تتباهى الحكومة المصرية بتحقيقها فائضا فى إنتاج الكهرباء يفوق احتياجات الاستهلاك المحلى بأكثر من 25 ميجاوات، حيث يبلغ الإنتاج الحالي من الكهرباء 58 جيجاوات تقريبا، بينما يتراوح الاستهلاك ما بين 30- 32 جيجاوات، أي أن الفائض يتراوح ما بين 26- 28 جيجاوات، وهي أرقام تخص الفارق مع ذروة الاستهلاك الصيفي، لكن الفارق يتسع شتاءً مع انخفاض الاستهلاك للكهرباء بالشتاء.
بينما يرى آخرون أن النسبة المتعارف عليها فى فرنسا وألمانيا لإيجاد احتياطي بالكهرباء تمثل نسبة 15%، أي حوالي 4.8 ميجاوات فقط بالنسبة لذروة الاستهلاك المصرى، وبما يعنى اتساع الفائض عن النسب الدولية.
أما من يراهنون على قدرة وزارة الكهرباء على الاستفادة بتلك الطاقة الفائضة من الكهرباء بتصديرها، فعليهم أن يعرفوا أن النصيب النسبي لكميات الكهرباء التى تم تصديرها، بلغت نسبة ثلاثة بالألف من إجمالي الكهرباء المولدة محليا بالعام الماضي 2018/2019، وعلى الجانب المعاكس تسببت الزيادات المتتالية فى أسعار الكهرباء فى انخفاض كميات مبيعات الكهرباء محليا خاصة بالاستهلاك المنزلي، الذي يمثل المكون الأكبر بالاستهلاك المحلى رغم زيادة عدد المشتركين.
ومن هنا تتعطل الاستفادة بتلك الفوائض الكهربائية التى تمت بقروض محلية وخارجية، حتى بلغت أرصدة قروض الشركة القابضة لكهرباء مصر 312.2 مليار جنيه بنهاية يوليو/تموز 2019، وبلغت قيمة الأعباء السنوية لتلك القروض من أقساط وفوائد 45.4 مليار جنيه خلال العام المالي 2018/ 2019، حيث تم الإغداق على قطاع إنتاج الكهرباء بدون تخطيط كاف.
حتى إنه لم يتوازَ معه بنفس التوقيت توسيع شبكات نقل وتوزيع الكهرباء لإمكانية إمرار ذلك الفائض بالإنتاج، وهو ما بدأ تداركه بعدها، إذا كانت الحكومة قد أشادت بتوقف خفض الأحمال منذ يونيو/حزيران 2015، بسبب زيادة طاقات إنتاج الكهرباء، فإن وزارة الكهرباء قد حصلت على قروض مصرفية بقيمة 37 مليار جنيه من خمسة مصارف محلية فى يوليو/تموز 2017، لتوسيع شبكة نقل وتوزيع الكهرباء خص دعم شبكات النقل 18 مليار جنيه ودعم شبكات التوزيع 19 مليار جنيه والتي كان من المفترض أن تستغرق عامين.
وتبدأ القصة من أن زيادة ارتفاع درجات الحرارة خلال أشهر الصيف تؤدى الى زيادة استهلاك الكهرباء، نتيجة استعمال المراوح والمكيفات فى كل البيوت والمحال التجارية والورش والعنابر الصناعية، خاصة فترات المساء وارتياد المقاهي والكافيهات والكازينوهات وغيرها، وهنا يصل معدل الاستهلاك لذروة قد لا تستطيع قدرات الإنتاج المتاحة مجابتها، خاصة إذا كانت تعاني من مشاكل تحول دون الاستفادة من كامل قدراتها الإنتاجية.
مما يضطر بعض محطات الإنتاج لفصل الكهرباء عن بعض المناطق لتقليل الأحمال على الشبكة العامة للكهرباء، وهو أمر جرى اتباعه فى مصر منذ عام 2008 واستمر ذلك الانقطاع الموسمي خاصة خلال بعض أيام الحر الشديد صيفا خلال السنوات التالية، ومنها العام الذي تولى فيه الرئيس محمد مرسى الحكم، فاستثمر الإعلام المضاد ذلك الانقطاع في التيار الكهربائي للتشهير بمرسى.
وبعد تولى الجيش السلطة فى يوليو تموز 2013 استمرت المشكلة حتى كانت ذروتها فى صيف 2014، مما أحرج النظام بعد أن قال الكثير من العوام ما معناه: “انقطاع للكهرباء بفترة الإخوان وانقطاع للكهرباء بعهد الجيش. فما هو الفرق إذاً؟”، وهنا وجه الجنرال المصرى كل الجهود لحل مشكلة انقطاع الكهرباء كأولوية رئيسية بأية تكلفة، فسار الحل على أكثر من محور.
من ذلك محور عمل خطة عاجلة لإضافة 3,636 ميجاوات قبل دخول الصيف التالي، ومحور بالإسراع باستكمال مشروعات لإنتاج الكهرباء يجرى إنشاؤها منذ سنوات ماضية، ومحور لعمل برامج للصيانة لرفع كفاءة محطات الإنتاج، ومحور برفع كفاءة إنتاج محطات تعمل بالدورة البسيطة إلى الدورة المركبة، إلى جانب حل مشاكل نقص الوقود اللازم لإنتاج الكهرباء خاصة الغاز الطبيعي وتشجيع استخدام المصابيح الموفرة للطاقة بالمنازل والشوارع.
وبالفعل تمكنت الخطة العاجلة التى تكلفت 2.7 مليار دولار وجرت فى العديد من الأماكن، بشرم الشيخ وبورسعيد وعتاقة والمحمودية والغردقة وغرب أسيوط وغرب دمياط، إلى جانب وحدات متنقلة بمدن الصعيد فى إضافة 3,626 ميجاوات خلال ثمانية أشهر ونصف.
كما تمكن محور استكمال مشروعات سبق البدء فى تنفيذها بست مناطق هي: العين السخنة وبنها والسادس من أكتوبر وشمال الجيزة والسويس علاوة على محطة للرياح، فى إضافة 4,250 ميجاوات بتكلفة 3.98 مليار دولار، كذلك ساهم إجراء برنامج للصيانة والعمرات للمحطات بشهر أبريل قبل دخول الصيف فى استعاضة قدرات بلغت حوالي 2,229 ميجاوات.
هوجة إنتاجية بلا تخطيط:
والنتيجة أنه منذ مايو 2015 لم يتم قطع الكهرباء من قبل شركات الإنتاج عن المشتركين بسبب زيادة الأحمال، بعد توافر طاقة إنتاج فائضة تزيد عن أعلى رقم للحمل الأقصى للاستهلاك، وهذا بالطبع يختلف عن انقطاع الكهرباء بسبب شبكات النقل والتوزيع والذي ما زال قائما حتى الآن بالعديد من الأماكن ومنها القاهرة الجديدة.
وكان من التخطيط الرشيد التوقف هنا بعد بلوغ قدرات التوليد 38.857 جيجا وات فى يونيو حزيران 2016 وقبل دخول أية كهرباء من محطات شركة سيمنس الألمانية لتقييم الموقف، وتحديد الاحتياجات من إنتاج الكهرباء خلال السنوات التالية فى ضوء معدلات الاستهلاك المتوقعة من القطاعات المختلفة.
لكن العامل السياسي تدَخل كالعادة بإبرام عقد مع شركة سيمنس الألمانية لإقامة ثلاثة محطات إنتاج ضخمة للكهرباء بإجمالي قدرات 14,400 ميجاوات، بدون إجراء مناقصة دولية بين الشركات العالمية ولكن بأسلوب الأمر المباشر لتعزيز العلاقة مع ألمانيا حيث كانت الشركة العالمية تمر بظروف صعبة وقتها.
كما تم الاتفاق على التوسع فى مشروعات إنتاج الكهرباء من الشمس والرياح ومن الفحم ومن تخزين وضخ المياه ومن الطاقة النووية، إلى جانب إضافة قدرات من مشروعات إنتاجية جارى استكمالها، وكانت النتيجة فائض إنتاجي ضخم عجزت وزارة الكهرباء عن الاستفادة منه بسبب ضيق الخيارات أمامها.
حيث كان أمامها الاتجاه لوقف تشغيل محطات الإنتاج القديمة، لكن هذا الأمر يعرض المحطات للصدأ فكان البديل تكهين بعضها مثل تكهين محطة كرموز الغازية فى يوليو 2018 وتكهين وحدة غازية بمحطة الشباب الغازية فى أكتوبر 2018 وتكهين محطة السيوف الغازية فى نوفمبر 2018.
بينما كان أسلوب خفض الإنتاج هو الأرجح مثلما حدث بمحطة دمنهور المركبة فى فبراير 2019 ومحطة الغردقة الغازية أبريل 2019 ومحطة عتاقة البخارية بيونيو 2019 ومحطة طلخا البخارية يونيو 2019 وغيرها. وبعد تقليل فترة تشغيل الوحدات المتنقلة التى تم تدشينها ضمن الخطة العاجلة إلى 120 دقيقة، على مدار الأربع والعشرين ساعة تم وقفها تماما فى فبراير 2018، وهكذا وصل الأمر إلى أن نصف مشروعات الخطة العاجلة أصبحت متوقفة.
كما دفع الأمر وزارة الكهرباء إلى ترحيل مشروعات إنتاج الكهرباء المقررة بخطة 2017- 2022 إلى الخطة الخمسية التالية وهى 2022- 2027، وتأجيل مشروع إنتاج الكهرباء بالفحم ومن خلال التخزين والضخ.
صعوبات أمام تصدير الكهرباء
وكان البديل الثاني أمام الوزارة هو الاستفادة بذلك الفائض فى تشغيل محطات تحلية المياه، وكذلك فى تشغيل خطوط مترو بالمدن، لكن قرارات إنشاء مثل تلك المشروعات ليست بيد وزارة الكهرباء، بينما البديل الأكثر ملاءمة لها هو زيادة كميات تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة، خاصة وأن هناك ربطا كهربائيا مصريا مع كلا من ليبيا والأردن منذ عام 1998.
مبيعات الكهرباء المصرية – ج. و. س –
نسبة الطاقة الصادرة إلى المولدة % | إجمالي الطاقة المولدة | كمية الطاقة الواردة والمشتراة | كمية الطاقة الصادرة والمباعة | السنة |
0.7 | 125129 | 251 | 814 | 2007/2008 |
0.8 | 131040 | 126 | 1022 | 2008/2009 |
0.8 | 139000 | 183 | 1118 | 2009/2010 |
1.1 | 146796 | 152 | 1595 | 2010/2011 |
1.1 | 157406 | 102 | 1679 | 2011/2012 |
0.3 | 164628 | 77 | 474 | 2012/2013 |
0.3 | 168050 | 61 | 460 | 2013/2014 |
0.4 | 174875 | 51 | 730 | 2014/2015 |
0.4 | 186320 | 54 | 747 | 2015/2016 |
0.2 | 189550 | 65 | 333 | 2016 /2017 |
0.2 | 196760 | 81 | 425 | 2017/2018 |
0.3 | 199843 | 70 | 641 | 2018/2019 |
المصدر: التقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر – أعداد مختلفة.
يتضح من بيانات الجدول السابق المستمد التقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر أن كميات التصدير لا تمثل سوى نسبة بسيطة من إنتاج الكهرباء، بل أن الكميات التى كان يتم يتم تصديرها بالسنوات الأخيرة للرئيس مبارك بالمقارنة لنقص الإنتاج خلالها، تزيد كثيرا عن الكميات التى تمت فى ظل تولى الجيش السلطة فى ظل زيادة كميات الإنتاج.
ومن هنا فإن هذا البديل يحتاج إلى سنوات لإقامة خطوط ربط مع الجهات التى سيتم التصدير إليها، وتكلفة لإقامة تلك الخطوط ورغبة من الطرف الآخر فى استيراد الكهرباء المصرية إذا كانت بها ميزة نسبية بالنسبة له.
تأجيل الربط السعودي حتى 2023
وإذا كان خط الربط الليبي هو أقدم خطوط ربط الكهرباء المصرية والذي أقيم فى مايو 1998، فإن المشكلة الرئيسية به هي الجهد المحدود له والبالغ 220 ج. و. س فقط، مما لا يجعله لا يستطيع استقبال كميات كبيرة، وجاء توتر العلاقات بين مصر وحكومة الوفاق الليبية كعامل مضاد لتطوير قدرات ذلك الخط رغم حاجتها للكهرباء، كما يتوقع أن يتخذ الجانب المصرى قلة إمدادها بالكهرباء ضمن وسائل الضغط عليها.
والخط الثاني والرئيسي بالتصدير المصرى هو الربط مع الأردن والذى بدأ فى أكتوبر 1998، ويصل جهده إلى 400 ج. و. س , وكان المأمول عند إنشائه أن تصل الكهرباء المصرية عبره إلى لبنان ثم سوريا ثم لكن تلك الآمال تعثرت، ثم تحولت الآمال إلى توصيل الكهرباء المصرية إلى العراق الذى يعانى من نقص ملحوظ بالكهرباء عبر الأردن، إلا أن متحدثا باسم وزارة الكهرباء المصرية صرح فى يوليو 2020 أن دراسات تصدير الكهرباء المصرية، إلى كل من سوريا والعراق قد توقفت بسبب الظروف الداخلية غير المواتية بالبلدين.
وإلى جانب كميات تصدير بسيطة تصل لحوالي 32 ميجا وات لفلسطين لحل نقص الكهرباء بغزه، فقد تم مؤخرا الربط الكهربي مع السودان بنهاية مارس 2020 بعد سلسلة من التأجيلات منذ ديسمبر 2018، إلا أنه يعمل بقدرة 70 ميجاوات كمرحلة أولى.
ومنذ عام 2010 يجرى الحديث عن الربط الكهربي بين مصر والسعودية لكنه تعرض للتأجيل مرات عديدة، كان منها تأجيل التشغيل إلى عام 2022 بدلا من عام 2020 بسبب تغيير مسارات خط الربط، داخل الجزء السعودي بعد بدء مشروع نيوم السياحي العملاق، ثم فى يوليو 2020 تم الإعلان عن تأجيل إطلاق المشروع حتى نهاية 2023 بسبب عمليات تغيير المسار.
وكانت استثمارات الخط قد بلغت 1.6 مليار دولار، نصيب السعودية منها 1 مليار دولار، لكن الخبراء يتوقعون أن يتسبب التأجيل فى زيادة التكلفة بنسبة 30%، حيث يستهدف تبادل 3000 ميجا وات ما بين البلدين نتيجة اختلاف فترة ذروة الطلب التى تكون بالسعودية بعد الظهيرة بينما تكون بمصر بالمساء.
آمال عربية وأوربية وأفريقية للربط
وفى مارس 2018 تم الإعلان عن مذكرة تفاهم لربط كهربي بين مصر وقبرص بقدرة 2000 ميجاوات، وفى سبتمبر 2018 تم الإعلان عن الاتفاق على شركة أوربية لم يعلن عن اسمها لتنفيذ المشروع وأنه سيتم توقيع العقد معها نهاية عام 2019، وأنه سيمتد من قبرص إلى اليونان ثم من اليونان إلى أوروبا، لكن الأمر ما زال فى مرحلة الدراسات مع توقعات ببدء المرحلة الأولى من المشروع بطاقة 1,000 ميجاوات فى ديسمبر 2022، لكن الواقع العملي لم يشهد أية خطوات تنفيذية.
ويجد المسؤولين المصريين بقطاع الكهرباء فى موضوع الربط الكهربائي، مجالا خصبا للطموحات التى لا تستند حتى الآن إلى واقع عملي، فمع الحديث عن الربط الكهربي بين مصر والأردن جرى الحديث عدة مرات أنه سيكون ضمن ربط بين ثمانية دول تشمل: مصر والأردن وفلسطين والعراق ولبنان وسوريا وتركيا وليبيا، لكن لا توجد أية خطوات تنفيذية فى هذا الاطار.
كذلك جرى الحديث عن الاستفادة من الربط المصرى الأردني فى الترابط مع شبكة الكهرباء الرابطة بين دول الخليج العربي، وهذا أيضا لم تحدث به خطوات عملية سوى مذكرة تفاهم فى نوفمبر 2019 بين مصر والأردن من جهة وهيئة الربط الخليجي من جهة أخرى، كذلك الحديث عن سوق عربية مشتركة للكهرباء والتي صدر قرار مجلس جامعة الدول العربية فى سبتمبر 2016 بالموافقة عليها دون خطوات عملية.
كذلك تكرر الحديث عن الاستفادة من خط الربط بين مصر والسودان بالوصول إلى أثيوبيا ثم إلى بلدان أفريقية أخرى، أيضا الحديث عن الربط بين مصر والمغرب العربي كهربيا من خلال خط الربط مع ليبيا، ثم الامتداد من المغرب العربي إلى أوربا عبر الربط مع أسبانيا.
قيمة الصادرات المصرية للكهرباء – مليون دولار
القيمة | السنة |
110 | 2010 |
282.4 | 2011 |
184.8 | 2012 |
62.5 | 2013 |
57.2 | 2014 |
50.4 | 2015 |
33.3 | 2016 |
0.3 | 2017 |
18.8 | 2018 |
52.5 | 2019 |
– المصدر: البيانات من نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء أعداد مختلفة
وهكذا تشير بيانات التجارة الخارجية المصرية لتدني العائد من تصدير الكهرباء بالقياس للإنفاق الكبير الذي تم بقطاع الكهرباء، والذى تقول الحكومة إنها أجرت به استثمارات بقيمة 515 مليار جنيه، وهو رقم يحتاج تدقيق لتعارضه مع بيانات متابعة الخطة السنوية بوزارة التخطيط، وكذلك مع بيانات الشركة القابضة لكهرباء مصر، وهي الشركة الأم بقطاع الكهرباء والتي تتبعها شركات إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، كما يلاحظ أن قيمة صادرات الكهرباء كانت أكبر قبل استيلاء الجيش على السلطة فى يوليو تموز 2013، أي أكبر من فترة الفائض الضخم بالكهرباء.
تراجع الاستهلاك رغم زيادة المشتركين
يتضمن التوزيع النسبي للكهرباء المباعة على جميع الجهود حسب الأغراض المختلفة بالعام المالي 2018/2019، تصدر القطاع المنزلي بنسبة 39.6 % من الإجمالي، يليه قطاع الصناعة بنسبة 29.2 % والمحلات التجارية والأنشطة الأخرى المشابهة 12.9 %، والجهات الحكومية 5.1 % والأنشطة الزراعية 4.7 % والمرافق 4.3 % والإنارة العامة 3.5 % والمبيعات لدول الربط 0.3 %.
لكنه لوحظ فى الطاقة المباعة للقطاع المنزلي الذي يمثل الحصة الأكبر من المبيعات انخفاض الكميات المباعة من 73 ألف و361 ج. و. س بالعام المالي 2015/2016 إلى 64 ألف و125 ج. و. س بالعام المالي 2016 /2017، رغم ارتفاع عدد المشتركين ما بين العامين من 32.430 مليون مشترك بالعام المالي 2015/2016، إلى 33.658 مليون مشترك بالعام 2016/2017.
وبالعام المالي 2018/2019 استمر انخفاض الكميات المباعة للقطاع المنزلي إلى 60 ألف و110 ج. و. س، أي أقل مما كانت عليه بالعام المالي 2013/2014 أي قبل خمس سنوات، وهو أمر كان من المفترض لأن يتوقعه المسؤولين وهو يخططون لتلك الكميات الإضافية من الكهرباء.
ولم يقتصر أمر انخفاض الاستهلاك على القطاع المنزلي، فقد انخفضت مشتريات قطاع المحال التجارية فى 2015/2016 عن مشترياته بالعام المالي السابق، واستمر بالانخفاض بالعام المالي 2016/2017، وتكرر الانخفاض ببعض القطاعات ومنها المرافق والإنارة العامة والجهات الحكومية ببعض السنوات.
وكانت المحصلة أن الإجمالي العام للطاقة المباعة على جميع الجهود بالعام المالي 2018/2019 بلغت 151.908 ألف ج. و. س مقابل 156.300 ألف ج. و. س بالعام المالي 2015/2016، كما شهد العام المالي 2016/2017 انخفاضا بالكميات المباعة به عن العام المالي السابق له.
وهو ما يعنى أن الرهان على استيعاب الاستهلاك المحلى من الكهرباء لذلك الفائض الضخم المتوافر حاليا من إنتاج الكهرباء، أمرا غير موثوق به خلال السنوات القليلة المقبلة، سواء لترشيد البعض للطاقة أو زيادة كفاءة استخدامها، أو لخفض بعض المجالات الصناعية وغيرها أنشطتها بسبب حالة الركود بالأسواق، وذلك قبل ظهور فيروس كورونا الذي كشفت بيانات وزارة الكهرباء عن تسببه فى تراجع استهلاك الكهرباء بشهر مارس آذار 2020 كآخر بيانات متاحة.
والأخطر فى تداعيات قضية الفائض الكبير من الكهرباء، أنه سيؤثر على أهداف زيادة حصة الطاقة المتجددة فى إنتاج الكهرباء، من خلال قيام الحكومة بوضع قيود على إنتاج الطاقة الجديدة، حيث قام جهاز مرفق الكهرباء وحماية المستهلك فى العشرين من مايو أيار 2020 بفرض سقف لإنتاج الطاقة الشمسية بالقطاع الخاص 20 ميجاوات، وهو أمر لا ينطبق على مشروعات منطقة بنبان بأسوان. كما قرر خفض السعر الذى كان المنتجون يتقاضوه إلى 40 قرشا بدلا 70 قرشا. كذلك قامت الحكومة بتجميد المناقصات والتعاقدات الجديدة للمنشآت الكبرى وهو ما بدأ مع مشروعين بالفعل.
وهكذا فكل ما سبق يشير إلى ضعف التخطيط، وغلبة القرارات السياسية فى إدارة الأمور الفنية، فحتى لو تم بيع الشركات الثلاثة التى نفذتها شركة سيمنس الألمانية، فإن الحكومة ملزمة بشراء إنتاجها من الكهرباء أي أن مشكلة الفائض ستظل قائمة.
ولو كان هناك تخطيطا سليما لتوزعت الموارد بحكمة، ولأخذ قطاع الكهرباء ما يحتاجه بالقعل، واتجهت باقي الاستثمارات إلى المجالات الأخرى المحلية كالصحة والتعليم والسكة الحديد وغيرها، بدلا من التخمة الحالية بقطاع الكهرباء والشح بعدد من القطاعات الخدمية الجماهيرية.
رابط المصدر: