاق الضخم لجونسون ومواجهة الاقتراض المتراكم خلال الوباء، ورفع معدل التأمين الوطني وخفض الضرائب وتحدي العقيدة الاقتصادية لوزارة المالية البريطانية القوية؛ وبين “سوناك” الذي يرى أن بلاده يجب أن تسدد ما عليها من ديون وأن يتحمل الشعب هذه المحنة بفرض ضرائب مرتفعة كي تتم معالجة التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى له منذ 40 عامًا، ليبلغ 9.8% والحيلولة دون تفاقمه.
وزيرة الخارجية ترى أن تركيز وزير المالية السابق على موازنة دفاتر الحكومة من شأنه أن يدفع الاقتصاد إلى الركود، مؤكدة أن خطته التي تقتضي سداد ديون الدولة سريعًا ورفع الضرائب إلى أعلى مستوياتها منذ 70 عامًا ستكون خطأ من شأنه أن يشجع على الانكماش الاقتصادي، مقترحة خططًا لإلغاء الزيادات في ضريبة الرواتب وضريبة الشركات، وتعهدت باتخاذ إجراء “صارم وحاسم” للحد من الإضراب الذي تقوم به نقابات العمال، لمنع شل الاقتصاد البريطاني. بينما يرى سوناك، أن خطة تروس هي مجرد تعافٍ مؤقت للاقتصاد سيتبعه انهيار دائم، وأن هذه الخطة ستؤجج التضخم، وهي الحجة التي استخدمها مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء 2016.
- السياسة الخارجية: “الصين” ساحة نزاع جديدة حاضرة بقوة:
كان على المرشحين أن يبينا مواقفهما من القوى الخارجية، فأعلن سوناك أنه سيصبح قاسيًا على الصين، معتبرًا إياها أكبر تهديد لأمن وازدهار بريطانيا والعالم هذا القرن، ومقترحًا سلسلة من الإجراءات لتحجيم نفوذ بكين في المملكة المتحدة، بداية من مواجهة محاولات التجسس الصناعي الصينية، والعمل على حماية الممتلكات البريطانية الفكرية والأصول البريطانية، وصولًا إلى سن قوانين جديدة أكثر صرامة للأمن القومي، وإنشاء تحالف دولي جديد على غرار حلف شمال الأطلسي “الناتو” لمواجهة التهديدات الصينية في مجال الأمن السيبراني.
وفي المقابل، لم تر “تروس” في الصين مشكلة لبلادها، وسخرت من قسوة “سوناك” المزعومة على الصين، مستشهدة بأنه إبان توليه وزارة المالية كان يدعو إلى توثيق العلاقات الثنائية والاقتصادية مع بكين من خلال مؤتمر “حوار المملكة المتحدة – الصين الاقتصادي”، بينما اتهم سوناك غريمته بإصدار تصريحات عن “حقبة ذهبية” بين الصين والمملكة المتحدة، لترد الأخيرة على الاتهام بالقول: “أعتقد أن ذلك كان قبل عقد من الزمان”، وأنها عازمة على الوقوف في وجه بكين بشكل أقوى مما يرغب فيه خصمها، مصورة نفسها على أنها أحد صقور السياسة الخارجية.
- سياسات الهجرة
بين هذا وذاك، لم يحسم المتنافسون ملف اللاجئين بشكل قاطع خلال المناظرة، فقضية الهجرة تأتي على رأس مخاوف الحزب، وكل من المرشحين يسعى إلى التفوق على بعضهما البعض فيما يخص الموقف الأقوى في هذا الشأن. فألمح “سوناك” إلى أنه سيتعامل مع الهجرة غير الشرعية على أنها “واحدة من خمسة ملفات طارئة أساسية” سيتصدى لها خلال أول مائة يوم له كرئيس للوزراء، ملوّحًا بأنه سيحجب المساعدات عن الدول التي لن تستجيب لاستقبال طالبي اللجوء ممن رُفضت طلباتهم في المملكة المتحدة، وأنه سيصلح نظام اللجوء، مشيرًا إلى أن البرلمان هو من سيحدّد عدد اللاجئين الذين تقبلهم المملكة المتحدة كل عام، وأن الأولوية ستكون للهاربين من خطر وشيك.
فيما قالت “تروس”، إنها ستسعى إلى عقد صفقات أكثر مع دول ثالثة- كتركيا- لاستقبال طالبي اللجوء في المملكة المتحدة، في صفقة مشابهة للتي عقدها رئيس الوزراء المستقيل بوريس جونسون مع رواندا وسببت جدلًا كبيرًا في بريطانيا، والتي تعتقد أنها السياسة الصحيحة، متعهدة بإكمال تنفيذها، وأنها ستزيد القوة الحدودية بنسبة 20%، معززة قانون الحقوق البريطاني. وتواجه خطة تروس انتقادات واتهامات بأنها تنتهك القانون الدولي، بعد تعهدها بأنها ستضغط من أجل تنفيذ إصلاحات في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كي تعمل “بشكل أفضل” لمصلحة بريطانيا.
- قضايا متفق عليها دون خلاف:
يبدو أن المرشحين لديهما نقاط توافقية، فقد اتفق المرشّحان على حذف أجزاء مهمة من اتفاقية الخروج من الاتحاد الأوروبي وإلغاء ما قد “يعيق النمو” في المملكة المتحدة. وكذلك تحظى “خصخصة الإعلام” بدعم المرشّحين اللذين أعربا عن تأييدهما لبيع القناة الرابعة. وأعلن كلاهما كذلك عدم موافقتهما على إجراء تصويت ثان على استقلال اسكتلندا.
موقف المرشحين من جونسون
وسط كل ما يحدث، كان لبوريس جونسون موقف في أولى جولات التصويت، فقد امتنع عن تأييد أي من المرشحين الذي يتنافسون على خلافته؛ بحجة أنه لا يريد الإضرار بفرص أي شخص، بينما استبعد كلا المرشحين أي دور لرئيس الوزراء الحالي في أي حكومة قد يقودانها.
فتروس التي لم تستقل من الحكومة، تدين بشكل أو بآخر لجونسون في صعودها الوزاري والسياسي داخل الحزب، وتلتزم بإبداء الدعم لرئيس الحكومة المستقيل في العلن، وترى أنه أنجز عملًا رائعًا بإنهاء مسألة “بريكست”، وتأمين لقاحات فيروس كورونا للبريطانيين، مرجحة أنه من الصعب أن يبتعد عن السياسة بهذه السهولة، وأنه سيظل مجاهرًا بآرائه، ولكن في جميع الأحوال، لن تجعله بأي شكل من الأشكال جزءًا من حكومتها.
أمَّا سوناك الذي عجَّلت استقالته من الحكومة الإطاحة بجونسون، فقد أشاد بجهوده، ولكنه يرى أنه يكفي ما قدم، وأن رحيله كان أمرًا حتميًا، ويبدو أن جونسون نفسه لا ينسى موقف سوناك الذي عجل برحيله؛ فوفقًا لتقارير إعلامية، أوضح جونسون إلى مقربين منه إلى أنه يرغب في أن يتولى أي شخص وظيفته عدا سوناك، وأنه سوف يقود حملة تسمى “أي شخص آخر ما عدا ريشي”، في خطوة يراها الكثيرون انتقامية لموقف لا يريد جونسون أن يمضي به قدمًا.
تضارب الآراء حول سياسات المرشحين
عقب انتهاء المناظرة، أظهر استطلاع رأي أن ناخبي “حزب العمال” المعارض يفضّلون أداء سوناك على أداء تروس، فيما انتقد زعيم الحزب “كير ستارمر” المناوشات التي طغت على المناظرة والتي تثبت أن حزب المحافظين فشل في مهمته، ويرى أنه إذا دلت المناظرة الأولى على شيء، فقد بيّنت مجدّدًا أن المحافظين يعيشون على الأرجح في فقاعة، معزولين عن القضايا اليومية التي تنغّص الشارع البريطاني، وأنهم لا يستطيعون بخطط حقيقية مواجهة أزمات كأزمة المعيشة وغلاء الأسعار وفواتير الطاقة والوقود والتغير المناخي وإضراب السكك الحديدية والفوضى التي تجتاح المطارات والحدود البرية وتداعيات “بريكست” والوباء معًا.
وعن العلاقات مع الدول التي تهدد الأمن والاستقرار والتي تعد دولًا ذات أكبر اقتصادات في العالم كالصين وروسيا، يرى “ستارمر” أن المرشحين استغلا المناظرة في تبادل الاتهامات وتحويلها إلى وعود انتخابية بالمقاطعة، في الوقت الذي لا يمكن للمملكة المتحدة فيه أن تتحمّل هذه التكلفة المضاعفة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لاستطلاع آخر أجرته “YouGov”، تفوقت تروس على سوناك خلال المناظرة في كل قضية تمت تغطيتها، بداية من أوكرانيا، مرورًا بتكلفة العيشة، وصولًا إلى الحلقة الأضعف بالنسبة إليها وهو ما يتعلق بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “البريكست” والبيئة والضرائب.
“شبح” جونسون يلوح في الأفق
نستنتج بعد خمس جولات شهدت صراعات كبيرة، أن أعضاء مجلس النواب من حزب المحافظين يفضلون سوناك، إلا أن الحال قد لا يكون كذلك مع قاعدة حزب المحافظين التي يبدو أنها تفضل “تروس”، ولكن في النهاية، من ينتصر سوف يصبح رئيسًا للوزراء وسيرث بريطانيا وما تواجهه من صعوبات لم تشهدها منذ عقود، من تضخم بلغ ذروته، ونمو متوقف، وقطاع صحي يعاني، وخدمات عامة متردية، وأغلبية برلمانية غير مستقرة، وجنيه إسترليني يقترب من أدنى مستوياته التاريخية مقابل الدولار، فضلًا عن الصراعات الداخلية والانقسامات للحزب، والتي سيتعين على الفائز بالمنصب أن يوحده للبقاء في السلطة والاحتفاظ بها وعدم تسليمها لحزب معارض ينتظر أي فرصة للحكم، خاصة وأن المشاكل التي يعاني منها حزب المحافظين تبدو أكبر بكثير وأبعد من “جونسون”.
ولكن يبقى المشهد مفتوحًا إلى حين أن تُحسم النتيجة في سبتمبر، وسط تكهنات أخرى بأن رئيس الوزراء المستقيل المسبب لكل هذه الانقسامات قد يعود ويرشح نفسه في الانتخابات المقبلة كزعيم حزب المحافظين مرة أخرى، خاصة بعد أن ظهرت بالفعل حملة تحمل اسم “أعيدوا بوريس جونسون”، والتي أطلقها منذ أسبوع أمين الصندوق السابق في حزب المحافظين البريطاني “كروداس شورديتش”، وحصدت حتى الآن توقيع أكثر من 10 آلاف عضو في الحزب أيّدوا إعادة الاستفتاء على عودة جونسون إلى منصبه، فهل يستغل جونسون الفرصة ويعود للمشهد السياسي، أم يبقى بعيدًا ويحترم عملية انتخاب القيادة الجديدة؟
.
رابط المصدر: