تحمل مدينة الموصل في شمال العراق، موقعًا ووزنًا استراتيجيًّا وبُعدًا جيوسياسيًّا مهمًّا، يتعلق خصوصًا بما يحدث من توازنات بمحيطها القريب والمتوسط على مستوى الاستراتيجيات الإيرانية والتركية فضلًا عن الدولية. تحكي الورقة قصة الموصل بعد عام 2017 وكيف دخلت إليها القوى السياسية القادمة من خارجها بأجندات سياسية مشوهة وطارئة مع بعض القوى المسلحة التي استخدمت تضحيات وشرعية وغطاء هيئة الحشد الشعبي كآلية لتمرير مصالحها بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
قام “داعش” بعملية تدمير وسحق الموروث الثقافي والمعماري للموصل، منذ السيطرة عليها عام 2014، ثم تأتي مرحلة ما بعد “داعش” منذ عام 2017، لتعمِّق هذا التدمير، على أيدي قوى سياسية وإدارية وكيانات مسلحة متنفذة تحظى بـ(شرعية) حكومية هذه المرة.
شهدت المدينة محاولات (عسكرة)، مدفوعة بنشوة النصر على (داعش)، وبدأت عمليات التغلغل في بعض الأعمال والمهام غير العسكرية بشكل غير قانوني، لتمرير مصالح كيانات مسلحة وأحزاب، بالتعاون مع الجهد الإداري المحلي المعزَّز بشرعية مباشرة من قوى الفساد الكبرى في بغداد. نسجت هذه الثنائية “ثنائية (العسكرة) والفساد الإداري المحلي المشرعن والمدعوم من بغداد” حالة من حالات التجريف والنهب المباشر للمدينة دون أية رحمة؛ حيث أوغلت هذه القوى بالفساد وعمَّقت جراح هذه المدينة بطريقة زادت أعباءها بعد أن تم تدمير ما يقارب 90% من بناها التحتية الحكومية أثناء تحريرها من داعش بالإضافة إلى ما خلَّفته العمليات من أضرار كتدمير “الجسور والمستشفيات والجامعات والمدارس وخطوط نقل الكهرباء ومصافي النفط والغاز ومحطات تصفية وتحلية المياه والطرق والشوارع الرئيسة”، فضلًا عن تدمير أجزاء كبيرة من أحياء المدينة السكنية أثناء عملية التحرير على يد التنظيم والقصف الجوي. لا تزال أنقاض هذه الأحياء شاخصة حتى الآن في ساحل المدينة الأيمن وتحديدًا فيما يُعرف بالمدينة القديمة التي تعرضت لتجريف كبير عامي 2017 و2018 من قبل الإدارة المدنية المحلية بالتعاون مع بعض القوى المتنفذة التي تحمل السلاح المشرعن من خارج المدينة، فضلًا عن تشويه عائديتها وملكيتها التراثية وتغيير لهويتها الوقفية والدينية لصالح القوى التي تحمل السلاح غير المنتمية للمدينة.
أولًا: طبيعة تطور هوية الموصل وعلاقتها البيروقراطية مع بغداد
تشكَّلت هوية الموصل الحضارية كمدينة وعاصمة لمحافظة نينوى، شمال غرب العراق، من خليط تاريخي وتراث ديني تنوعاتي وذاكرة متمدنة وعلمية عميقة انعكست بشكل مباشر على طبيعة علاقتها بمحيطها العربي وغير العربي داخل وخارج العراق. رسمت هذه المعطيات وحددت لها عنوانًا بارزًا لعلاقة واضحة مع بغداد منذ إعلان عصبة الأمم عن انضمامها إلى الدولة العراقية المعاصرة، عام 1925، بعد أربع سنوات من تأسيسها. تاريخ الموصل الطويل، كرَّس في سكانها ميزة الولاء للدولة ومؤسساتها لا بسلطتها السياسية أو الحزبية أو العشائرية أو المذهبية. وهكذا، وُجِد الموصليون داخل مؤسسات الدولة دون الاندفاع في محاولة الوجود في مؤسسات السلطة، فصارت المدينة نموذجًا للمهنية والانضباط المؤسسي، بيد أن ذلك لم يكن كافيًا لإنصاف الموصل في دولة عراقية عاشت تأثيرًا كبيرًا لمؤسسات السلطة الحزبية والعشائرية والدينية على حساب مؤسسات الدولة التي يرغب الفرد الموصلي في العمل فيها.
مدينة الموصل هي المركز الإداري لمحافظة نينوى، وأهم مدنها. يوجد في هذه المحافظة العدد الأكبر من السكان بين عموم محافظات العراق باستثناء العاصمة بغداد، وتقدر وزارة التخطيط العراقية عدد سكان المحافظة بأكثر من 3.7 ملايين نسمة، منهم نحو مليون ونصف مليون نسمة في مركز مدينة الموصل وحدها(1)، غالبيتهم من العرب السُّنَّة، في حين تتنوع الهويات الطائفية والعِرقية والدينية للسكان في بقية مدن نينوى.
ورغم أهميتها التاريخية والوطنية والسكانية، وتنوعها الإثني والديني، ابتعدت الموصل عن بغداد سيكولوجيًّا وبيروقراطيًّا وإداريًّا ومهنيًّا لاسيما في مرحلة ما بعد عام 2003 وتحول النظام السياسي في العراق إلى نظام المحاصصة الطائفية والعشائرية والدينية والمذهبية. بالتالي، باتت مدينة الموصل بشكل خاص، غريبة على النمط السلطوي المستحدث، ولم يتمكن أهلها من استيعاب هذا التحول نحو الهويات الفرعية التي يعتبرها الموصلي تشويهًا لهوية الدولة المركزية.
ورغم أن أغلب سكان مدينة الموصل من العرب السنَّة إلا أنها لم تُعنون نفسها على أنها مدينة سُنية مذهبية أو عشائرية بقدر ما عبَّرت عن نفسها على أنها مدينة مهنية مدنية حتى عندما كانت تحتاج لهذا العنوان في وقت صار فيه أغلب سياسيي العراق يعنونون محافظاتهم على لأساس مذاهبهم ومصالح مذاهبهم وقومياتهم.
ترجم سكان الموصل سلوكهم الهوياتي المتمدن هذا حتى عام 2003 عبر الاندماج والمشاركة المباشرة في بناء وتطوير مؤسسات الدولة دون الاهتمام المباشر بالاندماج المتقدم بمؤسسات السلطات المتعاقبة التي حكمت البلاد في مراحل مختلفة؛ وهذا ما أسس للموصل وسكانها المتمدنين خصوصية كبيرة في مساعدة العراق وبناء مؤسسة الجيش والمؤسسات التعليمية ومؤسسات الخدمة العامة غير السياسية، وقد كان ولفترات طويلة دور عميق لقادة الموصل الثقافيين والاجتماعيين والعلميين والعسكريين في تشكيل جزء مهم من هوية الهيكلية البيروقراطية المؤسساتية للدولة العراقية بغضِّ النظر عن طبيعة النظام السياسي الحاكم. كذلك، أسهمت الموصل في بناء الاقتصاد العراقي بسبب ما وفرته من حلقة وصل بين أكثر من جغرافية داخلية وخارجية أسهمت وعمَّقت تطوير هوية العراق الاقتصادية(2).
ثانيًا: الموصل: أكثر من 17 عامًا على العزلة
لم يكن تاريخ الموصل أو دورها أو مكانتها وخزينها السكاني المتعلم والمهني، كافيًا لإنصاف المدينة على وفق المعايير التي سادت فترة ما بعد غزو العراق، عام 2003، فقد تم استبعادها بشكل شبه تام عن مراكز القرار والترتيبات السياسية التي تلت الاحتلال الأميركي وبناء العملية السياسية، بما في ذلك، نظام المحاصصة الطائفية والعرقية، بل وفي إطار النخب السياسية السُّنِّية ذاتها التي نشأت ونمت في سياق هذه المحاصصة.
لم تستطع الموصل أن تتقبل هذا التحول الهوياتي الذي حدث في الدولة العراقية، وانزوت كفاءات ونخب الموصل للانزواء بعيدًا عن التفاعل في الأعمال السياسية والقيادية على مستوى العراق، لكن ذلك لم يمنع من ظهور طبقة سياسية براغماتية منفعية من خارج الموصل المدينة، ادَّعت تمثيلها، وتشاركت في تقاسمات السلطة مع بغداد، وأسهمت في إيغال وتعميق الفساد داخل نينوى.
وباستثناء هذه الطبقة المحدودة، فقد ظهرت بشكل واضح معالم العزلة الكبيرة لسكان الموصل ومثقفيها وقادتها عن المشاركة العامة، لاسيما في المؤسسات الأمنية والعسكرية التي كان القادة والضباط الموصليون ركنها الأساس منذ عشرينات القرن الماضي، وهو ما يشمل قطاعات الدولة الأخرى، وقد ضعف تمثيل البيروقراطيين الموصليين حتى في مدينتهم الموصل نفسها وبالطبع في بغداد؛ الأمر الذي عمَّق قطيعة الموصل وسكانها عن العراق بشكل كبير مؤسساتيًّا ومجتمعيًّا وسيكولوجيًّا(3).
ثالثًا: أبعاد شبكة الفساد في الموصل بعد عام 2017
بعد انهيار تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في الموصل، عام 2017، وما حدث من تدمير كبير على مستوى البنى التحتية الشاملة للمدينة من مستشفيات ومدارس وطرق وجسور وأحياء سكنية شبه كاملة تمت إزالتها بسبب العمليات، فرضت الاستحقاقات العسكرية الجديدة لخارطة القوى العسكرية العراقية نتائج عديدة على أرض الموصل، كان على رأس تلك الحقائق دخول مجموعة من الفصائل المسلحة، كان جزء منها ضمن إطار مؤسسة الحشد الشعبي، وجرى استخدام شرعية هذه المؤسسة، للسيطرة على الأرض والموارد الاقتصادية والاستثمارات والطرق الدولية الرابطة بالموصل بمسوِّغات عديدة منها حماية بعض المراقد الدينية للأقليات الشيعية والتركمانية والمسيحية في الموصل وأخرى تتعلق بتثبيت أركان الاستقرار والأمن في المدينة من أجل ضمان عدم عودة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من جديد.
بيد أن كل ذلك لم يكن إلا مقدمة للشروع بنشاطات اقتصادية عديدة داخل الموصل واستثمار حالة انعدام الغطاء السياسي والرقابة المجتمعية والبرلمانية فضلًا عن غياب غطاء السلطة الحكومية المركزية نفسها “سلطة بغداد” بما يضمن عملية إعادة إعمار نزيهة كما يطمح لها أهالي المدينة، وقد نستطيع أن نذكر بشكل مباشر جملة من النشاطات الاقتصادية الشبكية التي تم تطويرها ونسجها في الموصل، ترتبط بهذه الفصائل منحتها قدرة التمويل الذاتي، والاستغناء عن قيادتها المفترضة في بغداد، فخرجت عمليًّا من نظام الضبط العسكري، ولم تعد تهتم بتلقي الأوامر من أحد. ويمكن إجمال أبرز أوجه الفساد لهذه القوى المسلحة بالتالي(4):
- فساد قطاع الأراضي: لاحظت بعض القوى السياسية والإدارية القادمة من خارج الموصل المسنودة من بعض القوى المسلحة والتي تستخدم شرعية الحشد الشعبي وفتوى مرجعية النجف لتمرير مصالحها أن الاستثمار في قطاع الأراضي داخل الموصل يدرُّ أموالًا طائلة بصورة سريعة؛ حيث شهدت الموصل ومنذ البدايات الأولى لعملية التحرير محاولات للسيطرة على مجموعة مناصب مهمة تخدم مشروع الاستيلاء على الأراضي، كان أهمها السيطرة على ما يُعرف بإدارة عقارات الدولة ومجموعة من المفاصل الرئيسة في بلدية الموصل بالإضافة لدوائر عدة أخرى مساندة.
وتقوم قيادات بعض هذه الفصائل بالإضافة لقيادات أخرى متنفذة من خارجها تعمل بمؤسسات أمنية داخل الموصل موفدة من محافظات ثانية، بالحصول على أراض خارج الضوابط القانونية المنصوص عليها وفق شروط وزارة الإسكان وشروط البلدية مستخدمين حالة غياب الرقابة الحكومية وضعف قدرة المؤسسات المحلية على إيقاف عملية النهب هذه بحُجَّة أن جزءًا من تلك الأراضي يعود لقيادات ومناصرين لداعش تارة أو بعمليات تحويل أراض زراعية إلى أراض سكنية وبيعها مباشرةً بدون ضوابط قانونية تسمح بذلك، وقد جرى استخدام بعض سكان الموصل كغطاء لعملية استلام الأراضي لتجاوز عقبات قانونية، قبل أن يجري تحويل ملكياتها. وتُقدَّر مساحة الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها بصفقات فساد في الموصل بين أعوام 2017 حتى 2020 بأكثر من 400 دونم (الدونم= مليون متر مربع) تقدر قيمتها بأكثر من مليار دولار بحسب معلومات حصل عليها الكاتب من أحد كبار موظفي محافظة نينوى طلب عدم الكشف عن اسمه(5).
- تهريب النفط: تمكنت بعض الكيانات العسكرية الرديفة التي اشتركت في عملية تحرير المدينة من السيطرة على أكثر من 73 حقل نفط من حقول مناطق جنوب وغرب الموصل بالتعاون مع مجاميع محلية مسلحة تم تشكيلها في تلك المناطق أو ما يُعرف بـ”الحشد العشائري”، لكن هذه المجاميع ليست إلا واجهة فقط لعمليات تهريب كبيرة تُجرى باسمها فقط لصالح شخصيات متنفذة أكبر من خارج المدينة. وتُقدَّر كميات النفط المهربة بأكثر من 100 إلى 150 صهريجًا يوميًّا “الصهريج يسع 36 ألف لتر”، ناهيك عن السيطرة على عملية النقل الخاصة بهذه العملية والعمولات التي تحصل عليها هذه الكيانات الرديفة كسماسرة الطريق الذين يضمنون وصول هذه الشاحنات إلى الأماكن الذاهبة إليها سواء في الموصل أو بغداد أو خارج العراق إلى سوريا.
- اقتصاد الطريق “السيطرة على الممرات الدولية المؤدية إلى الموصل”: يحيط بمدينة الموصل خمس محافظات رئيسة، هي: دهوك من الشمال الغربي، وأربيل في الشمال الشرقي، وكركوك في الشرق، وصلاح الدين من الجنوب، ومحافظة الأنبار من الجنوب الغربي، فضلًا عن امتلاك محافظة نينوى حدودًا برية تصل إلى أكثر من 320 كلم مع الجانب السوري وممرًّا ضيقًا يقع ضمن المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان في قرية فيش خابور يوصل الموصل بتركيا مباشرةً لكنه الآن يخضع لسلطة إقليم كردستان.
استفادت المجموعات المسلحة بكافة أسمائها من هذه الميزات الجغرافية المهمة للموصل، لتسيطر خصوصًا على الطرق الواصلة مع أربيل. مثَّلت أربيل نافذة اقتصادية كبيرة جدًّا للموصل باعتبارها أقرب المحافظات التي فيها مطار دولي، كان -ولا يزال- محطة رئيسة لهبوط المنظمات الدولية العاملة في الموصل، كما أن مئات الشركات العاملة في الموصل تستخدم أربيل كمقر رئيس لها. بالتالي، بات الطريق الواصل بين أربيل والموصل شريان حياة اقتصاديًّا التفتت له المجموعات المسلحة لتمارس نفوذها عليه وتستحصل منه مردودات مادية كبيرة كتعريفة جمركية غير رسمية فرضتها على مئات الشاحنات المحلية والدولية المحملة بالبضائع يوميًّا مما أسهم في توفير مصدر تمويل جار ساعد في تطوير شبكة المال الرئيسة للتمويل الذاتي لهذه المجموعات. وتنطبق نفس القواعد على الطرق الواصلة بين الموصل وبغداد.
وتُقدَّر المردودات التقريبية شهريًّا جرَّاء (اقتصاد الطرق) غير الشرعي بأكثر من 15 إلى 20 مليون دولار تُدفع كعمولات نقدية مباشرة من قبل أصحاب الشركات والشاحنات للجهات المسيطرة على الطرق الدولية المؤدية إلى الموصل مما عمَّق الأعباء الكبيرة لعمليات الاستثمار وإعادة الإعمار حيث باتت الموصل بيئة طاردة للعمل بسبب هذه الممارسات.
- السيطرة على بعض المناصب الإدارية داخل الموصل: لأن الموصل تعيش دمارًا كبيرًا، كان من الضروري أن يكون هناك عملية شاملة للإعمار، بيد أن هذه العملية بالرغم من وجود أموال محدودة تم تخصيصها من بغداد إلا أن الجهد الأكبر بدأ يظهر من قبل المنظمات الدولية، لكن هذا الجزء كذلك تعرض لانحرافات كبيرة ومساومات عديدة أوقفت جزءًا كبيرًا من جهوده بسبب الفساد والفاسدين. وقد تمكنت بعض القوى السياسية المتنفذة وبدعم مباشر من المجموعات المسلحة من الذهاب بعيدًا في عمليات استثمارها داخل الموصل بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، عام 2017؛ حيث لم تكتف بعمليات السيطرة على بعض المشاريع العامة في المدينة، بل تولت عملية (بيع المناصب) الإدارية العليا في المحافظة كمديرية صحة نينوى ومديريات الكهرباء والماء والمجاري والاستثمار والبلديات والعديد من المناصب الإدارية العليا فضلًا عن السيطرة الكاملة على مجلس محافظة نينوى المحلي الذي تم حله عام 2019 بتهم فساد كبيرة.
يجري الترشيح لهذه المناصب الإدارية عبر اتفاق مع بعض المجموعات المسلحة التي تؤمِّن المنصب من بغداد، ووصل (سعر) المنصب إلى مليون ومليوني دولار خلال مدة عمل ستة أشهر فقط، ثم يجب تجديد (الاتفاق) بعد ذلك بدفع مبالغ أكبر، أو (بيع) المنصب لشخص آخر. وهناك مناصب تديرها المجموعات المسلحة ذاتها من خلال شخصيات معينة يجري اختيارها لتكون واجهات رسمية.
وتوفر السيطرة على هذه المناصب التحكم بجهود المنظمات الدولية القادمة للموصل وابتزازها مباشرةً، وحتى تلك الدوائر والمؤسسات التي ظلَّت خارج سيطرة المجموعات المسلحة والجهات السياسية والحزبية كجامعة الموصل مثلًا، فإنها أصبحت تعاني عمليات ابتزاز وتهديد لقياداتها للحصول على مكاسب مباشرة منها أو إزاحة قياداتها من مناصبهم. ونذكر هنا أن حادثة غرق العَبَّارة في مدينة الموصل، عام 2019، والتي راح ضحيتها أكثر من 250 شخصًا، تم تسوية ملف مالك الجهة السياحية التي تسببت بهذه الكارثة وتم غلق الملف قضائيًّا دون محاسبة للمقصرين بسبب تدخل مجموعات مسلحة ضغطت على أهالي الضحايا والادعاء العام وترضيتهم لإخلاء سبيل المتهمين.
- بيع “السكراب ” أو ما يُعرف ببقايا الحديد والمعادن من المنازل والبنى التحتية المدمرة: شهدت الأسابيع الأولى بعد تحرير الموصل من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” نشاطات واسعة لشركات خاصة دخلت الموصل بعد تحريرها. ترتبط هذه الشركات بصورة غير مباشرة بقيادات بعض المجموعات المسلحة التي قاتلت في الموصل من ثم أسست لنفسها شركات بأسماء ثانوية من أجل العمل والاستثمار. عملت هذه الشركات وأغلبها لشخصيات من خارج الموصل بتسهيلات مباشرة من محافظ نينوى السابق، نوفل العاكوب، المتهم بعشرات تهم الفساد، بالإضافة لتعاون بعض مديري الدوائر المحلية المتواطئين معه على إحالة عقود رفع الأنقاض والحديد والسكراب من مدينة الموصل.
كانت تلك العقود هزلية لا تخضع لأي ضوابط وسياقات إدارية وقانونية؛ حيث لاحظ سكان المدينة منذ الأسابيع الأولى، عام 2017، وحتى الآن خروج مئات الشحنات الكبيرة يوميًّا خارج المدينة محملة بالسكراب والحديد ومخلَّفات الحرب من المعادن التي يمكن إعادة تدويرها. وقد قُدِّر ما خرج من الموصل من سكراب بأكثر من 500 مليون دولار خلال ثلاث أعوام بين 2017 و2020(6).
نستنتج من ذلك أن الموصل تُشكِّل بُعدًا جيواقتصاديًّا كبيرًا في مدركات بعض المجموعات المسلحة؛ حيث توفر هذه السيطرة شبكة معقدة من المصالح المعمقة كمصادر المال التي يتم استخدامها لأغراض التمويل الذاتي وبسط سيطرة هذه المجموعات ونفوذها داخل المدينة وضمن سياق الصراع السياسي والعسكري في العراق. وينبغي أن نُذكِّر هنا بأن هذه العمليات التي تجري في الموصل لا تمثل كل مؤسسة الحشد الشعبي بل تمثل بعض الأجنحة غير المسيطَر عليها وغير المؤْمِنة بمرجعية النجف العراقية. وبالمقابل، يوجد من بين فصائل الحشد الشعبي ما يجسِّد انضباطًا والتزامًا بالمرجعيات العسكرية.
رابعًا: موقع الموصل الجيوستراتيجي العابر للحدود المكانية في المدرك الإيراني
نظرت طهران للموصل على أنها حلقة معقدة في استراتيجيها حيال العراق، بل إنها حلقة عصية للغاية أمام مدِّ النفوذ الإيراني فيها بعد عام 2003. يتعلق الأمر بالتراث التاريخي للمدينة، والثقافة السياسية السائدة فيها، وهي ذات طابع مرتبط بميراث القومية العربية، مع اتجاه محافظ فرض رؤية صارمة تجاه القضايا الوطنية، ومنها معارضة التدخل الأجنبي وفي مقدمته طبعًا التدخل الإيراني.
لم تكن هذه السمات خارج المدرك الإيراني، وطهران كانت تعرف أيضًا أن معظم قيادات الجيش العراقي السابق وقيادات القوة الجوية العراقية السابقة وطياريها الذين تسببوا بأذى بالغ للإيرانيين خلال حرب 1980-1988 هم من بين سكان الموصل، ولذلك لا يمكن بحال التغاضي عن حالة التنافر بين الطرفين، ومحاولة طهران السيطرة على المدينة، وعلاقتها بما يجري بعد عام 2017 من تأسيس لحالة فساد وتجريف هوياتي كبير مع ارتباط المجموعات المسلحة المسؤولة عن ذلك بإيران بشكل مباشر.
تقع الموصل ضمن اهتمام خارطة الانتشار الاستراتيجي الإقليمي الإيراني بشكل مباشر؛ إذ مثَّلت طريقًا ثالثًا لإيران نحو البحر المتوسط. يمتد الطريق الأول من البصرة نحو الأنبار ومن ثم إلى سوريا والبحر المتوسط ولبنان، والطريق الثاني يمتد من الحدود الشرقية في ديالى إلى بغداد ومن ثم الأنبار ليلتقي بالطريق الأول، أما الطريق الثالث؛ فقد بات يمتد من ديالى-كركوك-الموصل- تلعفر ومن ثم الرقة فحلب وصولًا إلى اللاذقية والبحر المتوسط، قاطعًا بذلك مناطق تعتقد تركيا أنها خاصة بنفوذها في العراق وسوريا لدواع تاريخية وحضارية وجغرافية في البلدين. بذلك، حققت إيران هدفًا استراتيجيًّا ليس فقط بالوصول إلى طريق إضافي للبحر المتوسط عبر الموصل، بل في مزاحمة تركيا، ومحاولة حرمانها من خيار استراتيجي.
قامت إيران بتشكيل شبكات معقدة من المجاميع المسلحة زاحمت بها قوى دولية عديدة وعرقلت بها مشاريع استراتيجية مهمة في العراق وسوريا، بمعنى أن عملية زرع هذه الكيانات المسلحة في الدول هي استراتيجية إيرانية واضحة للمساومة بها على طاولات المفاوضات مع القوى الدولية الكبرى، وليس الدخول إلى الموصل إلا استكمالًا لمدِّ هذا المشروع وتطويره إيرانيًّا بشكل أكبر(7).
خامسًا: كيف تنظر تركيا للموصل في ضوء الصراع الإقليمي والدولي؟
تعتقد تركيا أنها تمتلك مصالح تاريخية فيما كان يُعرف سابقًا بولاية الموصل والتي كانت تضم إقليم كردستان الحالي “أربيل، دهوك، السليمانية” بالإضافة لكركوك والموصل المدينة. بيد أن هذا الاعتقاد يكاد يندرج ضمن دائرة الأحلام التركية الإقليمية غير المدركة واقعيًّا؛ حيث ظلَّت تركيا بعيدة نسبيًّا عن الموصل وما شهدته من متغيرات، فيما حظيت إيران واقعيًّا بنفوذ قوي أمني واقتصادي في المحافظات التي كانت تشكِّل ولاية الموصل (العثمانية).
بالمقابل، انشغلت تركيا بمواجهة تهديدات انطلقت من محافظة نينوى، من حزب العمال الكردستاني الذي يتمركز منذ طرد تنظيم الدولة في سنجار غرب الموصل، وظهرت منذ عام 2003 معالم تخبط كبير في الاستراتيجية التركية تجاه الموصل، مما تسبب بأن تكون نينوى مصدر تهديد، بدلًا من أن تكون نقطة التقاء حضاري وثقافي مع العراق ككل.
حاول الجانب التركي ولأكثر من مرة إعادة افتتاح معبر “أفوكاي” الذي يربط تركيا بالموصل مباشرةً عبر مدينة فيش خابور المتنازع عليها مع إقليم كردستان، حسب المادة 140 من الدستور العراقي، غير أن رغبات تركيا اصطدمت بشكل مباشر بإصرار أربيل على ضمِّ ذلك الشريط الحدودي التابع إداريًّا للموصل، من أجل تحقيق ربط جغرافي مع المنطقة الكردية في سوريا. وقد استمر التواصل التركي مع العراق يجري من خلال معبر إبراهيم الخليل في مدينة زاخو التابعة لكردستان، دون تحقيق تماس مباشر مع الموصل وهذا ما أضعف بشكل كبير عملية التواصل التركي معها.
ولعل هذا الموضوع يكون أكبر من طموحات تركيا والموصل نفسها لتدخل فيه صراعات أخرى أكثر تعقيدًا وهي عدم رغبة إيران بفتح معبر منافس لها ولسوق تجارتها في الموصل وما يمكن أن تمارسه من ضغوطات على الطريق الواصل بين مدينة أفوكاي الحدودية التركية والموصل الذي يبلغ طوله أكثر من 200 كلم، يقع جزء منه تحت سيطرة الفصائل الموالية لإيران في العراق بالإضافة إلى أن الولايات المتحدة تمتلك وجهة نظر خاصة بها لا تدعم مثل هذا التوجه بين تركيا والموصل إلى حدِّ الآن(8).
سادسًا: اقتصاد الحدود والمعابر
تحسست بعض المجموعات المسلحة العراقية المرتبطة بإيران أهمية السيطرة ومسك الحدود العراقية-السورية من زاوية الموصل؛ حيث مثَّل الشريط الحدودي الذي يُقدَّر بأكثر من 320 كلم والذي يربط محافظة نينوى بسوريا فرصة مميزة لتطوير شبكات معقدة من العلاقات الزبائنية التي يمر عبرها الكثير من البضائع والسلع والخدمات فضلًا عن الأسلحة والمخدرات وتهريب العملات الصعبة والآثار والصواريخ والمعدات الفنية والتكنولوجية التي تصل لحلفاء ايران في سوريا ولبنان أو التي تذهب أبعد من ذلك عبر البحر المتوسط والساحل السوري واللبناني.
تمثل الحدود الرابطة بين سوريا والموصل حلقة استراتيجية مهمة للغاية في مدرك إيران شرق الأوسطي؛ حيث يعتقد الجانب الإيراني أن تأمين الطريق المار عبر الموصل سيعزز من إمكانيتها الإقليمية كورقة لعب إضافية فضلًا عن تأمين مصادر محلية لتمويل المجموعات المسلحة عبر ما بات يُعرف باقتصاد المعابر الحدودية الذي لا يغذِّي المجموعات الموالية لإيران فقط بل يغذي الاقتصاد الإيراني كذلك عبر استخدام هذه الممرات للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليها.
يمثِّل معبر (ربيعة) العراقي، ويقابله (اليعربية) السوري، أحد أهم معابر العراق الاستراتيجية، وتتشارك بعض المجموعات المسلحة إدارته مع القوات الرسمية العراقية ودائرة الجمارك المركزية، وهو أحد أهم المعابر المهمة في الاستراتيجية الإيرانية بعد معبر القائم “محافظة الأنبار”، ومعبر الوليد في الرطبة “محافظة الأنبار كذلك”، وهي من المعابر الرسمية التي تخدم بشكل كبير استراتيجية إيران في الشرق الأوسط، غير أن الاعتماد الرئيس لاقتصاد فصائل الحدود ليس فقط على المعابر الرسمية بل على عشرات المعابر غير الرسمية والطرق الترابية عبر القرى الحدودية بين سوريا والعراق والتي باتت محطات مهجورة من سكانها لم يستطيعوا العودة إليها بسبب الحرب مع تنظيم الدولة “داعش” بين أعوام 2014 و2017، وقد تم تجريف ما يقارب 159 قرية في الشريط الحدودي من مناطق سنجار وصولًا إلى آخر نقطة من قضاء البعاج جنوب غرب الموصل من سكانها، ولم يقتصر ذلك على بعض المجموعات المسلحة الموالية لإيران بل ذهبت الأخيرة إلى أبعد من ذلك؛ حيث وظَّفت أجنحة متعددة من حزب العمال الكردستاني المتموضع في سنجار “بلدة تقع غرب الموصل بالقرب من الحدود مع سوريا” لأداء هذه المهمة حيث زَجَّ الحزب وعبر علاقاته المجتمعية مع الأيزيديين الكثير منهم في مؤسسة الحشد الشعبي من أجل مسك الحدود واستكمال جزء مهم من المشروع الإيراني العابر للحدود.
تُقدَّر الواردات المالية التقريبية الشهرية لاقتصاد الحدود بأكثر من 290 مليون دولار ترتفع وتنخفض شهريًّا بحسب زخم العمليات التي تجري في الحدود من تهريب عملات وبضائع وأسلحة على الحدود، غير أن الأهمية الاستراتيجية الكبرى لهذه الحدود لا تقتصر على توفير مصدر مالي متدفق للفصائل المحلية من أجل تمويل نفسها، بل تتعدى ذلك إلى بُعد استراتيجي إقليمي يوفر لطهران ممرات للمساومة شرق الأوسطية لمختلف القوى الدولية في هذه المنطقة؛ حيث طورت إيران جملة من الشبكات الفصائلية في الجانب السوري كذلك لكي تستكمل عملية إدارة مشروعها العابر للحدود(9).
سابعًا: الخارطة السياسية في الموصل
تعيش الموصل اليوم حالة من التغييب السياسي الكبير على مستوى تمثيلها في بغداد. هذا العجز جاء نتيجة لتراكمات عديدة كان أهمها تشوه الخارطة السياسية بعد عام 2003 حتى عام 2014 بعد سيطرة تنظيم الدولة “داعش” على المدينة، وكان عام 2018 عام استحقاق سياسي مهم بالنسبة للموصل كونها أول انتخابات نيابية تُجرى بعد عام 2003 في ظل ظروف تختلف عمَّا كانت عليه الأوضاع في السابق، لكن سرعان ما صُدمت هذه المدينة بخيبات أمل كبيرة من جديد بحدوث تشوه سياسي كبير في خارطة تمثيلها في بغداد، حيث لا يمثل مدينة الموصل اليوم فعليًّا إلا نائب واحد فقط بكتلة سياسية محلية موصلية من أصل 34 نائبًا في البرلمان عن محافظة نينوى دخلوا في تحالفات سياسية مع كتل وأحزاب وزعامات سياسية من خارج المحافظة مما ولَّد غياب ظهور زعامة موصلية محلية نتيجة تشتت نواب المحافظة بشكل عام بين كتل سياسية متنفذة غير موصلية ولا تهمها مصلحة الموصل إلا بقدر الفائدة السياسية والانتخابية.
تدرك أغلب الكتل السياسية أهمية الموصل وثقلها الانتخابي والبشري، بسبب زخمها السكاني، لهذا تسعى كل الكتل السياسية للاستثمار داخل هذه المحافظة انتخابيًّا وسياسيًّا على حساب الموصل نفسها، وقد أسست الأحزاب التي وُجدت في الموصل بعد تحريرها، عام 2017، شبكة من العلاقات المتشعبة في مجالات الاقتصاد والإدارة المدنية العليا وسيطرت على المناصب المهمة والحساسة في المحافظة، وقد جرت العادة مثلًا أن يكون قرار اختيار المحافظ صادرًا من محافظات أخرى، لاسيما بغداد وأربيل وصلاح الدين والأنبار، وهكذا هي الحال مع أغلب الإدارات العليا للمحافظة.
تسبَّب ذلك بإجهاض أية محاولة محلية موصلية للتنافس مع القوى السياسية الداخلة للموصل من أجل الاستثمار السياسي، فالعمل السياسي يحتاج لأدوات كالإعلام والمال والسلطة والمناصب المهمة في المؤسسات العامة للدولة، وهذه الأدوات غير متوفرة للكتل السياسية المحلية الموصلية داخل المدينة بقدر ما هي بقبضة الكتل السياسية الخارجية الزاحفة على الموصل والتي تطمح للعمل والاستثمار السياسي والاقتصادي فيها مما عمق توغلها في المدينة وإيقاف أي محاولة محلية موصلية للعمل السياسي(10).
ثامنًا: كيف أثَّر التوازن السياسي في الموصل على عمليات إعادة الإعمار مباشرةً؟
على هذا الأساس، تتقاسم الكتل السياسية الخارجية القادمة من محافظات ثانية إدارة محافظة نينوى ومدينة الموصل بشكل مباشر. هذا التقاسم قلَّل من عمليات الإعمار كون أغلب هذه الكتل يبحث عن مكاسب اقتصادية من أجل ديمومة عمله السياسي مع عدم الإكتراث لواقع المدينة، لتكون الموصل بذلك واقعة تحت أكثر من كماشة للعبث فيها سياسيًّا واقتصاديًّا ومجتمعيًّا وحتى ديمغرافيًّا؛ إذ لا يوجد مدير عام لأية دائرة محلية في المدينة يُنصب في مكانه بدون توافقات الأحزاب السياسية الخارجية أو ما بات يُعرف بالمكاتب الاقتصادية التابعة لهذه الأحزاب؛ مما زاد الموصل دمارًا بعد دمارها على يد تنظيم الدولة “داعش” وما رافق ذلك من حرب للقضاء عليه.
بالإضافة لكل ذلك، تسعى الكتل السياسية الخارجية الآن في الموصل بعد إقرار قانون انتخابات جديد للبلاد يقوم على أساس الدوائر المتعددة لأن تقسم هذه الدوائر الانتخابية في المدينة على وفق مزاجها السياسي بما يضمن إعادة تمثيلها من جديد في الانتخابات القادمة؛ حيث تتعرض الموصل لتجريف هوياتي كبير من قبل هذه الكتل السياسية الدخيلة على المدينة والتي لم تكتف فقط بالعبث باقتصادها ومقدراتها بقدر ما أوغلت في تشويه مستقبلها الاستراتيجي الشامل نتيجة لما تنتهجه من سياسات قد تقع آثارها على أجيال عديدة قادمة(11).
خاتمة
تنتظر الموصل دائمًا أملًا جديدًا لكي يعيد انتشالها من ضياعها الحالي، فهي ضحية لفشل عراقي كبير في احتوائها كمعقل أخير بعد تجريف بغداد والبصرة مدنيًّا وديمغرافيًّا، وهي مربط إقليمي مهم للعراق في سياسته الخارجية والإستراتيجية الشاملة لبناء الدولة. ما يحدث اليوم في الموصل وفي تخومها القريبة من تدافعات ديمغرافية وصعود لكيانات موازية هنا وهناك وتمترسها على قرارها الوطني وسيطرة الفساد والفاسدين عليها بالإضافة للضغط الإقليمي المسلَّط عليها نتيجة التقاء استراتيجيات متضاربة على أرضها قد يقود مرة أخرى لحدوث انفجار مجتمعي كبير في ظل اهتمام بغداد الذي يكاد يكون معدومًا بما يحصل في هذه المدينة. تحتاج الموصل لجهود كبيرة لتصفية حالة التشوه السياسي لكي يقود الوئام في هذا الجانب إلى حدوث عملية إعمار أكثر رصانة على مستوى الإنسان المدمَّر والبنى التحتية التي سحقتها الحرب على داعش وأوغل في سحقها من أتى بعد داعش للاستثمار بجراحها. كما أن الموقف الدولي تجاه هذه المدينة لا يزال يعاني من مثالية عالية في تعاطيه مع مختلف الملفات داخل الموصل، ولا تزال الانتقائية حاضرة في محاولة الإسهام في إعمار المدينة في ظل نمو علاقات غير صحية مع قوى الفساد على أرض المدينة، أدى ذلك لفقدان ثقة الموصل وأهلها، ليس فقط ببغداد المسؤول الأول عن الإعمار، بل حتى باليد الدولية المنظماتية والحكومية التي تريد مساعدة الموصل من جديد لتصحيح أوضاعها.
- وزارة التخطيط، الجهاز المركزي للإحصاء، تقديرات سكان العراق 2015-2018، بغداد، 2020 (تاريخ الدخول: 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020): http://cosit.gov.iq/documents/population/projection/projection2015-2018.pdf
- للمزيد والتوسع أكثر في نفس الإطار العام للموضوع، يُنظر: إبراهيم خليل العلاف، هوية الموصل وشخصيتها الحضارية، تقرير منشور في مجلة الكاردينيا الثقافية، 26 يناير/كانون الثاني 2017، (تاريخ الدخول: 24 سبتمبر/أيلول 2020): https://2u.pw/m99Mc. للمزيد أكثر كذلك حول تفاصيل أخرى حول الموضوع، يُنظر: لقاء مكي وسيار الجميل، الموصل: لماذا كل هذا الاهتمام؟، برنامج الواقع العربي الذي عُرض على قناة الجزيرة الإخبارية بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، (تاريخ الدخول: 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/COuSo.
- للمزيد، يُنظر حول نفس الإطار: أميمة الطائي، الموصل مدينة شوهت ملامحها التاريخية وفقدت حليتها الحضارية وتحولت إلى رماد، البوابة العربية للأخبار المعمارية، بلا تاريخ نشر، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2020): https://2u.pw/nQZPX .
- جزء مهم مما ورد في هذا النص هو بالاعتماد على أكثر من ست مقابلات شخصية أجراها الباحث مع بعض القيادات الإدارية والسياسية والأمنية في الموصل فضَّلت هذه الشخصيات ألا يُكشف عن اسمها وأن الأرقام الواردة بالتحديد والجهات التي تم تشخيصها مأخوذة من هذه المقابلات وليس بالضرورة أن الباحث يتبنى هذه الأرقام والمعلومات بشكل كامل. كما، وللاطلاع أكثر على هذا الموضوع، يُنظر: التحقيق الاستقصائي الذي أجرته وكالة ناس الإخبارية بتاريخ 14 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول: 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/MG2ol . وكذلك، يمكن الاطلاع على تقرير نشرته صحيفة الخليج أون لاين الذي يشرح تفصيلات أخرى حول الموضوع والمنشور بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://2u.pw/7PzFU .
- مقابلة أجراها الباحث بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الأول 2020، مع مسؤول إداري في الموصل طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية.
- المصدر السابق.
- للمزيد، يُنظر: تقرير لمركز الروابط نقلًا عن الفورين أفيرز بعنوان “الموصل: اللعبة الإيرانية في الشرق الأوسط”، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/cUdKU. كذلك، يُنظر: فراس إلياس، الموصل في الاستراتيجية الإيرانية، مركز العراق الجديد، 2 فبراير/شباط 2019، (تاريخ الدخول: 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/e5gG0 . كذلك، يُنظر: لقاء مكي وسيار الجميل، مصدر سبق ذكره.
- للمزيد أكثر حول الإطار العام للموضوع، يُنظر: محمود النجار، إلى أين يمضي مستقبل العلاقات التركية-العراقية؟، TRT عربي، بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 2020، (تاريخ الدخول: 30 سبتمبر/أيلول 2020): https://2u.pw/GiK19. كذلك، يُنظر: فراس إلياس، مكانة الموصل الجيوسياسية في عقلية الساسة الأتراك، موقع نون بوست، 25 يونيو/حزيران 2019، (تاريخ الدخول: 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/9M93S .
- للمزيد، يُنظر: فيليب سميث، مشروع إعداد خارطة بمواقع انتشار الفصائل المسلحة، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، 15 مايو/أيار 2019، (تاريخ الدخول: 25 سبتمبر/أيلول 2020): https://2u.pw/XZYX9. وكذلك، يُنظر: خارطة الانتشار الموسعة لنفس الكاتب: https://2u.pw/JM2IJ
- للمزيد حول الموضوع أكثر، وفي نفس الإطار، يُنظر: “المناطق المحررة في العراق: صراع الأحزاب والفصائل على أشده”، تقرير لموقع نون بوست، 17 يونيو/حزيران 2020، (تاريخ الدخول: 5 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/utbyx .
- للمزيد، يُنظر: تقرير لقناة الحرة بعنوان “تسريبات حول قانون الانتخابات الجديد ومخاوف سكان الموصل”، 14 سبتمبر/أيلول 2020، (تاريخ الدخول:6 أكتوبر/تشرين الأول 2020): https://2u.pw/gSZoj .