ظلت الموازنات في العراق مرهونة بالمتغير الخارجي، اعتماداً على مؤشرات النمو العالمي والطلب على الموارد الهيدروكربونية، ما يجعل القدرة على تحقيق الأمن الاقتصادي أمراً مشكوكاً فيه بالمطلق. وبمعنى آخر، العراق منكشف ومُتكل اقتصادياً على عوامل النمو الاقتصادي في الاقتصاد الدولي. وبالنتيجة فإن المتغير الدولي يعد المتحكم الأساسي في توجهات الموازنة، والدليل على ذلك أنه حتى وزارة التخطيط لم تستطع إلى الآن أن تقر خطة التنمية الوطنية للسنوات 2023-2027 بعد انتهاء الخطة الوطنية السابقة في 2018-2022، (والتي لم تحقق أهدافها كلياً)، والسبب يرجع إلى عامل أساسي، وهو أن بوصلة التنمية لا يمكن لها أن تساير الموازنات السنوية المقررة للسنوات الحالية، وليس العكس، أي بمعنى أن تخضع الموازنة العامة إلى توجهات خطة التنمية الوطنية.
هذا الأمر يشير إلى حالة استثنائية تعكس عدم القدرة على تبني خطة تنموية بعيدة الأمد بالنسبة إلى البلاد، كما أن أبجديات الموازنة تتعارض مع جهود التنمية. والسبب الأساسي في ذلك هو إشكالية سياسة الموازنة في تحقيق تنويع في الإيرادات، طوال المدة الماضية، لم تحقق تلك السياسات التنوع المطلوب، بل كانت على العكس.
وهناك إشكالية أخرى، هي مدى قدرة سياسة الموازنة لإنفاذ استراتيجية التخفيف من الفقر، والتي تتصاعد معدلات الفقر ونزداد نسب الإعالة الناجمة عن البطالة، والذي يُعد أحد أهم أسباب الفقر. ويمكن النظر إلى سياسة الموازنة من وجهة النظر سياسات التنمية المركزية والمحلية، وما تعانيه محافظات العراق من واقع خدمي، ومن تنمية بشرية متدنية في مؤشرات التعليم والصحة ومسألة تدهور البنية التحتية.
المصدر : https://www.bayancenter.org/2024/06/11294/