ممدوح الولي
استغل مسؤولو الحكومة المصرية إعلام الصوت الواحد ليبثوا من خلاله بيانات اقتصادية بعيدة عن الواقع، منها الزعم بصعود الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي رغم تداعيات فيروس كورونا السلبية على الاقتصاد، والزعم بتحقيق مصر نموا اقتصاديا احتل المركز الثاني بالعالم بعد الصين بالعام الماضي.
واجتزاء فقرات من تقارير المؤسسات الدولية للبرهنة على تحسن أحوال الاقتصاد، دون النشر الأمين لكافة محتويات تلك التقارير الحافلة بانتقاد جوانب الضعف بالاقتصاد خاصة زيادة الدين الخارجي وكبر عجز الموازنة، واختيار بعض الدول لمقارنة نسبة عجز الموازنة المصرية معها للخروج بنتيجة تفيد انخفاض عجز الموازنة عن دول العالم.
والادعاء بترك فترة الرئيس محمد مرسي 800 مليون دولار فقط كاحتياطي للعملات الأجنبية بالبنك المركزي، إلى جانب الزعم بحصول مصر خلال فترة مرسي على 31 مليار دولار من الدول العربية، إلى غير ذلك من ادعاءات، غير متاح لأي من الاقتصاديين الرد عليها، عبر الصحف أو الفضائيات أو حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فى ظل الرقابة المشددة على كل ما ينشر مخالفا للبيانات الرسمية، وتوجيه الاتهامات إلى أصحابها وإنزال العقاب بهم بداية من التشهير والمنع من النشر إلى الحبس، خاصة فى ظل غياب برلمان حقيقي لا يقوم بدوره الرقابي، أو يمكنه مساءلة هؤلاء المسؤولين على تصريحاتهم وبياناتهم غير الواقعية.
أولاً: تحقيق مصر المركز الثاني بين دول العالم
ونبدأ بما تردده الحكومة المصرية منذ شهور بتحقيق مصر المركز الثاني بين دول العالم فى نسبة نمو الناتج المحلى الإجمالي خلال عام 2019، بعد الصين، والذى أخذ شكل رسم بياني أعدته الحكومة يتم إعلانه من خلال الفضائيات والصحف بين الحين والآخر، كما ردده محافظ البنك المركزي فى أحاديثه التلفزيونية، وذكره وزير المالية فى البيانات الصادرة عن الوزارة، بالزعم بتحقيق الصين بنسبة نمو 6.1% ومصر 5.6% متفوقة بذلك على باقي بلدان العالم فى نسبة النمو الاقتصادي.
وبالعودة إلى تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي بشهر أبريل نيسان الماضي، نجد أن مصر قد احتلت المركز السابع والعشرين فى معدل النمو بين دول العالم، وشاركها فى نفس المركز وبنفس معدل النمو كل من غينيا وأوزبكستان وغينيا بيساو؛ أما الدول الست والعشرين التي سبقتها فى معدل النمو فهي : جنوب السودان بنسبة 11.3% ورواندا 10.1%، وليبيا 9.9% وأثيوبيا 9% وبنجلاديش 7.9% وأرمينيا 7.6%، وكل من جيبوتي وطاجكستان بنسبة 7.5%، ونيبال بالمركز العاشر دوليا، بمعدل نمو 7.1%، وكل من كمبوديا وفيتنام بنسبة 7%، وكوت ديفوار 6.9%، وميانمار 6.5%، وبنين 6.4%، وكل من تنزانيا وتركمانستان بنمو 6.3%، وكل من غانا والصين بنسبة نمو 6.1%، وبالمركز العشرين كل من جامبيا وتوفالو بمعدل نمو 6%، وكل من الفلبين وموريتانيا بنمو 5.9%، والنيجر 5.8%، وكل من المالديف وبوركينا فاسو بنسبة نمو 5.7%.
والغريب أن هذا التقرير متاح على شبكة الإنترنت بعدة لغات، منها اللغة العربية؛ ورغم ذلك يستمر المسؤولون المصريون ووسائل الإعلام المصرية العامة والخاصة فى ترديد الزعم بأن مصر قد احتلت المركز الثاني في معدل النمو بالعالم خلال العام الماضي.
ثانياً: نمو موجب فى 38 دولة:
زعم مشابه تردده وسائل الإعلام المصرية من خلال تصريحات المسؤولين، عن توقع صندوق النقد الدولي لمصر نموا إيجابيا خلال العام الحالي بنسبة 2%، وأن مصر هي الوحيدة من بين الدول النامية التي توقع لها الصندوق نموا إيجابيا، بينما توقع الصندوق نموا سلبيا لباقي الدول النامية والناشئة؛ وبالعودة إلى تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي فى أبريل نيسان الماضي، نجد أنه يتوقع نموا موجبا لعدد 38 دولة نامية وناشئة من بينها مصر؛ وأن مصر قد احتلت المركز الخامس عشر فى نسبة النمو المتوقع البالغ 2%، وهي النسبة التي توقع الصندوق حدوثها أيضا فى كل من بنجلاديش وبوركينا فاسو وتنزانيا. أما الدول التي فاقت مصر فى نسبة النمو المتوقعة، فتصدرتها جويانا، تليها جنوب السودان وبنين ورواندا وأوغندا وأثيوبيا والسنغال وغينيا وفيتنام وبوتان ونيبال وجامبيا وموزمبيق.
كما توقع الصندوق نموا موجبا بنسبة أقل من 2% فى كل من الهند وميانمار وتركستان وأوزبكستان وغانا ومالي وبروناي والصين ومالاوي وكينيا وتوجو وجيبوتي وطاجكستان والكاميرون والنيجر ولاو والفلبين وإندونيسيا ومدغشقر وإيريتريا.
ثالثاً: بيانات غير واقعية لمصروفات الموازنة
مثال صارخ آخر لعدم مصداقية البيانات الحكومية تمثل فى صدور تقرير على الموقع الإلكتروني لوزارة المالية، يحمل عنوان موازنة المواطن للعام المالي 2020/2021، حيث يستعرض التقرير محتويات موازنة العام المالي الحالي، الذى بدأ مطلع يوليو تموز الماضي ويستمر حتى نهاية يونيو حزيران القادم، متباهيا ببلوغ مصروفات الموازنة 1 تريليون و713 مليار جنيه، موزعة على أبواب ستة، هي: أجور العاملين بالحكومة بقيمة 335 مليار جنيه، وشراء السلع والخدمات اللازمة لإدارة دولاب العمل الحكومي اليومي بقيمة مائة مليار جنيه، وفوائد الديون الداخلية والخارجية للحكومة بقيمة 566 مليار جنيه، والدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بقيمة 326 مليار جنيه، والمصروفات الأخرى التي تتضمن مخصصات الجيش بقيمة 105 مليار جنيه، والاستثمارات الحكومية بقيمة 281 مليار جنيه.
وصدر ذلك التقرير فى الرابع عشر من سبتمبر أيلول من العام الحالي، بينما كان البرلمان قد وافق فى العشرين من يوليو تموز الماضي على خصم نسبة 1% من أجور العاملين لمدة 12 شهرا، وخصم نسبة نصف بالمائة من قيمة المعاشات لمدة 12 شهرا، أي أن قيمة مخصصات الأجور وقيمة مخصصات الدعم ستقل عما تم ذكره بعدها بشهرين فى ذلك التقرير.
كذلك أشارت بيانات أخرى لوزارة المالية إلى انخفاض الإيرادات خلال الربع الثاني من العام الميلادي الحالي، والذى كان يمثل الربع الأخير من العام المالي 2019/2020، والذى انعكس على خفض المصروفات، وتوقع استمرار انخفاض تلك الإيرادات خلال العام المالي الحالي بسبب تداعيات جائحة كورونا، وبالتالي التأثير بالخفض على تقديرات المصروفات المعلنة.
رابعاً: خفض الاستثمارات الحكومية بالنصف الأول من 2020
إجراء آخر يشير إلى توقع عدم تحقق تلك الأرقام التي ذكرها تقرير موازنة المواطن، بالنسبة لتلك المصروفات تمثل فى صدور قرار لرئيس الوزراء فى السابع من سبتمبر أيلول، أي قبل صدور تقرير موازنة المواطن بأسبوع، بخفض الإنفاق الحكومي بكل أبواب المصروفات خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، عدا الباب الثالث الخاص بفوائد الدين الحكومي والتي لم يلحقها الخفض.
حيث تضمن قرار رئيس الوزراء خفض الإنفاق بنسبة 20% بالجهات التي لم يتأثر استمرار نشاطها خلال ذروة جائحة كورنا، وبنسبة 50% على الأقل بالجهات التي توقف نشاطها جزئيا أو كليا، وفقا لقرارات رئيس الوزراء بوقف نشاط العديد من الأنشطة خلال ذروة الجائحة.
وحدد قرار رئيس الوزراء إجراءات الترشيد بكل باب من أبواب المصروفات على حدة، ففي الباب الأول الخاص بالأجور نص على عدم إجراء أية تعيينات أو ترقيات أو تسويات خلال النصف الأول من العام المالي، وحظر الصرف على المنح التدريبية ومكافآت التدريب، وفى الباب الثاني الخاص بشراء السلع والخدمات نص على تجميد نسبة 50% على الأقل من الاعتمادات المالية للجهات الداخلة بقطاعات التعليم والشباب والثقافة والشؤون الدينية، وتجميد ما يعادل 20% على الأقل لباقي بنود الباب الثاني.
وفى الباب الثالث بالموازنة والخاص بالدعم نص على تجميد 50% من المدرج للخدمات الاجتماعية، وبالباب الرابع الخاص بالمصروفات الأخرى نص على حظر الصرف على الاشتراكات فى الهيئات المحلية والدولية.
وفى الباب السادس الخاص بالاستثمارات الحكومية، نص على تجميد بنسبة 100% من اعتمادات بند وسائل النقل والانتقال، وتجميد بنسبة 50% على الأقل من اعتمادات بند أبحاث ودراسات سكنية، وتجميد بنسبة 50% على الأقل من اعتمادات بند مباني غير سكنية، وتجميد بنسبة 50% على الأقل من اعتمادات بند التجهيزات.
وهكذا فإن قرار ترشيد الإنفاق بتلك النسب خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، يعنى عدم تحقق الأرقام المعلنة عن المصروفات بالموازنة، والتي تباهت بها وزارة المالية ووعدت المواطن أنها ستحسن مستوى معيشته خلال العام المالي، بينما يشير واقع خفض الاستثمارات الحكومية إلى إطالة فترة تنفيذ مشروعات الخدمات الجماهيرية.
والغريب أن موازنة المواطن التي حملت شعار “حقك تعرف موازنة بلدك” لم تذكر شيئا عن قرار خفض أجور الموظفين أو خفض قيمة المعاشات أو توقعات انخفاض الإيرادات، وبالتالي المصروفات، أو قرار خفض قيمة بنود خمسة أبواب من أبواب المصروفات الستة، بنسب تتراوح بين 20% إلى 50% خلال النصف الأول من العام المالي.
خامساً: الجنيه يرتفع رغم خروج الأجانب!
وتجيء تصريحات محافظ البنك المركزي طاق عامر عن عدم التدخل فى تحديد سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، والتي كررها مرات عديدة كان آخرها بلقائه بإحدى الفضائيات المصرية، التي يملكها رجل أعمال فى التاسع من سبتمبر أيلول من العام الحالي، كأحد الادعاءات التي لا تجد اقتناعا لدى العامة والخبراء.
ففى شهر مارس آذار من العام الحالي شهد الشهر خروجا مكثفا من قبل المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية، وتخلصهم من جانب كبير من مشترياتهم من أدوات الدين الحكومي المصري، حيث نقصت أرصدة مشتريات الأجانب لأذون الخزانة المصرية من 19.7 مليار دولار بشهر فبراير شباط إلى 9.5 مليار دولار، بنقص بلغ 10.2 مليار دولار، بنسبة تراجع 52% لأرصدتهم بتلك الأذون.
كما انخفض صافى الأصول الأجنبية – العملات – بالجهاز المصرفي خلال الشهر بنحو 16.4 مليار دولار، منها 5.2 مليار دولار نقصا بصافي العملات الأجنبية بالبنك المركزي المصري، ونقصا بلغت قيمته 11.2 مليار دولار بالبنوك الأخرى التجارية والاستثمارية العاملة بمصر.
كما تسبب ذلك فى تراجع قيمة الاحتياطيات من العملات الأجنبية بالبنك المركزي خلال الشهر بنحو 5.4 مليار دولار، ورغم كل ذلك فقد زاد سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي خلال الشهر بنحو 13 قرشا بنسبة نمو 0.9%، فى مشهد بالغ الدلالة على تدخل البنك المركزي إداريا لدفع سعر الصرف فى اتجاه الصعود، حيث إن كافة العوامل الموضوعية كانت تدفع بهبوطه أمام العملات الأجنبية، فى حالة ترك تحديد السعر للعرض والطلب، بسبب ما حدث من نزيف حاد بالعملات الأجنبية تخطى العشرين مليار دولار خلال الشهر.
سادساً: 612 مليون انخفاض الاحتياطي بفترة مرسي
ورغم أن تصريحات محافظ البنك المركزي فى أي بلد تتسم بالدقة والنزاهة، فقد شارك محافظ البنك المركزي المصري خلال لقائه التليفزيوني الأخير فى الحط من شأن فترة تولى الرئيس محمد مرسي، حين قال إنه وجدهم “موش فاهمين حاجه” واعتبر اقتراحات الدكتور حسين حسان الخبير بالاقتصاد الإسلامي والذى حوّل العديد من الشركات والمصارف بالخليج وغيره من المناطق من النمط التقليدي إلى النمط الإسلامي ” كلام دجل”.
وزعم أنه فى فترة الرئيس مرسي تم الحصول على 31 مليار دولار من الدول العربية، ورغم ذلك – حسب قوله – فقد انتهت الفترة بتبديد تلك الأموال حتى وصل رصيد العملات الأجنبية بالبنك المركزي 800 مليون دولار فقط، بينما تشير بيانات البنك المركزي نفسه إلى أن زيادة الدين الخارجي خلال عام الرئيس مرسي بلغت نحو 8.8 مليار دولار فقط، ليصل الدين إلى 43.2 مليار دولار مقابل 34.38 مليار دولار قبل توليه.
وتوزعت تلك القروض بين 4.7 مليار دولار كقروض متوسطة وطويلة الأجل و4.1 مليار قروض قصيرة الجل، وكانت أبرز الدول المقرضة لمصر بتلك الفترة قطر بنحو 4.5 مليار دولار وليبيا 2 مليار دولار وتركيا 1 مليار دولار والصين 203 مليون، بالإضافة إلى سندات باليورو بقيمة 2.5 مليار دولار، وقروض من مؤسسات متعددة الأطراف بنحو 895 مليون دولار، أبرزها البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي والصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والاقتصادي والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك.
كما بلغ ما حصلت عليه مصر من معونات أجنبية خلال عام تولى الرئيس مرسي 901 مليون دولار فقط، وتوزعت تلك القيمة ما بين : 501 مليون دولار من قطر و325 مليون من الولايات المتحدة، و61 مليون من ألمانيا و8 مليون دولار من الصين وأقل من 2 مليون دولار من اليابان، وحوالي المائة ألف دولار من كل من إنجلترا وسويسرا وكندا.
وكان الرئيس محمد مرسي قد ترك منصبه ورصيد الاحتياطي من العُملات الأجنبية 14.922 مليار دولار، مقابل 15.534 مليار دولار قبل تسلمه السلطة أي بنقص بلغ 612 مليون دولار فقط خلال العام، بينما انخفضت أرصدة الاحتياطي بفترة المجلس العسكري التي بلغت أقل من عام ونصف، من 36 مليار دولار إلى 15.5 مليار دولار بنقص 20.5 مليار دولار.
سابعاً: زيادة الديون رغم برنامج الإصلاح
كان نائب محافظ البنك المركزي جمال نجم قد حل ضيفا بإحدى الفضائيات فى الثامن عشر من سبتمبر 2020، وعندما سأله المذيع عما كانت ستؤول إليه أحوال الاقتصاد المصري إذا لم يتم تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي فى نوفمبر تشرين ثان 2016، وكان رد نائب المحافظ: كانت الديون سترتفع!
وهي إجابة غريبة فى ظل الزيادة الضخمة للدين الداخلى والخارجي منذ ذلك الحين وحتى الآن، حيث زاد الدين الخارجي من 60.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر أيلول 2016، إلى 111.3 مليار بنهاية مارس الماضي، بخلاف 2.8 مليار دولار تم الحصول عليها من صندوق النقد الدولي فى الحادي عشر من مايو أيار الماضي، و5 مليارات دولار قيمة سندات خارجية تم طرحها فى نفس الشهر.
بخلاف 5.2 مليار دولار تم الاتفاق على اقتراضها من الصندوق فى26 يونيو حزيران الماضي، وصلت دفعة منها، بالإضافة للحصول على قروض من جهات أخرى منها البنك الدولي، وبنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية والمؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة.
كما زاد الدين العام المحلى من 2,758 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2016، إلى 4,355 مليار جنيه بنهاية العام الماضي، وهي آخر بيانات نشرها البنك المركزي حيث أحجم عن نشر بيانات الدين المحلى خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي، وهي الشهور التي شهدت استمرار الاقتراض الداخلى سواء من المصارف أو فى صورة إصدار أذون وسندات خزانة لسد العجز المزمن والكبير بالموازنة، وتعويض نقص إيرادات الموازنة الحكومية خاصة الضرائب بسب تداعيات جائحة كورونا .
وتباهى محافظ البنك المركزي بالمبادرات التي قدمها البنك المركزي بتقديم قروض، بنسب فائدة أقل من الأسعار السائدة بالسوق لقطاعات الصناعة والسياحة والعقار بالإضافة إلى الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ليرد عليه الجهاز المركزي للإحصاء بتقريره عن نسب البطالة بنهاية يونيو حزيران الماضي والتي زادت إلى 9.6% وهو ما يرى كثير الخبراء أن النسبة الحقيقية أعلى من ذلك.
إلا أن الخطير فى تقرير بحث القوى العاملة عن الربع الثاني من العام الحالي الصادر عن جهاز الإحصاء الحكومي، أن قوة العمل التي تشمل المشتغلين والمتعطلين قد بلغ عددها بنهاية يونيو حزيران 26 مليون و689 ألف شخص، مقابل 29 مليون وثمانية آلاف شخص بنهاية مارس آذار من العام الحالي، أي بنقص بلغ 2 مليون و319 ألف شخص خلال الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة تراجع 8% وهو ما يشير بصورة عملية إلى عدم استفادة الأسواق بشكل واضح من المبادرات التي قدمها البنك المركزي.
ثامناً: صندوق النقد يتوقع انخفاض الاحتياطي
كما ذكر المحافظ فى حديثه التليفزيوني الأخير إلى أن فجوة النقد الأجنبي لم تعد موجودة، بينما أشار تقرير لصندوق النقد الدولي صدر فى أول سبتمبر أيلول من العام الحالي عن الاقتصاد المصري إلى بلوغ فجوة التمويل خلال العام المالي الحالي 4.5 مليار دولار، كفرق بين مصادر التمويل البالغة 37.5 مليار دولار واحتياجات التمويل البالغة 42 مليار دولار، والمتمثلة فى عجز بالحساب الجاري يبلغ 16.2 مليار دولار، ودين خارجي قصير الأجل مستحق يبلغ 19.2مليار دولار، وإطفاء ديون خارجية متوسطة وطويلة الأجل بقيمة 6.5 مليار دولار ومدفوعات للفائدة بقيمة 4.3 مليار دولار.
وكشف هذا التقرير لصندوق النقد الدولي عن توقعه لبقاء احتياطيات النقد الأجنبي بالبنك المركزي المصري، أقل من 40 مليار دولار خلال السنوات المالية الأربعة القادمة، بعد أن كان قد بلغ 45.5 مليار دولار فى يناير/كانون ثان من العام الحالي، حيث توقع الصندوق بلوغ الاحتياطيات 31.9 مليار دولار فى يونيو/حزيران القادم، رغم بلوغه 38.4 مليار فى أغسطس/آب الماضي.
كما توقع الصندوق بلوغ الاحتياطيات من النقد الأجنبي 32.6 مليار دولار بنهاية العام المالي 2021/ 2022، ثم انخفاضه إلى 32,3 مليار دولار فى يونيو حزيران عام 2023 ثم صعوده إلى 38.3 مليار دولار فى يونيو حزيران 2024، ثم إلى 45.7 مليار فى يونيو حزيران 2025، أي أن الاحتياطي سيحتاج إلى خمس سنوات للعودة إلى رصيده بالشهور السابقة على جائحة كورونا، فى دلالة واضحة إلى استمرار أزمة النقد الأجنبي خلال السنوات المقبلة.
حيث توقع الصندوق استمرار تزايد العجز بالميزان التجاري والذى يمثل الفرق بين قيمة الصادرات السلعية والواردات السلعية، خلال السنوات المالية الخمس المقبلة، بارتفاعه من 28.5 مليار دولار فى يونيو 2021 إلى 36.9 مليار دولار فى يونيو 2023، ثم إلى 44.5 مليار دولار فى يونيو 2024 ثم إلى 51.9 مليار دولار فى يونيو 2025، رغم التصريحات المستمرة بمضاعفة قيمة الصادرات خلال السنوات القليلة المقبلة، حيث توقع الصندوق دوران قيمة الصادرات السلعية حول رقم الثلاثين مليار دولار خلال السنوات الخمس المالية المقبلة، بينما وقع استمرار ارتفاع قيمة الواردات السلعية حتى تصل إلى 86 مليار دولار بالعام المالي 2024/2025.
مما سيؤدى إلى استمرار العجز بميزان المعاملات الجارية، الذى يقيس الفرق بين إجمالي موارد الصادرات السلعية والخدمية والمعونات الأجنبية وتحويلات المصريين بالخارج، وبين مدفوعات الواردات السلعية والخدمية ومدفوعات فوائد الاستثمارات والودائع الأجنبية بمصر وتحويلات العمالة الأجنبية العاملة بمصر، حيث توقع الصندوق تحقيق هذا الميزان عجزا يدور حول العشر مليارات من الدولارات خلال السنوات المالية الخمس المقبلة، حتى يصل إلى 12 مليار دولار بالعام المالي 2024/2025.
كما توقع الصندوق استمرار تزايد تكلفة الدين الخارجي بالسنوات المقبلة، نتيجة كبر قيمة الدين الخارجي والذى توقع ألا يقل عن 110 مليار دولار خلال السنوات المالية الخمس المقبلة، ومن هنا فقد توقع صندوق النقد الدولي ارتفاع تكلفة خدمة الدين الخارجي من فوائد وأقساط، من 14.7 مليار دولار بالعام المالي الحالي 2020/2021، إلى 20.1 مليار دولار بالعام المالي 2021/2022 ثم إلى 24.5 مليار دولار بالعام المالي 2022/2023.
رابط المصدر: