بحسب تقرير جديد لمنظمة العمل الدولية، فإنه من المتوقع أن يشهد العالم تقليصا في الوظائف لنحو 200 مليون من الموظفين بدوام كامل في الأشهر الثلاثة المقبلة فقط. تحذير يأتي بعد حوالي ثلاثة أسابيع من توقع المنظمة تعرّض 25 مليون وظيفة للتهديد بسبب كـوفيد-19، خاصة بعد فرض إجراءات الإغلاق الكامل أو الجزئي في العديد من الدول، وما حمله ذلك من تأثير على نحو 2.7 مليار عامل، أي 4 من بين كل 5 من القوى العاملة في العالم.
وأضاف أنه بالرغم من أن جميع المناطق في العالم تعاني من الأزمة التي تسبب بها الفيروس، شهدت الدول العربية وأوروبا أسوأ تأثير في مجال التوظيف من ناحية نسبية. وأكبر الخسارات من ناحية الأرقام تتركز في دول آسيا والمحيط الهادئ وهي أكثر المناطق المأهولة بالسكان في العالم.
قبل كورونا: 190 مليون شخص عاطل عن العمل
وقال غاي رايدر، مدير عام منظمة العمل الدولية، في تصريحات من جنيف، إنه في بداية العام وقبل أن يتفشّى كـوفيد-19 في العالم، 190 مليون شخص إلتحقوا بصفوف البطالة.
وأضاف أنه مع الصدمة التي أحدثها الفيروس، فمن “الواضح للعيان” أن عالم التوظيف يعاني “من تهاوٍ غير عادي على الإطلاق” بسبب تأثير الجائحة والتدابير المتخذة للتعامل معها.
القطاعات الأشدّ تأثرا
عاملون في أربعة قطاعات هم الأكثر تأثرا بسبب المرض وتراجع الإنتاج: قطاع الغذاء والفنادق (144 مليون عامل)، قطاع البيع بالجملة والتجزئة (582 مليونا)، قطاع خدمات الأعمال والإدارة (157 مليونا)، وقطاع التصنيع (463 مليونا).
ويشير مدير منظمة العمل إلى أن جميع هذه القطاعات تشكل ما نسبته 37.5% من التوظيف العالمي، ويشعر العاملون في هذه القطاعات أكثر من غيرهم الآن بحدّة تأثير الجائحة عليهم.
يجب حماية العاملين في الخطوط الأمامية
يعمل في القطاع الصحي والمهن الاجتماعية 136 مليون شخص حول العالم وهؤلاء يعملون في الخطوط الأمامية في الحرب على كوفيد-19. وشدد السيّد رايدر على أن أكبر تهديد يواجه هذا القطاع هو الإصابة بفيروس كورونا.
وقال: “علينا أن نضمن حماية هؤلاء العاملين وتوفير الأدوات الوقائية المناسبة لهم.” وبشكل عام، عند تقييم الربع الثاني من 2020 (من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو) تعتقد المنظمة أنه من المرجّح حدوث تراجع في عدد ساعات العمل بنسبة 6.7%.
جميع المناطق وجميع الموظفين تأثروا
وأفاد تقرير منظمة العمل الدولية بأنه بصرف النظر عن مكان الإقامة في العالم وعن قطاع التوظيف، فإن الأزمة تلقي بآثار دراماتيكية على القوى العاملة في جميع أنحاء العالم. وأوضح أنه من المتوقع أن تؤدي أزمة وباء فيروس كورونا المستجد إلى إلغاء 6.7 بالمئة من إجمالي ساعات العمل في العالم في النصف الثاني من عام 2020، أي ما يعادل 195 مليون وظيفة بدوام كامل، من بينها 5 ملايين في الدول العربية.
ودعا التقرير إلى صياغة سياسات عند الاستجابة للجائحة تركز على تقديم المساعدة الفورية للشركات والعمال لحماية مكاسب رزقهم بما فيها الأعمال الحيوية في القطاع الاقتصادي وخاصة في القطاعات المتضررة أكثر من غيرها والدول النامية.
واستعرض التقرير شواغل أخرى تتعلق بالدول ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط، مشيرا إلى أن أكثر الخدمات والمصانع المتضررة تضم نسبة عالية من العمال ذوي الأجور المتدنية في العمالة غير الرسمية، مع وصول محدود إلى الخدمات الصحية وشبكات الأمان والرفاه التي تقدمها الحكومة. وقال التقرير: “بدون اعتماد سياسات مناسبة، يواجه العمّال خطر الوقوع في براثن الفقر وسيواجهون تحديات أكبر في العودة لأشغالهم خلال فترة التعافي.”
ويعمل نحو ملياري شخص في وظائف غير رسمية معظمهم في الدول النامية، وعشرات الملايين من العمّال الذين يعملون في الوظائف غير الرسمية تأثروا بسبب كوفيد-19.
وفي المدن، يعمل الموظفون في قطاعات تعرّضهم لخطر انتقال العدوى، كما أنهم يتأثرون مباشرة بإجراءات الإغلاق، مثل البائعين الجائلين والعاملين في مجال خدمة تقديم الطعام وعمّال البناء والمواصلات والعاملين في مجال خدمة المنازل.
وسلط تقرير المنظمة الضوء على الهند على وجه التحديد إذ يعمل نحو 400 مليون شخص في وظائف غير رسمية. هؤلاء يواجهون مخاطر الانزلاق في الفقر، وتجبر إجراءات الإغلاق الكثير منهم على العودة إلى المناطق الريفية.
قطاع الزراعة لم يتأثر “بعد”
على الرغم من أنه لم يتم استشعار تأثير الفيروس على القطاع الزراعي وهو أكبر قطاع في الدول النامية، فإن مخاطر انعدام الأمن الغذائي بدأت تظهر، بحسب المنظمة. ويعود ذلك إلى إجراءات الاحتواء، ومن بينها إغلاق الحدود. ومع مرور الوقت فإن العمّال في هذا القطاع قد يتأثرون بشكل كبير وخاصّة إذا تفشّى المرض في المناطق الريفية.
وقال السيد رايدر: “الكثير يعتمد على التدابير التي تتخذها الحكومة وضمان التعافي السريع في قطاع التوظيف بعد أن يتم السيطرة على الجائحة.”
التحفيز المالي والمساعدات المستهدفة
ورحب السيّد رايدر بالتدابير التحفيزية المالية التي اتفق عليها أعضاء مجموعة 20، إلا أنه دعا إلى “تدخلات تستهدف بشكل أكبر” الأعمال التي “كانت حيوية خلال الأوضاع العادية.”
وشدد على أهمية حفاظ تلك الشركات على موظفيها لأن الأزمات الماضية أظهرت مدى أهمية نمط التدخل على المدى البعيد.
وفي هذا السياق، حددت المنظمة أربع ركائز كأولويات للتعافي ما بعد كوفيد-19، وهي:
تحفيز الاقتصاد والتوظيف؛
دعم الشركات والوظائف والدخل؛
حماية العاملين في مكان العمل؛
والاعتماد على الحوار الاجتماعي لإيجاد الحلول.
رابط المصدر: