مازن صاحب
لا تبدو القراءة الأولى لمقالة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي غير نمط متجدد لتلك المقالات التي كتبها سلفه المستقيل، ويتطلب أن يترجم افكاره من خلال برنامج حلول ربما يواجه غضب فجوة الثقة الموجودة بين فرقاء الاحزاب المتصدية للسلطة وبين جوهر الاصلاح الشامل المنشود لمواجهة تحديات الأسوأ في غضب الجياع المتوقع ظهوره مجددا في ساحات التحرير، طيلة 17 عاما مضت لم تظهر احزاب عراقية غير تلك التي جاءت من معطف احزاب المعارضة العراقية لكل منها مشروعه العقائدي، فيما المفترض أن تتحول تلك الاحزاب المتصدية اليوم للسلطة بالمسؤولية المجتمعية والمساواة بين المنفعة الشخصية والمنفعة العامة للدولة، الفارق الواضح والصريح بين احزاب عقائدية تكونت في ظروفهم المعروفة، وبين احزاب سياسية مطلوب منها إدارة سلطة في نظام ديمقراطي برلماني.
وما طرحه الكاظمي مجرد استمرار لسياسة الاحتواء والتكييف الأمني لحماية واقع مفاسد المحاصصة وحكومتها العميقة وسلاحها المنفلت والاجندات الاقليمية والدولية للاحزاب المهيمنة على السلطة التشريعية، فيما تبدو قراءة ما بين سطور مقالته المنشورة أن مرحلة مفصلية تحتاج إلى إعادة صياغة العملية السياسية برمتها لانقاذ العراق مما يمر به من انغلاق سياسي.
أول مراحل هذا الانتقال يتطلب الخروج من عنق زجاجة الاختلافات العقائدية، فصفة الاحزاب المتصدية للسلطة عليها مغادرة هذا الانغلاق العقائدي قوميا كان ام دينيا وهذا الانتقال بالدولة الى مصاف التدبير في عالم متغير بحاجة إلى نموذج متجدد من الاحزاب التي تمثل العراق من الفاو حتى زاخو، وهذا يعني مهمة عسيرة أمام مجلس النواب لايجاد هذا النمط من الاحزاب.
مصدر صعوبة ذلك أن كل حزب بما لديهم فرحون، فكيف يمكن أحداث التعديلات المفترض النهوض بالعملية السياسية واخراجها من حالة الاحتراب أو على الأقل من وضع الانغلاق الدستوري، بتعديل قانوني الاحزاب والانتخابات لكي تكون هناك مؤسسة سياسية حقيقية وليس تراث عقائد حزبية بعوائل حزبية تحولت إلى أمراء طوائف الاندلس فضاع الملك كما هو حال العراق اليوم وهو يجتاز أزمات متعاقبة في عالم جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.
إعادة هندسة الاحزاب المتصدية للسلطة لابد أن تلغي اعراف مفاسد المحاصصة من خلال تعديلات يتفق عليها في قانوني الاحزاب والانتخابات، تحتاج ليس إلى إسقاط فرض في مقال سياسي يذيل بتوقيع رئيس الوزراء بل إلى مشروع قوانين، تنطلق من ذلك الحوار الوطني المسؤول المنتظر أن يطلقه رئيس الوزراء كما جاء في برنامجه الحكومي.
ولعل انتظار (غودو) التغيير مدنيا، أفضل للجميع داخل صندوق العملية السياسية وخارجه، فمتغيرات المستقبل المنظور لا تجعل الكثير يتمنون حتى (اكل الميتة) ولله في خلقه شؤون!
رابط المصدر: