يسير قطاع الكهرباء في بريطانيا نحو نفق مظلم، مع تخلّي الدولة الأوروبية عن آخر محطة الفحم في غضون أشهر، بجانب الاستعداد لتخارج عدد من المحطات النووية بعد انتهاء عمرها الافتراضي.
ومع بلوغ الطلب على الكهرباء ذروته خلال فصل الشتاء، تواجه لندن خطرًا وشيكًا؛ إذ بات مزيجها الكهربائي يفتقر لإمدادات موثوقة ومستقرة، أو حتى استثمارات تبثّ قدرًا من الطمأنينة بأن الأمر لن يصل إلى انقطاعات في التيار.
وتعدّ عوامل الضغط على المزيج أبرز الملفات على مائدة الحكومة الجديدة التي قد تتشكل بعد إجراء الانتخابات العامة، خلال النصف الثاني من العام الجاري 2024، ويرجّح فوز حزب العمال بها، بحسب ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
إمدادات غير مستقرة
يُقدَّر معدل الطلب على الكهرباء في بريطانيا، خلال فصل الشتاء، بما يتراوح بين 35 و45 غيغاواط، ويعتمد القطاع على مصادر متنوعة للوفاء بهذا القدر.
ولم يكن من السهل بناء قدرة يمكنها تلبية هذا الطلب الهائل، غير أن لندن توسعت في مشروعات متجددة ونووية، لتساعد جنبًا إلى جنب مع محطات الفحم وغيرها للوصول إلى مشروعات مثبتة، بقدرة إجمالية تصل إلى 97 غيغاواط.
ويبدو أن المستهلك كان ضحية توسعات القطاع لتلبية الطلب، إذ سجلت فواتير الكهرباء زيادة إلى نحو 3 أضعاف من بداية القرن منذ 23 عامًا.
ورغم أن مصادر الطاقة المتجددة توحي باستقرار وموثوقية الإمدادات، فإن التقلبات الجوية خلال فصل الشتاء أثّرت في معدلات توليد الكهرباء من مشروعات الرياح والطاقة الشمسية، بحسب تحليل منشور على الموقع الإلكتروني لحملة نت زيرو ووتش (Net Zero Watch).
يضاف لذلك المخاوف من تكرار حالة الجفاف التي ضربت البلاد عام 2021، وامتدت آثارها لعام لاحق، في موجة أضافت لقطاع الكهرباء في بريطانيا المزيد من الضغط مع تراجع قدرة التوليد.
وخلال الأشهر بين أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، وحتى أبريل/نيسان من العام اللاحق له (مدة فصل الشتاء)، يهبط معدل إسهام الطاقة الشمسية في مزيج الكهرباء إلى “الصفر”.
بدائل محدودة
مع إقدام قطاع الكهرباء في بريطانيا على التخلي عن آخر محطة تعمل بالفحم بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل، باتت الخيارات محدودة أمام الحكومة الجديدة، المرجح أنها ستنتمي لحزب العمال.
ويعزف المستثمرون عن بناء مشروعات لمحطات كهرباء ذات الدورة المركبة عاملة بتوربينات الغاز، رغم أن عددًا كبيرًا من المحطات يستعد للتقاعد، بعد أن استمر عملها ما يقرب من 25 عامًا.
وتستهل الدولة الأوروبية فصل الشتاء المقبل ببدائل، تنحصر بين الطاقة النووية ومحطات الكهرباء ذات الدورة المركبة، لتجنّب انقطاعات المصادر المتجددة.
لكن هذه القدرة الموثوقة المتبقية تسير -أيضًا- باتجاه التقاعد خلال السنوات المقبلة، إذ ينتهي العمر الافتراضي للمحطات النووية الحالية بحلول عام 2031، دون البدء في بناء محطات إضافية، أو رسم أفق لمستهدف تعزيز مزيج الكهرباء في بريطانيا ببناء قدرة نووية جديدة تُقدَّر بنحو 24 غيغاواط.
ويستثنى من ذلك محاولات إتمام بناء مفاعل هينكلي بوينت سي (Hinkley Point C)، بحلول عام 2027 أو 2030 على أقصى تقدير.
حكومة العمال
يفقد قطاع الكهرباء في بريطانيا سعة ضخمة مع تخارج محطات الفحم والمحطات ذات الدورة المركبة، لتواجه حكومة حزب العمال المرتقبة مطلع عام 2025 المقبل بحجم طلب يصل إلى 45 غيغاواط، في حين إنها تملك قدرة بنحو 18 غيغاواط فقط من الطاقة النووية والغاز.
وقد ينقذ الحكومة الجديدة قليلًا صدور موافقات تنظيمية تسمح للمحطات النووية المستعدة للتخارج بمدّ عمرها التشغيلي، لتسهم -بجانب الكتلة الحيوية- في تجنّب أزمة طاقة تُلهب أسعار الكهرباء مرة أخرى، أو تجنّب انقطاع محتمل في التيار.
ويتعين على الحكومة الجديدة الاستعداد للإجابة عن تساؤلات حول مستقبل القطاع بعد انتهاء ولايتها، في ظل توقعات بانخفاض القدرة المتاحة حينها إلى 12 غيغاواط فقط من المصادر كافة.
ويبقى سؤال مُلحّ مطروح: “هل تضطر بريطانيا إلى إرجاء خطط إغلاق محطات الفحم والمخاطرة بتعهداتها المناخية؟”، خاصة أن آخر محطات توليد الكهرباء بالوقود الملوث أنقذت البلاد بأكبر حصة في المزيج منتصف يناير/كانون الثاني الجاري.
وتحاول الدولة الأوروبية التخلص تدريجيًا من الوقود الأحفوري، ونجحت بالفعل في خفض كميات الكهرباء المولدة من المحطات العاملة بالفحم والغاز خلال العام الماضي بنسبة 20%، مسجلة مستوى قياسيًا.
موضوعات متعلقة..
- شبكة الكهرباء في بريطانيا تعرقل الاستفادة من الطاقة المتجددة (تقرير)
- آخر محطة لتوليد الكهرباء بالفحم تنقذ بريطانيا من خطر وشيك
- مزارع الرياح تولد أكثر من نصف الكهرباء في بريطانيا خلال 30 دقيقة فقط
المصدر : https://attaqa.net/2024/02/04/%d9%85%d8%b2%d9%8a%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%87%d8%b1%d8%a8%d8%a7%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%a8%d8%b1%d9%8a%d8%b7%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a7-%d9%8a%d9%86%d8%b0%d8%b1-%d8%a8%d9%83%d8%a7%d8%b1%d8%ab%d8%a9/