دلال العكيلي
تنافست النساء في قارات العالم على الإمساك بمفاتيح السلطة، حيث يزداد التحاق النساء يوماً بعد يوم بالعمل السياسي، ولم يعد مستهجناً ولا مستغرباً أن تجد منهنّ رئيسات وزراء، ونائبات مشرّعات، ورئيسات بلديّات، فقد أصبحت النساء تتمتعن بنفوذ كبير في هذا العصر، أكثر من أي وقت مضى، فهن تتقلَّدن أعلى المناصب السياسية والاجتماعية، كما فُتِحَ المجال أمامهن للعمل في مجالات مهمة، ومُنِحن الحرية الكاملة في معظم دول العالم، خاصة بعد إثباتهن قدرتهن على منافسة الرجال في مختلف الاختصاصات.
وقد شهد عصرنا الحديث تولِّي عديدٍ من النساء رئاسة بلادهن، أو حكوماتها، وكان لهن تأثير كبير على نهضة شعوبها واقتصادها، وفي ذكر للاتحاد البرلماني الدولي أن النساء يشكلن نحو ربع عدد النواب في البرلمانات في أنحاء العالم، بعد مزيد من التقدم في المساواة بين الجنسين في 2018، ويرصد الاتحاد الذي تأسس في 1889 ليكون واحدا من أقدم المنظمات الدولية في العالم، منذ عقود عدد النساء اللواتي يتم انتخابهن للبرلمانات الوطنية، وفي 1995 لم تتعد نسبة النساء في برلمانات العالم 11,3%، وارتفعت إلى 18,3% في 2008، ووصلت إلى 24,3% العام الماضي، بحسب بيانات أحدث تقارير الاتحاد، وكانت الزيادة عام 2018 مقارنة مع 2017 متواضعة نسبيا لم تتعد 1%.
ودعا الاتحاد الذي يضم 178 مجلسا تشريعياً يسعى إلى تحسين الديموقراطية التمثيلية في العالم بأسره، الدول إلى مضاعفة جهودها في المساواة بين الجنسين من خلال استخدام تكتيكات بينها تخصيص الحصص بشكل دقيق، وقال الاتحاد إن “قاعدة الثلاثين في المئة” التي تحدد أدنى مستوى مسموح به من التمثيل النسوي في أي برلمان معين، اثبتت فعاليتها كخطوة أولى عندما تم تطبيقها في أجزاء من أميركا اللاتينية في القرن الماضي، ويتم مراجعة هذه النسبة الآن لزيادتها.
وأضاف أن الأحزاب السياسية التي تصر على التكافؤ بين الجنسين فيما يتعلق بالمرشحين التي تطرحها اثبتت نجاحها، بحسب الاتحاد، واشتمل أحدث تقارير الاتحاد على بيانات من 50 بلدا اجرت انتخابات العام الماضي، وقال الاتحاد في بيان إن “مجلس النواب (23,5%) ومجلس الشيوخ (25%) ضما عدد أكبر من النساء في التاريخ”، ولا تزال الأميركيتان وأوروبا تقودان الطريق في التمثيل النسائي في البرلمان، بينما تحتل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرتبة متدنية بين المناطق الأخرى.
نساء يشغلن مواقع أساسية
من صندوق النقد إلى البنك الدولي، مروراً بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والمصارف الكبرى، تشغل نساء مواقع اقتصادية أساسية، في اتجاه من المتوقع أن يتعزز أكثر لتحقيق مزيدٍ من المساواة في هذه القطاعات، وتقول لورانس بون، التي استلمت مركز كبيرة الاقتصاديين في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، “إن تعيين نساء في مراكز اقتصادية قيادية في المنظمات الدولية أو المحلية الكبرى يعتبر تطورا مهما”.
بون واحدة من عدّة نساء يتولين منصباً احتكره الرجال لوقت طويل، مع تعيين الأميركية غيتا غوبيناث في موقع مماثل في صندوق النقد الدولي، واليونانية بنلوبي كوجيانو في البنك الدولي، ومؤخراً البولندية بيتا يافورجيك التي ستستلم المهام نفسها في البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، وترى الدنماركية ميكالا ماركسن، الشخصية الرائدة التي عيّنت كبيرة الاقتصاديين في بنك “سوسييتيه جنرال” في 2017، أن “هذه التعيينات مؤشر للشابات على أنهنّ قادرات على التقدّم أيضاً في تلك المنظمات”.
وأكدت “بالنسبة للشركات، فالمسألة اقتصادية أيضاً: كأصحاب عمل، فهي طريقة لجذب مواهب والاحتفاظ بها”، مع اعترافها بأنها استاءت حين وصفتها مشاركات في بعض المؤتمرات بأنها “مصدر إلهام”، تضيف “لا أعتبر نفسي كذلك، لكنني أدركت أهمية الأمر وبتّ مقتنعة بأن لهذا الموضوع أثر”.
وبالنسبة لسيلفي ماتيللي، المديرة المساعدة لمركز العلاقات الدولية والاستراتيجية، فلا شكّ في أنّ “اتجاه الرياح بدأ يتغيّر”، واعتبرت أنه “حتى الدول الأكثر محافظة، لا تستبعد ضرورة إعطاء النساء مكاناً في السياسية وفي إدارة الشركات والمؤسسات الدولية والوطنية الكبرى”.
فيما تؤكد الإسبانية أرانخا غونزاليز، مديرة مركز التجارة الدولية وهي وكالة متعاونة مع منظمة التجارة العالمية والأمم المتحدة مقرها جنيف، أن تعيين النساء في تلك المناصب ليس “ظاهرةً عابرة” بل “اتجاه مؤكد”، وكذلك “ليس الأمر ظاهرياً فقط”، موضحةً أن “التعددية مصدر ثروة” وتسمح بالحصول على “اقتصاد أكثر صلابة وأداء أكثر سخاء والتوصل إلى سياسات اقتصادية جديدة”، مستندةً في موقفها على تقرير صادر عن الصندوق عام 2016، وتذهب غونزاليز إلى أبعد من ذلك بالقول إنه “مع النمط الحالي يجب الانتظار لجيلين كاملين للوصول إلى المساواة”، منددة بالخطوات “الخجولة جداً” التي تتخذ في الوقت الحالي.
وترى ماتيللي من جهتها أنه “من الضروري بذل المزيد من الجهود”، عازيةً “الكثير من المشاكل التي نواجهها اليوم إلى توزيع الأدوار على الرجال والنساء”، وترى بون أن “الأهم” هو “التشديد على خبرات النساء اللواتي جرى تعيينهن وكفاءتهنَ لأداء هذه الوظائف”، ونشرت الاقتصادية في بنك فرنسا سوليداد زيناغو قبل عام مع الباحثة في معهد العلوم السياسية آن بورينغ مقالاً في مدونة بنك فرنسا، بينت فيه أن نسبة النساء الاقتصاديات في العالم تبلغ 19% فقط، مع تدنّي التمثيل في العالم الانكلوساكسوني.
أصغر رئيسة وزراء في العالم
تولت الفنلندية سانا مارين من الحزب الاشتراكي الديموقراطي منصبها، لتصبح أصغر رئيسة وزراء في العالم بعمر لا يتجاوز 34 عاما، بعد الحصول على ثقة البرلمان المكون من مجلس واحد بغالبية 99 مقابل 70 صوتا، التقت مارين وحكومتها التي تمثل يسار الوسط الرئيس ساولي نينستو، وتخلف وزيرة النقل السابقة انتي رين الذي استقال بعد أن فقد ثقة حزب الوسط الشريك في الائتلاف الحاكم، بسبب ادارته لاضراب عمال البريد.
لكن ليس من المتوقع ان يؤدي تعيين مارين الى تغيير الخط السياسي للحزب، بعد التصويت في البرلمان، تعهدت رئيسة الوزراء الجديدة استعادة الثقة بحزبها، وقالت “لقد وعدنا شعب فنلندا بإحداث تغيير، والآن علينا أن نحافظ على هذا الوعد، واتفقنا على برنامج حكومي، وأعتقد أنه من خلال العمل سنستعيد ثقة السكان”.
إمبراطورة اليابان المقبلة
قالت الأميرة ماساكو أوادا، زوجة ولي عهد اليابان، إنها تشعر “بقلق” حيال دورها الجديد إمبراطورة للبلاد، لكنها أضافت أنها ستبذل قصارى جهودها لخدمة شعب اليابان، وسوف تصبح ماساكو إمبراطورة عندما يخلف زوجها ولي عهد البلاد ناروهيتو والده الإمبراطور إكيهيتو، البالغ من العمر 84 عاما، الذي يعتزم التنازل عن العرش بسبب كبر سنه ودواعي صحية.
وتقول الأميرة، التي عانت من اضطرابات نفسية تتعلق بالتوتر لعدة سنوات، إنها تتعافى ببطء وسوف تسعى لأداء المزيد من الواجبات الملكية، درست ماساكو في جامعتي هارفارد وأكسفورد، وكانت تتمتع بمستقبل مهني واعد يؤهلها للعمل دبلوماسية قبل زواجها من الأمير في عام 1993، وفقا لتقرير مايكل بريستاو، خبير الشؤون الآسيوية لبي بي سي.
رئيسة جورجيا
تعهدت رئيسة جورجيا الجديدة المثيرة للجدل، سالومي زورابيشفيلي، في حفل تنصيبها رئيسة للبلاد بإجراء إصلاحات سياسية وتقريب بلادها من أوروبا وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بعد أن أدت اليمين الدستورية في 16 ديسمبر/كانون الأول الحالي وسط احتجاجات المعارضة في البلاد. فمن هي سالومي زورابيشفيلي ولماذا أثارت جدلاً في جورجيا؟
نافست زورابيشفيلي المدعومة من حزب “الحلم الجورجي” الحاكم ، غريغول فاشادزي مرشح المعارضة الموحدة في البلاد، لم يكن لدى سالومي زورابيشفيلي (مواليد باريس، 1952) جنسية جورجية إلى أن أصبحت وزيرة خارجية البلاد عام 2004 وبهذا أصبحت أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد، ومن المتوقع أن تكون زورابيشفيلي آخر رئيس منتخب في جورجيا بحسب القانون الذي سيُطبق في عام 2024، إذ أن رؤساء المستقبل ستنتخبهم هيئة انتخابية مختصة بهذا الشان ،وعند ذلك سيصبح دور رئيس البلاد شرفيًا.
المرأة المرشحة لرئاسة أوكرانيا
تولت يوليا تيموشينكو رئاسة وزراء أوكرانيا مرتين وكانت وجها عالميا للثورة البرتقالية وزج بها رئيسان في السجن كما استهدفتها مساع للمدير السابق لحملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانتخابية بهدف تشويه سمعتها، يوليا تيموشينكو رئيسة وزراء أوكرانيا السابقة والمرشحة لانتخابات الرئاسة الأوكرانية خلال مقابلة مع رويترز في كييف يوم 28 فبراير شباط 2019، لكن تيموشينكو، التي تبلغ من العمر 58 عاما وتتميز بخطابتها الرنانة واشتهرت يوما بضفائرها الريفية، تأمل في أن تطيح بخصمها القديم الرئيس بترو بوروشينكو في انتخابات تشتد المنافسة فيها وتجرى في 31 مارس آذار.
وتنطوي حملة تيموشينكو الانتخابية على تحديات صعبة إذ تعد بالإصلاحات واستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي فيما تتعهد بخفض زيادات كبيرة في أسعار الغاز المستخدم لتدفئة المنازل حددها صندوق النقد الدولي شرطا لتقديم مزيد من القروض، وسيقود الفائز في الانتخابات أوكرانيا بعد خمس سنوات من نجاح احتجاجات ميدان في الإطاحة بزعيم كان يحظى بدعم الكرملين ووضع البلاد على مسار موالاة للغرب ومواجهة دامية مع روسيا.
وتحظى تيموشينكو بشعبية في أوساط الناخبين الأكبر سنا وتعد بزيادة المعاشات إلى ثلاثة أمثالها في حالة فوزها بالرئاسة، وبعدما كانت الأوفر حظا للفوز في بداية السباق الانتخابي، أصبحت تتذيل المنافسة التي تخوضها مع بوروشينكو والممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي، وقد تكون تصريحات تيموشينكو لاذعة أحيانا فقد سبق ووصفت زيادة أسعار الغاز بأنها “إبادة جماعية” ويصفها منتقدوها بأنها شعبوية، وردا على سؤال عما إذا كانت ترى هذا منصفا، قالت تيموشينكو لرويترز في مقابلة إن “مافيا بوروشينكو الفاسدة” استخدمت هذا الوصف للتشهير بها.
السلوفاكيون: امرأة على رأس البلاد
اختار السلوفاكيون التغيير عبر انتخابهم المحامية الليبرالية زوزانا كابوتوفا، أول امرأة تتولّى الرئاسة في تاريخ البلاد، والتي تُشكل بالنسبة الى كثيرين عامل توازن مقابل الشعبويين في الحكم، وكابوتوفا (45 عاماً)، المحامية المعروفة بمحاربة الفساد والتي لا تجربة سياسية لها، حصلت على 58,40% من الأصوات استناداً إلى نتائج فرز جميع صناديق الاقتراع، مقابل منافسها ماروس سيفكوفيتش وهو مفوض شؤون الطاقة في الاتحاد الأوروبي، الذي دعمه الحزب الاشتراكي الديموقراطي الحاكم.
وقالت كابوتوفا للصحافة “لنبحث عمّا يوحّدنا، لنضع التعاون فوق كل المصالح الشخصية”، واعتبرت أن النتيجة التي حصلت عليها تُظهر “أنه من الممكن عدم الرضوخ للشعبوية” و”كسب ثقة الناس من دون اللجوء إلى تعابير عدائية وهجمات شخصية”، وتقول المحللة في براتيسلافا أنيتا فيلاجي إن “السلوفاكيين اختاروا التغيير لقد صوّتوا لنمط سياسي مختلف عمّا عرفناه حتى الآن”، وقالت ايفيتا رابيليوفا وهي مدرّسة تبلغ 34 عاماً، “أنا سعيدة لأن سلوفاكيا انتخبت امرأة للرئاسة تمثيل النساء ناقص في المناصب العليا، وهذا الأمر يمكن أن يبدأ تغييره الآن”، وأضافت “كابوتوفا تتحدى الصورة النمطية لمسؤول سياسي: فهي امرأة، مطلقة، وجديدة في المجال السياسي، بشعور إيجابي أرى مواطنينا يختارون شخصاً يدمّر كل الصور النمطية”.
رابط المصدر: