في معادلة صحيحة لا يمكن إجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة وسط تجاذب وشد اطراف جعلت التصريحات السياسية تترى ما بين من يدعم إجراء الانتخابات المبكرة في حزيران المقبل، ومن يدعو تأجيلها الى تشرين الأول او ايلول، مقابل اقوال اخرى انها ستكون في نيسان من عام 2022.
معضلة التداول الاعلامي مع هكذا تصريحات تتمثل في حدة التناول ما بين من هم (مع) او (ضد) التوقيتات، حتى بات المواطن المتلقي لاسيما من سأم العملية السياسية برمتها وحبطت اماله ان تكون الانتخابات مثابة نحو التغيير المنشود، يفضل العزوف عن المشاركة والجلوس يجلد العملية السياسية بكلمات النقد غير المثمرة!
في خط مواز يظهر نموذج اخر من هم (مع) او (ضد) الإشراف الدولي على هذه الانتخابات، وتسرب تقارير تحليلية من هذا الطرف او ذاك ان مجلس الأمن الدولي يمكن ان يصدر قرارا او بيانا يؤول به الى حالة الإشراف المباشر على الانتخابات المقبلة.
لعلي اتذكر هنا ما جرى من لغط اعلامي في تحليل ما بين اسطر بيان مكتب المرجع الاعلى السيد علي السيستاني بعد اللقاء مع ممثلة الأمم المتحدة، في فقرة ضمان الإشراف الاممي على نزاهة وعدالة الانتخابات، فتحليل ما بين سطور نص البيان يمكن ان تكون شرارة الانطلاق نحو تحليلات مماثلة عن امكانية صدور قرار او بيان من مجلس الأمن الدولي للإشراف على هذه الانتخابات.
النقطة البارزة في هذا السياق تتمثل في الغياب الاعلامي لمفوضية الانتخابات، فهي اليوم بقيادة مفوضين قضاة عندهم للحرف تفسيره القانوني وليس الاعلامي فقط.
مقابل ما كانت عليه حالة المفوضية في عهودها السابقة وهكذا بات هناك من يتداول تسريبات عن مواقف فنية لمفوضية الانتخابات بدلا عن قسمها الاعلامي الذي يكتفي بإصدار بيانات توضيحية عن حالة الاستعداد التقني والمهني في إجراء الانتخابات في حزيران المقبل.
كلما تقدم يفرز الاستنتاجات التالية:
اولا: اعتراف جميع الأطراف ان الانتخابات المقبلة مفصلية وعدم الاستجابة لمطالب ساحات التحرير الحقة يمكن ان تنتهي الى ما لا يحمد عقباه مجتمعيا وسياسيا.
ثانيا: محاولة بعض الأطراف تسويق ان ثمة محاولات ضد الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم، تتطلب منهم فصاحة الاعتراف بالحق وتشخيص الاخطاء وبدائل الحلول عندها ستكون النتيجة النهائية افضل لجميع الأطراف.
ثالثا: ايضا هناك من يتشدد في طلب التحكم الدولي ويبشر بإعادة فرضيات واشتراطات أحكام الوصاية الدولية معللين ذلك بان من جاء بالمتصدين لسلطان الحكم انما جاؤوا اصلا على ظهر دبابات الاحتلال الامريكي فلماذا كل هذا الحرج اليوم من اشراف الامم المتحدة على هذه الانتخابات؟
رابعا: ما بين هذا وذاك لم تظهر ضمن جماعة (مع) او جماعة (ضد) من يتكلم عن اتفاق وطني يجدد تأكيد هوية العراق بكونه وطن كل العراقيين في نظام برلماني يتطلب نفاذ القانون وسيادة الدولة على الجميع، مثل هذا التنازل المطلوب ثم التفاهم المنشود، مفتاح بوابة المشاركة الاوسع في الانتخابات المقبلة، عندها ستكون المقولة الاخيرة لصناديق الاقتراع ما دام الدستور يعتبر الشعب مصدر السلطات.
هل يمكن ظهور عقلاء في جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار الوطني الحقيقي؟ اشك بذلك فحمى الدعاية الانتخابية المبكرة تتعامل بصيغة اما معي او ضدي ولله في خلقه شؤون!.
رابط المصدر: