شهدت تركيا يوم الأحد 14 مايو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وذلك في أعقاب حملة انتخابية محتدمة بين المتنافسين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أيضًا، ووسط ما تواجهه الدولة التركية من تحديات عدة في مختلفة المجالات أبرزها الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، وسط تراجع المؤشرات الاقتصادية، وتصاعد معدلات التضخم، وارتفاع معدلات البطالة وتكاليف المعيشة، وتداعيات زلزال فبراير المدمر.
وجرت عملية التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية دون وقوع مشاكل تؤثر علي سير العملية الانتخابية، وفي أعقاب إغلاق مكاتب الاقتراع مساء يوم الأحد بدأت عملية فرز الأصوات، وتشير التقديرات الأولية إلى ارتفاع نسب المشاركة في عملية التصويت لأكثر من 88% من الناخبين في الداخل وأكثر من 51% في الخارج[1]، حيث يصل عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات التركية أكثر من 60 مليون ناخب، في 81 ولاية، منهم نحو 11.4 مليونًا في إسطنبول ونحو 4.3 ملايين في أنقرة، 3.4 ملايين ناخب في أزمير، فيما بدأت عملية التصويت من الخارج يوم 27 إبريل الماضي وشارك بها نحو 1.8 مليون تركي بالخارج، وذلك من إجمالي نحو 3.4 ملايين ناخب تركي مقيم بالخارج، ويمثلون نحو 5.3% من إجمالي نسبة الناخبين الأتراك، مما يدفع للتطرق لما تعكسه المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية.
المؤشرات الأولية للانتخابات الرئاسية:
في خضم أصعب اختبار سياسي لأردوغان علي مدار عقدين من توليه السلطة، تشير النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية إلي تصاعد احتمالية الذهاب لجولة إعادة للانتخابات الرئاسية في 28 مايو الجاري، وانحصار المنافسة على الرئاسة التركية بين الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان ومنافسه الرئيسي مرشح المعارضة كمال كليجدار أوغلو، في ظل تقارب نسب التصويت لكلا المرشحين وعدم حسم أي منهما حتى الآن لنسبة الفوز المطلوبة لحسم الانتخابات وهي 50 +1 %.
فوفقًا لما أعلنه أحمد ينار– رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية- يتقدم أردوغان في انتخابات الرئاسة بحصوله على نسبة 49.49 % بعد فرز نحو 91.93 % من أوراق الاقتراع، فيما حصل كليجدار أوغلو على نسبة 44.49 % من الأصوات، وحصل سنان أوغان على نحو 5.2% من أصوات الناخبين.
فيما أعلنت وكالة الأناضول التركية الرسمية أن أردوغان حصل على نسبة 49.34% من الأصوات، فيما حصل كليجدار أوغلو على نسبة 44.99% من الأصوات بعد فرز نحو 98% من الأصوات[2].
وفقًا للجنة العليا للانتخابات التركية يتنافس على مقاعد البرلمان التركي البالغ عددها 600 مقعد، نحو 26 حزبًا سياسيًا، وتبرز على الساحة السياسية خمس تحالفات حزبية، أبرزها تحالف الجمهور بزعامة حزب العدالة والتنمية “AKP” الذي يرأسه أردوغان، وتحالف الأمة المعارضة المعروف باسم الطاولة السداسية بزعامة حزب الشعب الجمهوري “CHP” برئاسة كليجدار أوغلو، ثم يأتي بعد ذلك كل من تحالف آتا “الأجداد”، وتحالف العمل والحرية، واتحاد القوى الاشتراكية.
ووفقًا للمؤشرات الأولية للانتخابات البرلمانية التي نشرتها وكالة الأناضول التركية بعد فرز نحو 98% من الأصوات، يتقدم حزب العدالة والتنمية بنسبة 35.4% من الأصوات، وجاء حزب الشعب الجمهوري في المرتبة الثانية بنسبة 25.39%، يليه حزب الحركة القومية “MHP” بنسبة 10.05%.
المؤشرات الأولية للانتخابات البرلمانية:
ووفقًا للتقديرات الأولية سيحصل تحالف الجمهور الحاكم على نحو 322 مقعدًا في البرلمان، فيما سيحصل تحالف الأمة المعارضة على نحو 212 مقعدًا في البرلمان، بينما سيحصل تحالف العمل والحرية على نحو 66 مقعدا[3].
وجدير بالذكر هنا؛ أنه على الرغم من تركيز الاهتمام في هذه الانتخابات على الانتخابات الرئاسية، كونها ستحدد المصير السياسي لأردوغان، وتؤسس لتركيا الجديدة في مأويتها الأولى، وتحدد وجه تركيا خلال السنوات القادمة، إلا أن الانتخابات البرلمانية لا تقل أهمية عن الانتخابات الرئاسية.
فمن جانب قد يجد أي رئيس صعوبة في ممارسة السلطة في حال لم يحظ تحالفه بالأغلبية البرلمانية لتمرير القوانين والتشريعات، وتجنب الصراع مع المؤسسة التشريعية، ومن جانب آخر قد يكون لنتائج الانتخابات البرلمانية تأثير على الانتخابات الرئاسية في حال ذهبت الانتخابات الرئاسية لجولة إعادة وفقًا لما تشير له التقديرات الأولية لنتائج الانتخابات.
حيث قد يعزز فوز تحالف ما بالأغلبية أو الأكثرية البرلمانية من حظوظ مرشحه في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية، لاستقطابه بشكل أكبر للأصوات المترددة، وإقناعها بأنه القادرة على إحداث استقرار سياسي وتجنب نشوب صراع بين مؤسسة الرئاسة والبرلمان، الذي من شأنه أن يؤدي إلى شلل في الحياة السياسية[4].
ووسط وجود تقديرات أولية لنتائج الانتخابات البرلمانية تشير لتقدم حزب العدالة والتنمية وتحالفه، وحصوله علي الأكثرية في البرلمان إن لم يكن الأغلبية، قد يعزز ذلك من حظوظ أردوغان إذا ما ذهبت الانتخابات الرئاسية لجولة ثانية يوم 28 مايو الجاري، لأن الاستقرار السياسي سيكون العامل الحاسم في تحديد الأصوات المترددة مما يصب بشكل أكبر في مصلحة أردوغان.
وختامًا: شهدت تركيا انتخابات برلمانية ورئاسية تنافسية، وتشير التقديرات الأولية لنتائجها إلي تقارب نسب الفوز بين مرشحي الرئاسة الأبرز، وهما رجب طيب أردوغان وكمال كليجدار أوغلو مع تصاعد احتمالية الذهاب لجولة إعادة ثانية للانتخابات الرئاسية، فيما تشير النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية إلي تفوق حزب العدالة والتنمية وتحالفه في حصد المقاعد البرلمانية، مما يعكس احتفاظ أردوغان وحزبه بدعم كبير من الشعب التركي وذلك على عكس ما ذهبت إليه أغلب استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الفترة الماضية، ومع ذلك فإن النتائج النهائية للانتخابات لم تعلن بعد، ويتعين الانتظار لإعلان اللجنة العليا للانتخابات التركية للنتائج النهائية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل الحكم على نتائجها.
[1] سكاي نيوز عربية، ” بعد فرز 98 بالمئة من الأصوات.. منافسة محتدمة على رئاسة تركيا”، 15 مايو 2023،
[2] العربية، ” أردوغان يحصد 49.5% فقط من الأصوات.. وجولة ثانية من الانتخابات في 28 مايو”، 15 مايو 2023،
[3] سكاي نيوز عربية، “العدالة والتنمية” في الصدارة بالانتخابات البرلمانية التركية”، 15 مايو 2023،
[4] محمود علوش، ” انتخابات تركيا.. حسابات الرئاسة والبرلمان“، الجزيرة نت، 28 ابريل 2023،
.
رابط المصدر: