إعداد : آندي فليمستروم Andie Flemström ، باحثة في في المركز الأوروبي ـ قضايا التطرف والإرهاب – ستوكهولم.
ماجستير آداب – علاقات دولية – جامعة ستوكهولم
يرتبط الأمن ارتباطًا وثيقًا وأساسيًا بالتعليم، حيث تكون المدرسة بيئة لغرس فيها القيم الاجتماعية والثقافية بين الشباب في المجتمع، وكلما زادت القيم الأخلاقية النبيلة في نفوس أفراد المجتمع، زاد الأمن والاستقرار في هذا المجتمع. وهذا يجب ان يكون مدعوماَ بجهود اجتماعية تركز فيها على العوامل الاجتماعية والاقتصادية الكامنة وراء الجريمة وكيفية معالجتها من خلال التعليم والتدريب. [4].
و يؤكد خبراء التعليم أن المدرسة لها دور بارز في غرس قيم التسامح والتعايش بين الطلاب منذ الصغر ، ومنع انجذابهم إلى العنف أو الإرهاب أو السلوك المعادي للمجتمع. من شأن تعليم ثقافة التسامح منذ الصغر أن يعزز أهمية احترام رأي الآخرين ، وأهمية الاستماع ، واحترام قناعات الآخرين ، وكيفية ضبط النفس وعدم الانجرار إلى مستنقع الغضب ، مما يقلل من حالات العنف التي قد تحدث بين التلاميذ والطلاب في المدارس وفي مراحل مختلفة. بالإضافة إلى ذلك ، سوف يصعد ذلك من مظاهر التسامح مع العرق والجنس والطائفة والقبيلة والانتماءات الأخرى. [8] حرق القرآن في السويد ـ تخادم اليمين المتطرف والإسلام السياسي . بقلم Andie Flemström
تلعب الجامعة دورًا حاسمًا في مواجهة التطرف العنيف والإرهاب من خلال مساهمتها في الأنشطة التي تؤدي إلى القضاء على العنف والتطرف من خلال إنشاء برامج تدريبية لتطوير الكادرالتدريسي والإداري في مؤسسات التعليم العالي في المجالات المتخصصة والتعليمية والقيادية، ونشرقيم التسامح والتواصل البناء من خلال مناهجها ومؤتمراتها. إن بناء الطالب فكريا يكون من خلال تحصينه من التطرف والإرهاب من خلال صياغة خطاب تربوي يهدف إلى بناء وتنمية الأمن الفكري للطلاب وتعزيز قيم المواطنة والهوية الوطنية والثقافية، وتعليم المواطنة العالمية بهدف المشاركة في السلم المستدام في تنمية المجتمع ذاتهوالبشرية جمعاء. [3]
تعتبر اليونسكو، المواطنة العالمية، هي شعور بالانتماء إلى المجتمع العالمي والإنسانية المشتركة ، حيث يختبر أعضاؤها التضامن والهوية الجماعية فيما بينهم والمسؤولية الجماعية على المستوى العالمي.
ويعد تعليم مواطنة “العولمة” نهجًا ناشئًا للتعليم يركز على تطوير معرفة المتعلمين ومهاراتهم وقيمهم ومواقفهم في ضوء مشاركتهم النشطة في التنمية السلمية والمستدامة لمجتمعاتهم. إن تعليم “العولمة” “GCED” هو الغرس واحترام حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والتنمية المستدامة ، وهو قيم أساسية تساعد على رفع دفاعات السلام ضد التطرف العنيف. [9]
وبناءً على ما تقدم ، فإن تطوير نظام التعليم في مراحله المختلفة يمكن أن يشكل جدارًا قويًا لمحاربة الفكر المتطرف. ولهذا يطالب العديد من الخبراء بضرورة استمرار وتحديث الخطط والبرامج وحملات التوعية في المدارس باستمرار لتثقيف الطلاب والطالبات، ومخاطبتهم بلغة زمانهم ، وتنبيههم وتنويرهم لخطر هذا التطرف والإرهاب. [10]
التعليم ـ تعزيز التفكير المعتدل
بات ضروري جدا تطوير المناهج التعليمية لتعزيز “التفكير المعتدل” وتزويدهم باستمرار بالمواد التي تساعد في نشر الوعي في المجتمع، وبالتالي المساهمة في سد أي ثغرات تحاول الجماعات المتطرفة والإرهابية اختراقها في عقول الشباب. وفي هذا السياق، قال الدكتور خليفة علي السويدي ، الأكاديمي والإعلامي بجامعة الإمارات: المشكلة تكمن في وجود مناهج تحرض على التطرف لذلك يجب أن تعمل المناهج الدراسية على تعزيز الوسطية، من خلال ربط التعليم بالأهداف الوطنية، بما في ذلك الانتماء والولاء للوطن وتعزيز المواطنة، وتحويل مادة التربية الإسلامية إلى مادة توصي بتربية الأخلاق “الأخلاق”، وغرس معاني الوسطية. [4]
وتشرح الدكتورة كريمة المزروعي، من مجلس أبوظبي للتعليم، كيف استغلت الجماعات المتطرفة النظام التعليمي لجذب المعلمين المخلصين، ووضعت مناهج تدعم أيديولوجياتهم. وتناقش أن الدور المتوقع للمدرسة في مواجهة أيديولوجيا التطرف بمعزل عن تنمية عناصر العملية التربوية لن يكون له أثر كبير، مشيرة إلى الدور المهم للمعلم.
وشددت المزروعي على أن الطالب لا يجب أن يكون مجرد متلقي ليس له دور في فهم المعلومات أو تدقيقها، لأن هذا سيجعله أكثر انصياعاً للأفكار وأكثر صرامة في تطبيقها دون تفكير أو مناقشة: مثل هؤلاء الأفراد يمكن أن يكون سهلًا فريسة لتصبح أيديولوجيين فكريًا وعمليًا، بينما لن يكون هذا هو الحال في تجربة التعلم التشاركي. [المرجع نفسه]
يمكن للجماعات المتطرفة والإرهابية تجنيد الأفراد الضعفاء الذين يقعون ضحايا لنظام تعليمي يفتقر إلى الحوار الفكري ومحدود في أساليب التعلم. تدور هذه الأساليب حول الحفظ والتعلم عن ظهر قلب للمواد الدراسية، حيث يغيب التفكير النقدي والحوار البناء من قبل المربين والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام. وهذ العوامل جميعها ممكن ان تعمل على شل فكر الأفراد وجعلهم عرضة لثقافة الإرهاب والتوجهات الفكرية الراديكالية التي تتبنى العنف). وهذا يدعم ويقوي دور العوامل الفكرية في تكوين السلوك والفكر الإرهابي، حيث يرفض الأفراد الواقع ويسعون إلى محاربة المبادئ والمعتقدات الحديثة من خلال القتل والتدمير للآخرين ، مما يعكس عدم قدرتهم على التفكير الفردي. [11] دور التعليم في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب ـ نموذج دولة الإمارات
دور التعليم في مواجهة الأفكار المتطرفة
أشار الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في دبي إلى أن التعليم سيف ذو حدين، يمكن الاستفادة من التعليم في كل من التطرف ونزع التطرف لدى الشباب. يمكن استخدامه كمنارة لنشر الوعي، وأداة فعالة ومؤثرة لتحصين الشباب والشباب من الأفكار الهدامة ، وتعزيز انتمائهم وانتمائهم وولائهم للوطن، وترسيخ اعتزازهم بهويتهم الوطنية.
يقول السويدي إن التعليم يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في بناء جيل مسلح بعقلية منفتحة وواعية قادرة على مواجهة تلك الأفكار الهدامة التي تنشرها الجماعات المتطرفة والإرهابية. وأكد أن مكافحة التطرف تتطلب نشر وترسيخ ثقافة التفكير الإيجابي والتسامح وتعزيز مبدأ الاعتدال وتعزيز دور المرأة في الأسرة والمجتمع ودور التربية ودور الآباء .
لقد استغلت الجماعات المتطرفة التكنولوجيا الحديثة كوسائل إعلام اجتماعية كمنصة لنشر أيديولوجيتها العنيفة وزرع أفكارها السامة في عقول الشباب والشباب بطريقة تهدف إلى جرهم إلى دوائر التطرف والعنف. لذلك من المهم للغاية مواجهتهم أينما كانوا نشطين. على سبيل المثال ، يمكن للمدرسة استخدام تطبيقات الوسائط الاجتماعية لتقديم مواد إيجابية لمكافحة هذه الأفكار المضللة والمدمرة وتعزيز الأمن الفكري للطلاب وتنميته.
وهناك طريقة أخرى لمكافحة الفكر المتطرف هي استخدام الرسوم المتحركة، وهي طريقة سهلة وجذابة، أنشأت دار الإفتاء المصرية وحدة “فتاوى صوتية قصيرة مصحوبة بالرسوم المتحركة”. وستتخصص الوحدة في إنتاج أفلام رسوم متحركة لصياغة ردود قصيرة على دعاة التطرف والإرهاب في قوالب تكنولوجية حديثة تمكنها من الوصول إلى الفئات الشبابية، وتفسير المفاهيم الخاطئة ثم دحضها من خلال توفير المعلومات والفهم الصحيح من خلال تقنيات الرسوم المتحركة. وشدد إفتاء على ضرورة ابتكار أساليب ووسائل جذابة وفعالة تمنع التوسع الأيديولوجي للتيارات الإرهابية التي تستخدم الفتوى كسلاح لتنفيذ أجندات خارجية سعياً إلى التخريب. [12]
التوصيات – استراتيجيات الوقاية
الإرهاب، هو نتاج للتطرف الفكري والعقائدي، وهو العدو الأول للإنسانية لذلك يجب أن تكون معالجة شاملة لهذه الظاهرة تقوم أولاً على التنمية المستدامة، وثانياً على التعليم الذي يجب أن يكون مبتكرًا وخلاقًا. ولا تكمن أهمية المؤسسات التعليمية في أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تحصين الطلاب منذ الصغر ضد الفكر المتطرف، بل بالتعاون مع مؤسسات المجتمع الأخرى مثل الأسرة والإعلام والمجتمع المدني والقطاع الخاص بطريقة تعزز دور الحكومة وبذل الجهود في هذا الصدد. لذلك من الأهمية بناء استراتيجية شاملة لمكافحة التطرف والإرهاب، خاصة وأن الدور الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في هذا السياق يركز على الجانب الوقائي للفكر المتطرف من خلال توعية الطلاب بمخاطر هذا الفكر وترسيخه منظومة القيم الإيجابية والأخلاقية التي تحصنهم ضد أي أفكار متطرفة.
يمكن أن يشكل تطوير نظام التعليم في مختلف مراحله جدارًا قويًا لمحاربة هذا الفكر المتطرف، لذا يدعو العديد من الخبراء إلى ضرورة استمرار الخطط والبرامج وحملات التوعية وتحديثها باستمرار في المدارس، لتوعية الطلاب والطالبات بمخاطر التطرف والإرهاب، والتصدي لها بلغة عصرهم، و تنبيههم لخطر التطرف والتطرف. [10]
وتعتبر المناهج هي الدعامة الأساسية للعملية التعليمية التي يتم من خلالها تقديم المعلومات للطالب لذلك هناك حاجة إلى وضع خطة إستراتيجية للمنهج تنطلق من الحاجات المتغيرة للمجتمع، بحيث يخرج الطالب من العملية التعليمية ويكون لديه القدرة على التدقيق والنقد ومقارنة القضايا بما يخدم المصلحة العامة.
لذا ينبغي أن تعمل المناهج على تعزيز الوسطية، من خلال ربط التعليم بالأهداف الوطنية، بما في ذلك: الانتماء للوطن والولاء لقانونه، وتحويل مادة التربية الإسلامية إلى “التربية الأخلاقية – الأخلاق”. خاصة وأن مناهج التربية الإسلامية كانت من أهم الوسائل التي استخدمها المتطرفون واستغلوها في العقود الأخيرة للتلاعب بعقول شباب البلاد وتوجيههم نحو تنفيذ أجنداتهم وأغراضهم الخبيثة. وهذا يدعم الحجة الداعية إلى دعم المؤسسات التعليمية بالأخلاق والقضاء على تعليم الدين الإسلامي من خلال فتح مناهج الفلسفة والأديان المقارنة، وتشجيع ودعم مبادرات الإصلاح التي يقوم بها بعض المثقفين العرب لتنقية التراث الإسلامي من العنف والكراهية والحقد والتكفير.أزمة أوكرانيا ـ انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو، هل من مخاطر محتملة؟بقلم آندي فليمستروم
وماينبغي أن تقوم به أي استراتيجية فعالة لمواجهة التطرف والإرهاب هو تعزيز قيم التسامح والتعايش والاعتدال. إضافة إلى البعد الأمني والذي يشمل أبعاداً ثقافية واجتماعية ودينية وتنموية. لا شك أن التعليم من أهم الوسائل التي ستساعد في تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح، فالتعليم المتقدم الذي يسعى إلى غرس قيم الانفتاح وقبول الآخر والتسامح في نفوس الشباب يجفف أي بيئة خصبة. تستغل من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية لنشر أفكارها.
الهوامش
[4]Seminar on Education, Extremism and Terrorism, Ministry of Education in the UAE.2021
[5]The Crown Prince of Abu Dhabi launches “Moral Education” to promote tolerance…
instilling ideals in the hearts of children. The official website of the UAE Cabinet
[6] What is moral education? UAE
[7] UNESCO. 2018. “Preventing Violent Extremism through Education: A Guide for Policy Makers”. United Nations
[8]Al Arab, 2021.“Resisting violent extremism in Tunisia starts from the school community”
[9] UNESCO. 2016 “A Teacher’s Guide on the Prevention of Violent Extremism”
[10]Al-Zayed.Manal. 2014. “Immunization of “young minds” in the hands of education…
Terrorism does not kidnap them!” Riyadh newspaper, Saudi Arabia
[11]Al-Hussein, Asthma bint Abdul Aziz. 2011. “The causes of terrorism, violence and extremism, an analytical study”, Islam site
http://shamela.ws/rep.php/book/2730
[12]Sky news “The Egyptian Dar Al Iftaa fights extremism with animation”https://bit.ly/3yPSIVO
نقلاً عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
.
رابط المصدر: