د. مروة خليل
تتنوع نظريات العلاقات الدولية ما بين وضعية وما بعد وضعية. ولکننا نجد أن هناک بعض المفاهيم المشترکة والقضايا التي شغلت باحثي العلاقات الدولية على اختلاف مشاربهم، ومن ذلک المفهوم الهيمنة.
تعرف الهيمنة على أنها تفوق دولة عظمة في النسق الدولي، بحيث يضع الأنماط والسلوک والقواعد التي تتبعها بعض الدول في النسق. وهذا التعريف غير نهائي، فلقد اختلف کتاب العلاقات الدولية في وضع تعريف جامع شامل لمفهوم الهيمنة. ولکن اللافت للنظر اتفاق بين الواقعية والليبرالية حول الهيمنة. فنظرية الاستقرار الهيمني نجد لها جذوراً مشترکة بين النظريتين، وإن کان هناک بعض الاختلافات التي تم توضيحها في البحث. فهناک من يفرق بين الهيمنة والقيادة من جهة، ومن يفرق بين الهيمنة والسيطرة، وتم عرض الاختلافات بين الهيمنة والقيادة والسيطرة.
ونظرية الاستقرار الهيمني تؤکد على أهمية وجود مهيمن في النسق الدولي، أما الاختلاف بين الواقعية والليبرالية فيکمن في صورة القوة المطلوبة. بمعنى أن النظرية الواقعية تفترض صورة القوة المادية العسکرية التي تمکنها من فرض سيطرتها على دول النسق الدولي، مع کل ما يثيره ذلک مع مسألة ميزان القوة على اختلاف مشاربها. أما النظرية الليبرالية، فهي تعترف بضرورة توفر القوة المادية للدولة المهيمنة، ولکن العبرة هنا بالقوة الاقتصادية التي تفرض معايير وقواعد اقتصادية معينة تسير عليها الدول، وتضع مؤسسات دولية ومنظمات تيسر التفاعل الدولي وتقلل من فرص الصراع الدولي. هذا من ناحية، ومن ناحيةٍ أخرى نجد أن النظرية النقدية قد أسهمت في هذا الموضوع ولکن من منظور مختلف، إنه المنظور الجرامشي للهيمنة الذي يضيف البعد الفکري(الأيديولوجي) للموضوع.
وينتهي البحث بالهيمنة الامريکية وقضية صعود الصين. والسؤال الذي يثيره لعديد من باحثي العلاقات الدولية، والذي مفاده هل ستصعد الصين سلمياً؟ وهل ستسمح الولايات المتحدة الأمريکية بقطبٍ آخر ينافسها هيمنتها على النسق الدولي؟ أم أن الصين ستکون المهيمن الجديد؟ هل سيکون صعود الصين مدعاة لمجابهة أو حرب عسکرية بينها وبين الولايات المتحدة الامريکية؟ يحاول البحث الإجابة عن کل هذه الأسئلة من خلال النظريات الواقعية والليبرالية والنقدية.