وافقت مصر على تسيير رحلات جوية بين مطاري القاهرة وصنعاء الدوليين، بعد توقف دام لسنوات، وذلك ضمن مسار “هدنة الأمم المتحدة” السارية في اليمن، في خطوة لاقت ترحيبًا خاصًا من الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش”، الذي وجه الشكر خلال اتصال مع وزير الخارجية سامح شكري إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على جهود مصر في تثبيت الهدنة، وتخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق، والإسهام في جهود إحلال الاستقرار والأمن في اليمن، ودعم إيجاد تسوية مستدامة للأزمة هناك، مؤكدًا أن هذا هو وقت التضافر وبذل المزيد من الجهد للبدء في إصلاح ما كسرته الحرب اليمنية.
إغلاق أرخى بتداعياته على اليمن
عام 2015، توقفت حركة الطيران في اليمن بسبب الحرب، وهو الوضع الذي أدى إلى خسائر كبيرة على المستوى الاقتصادي وتفاقم الوضع الإنساني لليمنيين. وتكبد قطاع الطيران خسائر مباشرة جراء انخفاض معدلات حركة الطيران المتمثلة في عدد الركاب والرحلات وحجم الشحن الجوي، فوصل هذا الانخفاض إلى 95% منذ بداية الحرب.
وأدى توقف الطيران إلى تأثر القطاع الطبي، حيث يسافر الكثير من المرضى سنويًا للعلاج في الخارج بسبب ضعف الخدمات الطبية محليًا، بالإضافة إلى أن الصعوبات التي طرأت دفعت بمن استطاع الخروج بالبقاء خارج البلاد بدلًا من العودة واستكمال العلاج.
وجاء قرار توقف الطيران في إطار بدء عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بعد انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية اليمنية، واستيلائها على العاصمة صنعاء. وقد أوقفت “مصر للطيران” رحلاتها إلى العاصمة اليمنية صنعاء يوم 26 مارس 2015، بعد أن كانت تنظم رحلة إلى اليمن يوميًا، ولكن بعد العمليات العسكرية، وتحول منطقة الطيران اليمنية إلى منطقة خطرة وغير آمنة، توقفت الرحلات.
هدنة أممية في اليمن.. خطوة أولى نحو السلام
في مطلع أبريل الماضي، وتحديدًا في أول أيام شهر رمضان، انطلقت هدنة بقيادة الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ، في خطوة يراها الجميع فرصة لإحلال سلام شامل وعادل نحو التصدي للخروقات التي يقوم بها مليشيات الحوثي، والتي تظهر عداءً واضحًا لإفشال هذه الهدنة وغلق أبواب السلام، واختراق القانون الدولي الإنساني.
وتهدف هذه الهدنة في المقام الأول إلى فتح معابر مدينة تعز والمدن الأخرى، ودفع الميليشيا الحوثية نحو استكمال إجراءات تبادل الأسرى والمحتجزين والمخفيين قسرًا، وصرف رواتب الموظفين من رسوم سفن المشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة، وإنهاء حرب الخدمات التي يديرها الانقلابيون ضد الشعب اليمني.
ومن المتوقع أن تستمر هذه الهدنة لمدة شهرين من تاريخ انطلاقها، قابلة للتمديد، لإفساح المجال أمام الجهود الدولية والأممية لإطلاق محادثات سلام شامل ودائم. وتتضمن الهدنة وقفًا شاملًا للعمليات العسكرية وفتح مطار صنعاء إلى وجهات محددة، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، وفتح المنافذ البرية بين مدن البلاد التي تشهد صراعًا مسلحًا منذ نحو ثماني سنوات.
وتطرق المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج إلى الإجراءات الميدانية التي رافقت الهدنة المعلنة التي تهدف لتخفيف المعاناة الإنسانية، ولهذا رحب بعودة النشاط الجوي لمطار صنعاء الدولي الذي قوبل بارتياح شعبي كبير داخل اليمن، وفي هذا الشأن قال إنه يعمل مع جميع المعنيين لضمان انتظام الرحلات الجوية من مطار صنعاء وإليه خلال مدة الهدنة، وأنه يسعى إلى بحث آليات مستدامة لإبقاء المطار مفتوحًا أمام المسافرين. ومن المتوقع للأيام المقبلة أنها ستشهد تكثيفًا لجهود الوسطاء والمساعي الأممية والدولية والإقليمية من أجل تمديد الهدنة والانتقال إلى مرحلة التفاوض المباشر لإحلال السلام وإنهاء الحرب في اليمن.
دور مصر في إحلال السلام اليمني
لاقت الهدنة في اليمن ترحيبًا دوليًا وأمميًا وإقليميًا واسع النطاق، وقد رحبت مصر بهذه الهدنة يقينًا منها بأنها أولى خطوات السلام وإنهاء معاناة الشعب اليمني الذي يعاني منذ سنوات بسبب غياب أفق الحل السياسي للأزمة.
وتعكس كل الجهود المصرية المبذولة في ملف الأزمة اليمنية وجود إشارات واضحة على أن هناك اهتمامًا مصريًا كبيرًا على كافة الأصعدة الأمنية والسياسية في ملف اليمن، ويأتي هذا من منطلق الحرص على إرساء دعائم السلام والاستقرار في البلد الشقيق، والحفاظ على دوائر الأمن القومي المصري، لا سيّما عند مضيق باب المندب الذي يعد بوابة العبور نحو قناة السويس، وجزءًا مهمًا للملاحة البحرية بوجه عام. ولهذا، يتنوع الحضور المصري في المنطقة لصيانة الأمن القومي العربي، لا سيّما في اليمن؛ إذ إن حلحلة الأزمة اليمنية أمر مهم بالنسبة لمصر ولاستقرار المنطقة بشكل عام.
.
رابط المصدر:
