مصطفى ملا هذال
تداخل الإعلام مع العلوم الأخرى لاسيما علم الاجتماع المعني بدراسة الظواهر الاجتماعية وتحليلها ومعرفة أسباب حدوثها، حتم عليه ان يكون مساهم فعال في تحقيق الوعي الاجتماعي، وتعزز ذلك الرأي مع انبثاق مواقع التواصل الاجتماعي التي اخذت حيزا كبيرا في الحياة الاجتماعية.
من الصعوبة الحديث عن التوعية الاجتماعية وتجاهل الدور الذي تؤديه مواقع التواصل الاجتماعي، اذ اخذت تنمي الثقافة المجتمعية في جانب، وتحط من الموروث القيمي من جانب آخر.
ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي على توسعة التنمية الاجتماعية في المجتمع، ذلك عبر منح الافراد القدرة على التفاعل داخل المجتمعات الإنسانية، وانعكس هذا التفاعل على تكوين جماعات متشابهة في التخصصات تارة، وفي الأفكار تارة أخرى، وبالنتيجة ساعدت هذه الوسائل على تقريب المتشابه بشتى المجالات.
وبناء على هذه الخاصية أي التفاعلية والتواصل غير المسبوق والسريع على وجه التحديد، انبثقت الثورات السياسية والحركات الاحتجاجية، اذ استفادت الجماهير الغاضبة او المعترضة من التجارب الناجحة في الدول المجاورة، وطبقت ما يناسبها على تجربتها المحلية.
وبان للأعيان ما حدث ابان ثورات الربيع العربي من تأجيج للشارع وإسقاط الحكومات وغيرها من الفعاليات التي اثبت بما لا يقبل الشك ان الوعي المجتمعي في المجال السياسي ارتفع الى حد الاعتراض والخروج على الملوك والحكام الجائرين، ساعدهم في ذلك الشرارة الأولى التي انطلقت في تونس وليبيا وما تبعها من الأقطار العربية.
الحديث عن الدور الذي تؤديه مواقع التواصل الاجتماعي يحمل الكثير من الجوانب وسنقتصر التركيز على بعض القضايا التي قد تكون الأهم او الأبرز في الوقت الحالي.
لقد لعبت الشبكات الاجتماعية الدور الأكبر في توعية المجتمعات المستخدمة لها حول أهمية الحفاظ على الصحة العامة، من خلال التركيز او تناول العوامل المساعدة على تدهور الحالة الصحية للمجتمعات بصورة عامة، وانتشار الامراض الانتقالية نتيجة الممارسات الخاطئة والتعاطي مع المسببات.
أدت مواقع التواصل الاجتماعي أدوار في تثقيف الجمهور بضرورة الاهتمام في البرامج العلمية، والاشتراك في الفعاليات التي تنمي الحركة العلمية، ويأتي ذلك وسط المغريات التي تواجه الشباب في المراحل الأولية من حياتهم، لكنهم وعبر الكثير من الدعوات المحفزة على مواصلة طريق العلم والتعلم استمروا في تحقيق النتائج المبهرة.
ولا يقل أهمية عن ذلك دورها في تعزيز القيم الاجتماعية، اذ ينتشر على مواقع الشبكات الاجتماعية، عشرات او مئات الحالات يوميا جميعها تحث على تجاوز الخلافات والركون الى السلم ونبذ المناكفات بما يحفظ الكرامة الإنسانية وعدم لتعدي عليها بدوافع شخصية انانية.
كثير من المستخدمين يجهل ما يؤديه التعليق البسيط على مواقع التواصل الاجتماعي، فحين تقول لمن يجري عملية جراحية، (الحمد لله على سلامتك، او الشفاء العاجل)، هذه العبارة البسيطة تحمل معها معان كثيرة، وتؤكد ان الألم والشعور مشترك، لكن ربما الحالة الصحية او الظرف الاجتماعي يمنع المعلق من الحضور بصورة واقعية.
كل ذلك وغيره من الأدوار التي ادتها بعض مواقع التواصل الاجتماعي وستؤديها في المستقبل يصب في وعاء التوعية الاجتماعية والارتقاء المجتمعي، اذ وضعت الآلية المناسبة ودربت المستخدمين في مواقف كثيرة على كيفية التعامل مع المضامين الهابطة التي تعرضها صفحات كثيرة تسعى لهدم وطمس القيم الأخلاقية السائدة.
يقع على عاتق المستخدمين لمواقع التواصل الاجتماعي مسؤولية الاستمرار في فتح نوافذ النقاش البناء واحترام الرأي الآخر، ويعني ذلك بصورة او بأخرى زيادة الوعي الاجتماعي وعكس الحالة الحضارية التي وصل اليها جزء كبير من المستخدمين.
.
رابط المصدر: