لويز كورد
دمرت جائحة كورونا الأسر المعيشية والمجتمعات المحلية والناس في جميع أنحاء العالم. فهي لا تميز الحدود الوطنية أو القدرات البدنية أو المستويات الاجتماعية والاقتصادية. ولقد طالت المجتمعات النائية، والمناطق الحضرية، والساسة، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والمشاهير، واللاجئين. و
أما أنا فكنت واحدة من المحظوظين. فمنذ حوالي شهر، أُصبت بفيروس كورونا. ولحسن الحظ ، كانت الأعراض تحت السيطرة. وكنت أعاني من حمى شديدة وآلام في الجسم وإرهاق مزمن وحرقان في صدري وفقدان لحاستي التذوق والشم. وشعرت أن هذه الأعراض ستلازمني إلى الأبد. ولأكثر من أسبوع، شعرت أن كل يوم كان يعيد نفسه دونما نهاية. وكان هناك أيضًا شعور بالذنب والقلق من أنني ربما أصبت زملائي وأصدقائي وأسرتي بعدوى لأن العدوى تسبق ظهور الأعراض. وشعرت بصعوبة العزل الذاتي، لا سيما في الوقت الذي أردت فيه المشاركة في الاستجابة العالمية للمساعدة في التخفيف من هذه الأزمة. وقد تعافيت الآن بعد أربعة أسابيع. فأنا واحدة من المحظوظين الذين نجوا من هذا الوباء.
و
وتشمل الفئات الأكثر عرضة للخطر المهاجرين الذين يحاولون ممارسة التباعد الاجتماعي أثناء العيش في مخيمات مكتظة، وذوي الإعاقة الذين قد يواجهون صعوبات في الوصول إلى معلومات حول الصحة العامة والوقاية من كورونا، والشعوب الأصلية التي تفتقر إلى الخدمات الأساسية التي تحتاجها لمنع تفشي المرض. وستتأثر هذه الشرائح بصورة غير متناسبة. وما لم نتخذ نهجًا عادلًا اجتماعيًا تجاه هذه الأزمة- نهجًا يراعي العدالة الاجتماعية، والتنمية المجتمعية، والعدل والإنصاف، وحقوق الإنسان، والحساسيات الثقافية – لن نتمكن من تخفيف الآثار المروعة لهذه الجائحة على هذه المجتمعات الضعيفة.وتسلط الدروس المستفادة من الجوائح السابقة، بما في ذلك تفشي فيروس إيبولا 2014-2016، الضوء على أهمية الاستجابة الاجتماعية لإدارة الأزمات والتعافي منها، ويأتي وذلك مكملًا ومتممًا للجهود الطبية. وتعلمنا أن الاستجابة تتطلب نهجًا يشمل المجتمع بأسره وكل طوائفه، مع طرح حلول من الحكومات والمجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص. وسيكون ذلك مهمًا للغاية الآن بالنسبة للسكان المعرضين لمخاطر والمستضعفين والأولى بالرعاية. وغالبًا ما تحتاج الاستجابة إلى أنظمة راسخة أو معروفة لنقل معلومات دقيقة وطرح حلول للناس.
فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤثر قادة المجتمعات المحلية من الثقات على سلوك الملايين من الناس، مما يساعد على ضمان نقل الرسائل الصحية الدقيقة والتي تتسم بالحساسية الثقافية، ووصول المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها. وللعمل الجماعي من جانب المجتمعات المحلية أهمية لا سيما عندما تكون القنوات الحكومية المعنية بتقديم الخدمات ضعيفة أو مضغوطة، أو عندما تكون الثقة قليلة بين المواطنين والسلطات الصحية.
وفي مجموعة البنك الدولي، نتخذ إجراءات واسعة النطاق وسريعة المسار لمساعدة البلدان النامية على تعزيز استجابتها للوباء وأنظمة الرعاية الصحية لاحتواء انتشار كورونا وأثره.
وستساعد المجموعة الأولى من المشروعات بقيمة 1.9 مليار دولار 25 بلدًا، وسيتم المضي قدمًا في عمليات جديدة في أكثر من 60 بلدًا. وبالإضافة إلى ذلك، يعمل البنك الدولي على إعادة توزيع الموارد في المشروعات الحالية التي يمولها في كل منطقة.
وتلعب برامج التنمية الاجتماعية دوراً حاسماً في استجابة البنك الدولي لهذه الأزمة. وتعمل هذه البرامج بأساليب متعدد ومبتكرة- من خلال الإطار البيئي والاجتماعي، وجهود التصدي والاستجابة على مستوى العمليات، والأساليب الجديدة لمشاركة المواطنين.
وفي إطار هذه الاستجابة الأولية، يلجأ البنك الدولي إلى برامج التنمية المجتمعية، وهو نهج يضع المجتمعات المحلية في وضعية مناسبة لتصميم الحلول وتخصيص الموارد لتلبية الاحتياجات المالية والمادية الماسة للشرائح الأشد ضعفًا والأولى بالرعاية. وتتيح برامج التنمية المجتمعية مساندة مستهدفة، على سبيل المثال، للنساء والشباب العاطلين عن العمل، وكبار السن، والمهاجرين العائدين، والأشخاص الذين تواجه أعمالهم الصغيرة والمتناهية الصغر اضطرابًا. كما أن هذه البرامج تعتبر طريقة موثوقة لتقديم حلول تستجيب بسرعة ومرونة للكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية والأوضاع بعد انتهاء الصراع.
وتستخدم أفغانستان ميثاق المواطنين، وهو برنامج شبكة الأمان الأكثر موثوقية في البلاد، للوصول إلى حوالي 13 مليون شخص في جميع المحافظات البالغ عددها 34، في المناطق الريفية والحضرية. ويساعد ميثاق المواطنين الحكومة على إرسال رسائل صحية للوقاية من كورونا بوتيرة بسرعة واستكشاف طرق لتوجيه الأموال مباشرةً إلى المجتمعات المحلية والشرائح المستضعفة والأولى بالرعاية. ويعتمد هذا البرنامج الوطني للتنمية المجتمعية على سجل الإنجازات الحافل للبرنامج الذي سبقه، وهو برنامج التضامن الوطني، في مساعدة النازحين والمشردين داخليًا، والعائدين، وحل مشكلة الجوع في المواسم الصعبة، والاستعداد للتسوية السلمية في أفغانستان في الآونة الأخيرة.
و
وفي العموم، من المتوقع أن تطرح مجموعة البنك الدولي ما يصل إلى 160 مليار دولار على مدى الشهور الخمسة عشر التالية لمساعدة البلدان على حماية الشرائح الفقيرة والمستضعفة والأولى بالرعاية، ومساندة منشآت الأعمال، وتعزيز التعافي الاقتصادي.وبالنسبة للعديد من البلدان الأشد فقراً، لدي مجموعة البنك الدولي فرصة لتغيير مسار هذه الأزمة من خلال نُهج عادلة اجتماعياً. وأعتقد حقًا أننا، في مجموعة البنك الدولي، نستطيع التغلب على أسوأ آثار هذه الجائحة. وسيكون ذلك للجميع وليس فقط للمحظوظين مثلي.
رابط المصدر: