مودي في واشنطن: العلاقات الأمريكية-الهندية و«عُقْدَة» الاستقلال الاستراتيجي لنيودلهي

عمر طاش بينار

 

مع أن الإدارات الأمريكية السابقة استقبلت رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بشكل دافئ في واشنطن، غير أن زيارته الأخيرة للبيت الأبيض في 21-23 يونيو 2023 لم تكن مسبوقة في أهميتها. وضمن “زيارة الدولة” هذه -التي تُمَثِّلُ أعلى مستوى من الاستقبال الذي يمكن لرئيس أجنبي أن يحظى به في الدبلوماسية الأمريكية– خاطب مودي جلسة مشتركة للكونجرس الأمريكي، وحظي بحفل عشاء على شرفه في البيت الأبيض، وأجرى سلسلة من الاجتماعات المهمة للغاية مع الرئيس الأمريكية وكبار صُنّاع القرار في الحكومة الأمريكية والقطاع الخاص. كما حصل مودي على اتفاق طال انتظاره مع شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية لنقل التكنولوجيا والتصنيع المشترك لمحركات الطائرات العسكرية مع الهند.

 

السياق الاستراتيجية لزيارة مودي

يبدو أن هناك علاقة قوية بين تدهور العلاقات الأمريكية-الصينية وبين تحسُّن العلاقات الاستراتيجية الأمريكية-الهندية. بعبارة أبسط، ليس هناك أي دولة أخرى تنطوي على أهمية استراتيجية أكثر من الهند في إطار الاستراتيجية الأمريكية بعيدة الأمد لاحتواء الصين. وبهذا المعنى فإن أهمية الهند الاستراتيجية والاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية المتزايدة بالنسبة للولايات المتحدة تُعَدُّ نتاجاً لهوس واشنطن المتزايد تجاه الصين. مع ذلك فإن هذه الاستراتيجية الأمريكية للتقارب مع الهند لاحتواء الصين واجهت تاريخياً عقبتين رئيستين: السياسة الخارجية التقليدية لنيودلهي التي تستند إلى الاستقلال الاستراتيجي وعدم الانحياز؛ والتشابك في الانخراط الأمريكي في المنطقة، وبخاصة الغزو الأمريكي لأفغانستان واعتماد واشنطن على باكستان.

 

لكنَّ إحدى هذه العقبات لم يعد قائماً، إذ إن المغامرة الأمريكية في أفغانستان انتهت بشكل سيء بالنسبة لإدارة بايدن، لذلك لم تعد واشنطن مَدينة بالفضل لباكستان؛ فالعلاقات الأمريكية-الباكستانية تَمُرُّ في أكثر الفترات غموضاً وصعوبة في التاريخ. وفي المقابل تحظى الهند بأولوية أكبر بالنسبة للولايات المتحدة، حيث استحوذت مسألة احتواء الصين على مساحة كبيرة في الدبلوماسية الأمريكية نظراً لمخاوف واشنطن المتزايدة إزاء بيجين. غير أن العقبة الأخرى –السياسة التقليدية الهندية لعدم الانحياز– مازالت مهمة. وسَتُبدي الأيام إذا ما كانت سياسة التقارب الراهنة مع نيودلهي ستساعد الهند على تجاوز سياستها الخارجية التقليدية التي تُفضِّل الاستقلال الاستراتيجي. وبالمقارنة مع الحكومات الهندية السابقة، فإن رئيس الوزراء الهندي الديني-القومي الحالي ناريندرا مودي أكثر انفتاحاً تجاه المقاربة الأمريكية. وتدهورت العلاقات الهندية-الصينية في عهد مودي، حيث استفادت إدارة بايدن من الانطباع لدى نيودلهي بوجود تهديد من جانب بيجين. في المقابل فإن اعتماد الهند على روسيا للحصول على المعدات العسكرية لا يزال يُمَثِّلُ مشكلة بالنسبة لواشنطن.

 

وبشكل رئيس يتعين تحليل المقاربة الأمريكية الاستراتيجية تجاه الهند، وأبعاد زيارة مودي لواشنطن، ضمن هذا السياق الجيوسياسي. وقد بذلت الولايات المتحدة خلال العقد الماضي في إطار جهودها للتحول نحو منطقة آسيا-الهادي محاولات متكررة لدمج الهند في مجال النفوذ الأمريكي. وشَكَّلَ انتخاب مودي عام 2014 نقطة تَحَوّل، حيث بدأ ظهور تَغَيُّر بطيء في النموذج الفكري في العلاقات الأمريكية-الهندية. وشكَّل هذا تطوراً غير متوقع بعد رفض منح مودي تأشيرة دخول للولايات المتحدة عندما كان رئيساً لوزراء ولاية جوجارات بسبب دوره في المذابح بحق المسلمين واحتجاجات عام 2002.

 

مسار مودي نحو الصدارة في واشنطن

أصدرت واشنطن ونيودلهي خلال زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إلى الهند في يناير 2015 “إعلانَ دلهي للصداقة”، كما تبنى الطرفان “رؤية استراتيجية مشتركة لمنطقة آسيا-الهادي ومنطقة المحيط الهندي”. وشكلت هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الطرفان بشكل مشترك عن التحديات في المنطقة، ومَثَّلت انطلاقة لعمل لاحق ضمن مجموعة “كواد”، التي تضم كلاً من اليابان وأستراليا والهند والولايات المتحدة، والهيكل الاستراتيجي في منطقة الإندو-باسيفيك. واعتبرت إدارة أوباما شراكتها مع نيودلهي أكثر “العلاقات أهمية” في القرن الحادي والعشرين. كما أعلنت الإدارة عام 2016 أن الهند “شريك دفاعي رئيس”، الأمر الذي يُسهِّل المبيعات الدفاعية إلى نيودلهي.

 

وقّعت واشنطن ونيودلهي في عهد إدارة دونالد ترامب “اتفاقية التبادل والتعاون الأساسي”، الأمر الذي عزز التعاون العسكري الثنائي بين الدولتين. كما شهد عهد إدارة ترمب تغييراً في المصطلح الجيواستراتيجي الذي يُستخدم في الإشارة إلى المنطقة من “آسيا-الهادي” إلى “الهندي-الهادي”، بعد أن أصبحت الهند شريكاً استراتيجياً حيوياً ضمن مجموعة “كواد”. وتتبع إدارة بايدن حالياً في إطار سعيها لتعزيز علاقاتها مع نيودلهي النمط نفسه الذي سارت عليه الإدارات الأمريكية السابقة، لكنَّ إدارة بايدن تتصرف ضمن إحساس جديد بالاتجاه والإلحاح.

 

ويتضح هذا الإلحاح بعد أن تحولت مجموعة “كواد” إلى منصة استراتيجية رئيسة يتم من خلالها التأكيد عادة على أن دور الهند يُمَثِّلُ أهم تَحَوَّل جيوسياسي في منطقة الهندي-الهادي لصالح واشنطن. كما يتضح هذا الاتجاه الجديد في الشراكة الثنائية بين واشنطن ونيودلهي من خلال مشاريع مثل “المبادرة الأمريكية-الهندية حول التكنولوجيا الحيوية والناشئة” التي انطلقت في يناير 2023، التي تُمَثِّلُ خطوة مهمة باتجاه تعزيز التعاون والابتكار في مجال التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنيات الكم والتقنيات السيبرانية وتقنيات الجيل السادس وأشباه الموصلات والتقنيات في مجالات الفضاء والدفاع والتكنولوجيا الحيوية والمواد المتقدمة وتكنولوجيا معالجة المعادن النادرة. وأخيراً، شَكَّلَ التوصل إلى اتفاقيات اشتملت على تصنيع محركات شركة جنرال إلكتريك “إف414” النفاثة في الهند، وإصلاح سفن سلاح البحرية الأمريكي في مرافق صناعة السفن الهندية، أحدث الخطوات ضمن الشراكة الأمنية الجديدة.

 

واشنطن ومقاربة التجمعات المصغرة للهند

 ترفض الكثير من القوى الصاعدة، مثل الهند والبرازيل وإندونيسيا والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة –التي تشعر جميعاً بالانزعاج نتيجة التنافس الذي يؤدي إلى الاستقطاب بين الولايات المتحدة والصين– المشاركة في أي هيكل عالمي ثنائي القطبية يتضمن ضغوطاً من أجل الاصطفاف إلى جانب أحد الطرفين. وبدلاً من ذلك تُفضِّل هذه القوى الصاعدة تشكيل عالم “غير قطبي” متعدد الاصطفافات والشبكات، في إطار ترتيبات مرنة تتسم بـ“التجمعات المصغرة”. وبذلك تختار هذه الدول مجالات محددة من التعاون بحسب مصالحها الوطنية مع القوة العظمى المفضلة لديها ضمن مجموعات مصغرة لتفادي الالتزامات الثنائية وعدم فاعلية وتعقيدات صناعة القرار في المنظمات الأكبر.

 

وهناك حالياً مؤشرات متزايدة على أن واشنطن بدأت تميل أيضاً إلى تقبل فكرة الإطار الاستراتيجي لنهج التجمعات المصغرة، إذ لا تعمل الترتيبات المرتكزة على التجمعات المصغرة بالنسبة لاستراتيجية الولايات المتحدة والمتعلقة بإقامة شراكة مع الهند على تهميش البيروقراطية المعقدة للمنظمات الكبيرة، مثل الأمم المتحدة أو “الناتو” فحسب، بل تساعد أيضاً الهند في الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي المرن مع منصة أصغر للتعاون مع الولايات المتحدة، حيث يلعب فاعلون آخرون أيضاً مثل إسرائيل والإمارات في حالة مجموعة “آي2يو2″، أو أستراليا واليابان في مجموعة “كواد” دوراً فاعلاً. وتسمح مثل هذه الترتيبات بمزيد من الاستقلال في صناعة القرار بالنسبة لنيودلهي مقارنة بالترتيبات الثنائية التي تهيمن فيها واشنطن على العلاقة وأجندتها. وهذا هو سبب آخر يدعو شركاء الولايات المتحدة -الذين يُقَدِّرون صورة عدم الانحياز في العالم- لتفضيل مثل هذه الترتيبات.

 

ولعل من الواضح أيضاً أن الولايات المتحدة تدرك بأن الصين طالما كانت صديقاً لـ “حركة عدم الانحياز” بالرغم من عدم عضويتها في الحركة، وتشجع الآن بشكل فاعل على إحياء الحركة. وتحولت الترتيبات القائمة على التجمعات المصغرة بهذا المعنى بشكل متزايد إلى طريقة ذكية بالنسبة لواشنطن لمواجهة سردية عدم الانحياز الصينية بشكل استراتيجي. وتدفع الديناميات ذاتها الولايات المتحدة لممارسة حساسية ومرونة أكبر تجاه مصالح شركائها في المنصات المتعددة القطاعات والمتعددة الأقاليم.

 

وتتسم التجمعات المصغرة مثل “آي2يو2” -التي تهدف للتعاون والاستثمار في مجالات مثل المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي للتعامل مع التحديات العالمية– بأنها عملية واقتصادية وطوعية وقابلة للتكيف دون أن تكون محكومة بقيود مؤسسية. وتشعر الهند والولايات المتحدة بالحماس تجاه الفرص الاستثمارية والوظائف الجديدة في إطار “آي2يو2”. وفي أعقاب القمة الافتراضية لقادة تجمّع “آي2يو2” في يوليو 2022، رحّبت واشنطن ونيودلهي بالإعلان عن أن الإمارات ستستثمر نحو مليارَي دولار في المُجمّعات الغذائية في الهند، بهدف تحقيق الأمن الغذائي للخليج والمناطق الفقيرة، وفي مشاريع الطاقة المُتجدّدة. ولا يخدم هذا التعاون المصالح الاستراتيجية للهند بشكل واضح فحسب، بل يُثبت أيضاً أنه أكثر فائدة وفعالية من المُنظّمات الدولية مُتعدّدة الأطراف، مثل البنك الدولي أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

 

 حدود التسامح الأمريكي مع الاستقلال الاستراتيجي للهند  

على الرغم من فعالية نهج التجمعات المصغرة الحالي لنيودلهي، هناك توقّع أمريكي مُتزايد بأنه يجب على الهند أن تتّخذ خطوات أقوى لتعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة. والسؤال الرئيس هنا يدور حول مستوى تسامح واشنطن مع الغموض في سياسة الهند الخارجية. وعلى سبيل المثال، تم الثناء على مودي في الداخل والخارج لرفضه الشديد إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا. منذ فبراير 2022، استفادت الهند بلا شك من إمدادات ثابتة من النفط الروسي الرخيص، حيث سارع الكرملين لتأمين مُشترين بديلين لسلع الطاقة. وثمة شعور بالإحباط لدى بعض الدوائر الأمريكية من أن الهند تعتقد أن بإمكانها اللعب إلى أجل غير مُسمّى مع جميع الأطراف. وهناك توقّع بأن نيودلهي ستتوقّف عن المُماطلة وستختار شراكة أمنية أقوى مع واشنطن بالنظر إلى التهديد الوجودي الذي تُشكّله الصين على المصالح الهندية.

 

بعد حادثة الاشتباك بين جنود صينين وهنود في وادي جالوان، والتي أدت إلى مقتل 20 جندياً هندياً في عام 2020 واستمرار تصوّر التهديد من باكستان، أصبحت الهند تقبل بشكل مُتزايد حتمية تعزيز التعاون الدفاعي والأمني​​مع الولايات المتحدة، على الرغم من عدم وجود تحالف رسمي بين البلدين؛ فعلى مدى عقود، حاولت الهند تأسيس صناعة دفاعية محليّة، وإنتاج دبابات وطائرات قتالية خاصة، بها بما في ذلك الدبابة من طراز “أرجون” والمقاتلة من طراز “تيجاس”. ومع ذلك، فإن الجيش الهندي غير راضٍ عن النتائج؛ فلا يُمكن استخدام الدبابة من طراز “أرجون” في أي خطط قتالية على الحدود العسكرية المُدجّجة بالسلاح مع باكستان، حيث تزن ما يقرب من 70 طناً، الأمر الذي سيؤدّي إلى انهيار مُعظم الجسور في إقليم البنجاب. وعلى النقيض من ذلك، تزن الدبابة الروسية من طراز “تي-90” أقل من 50 طناً. وفي الوقت نفسه، لدى القوات الجوية الهندية أسباب عديدة تجعلها لا تُفضّل استخدام المُقاتلة من طراز “تيجاس”، إذ إن حمولتها من الذخائر أصغر من تلك الموجودة على متن المُقاتلة الأمريكية من طراز “أف-16″، كما أن الطائرة تستغرق وقتاً طويلاً للصيانة، وما إلى ذلك من أمور.

 

وما يُثير استياء واشنطن أن بعض المسؤولين داخل المؤسسة الأمنية الهندية ما زالوا يعتقدون أن روسيا قد تظل بمنزلة حصن مُحتمل لنيودلهي ضد الصين. وتستند هذه التوقّعات إلى دور الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة واعتماد الهند المُستمر على روسيا في المعدّات الدفاعية وقطع الغيار. وكأكبر مُستورد للأسلحة في العالم، تعتمد الهند على روسيا فيما يقرب من نصف إمداداتها العسكرية، وقد اشترت طائرات مُقاتلة ودبابات وغواصات نووية وحاملة طائرات من الأخيرة على مدى عقود، لكن الحرب في أوكرانيا أعاقت وصول الإمدادات من قطع الغيار الروسية المُهمّة بالنسبة للهند لصيانة أسطولها من الدبابات والطائرات المقاتلة، وأخّرت تسليم أنظمة الدفاع الجوي الروسية لنيودلهي. وقبل اشتعال الحرب في أوكرانيا، كان 60% من واردات الهند من الأسلحة من روسيا. ولا تزال موسكو تتصدّر قائمة مورّدي الأسلحة إلى الهند، إلّا أن حصتها انخفضت إلى 45%. وأخيراً، مع تزايد اعتماد روسيا على الصين، ستُصبح موسكو حليفاً أقل ثقة بالنسبة لنيودلهي.

 

ساعد التقاء كل هذه الاتجاهات مودي في التغلّب على التردّد بشأن الاستقلال الاستراتيجي، حيث وقّع العديد من اتفاقيات الدفاع الرئيسة مع الولايات المتحدة، ما عزّز قابلية التشغيل البيني لأنظمة الاتصالات العسكرية بين البلدين. ومن المؤكّد أن ذلك ساعد واشنطن على منح الهند وضع الشريك الدفاعي الرئيس والشريك التجاري الاستراتيجي الذي سمح بتصدير عتاد عسكري أمريكي لنيودلهي بقيمة تزيد عن 22 مليار دولار في العقد الماضي، ما يؤكّد ازدهار العلاقات الدفاعية بين الجانبين. وعلى الرغم من شراء الهند نظام الدفاع الجوي الروسي من طراز “أس-400″، رفع الكونجرس العقوبات عنها في إشارة واضحة إلى أنه يُعطي الأولوية للعلاقات الأمنية والاستراتيجية مع الهند. وتوّجت هذه الأولوية الأمريكية للعلاقات الأمنية مع الهند بتوقيع صفقة مع شركة جنرال إلكتريك لبناء مُحرّكات نفاثة من طراز “أف-414” في الهند خلال زيارة الدولة التي قام بها مودي لواشنطن.

 

الخلاصة

تنظر الولايات المتحدة إلى الهند باعتبارها القوة الصاعدة الأكثر أهمية في العالم، ودولة ديمقراطية صديقة. ومن الواضح أن المخاوف العالمية الرئيسة، مثل تغيّر المناخ ومُكافحة الأوبئة والإرهاب، ستتطلّب التعاون مع الهند. كما أن هناك أهمية كبيرة لرعايا الهند في الولايات المتحدة، إذ لا يُمكن لأي رئيس أمريكي أن يتجاهل أربعة ملايين أمريكي ثري ومؤثّر من أصل هندي في البلاد. لكن الدور الأساسي الذي تؤديه الهند بالنسبة لواشنطن هو دورها كحصن ضد الصين العدوانية والحازمة.

 

تمتلك الهند أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وقد تفوّقت على الصين باعتبارها الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الوقت الحالي. وعلى الرغم من أن الهند تسعى جاهدة لتحقيق الاستقلال الاستراتيجي، إلا أنها ليست قويّة أو ثريّة بما يكفي لاعتبارها قوة عُظمى مُستقلّة. وستظل الصين أكبر خصم استراتيجي لها، مع وجود فرص ضئيلة لتحقيق الوفاق بين الجانبين. ومن غير المُرجّح أن تظل روسيا، الشريك العسكري التاريخي للهند، مورِّداً مستقراً للمعدّات العسكرية الهندية، نظراً للتحدّيات العسكرية التي تواجها موسكو في أوكرانيا.

 

في ظل هذه الظروف، فإن أفضل رهان بالنسبة للهند هو واشنطن، لكن تقاليد البلاد الراسخة في عدم الانحياز والاستقلال الاستراتيجي تقف في طريقها. ولا تمتلك الهند حالياً القدرات العسكرية المحليّة ولا الشراكات الخارجية لضمان مصالحها الأمنية وحماية حدودها الشمالية من التوغّلات الحدودية الصينية التي تسارعت منذ عام 2019. ومن ثمَّ، فإن الوقت سيُظهر فيما إذا كانت واشنطن ستمتلك الصبر الاستراتيجي في التعامل مع تعقيدات الهند.

 

.

رابط المصدر:

https://epc.ae/ar/details/brief/modi-fi-washintun

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M