يقول طبيب عسكري من على جبهة القتال في جنوب أوكرانيا “علينا أن نكون مستعدين لاحتمال أن تستمر (الحرب) لفترة طويلة”.
ويتابع طبيب الأسنان الذي يناديه زملاؤه بلقب “دوك” (40 عاما) “هناك دموع كثيرة ودماء كثيرة. الأمر يفطر القلب”.
ويضيف أن الحرب “تدمر تاريخ أجيال كثيرة”، فيما ستكون قد مضت ستة أشهر على اندلاعها.
يسكب رفاقه أوعية من الحساء الساخن داخل مجمع محصن تحت الأرض تحيط به حواجز حديدية صدئة لصد تقدم الدبابات وتنتشر فيه القطط والكلاب الضالة.
يجلس رجل على رأس الطاولة وعلى ذراعه وشم “لا تُسلم”.
يفصح ميكولا الجندي ذو الواحد والأربعين عاما وقد جلس على يساره، “ستة أشهر من الحرب، هذا لا يسبب فقط آلاما موجعة للبلاد، بل أيضا ألم صغير شخصي داخل كل واحد منا”.
لا يتكتم مساعد قائد الكتيبة أرتام (30 عاما) على الأمر بل يقول “أعلمنا جنودنا ان النزاع يمكن ان يستمر لسنوات”.
بدأت روسيا حربها على أوكرانيا بهدف السيطرة على العاصمة كييف في هجوم خاطف في 24 شباط/فبراير الفائت.
لكن القوات الأوكرانية تصدت وأظهرت مقاومة شرسة ما دفع بالقوات الروسية إلى التراجع وتحويل منطقة النزاع إلى حوض دونباس في شرق البلاد وإلى مناطق أخرى زراعية في الجنوب.
أعلنت أوكرانيا منذ أسابيع قليلة عن تنفيذ هجمات مضادة في الجنوب تباطأت في شنها بسبب تأخر وصول مساعدات الأسلحة من دول غربية.
وحين سُئل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة خلال زيارة إلى أوديسا (جنوب أوكرانيا) عما اذا كان هناك أمل بأن تنتهي الحرب، أجاب بعد أن أغمض عينيه وتردد “الوضع صعب جدا، وآفاق السلام غير مؤكدة”.
“تدمير كل ما هو أوكراني”
لا جديد عل جبهة الحرب في ميكولايف وهي أهم مدينة في الجنوب كان يسكنها نحو نصف مليون شخص قبل الهجوم الروسي.
بللت أمطار الشتاء الملصقات المساندة للجيش ومزقتها رياح الربيع وأبهتتها حرارة الصيف. وبدأت خياطة أكياس الرمل الموضوعة أمام الحواجز تنسل فيما نبتت الأعشاب بين التجاويف.
سقطت خلال الأسابيع الأولى من الحرب قنبلة على سطح مبنى الحكومة المحلية وقتلت 37 شخصا وظلت الحفرة التي تركتها واضحة إلى اليوم في المنطقة التي يستهدفها القصف بشكل متواصل.
والأسبوع الفائت قُصفت جامعة بيترو-ميغيولا على البحر الأسود مرتين. ودمر المدخل الرئيس بالكامل وكذلك أجزاء من السقف وتهشم زجاج النوافذ. ومن خلال الواجهة المدمرة يمكن رؤية قاعات الدراسة.
قال مدير الجامعة ليونيد كليمونكو وقد وقف داخل قاعة خلف القصف فيها فجوة “يهاجمون المدارس والمستشفيات والميناء والبني التحتية في المدينة. … من الواضح أنهم يريدون تدمير نظام التعليم الأوكراني بالكامل وتدمير الروح الأوكرانية وتدمير كل ما هو أوكراني”.
ارتفاع نبرة الحرب وخفوت السلام
مع اقتراب الحرب من شهرها السابع، لا يبدو في الأفق بصيص أمل.
بفضل اتفاق بين الأمم المتحدة وتركيا للسماح بإخراج القمح من الموانئ الأوكرانية استؤنف تصدير الحبوب، السلعة المهمة التي ينتظرها العديد من دول العالم.
والجمعة، زار الأمين العام للأمم المتحدة ميناء أوديسا ليشهد تطبيق الاتفاق.
لكن خيمت على زيارته مخاوف شديدة حول محطة زابوريجيا النووية.
تقع المحطة وهي الأكبر في أوروبا على بعد 200 كلم شمال شرق ميكولايف وتسيطر عليها القوات الروسية منذ بدء الحرب. وتتعرض المحطة بشكل متواصل للقصف ما يثير مخاوف من حدوث كارثة نووية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة لفرانس برس “لن يكون من السهل إيجاد مسار للسلام على المدى القصير، ولكن يجب الاصرار على ذلك لأن السلام هو أهم ما يحتاج إليه العالم”.
واتّهمت الولايات المتحدة روسيا بالسعي لتكثيف هجماتها على أوكرانيا فيما دعت فرنسا إلى عدم إظهار “أي ضعف” أمام موسكو بينما يدخل النزاع شهره السابع.
وارتفعت النبرة أيضا في روسيا حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده ستتعامل “بلا رحمة” مع المسؤولين عن تفجير السيارة الذي أسفر عن مقتل ابنة المفكر القومي المتشدد المؤيد للكرملين ألكسندر دوغين.
من جانبها، حذّرت السفارة الأميركية في كييف من أن روسيا قد تضرب منشآت مدنية ومبانَي حكومية في أوكرانيا “في الأيام المقبلة”، داعية المواطنين الأميركيين إلى “مغادرة أوكرانيا اعتبارا من الآن”.
وقالت السفارة في رسالة نشرتها على موقعها الالكتروني “تملك وزارة الخارجية معلومات مفادها أن روسيا تكثّف جهودها لشنّ ضربات على منشآت مدنية وحكومية في أوكرانيا في الأيام المقبلة”.
منذ تراجع القوات الروسية من محيط كييف نهاية آذار/مارس، تتركّز معظم المعارك في شرق أوكرانيا، حيث تباطأ تقدم القوات الروسية قبل أن يتعثر. وتقدّمها بطيء أيضا في الجنوب حيث تقول القوات الأوكرانية إنها تشنّ هجوما مضادا.
وفي غضون ذلك، تواصل روسيا استهداف المدن الأوكرانية بصواريخ بعيدة المدى، لكن الضربات نادرا ما تستهدف العاصمة أو المناطق المحيطة بها.
من جانبه، قدّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن “كل يوم” هناك تهديدا بضربات روسية على كييف.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي “نعلم أنهم يستهدفون خصوصا البنى التحتية والمباني الحكومية لكنّ شيئا لم يتغير بشكل جذري منذ 24 شباط/فبراير” وهو اليوم الأول للغزو.
من المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني خلال اليوم نظيره البولندي أندريه دودا الذي وصل إلى كييف في الصباح في إطار “منصة القرم” التي تجمع أبرز الدول الداعمة لأوكرانيا، وهي مبادرة قائمة منذ ما قبل بدء الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير.
وقال رئيس الإدارة الرئاسية البولندية بافيل شروت خلال مؤتمر صحافي “سيبحث الرئيسان بالطبع في الطريقة التي يمكن من خلالها لبولندا أن تساعد، بما في ذلك على المستوى السياسي، بهدف إقناع دول أخرى بتقديم دعمها ومواصلة ذلك”.
وبولندا هي إحدى الدول الأكثر دعما لأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي ومن الأشدّ معارضة لروسيا، على عكس ألمانيا وفرنسا اللتين تبديان أحيانا مزيدا من ضبط النفس في مواقفهما، ما يثير انتقادات كييف.
بدوره، تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يتواصل دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا التي تواجه الغزو الروسي “على الأمد الطويل”.
وبعد ستة أشهر من بدء النزاع، قال ماكرون في خطاب عبر الفيديو أمام المشاركين في مؤتمر منصة القرم في كييف “لم يتغير تصميمنا ونحن مستعدون لمواصلة هذا الجهد على الأمد الطويل”.
وتابع “لا يمكن أن يكون هناك أي ضعف أو روح تنازل في مواجهة ذلك، لأن الأمر مرتبط بحريتنا، من أجل الجميع، وبالسلام في كل مكان حول العالم”.
“توقف العمليات”
وفي كلماتهم خلال القمة، واصل القادة الغربيون الآخرون إدانة الغزو الروسي بشدة وحذّروا موسكو من ضم أجزاء أخرى من الأراضي الأوكرانية بعد شبه جزيرة القرم.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس “لن نعترف بأي محاولة لتغيير وضع أي جزء من أوكرانيا” فيما صرح رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون “يجب أن نواصل تزويد أوكرانيا كل المساعدات الضرورية (الاقتصادية والعسكرية…) حتى تنهي روسيا هذه الحرب وتسحب قواتها من كل أنحاء أوكرانيا”.
من جانبه، أكّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على أن رد الاتحاد الأوروبي الموحّد على غزوه لأوكرانيا سيتصدّع إذ أن الأسعار المرتفعة تؤثر بشدة على الناخبين الأوروبيين.
وفي مواجهة هذه الحرب التي “يبدو أنها مستمرة” أشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه يدرس مهمة “تدريب ومساعدة” الجيش الأوكراني في الدول المجاورة، وهو اقتراح سيناقشه الأسبوع المقبل في براغ وزراء الدفاع الأوروبي.
بدورها، أعلنت كييف أنها تجهز قواتها لخوض صراع طويل الأمد. وقال مستشار الرئاسة الاوكراني ميخايلو بودولياك لوكالة فرانس برس، إن موسكو، رغم دعواتها لأوكرانيا إلى التفاوض، تريد في الواقع الحصول على “وقف العمليات العسكرية” لإراحة جيشها قبل شن “هجوم جديد”.
“ماتت في الجبهة”
وفي روسيا، حضر مئات الأشخاص الثلاثاء في موسكو جنازة داريا دوغينا، ابنة المفكّر الروسي القومي البارز التي اغتيلت في انفجار سيارتها في عملية تتهم روسيا الاستخبارات الأوكرانية بتدبيرها.
ويرجّح أن يكون ألكسندر دوغين، وهو من كبار مؤيّدي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ويقول إن علاقة وطيدة تربطه بالرئيس فلاديمير بوتين، هو من كان مستهدفا بالانفجار الذي أودى بحياة ابنته البالغة 29 عاما.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف “كانت جريمة همجية لا يمكن التسامح معها (…) لا يمكن أن تكون هناك أي رحمة تجاه أولئك الذين نظّموا وأصدروا الأوامر ونفّذوا” عملية التفجير.
وصرح ألكسندر دوغين في بداية الجنازة “ماتت فداء لروسيا، أمّة وشعبا، في الجبهة. والجبهة هي هنا”.
وقالت موسكو إن الاستخبارات الأوكرانية هي من دبّر عملية الاغتيال. لكن كييف تنفي تلك الاتهامات.
اختطاف أطفال
على الصعيد الانساني، حذّر الصليب الأحمر من أن الصراع في أوكرانيا يلقي بثقله على النظام الإنساني بكامله وقد تكون له آثار دائمة على قدرة المنظمات على التعامل مع حالات الطوارئ في كل أنحاء العالم.
وأوضح فرانشيسكو روكا رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر “تزداد آثار الصدمات المدمرة مع استمرار الصراع فيما ترتفع أسعار الغذاء والطاقة”.
وأضافت بيرجيت بيشوف إيبسين المديرة الإقليمية للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لأوروبا وآسيا الوسطى خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت “امتدت الأزمة إلى كل المنظومة الإنسانية ووضعتها تحت ضغط هائل وسيكون لذلك تأثير دائم على قدرة المنظمات الإنسانية والجهات المانحة على الاستجابة لحالات الطوارئ في أماكن أخرى” حول العالم.
من جانب آخر، ذكرت وزارة الداخلية الألمانية أن حوالى مليون لاجئ فروا من أوكرانيا بعد بدء الغزو الروسي قبل ستة أشهر سجّلوا في ألمانيا رغم أن “عددا كبيرا” منهم لم يبق في البلاد.
ووجد 967,546 شخصا، غالبيتهم من الجنسية الأوكرانية، ملجأ “موقتا على الأقل” في ألمانيا، وفق إحصاءات الوزارة.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الليتواني غابرييلوس لانسبيرغس إن بلاده قد تسعى إلى “حل إقليمي” لحظر دخول السياح الروس إلى الاتحاد الأوروبي إذا فشلت الدول الأعضاء في الاتفاق على عقوبات تشمل الاتحاد الأوروبي بأسره.
من جانب آخر، اتهمت أوكرانيا موسكو بتنظيم عمليات تبني جماعية غير قانونية لأطفال أوكرانيين نقلوا من مناطق محتلة إلى روسيا.
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان “تواصل روسيا خطف الأطفال من الأراضي الأوكرانية وترتيب عمليات تبنيهم غير القانونية من مواطنين روس”.
مساعدات عسكرية
كشف مسؤول أميركي أنّ الولايات المتّحدة ستعلن عن lساعدة عسكرية إضافية بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى أوكرانيا، في أكبر حزمة دعم أمني أحادية لكييف منذ بدء الغزو الروسي.
وأشار إلى أن هذه المساعدة التي يمكن أن تستخدم لتزويد كييف أسلحة وتدريب قواتها بالإضافة إلى عمليات أخرى، سيعلن عنها البيت الأبيض رسمياً، أي في اليوم الذي تحيي فيه أوكرانيا ذكرى استقلالها عن روسيا ومرور ستة أشهر على بدء الغزو الروسي لأراضيها.
وفي مجلس الأمن، تبادلت موسكو وكييف الاتهامات بتعريض محطمة زابوريجيا النووية للخطر، في حين دعا الأمين العام أنطونيو غوتيريش الجانبين إلى وقف كل الأنشطة العسكرية في محيط المنشأة.
وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أن هذه الزيارة الرامية إلى “الحد من خطر وقوع حادث نووي خطير في أوروبا” يجب أن تتم “في غضون أيام قليلة إذا نجحت المفاوضات الجارية”، مشيرا إلى “أضرار إضافية في المنطقة” بعد عمليات القصف التي سجّلت في الأيام الأخيرة.
من جانبها، حذّرت السفارة الأميركية في كييف من أن روسيا قد تضرب منشآت مدنية ومبانَي حكومية في أوكرانيا “في الأيام المقبلة”، داعية المواطنين الأميركيين إلى “مغادرة أوكرانيا اعتبارا من الآن”.
منذ تراجع القوات الروسية من محيط كييف نهاية آذار/مارس، تتركّز معظم المعارك في شرق أوكرانيا، حيث تباطأ تقدم القوات الروسية قبل أن يتعثر. وتقدّمها بطيء أيضا في الجنوب حيث تقول القوات الأوكرانية إنها تشنّ هجوما مضادا.
وفي غضون ذلك، تواصل روسيا استهداف المدن الأوكرانية بصواريخ بعيدة المدى، لكن الضربات نادرا ما تستهدف العاصمة أو المناطق المحيطة بها.
مساء قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في رسالته اليومية عبر الفيديو “علينا أن ندرك أن غدا يمكن ان نشهد استفزازات روسية بغيضة وضربات وحشية”، في إشارة إلى احتفال البلاد بذكرى استقلالها عن روسيا.
وتابع “سنرد بالتأكيد على كل عمل إرهابي روسي”.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الذي من المقرر أن تقدّم بلاده مساعدات عسكرية إضافية لأوكرانيا بقيمة 500 مليون يورو “لن نعترف بأي محاولة لتغيير وضع أي جزء من أوكرانيا”، فيما صرح رئيس الوزراء البريطاني المستقيل بوريس جونسون “يجب أن نواصل تزويد أوكرانيا كل المساعدات الضرورية (الاقتصادية والعسكرية…) حتى تنهي روسيا هذه الحرب وتسحب قواتها من كل أنحاء أوكرانيا”.
من جانبه، أكّد وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يراهن على أن رد الاتحاد الأوروبي الموحّد على غزوه لأوكرانيا سيتصدّع إذ أن الأسعار المرتفعة تؤثر بشدة على الناخبين الأوروبيين.
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها حيال المحاكمات المحتملة لسجناء الحرب الأوكرانيين في ماريوبول الذين أسرتهم روسيا في أيار/مايو، مشيرة إلى أنه يحظر إنشاء محاكم مخصصة فقط لمحاكمة هؤلاء الأسرى.
تكاليف الحرب.. دماء وثروات وفوضى
خلف الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير شباط عشرات الآلاف من القتلى والملايين من النازحين وأثار أزمات اقتصادية في أنحاء العالم.
وفيما يلي التداعيات الأساسية للحرب مع دخولها شهرها السابع:
الموت
ذكرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في 22 أغسطس آب أن 5587 مدنيا قُتلوا وأصيب 7890 منذ 24 فبراير شباط، لكن الحصيلة الفعلية أعلى من ذلك بكثير.
وأضافت أن معظم القتلى أو المصابين من ضحايا الأسلحة المتفجرة مثل المدفعية والصواريخ والضربات الجوية.
وفي سياق منفصل قال قائد القوات المسلحة الأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني في 22 أغسطس آب إن قرابة تسعة آلاف من الجنود الأوكرانيين قتلوا في الحرب، في أول حصيلة وفيات يعلنها قائد الجيش منذ الغزو دون ذكر مزيد من التفاصيل.
ولم تعلن روسيا عدد القتلى بين صفوف جنودها.
ووفقا لتقديرات المخابرات الأمريكية قُتل نحو 15 ألف جندي روسي حتى الآن في أوكرانيا وأصيب ثلاثة أمثال هذا العدد، أي ما يعادل حصيلة وفيات الاتحاد السوفيتي السابق أثناء احتلال موسكو لأفغانستان بين 1979 و1989.
وبدأ النزاع في شرق أوكرانيا في 2014 بعد الإطاحة بالرئيس المؤيد لروسيا وقتئذ وضم موسكو لشبه جزيرة القرم حيث تقاتل قوات مدعومة من موسكو القوات المسلحة الأوكرانية.
ووفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين قُتل نحو 14 ألف شخص هناك بين 2014 ونهاية عام 2021، منهم 3106 مدنيون.
بؤس
منذ 24 فبراير شباط اضطر ثلث سكان أوكرانيا، أي ما يتجاوز 41 مليون نسمة، إلى ترك منازلهم في أكبر أزمة نزوح بشري في العالم وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ووفقا لبيانات المفوضية يوجد في الوقت الراهن أكثر من 6.6 مليون لاجئ من أوكرانيا في أنحاء أوروبا أكثرهم في بولندا وروسيا وألمانيا.
أوكرانيا
إضافة إلى الخسائر البشرية فقدت أوكرانيا سيطرتها على نحو 22 بالمئة من أراضيها منذ ضم روسيا للقرم في 2014 وفقا لإحصاءات رويترز.
كما فقدت كييف مساحات شاسعة من ساحلها، وتقوض اقتصادها وتحولت بعض المدن إلى أراض قاحلة بسبب القصف الروسي. وكشفت تقديرات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن الاقتصاد الأوكراني سينكمش 45 بالمئة في 2022.
والتكلفة الفعلية بالدولار في أوكرانيا غير واضحة. وقال رئيس الوزراء دنيس شميهال في يوليو تموز إن إعادة الإعمار الكلية بعد الحرب ستكلف قرابة 750 مليار دولار وقد تكون أعلى بكثير. ولم يتضح كم أنفقت أوكرانيا في القتال.
روسيا
كانت الحرب باهظة التكاليف لروسيا أيضا، على الرغم من أنها لا تفصح عنها لأنها من أسرار الدولة.
وإلى جانب التكاليف العسكرية، حاول الغرب معاقبة موسكو بفرض عقوبات قاسية سببت أكبر صدمة للاقتصاد الروسي منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991.
ويتوقع البنك المركزي الروسي الآن انكماش الاقتصاد البالغ حجمه 1.8 تريليون دولار بما بين أربعة وستة بالمئة في 2022 وهو ما يقل عن توقعات في أبريل نيسان بانكماشه بين ثمانية وعشرة بالمئة.
ومع ذلك لا تزال التداعيات قاسية على الاقتصاد الروسي ولم تتضح على نحو كامل بعد. واستُبعدت موسكو من أسواق المال الغربية وتعرض معظم أفراد نخبتها لعقوبات وتواجه مشكلات في استيراد بعض المواد مثل الرقائق الدقيقة.
وفي الشهر الماضي تخلفت روسيا عن سداد سنداتها الأجنبية للمرة الأولى منذ الشهور الكارثية التي أعقبت الثورة البلشفية في 1917.
الأسعار
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا والعقوبات الغربية على موسكو التي أعقبته إلى زيادات حادة في أسعار الأسمدة والمعادن والطاقة، ونتج عن ذلك أزمة غذاء مستعرة وموجة تضخمية تضرب الاقتصاد العالمي.
وروسيا هي ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم بعد السعودية وأكبر مصدر عالمي للغاز الطبيعي والقمح وأسمدة النيتروجين والبلاديوم. وبعد فترة وجيزة من غزو موسكو لأوكرانيا قفزت أسعار النفط العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ المستويات القياسية التي سجلتها في 2008.
ومحاولات خفض الاعتماد على منتجات النفط والغاز الروسية أو حتى تحديد سقف لها تسببت في تفاقم أسوأ أزمة طاقة يشهدها العالم منذ حظر النفط العربي في السبعينيات.
وقفزت أسعار بيع الجملة للغاز في أوروبا بعد خفض روسيا تدفقاته عبر خط أنابيب نورد ستريم1.
وتوقف إمدادات الغاز كلية سيدخل منطقة اليورو في ركود، مع انكماشات حادة في ألمانيا وإيطاليا وفقا لجولدمان ساكس.
النمو
يتوقع صندوق النقد الدولي الآن نمو الاقتصاد العالمي 3.2 بالمئة هذا العام انخفاضا من 6.1 بالمئة في العام الماضي وأقل من توقعات في أبريل نيسان بنموه 3.6 بالمئة وتوقعات في يناير كانون الثاني بنمو نسبته 4.4 بالمئة وتوقعات في أكتوبر تشرين الأول بنمو نسبته 4.9 بالمئة.
ووفقا لتصور بديل “مقبول“، يشمل انقطاعا تاما لإمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا بحلول نهاية العام وانخفاض صادرات النفط 30 بالمئة أخرى، فإن صندوق النقد الدولي قال إن النمو العالمي سيتباطأ إلى 2.6 بالمئة في 2022 واثنين بالمئة في 2023 مع معدل نمو صفر فعليا في أوروبا والولايات المتحدة في العام المقبل.
أسلحة غربية
مدت الولايات المتحدة أوكرانيا بمساعدات أمنية بقيمة نحو 9.1 مليار دولار منذ 24 فبراير شباط تشمل أنظمة ستينجر للدفاع الجوي وصواريخ جافلين المضادة للدبابات ومدافع هاوتزر عيار 155 مليمترا ومعدات وقاية من المواد الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.
وثاني أكبر مانح لأوكرانيا هي بريطانيا التي قدمت دعما عسكريا بلغ 2.3 مليار جنيه إسترليني (2.72 مليار دولار). ووافق الاتحاد الأوروبي على مد أوكرانيا بمساعدات أمنية تبلغ 2.5 مليار يورو (2.51 مليار دولار).
تسلسل زمني.. تاريخ أوكرانيا
تمر يوم الأربعاء ستة أشهر على غزو روسيا لأوكرانيا فيما يسميه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين “عملية عسكرية خاصة”.
واتهمت أوكرانيا والدول الغربية المؤيدة لها موسكو بشن حرب غاشمة غير مبررة بهدف انتزاع أراض أوكرانية وطمس هويتها الوطنية.
وصرح بوتين بأن هدفه يتمثّل في نزع سلاح أوكرانيا من أجل ضمان أمن روسيا في مواجهة توسع حلف شمال الأطلسي وتخليصها من القوميين اليمينيين المتطرفين الذين يقول إنهم يهددون أمن بلاده.
وفيما يلي تسلسل زمني لأبرز أحداث التاريخ السياسي في أوكرانيا منذ حصولها على الاستقلال عن روسيا عام 1991:
-1991: أعلن ليونيد كرافتشوك، زعيم جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفييتية، الاستقلال عن روسيا. وأيد الأوكرانيون الاستقلال في استفتاء بأغلبية ساحقة وانتخبوا كرافتشوك رئيسا للبلاد في انتخابات رئاسية. وخلفه في المنصب ليونيد كوتشما عام 1994 عندما وافقت أوكرانيا أيضا على التخلي عن ترسانتها النووية، التي كانت ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم حينئذ وآلت إليها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، مقابل ضمانات أمنية تستند إلى احترام استقلالها وسيادتها بموجب مذكرة بودابست التي وقعت عليها أيضا كل من روسيا والولايات المتحدة وبريطانيا.
– 2004: أُعلن فوز المرشح الرئاسي فيكتور يانكوفيتش الموالي لروسيا في الانتخابات الرئاسية، ولكن مزاعم بتزوير الانتخابات فجرت احتجاجات فيما عُرف بالثورة البرتقالية، مما أدلى لإعادة الانتخابات، وفاز رئيس الوزراء السابق الموالي للغرب فيكتور يوشينكو.
– 2005: تولى يوشينكو مقاليد السلطة وقدم وعودا بإخراج أوكرانيا من فلك الحكومة الروسية وحصولها على عضوية حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي. وعيّن الرئيسة السابقة لإحدى شركات إنتاج الطاقة يوليا تيموشينكو رئيسة للوزراء، ولكنها أُقيلت جراء صراع في المعسكر الموالي للغرب.
– 2010: تمكن يانكوفيتش من هزيمة تيموشينكو في الانتخابات الرئاسية، وأبرمت روسيا صفقة لخفض سعر الغاز لأوكرانيا مقابل تمديد عقد تأجير أحد الموانئ المطلة على البحر الأسود في شبه جزير القرم الأوكرانية للأسطول الروسي.
– 2013: علقت حكومة يانكوفيتش محادثات العلاقات التجارية والشراكة مع الاتحاد الأوروبي في نوفمبر تشرين الثاني، وقررت إنعاش الروابط الاقتصادية مع روسيا، مما أسفر عن مسيرات حاشدة استمرت شهورا في العاصمة الأوكرانية كييف، ووجه بوتين أصابع الاتهام إلى الغرب في التحريض على المظاهرات ودعمها.
– 2014: شاب العنف الاحتجاجات التي تمركزت بشكل كبير حول ميدان الاستقلال في كييف. وقُتل العشرات من المتظاهرين، وصوّت البرلمان الأوكراني في فبراير شباط على إقالة يانكوفيتش الذي فر من البلاد. وفي غضون أيام سيطر مسلحون على البرلمان في شبه جزيرة القرم ورفعوا العلم الروسي. وضمت موسكو المنطقة بعد استفتاء في 16 مارس آذار 2014، أظهر تأييدا ساحقا من سكان شبه جزيرة القرم للانضمام إلى روسيا.
– أبريل نيسان 2014: أعلن الانفصاليون الموالون لروسيا في منطقة دونباس شرق البلاد الاستقلال. اندلعت اشتباكات استمرت بشكل متقطع حتى عام 2022 على الرغم من تكرر وقف إطلاق النار.
– يوليو تموز 2014: أسقط صاروخ طائرة الركاب إم.إتش 17 التي كانت في طريقها من أمستردام إلى كوالالمبور فوق شرق أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 298 شخصا. وقال فريق التحقيقات إن السلاح المستخدم مملوك لروسيا التي نفت أي صلة لها بالحادث.
– 2017: أبرم الرئيس بيترو بوروشينكو، وهو رجل أعمال موال للغرب تقدر ثروته بالمليارات تولى مقاليد السلطة منذ مايو أيار 2014، اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي بشأن حرية تجارة البضائع والخدمات. حصل الأوكرانيون على حق السفر بدون تأشيرة إلى دول الاتحاد الأوروبي.
– 2019: تغلب الممثل الكوميدي السابق فولوديمير زيلينسكي على بوروشينكو في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أبريل نيسان وقدم وعودا بالقضاء على الفساد المتفشي وإنهاء الحرب في شرق أوكرانيا، وفاز حزبه (خادم الشعب) بالانتخابات البرلمانية في يوليو تموز.
-2021: ناشد زيلينسكي الرئيس الأمريكي جو بايدن في يناير كانون الثاني بأن يسمح لأوكرانيا بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي. حشدت روسيا قوات بالقرب من حدودها مع أوكرانيا خلال فصل الربيع فيما وصفته بمناورات تدريبية. وقدمت روسيا في ديسمبر كانون الأول مطالبات أمنية تفصيلية شملت ضمانا ملزما قانونيا بتوقف حلف الأطلسي عن أي نشاط عسكري في شرق أوروبا وأوكرانيا. وكرر الحلف التزامه بسياسة “الباب المفتوح” وعرض إجراء مناقشات “عملية” لمخاوف موسكو الأمنية.
– 2022: قال بوتين في خطاب بثه التلفزيون يوم 21 فبراير شباط إن أوكرانيا جزء لا يتجزأ من التاريخ الروسي، وتديرها القوى الأجنبية، وحكومتها عميلة. ووقع بوتين اتفاقية للاعتراف باستقلال المناطق المنشقة في شرق أوكرانيا وأمر بنشر القوات الروسية هناك. ورد الغرب بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا. أعلن بوتين الحرب قبيل فجر يوم 24 فبراير شباط في خطاب بثه التلفزيون، وبدأت روسيا غزوا على ثلاثة محاور استهدفت فيه القوات الأوكرانية وقواعدها الجوية بالقذائف والمدفعية وهاجمت مناطق في بعض المدن. أمر زيلينسكي بالتعبئة العامة وسط فرار عشرات الآلاف من منازلهم.
.
رابط المصدر: