نظم الحكم والإدارة في العصر الفرعوني

دراسة تاريخ القانون المصري لهي ذات أهمية عظيمة، حيث بالرجوع إلي التراث المصري يمكننا الوقوف علي اصول بعض النظم القانونية القائمة في وقتنا الحالي، حيث أن لهذه النظم الحالية جذور ترجع للماضي سواء القريب أو البعيد، كما تحمل في طياتها كيف نشأت النظم القانونية وتطورت حتي وصلت إلي تلك المرحلة، وكذلك معرفة مدي أرتباط هذه النظم التي نشأت وبين ظروف المجمتع المختلفة التي نشأت فيها؛ سواء كانت هذه النظم سياسية أو اقتصادية، أو حتي اجتماعية دينية.

فتاريخ مصر يمتد إلي أكثر من سبعة ألاف سنة، لذلك تكم بعض المصاعب والعناء في دراسة النظم القانونية ومتابعتها التي سادت طيلة الفترة الزمنية الطويلة من الزمن، لكنها ستظل وصفه حضارية رائعة بالرجوع إلي الماضي والتعرف علي ما قدمه القدماء لنا من تاريخ مشرق في القانون، الذي أُخذ منه الكثير والكثير للدول العديدة ، فالحضارة المصرية الشامخة التي أمتد نورها إلي كثير من بقاع الأرض وأخذ من مواردها عديد الشعوب.

فدراسة النظم القانونية في العصر الفرعوني، يطرقتنا للتعرف علي بداية نشأة العصر الفرعوني، والتي كانت بتوحيد مملكتي الجنوب والشمال عام 3200ق.م، والذي أستمر حتي استيلاء الاسكندر علي مصرعام 332ق.م

حيث كان نظام الحكم السائد في مصر هي الملكية المطلقة والتي اتخذتها كل نظم الحكم الفرعونية، حيث يقوم هذا النظام علي تركز كل السلطات في يد الملك لسلطته المطلقة وصلاحياته الواسعة، وعلي الرغم من ذلك كان من السعب علي الملك ممارسة السلطات جميعاً بنفسه، فكان يفوض غيره بسلطات محدودة لمساعدته في ادارة شئون البلاد، مما طرح فكرة وجود أجهزة ادارية مركزية واقليمية، لذلك فإن هذه الدراسة البحثية ترتكز علي دراسة تاريخ القانون المصري، والتي تتمحور علي دراسة النظم القامومية في العصر الفرعوني، والتي تتضمن نظم الحكم والادارة في العصر، كما نستعرض الأسس التي قام عليها نظام الحكم والادارة، فيتم تقسيم الدراسة لعدد من المباحث التي تسهل تناول كل مفردة بشكل مُبسط وسهل.

  • المبحث الأول يتناول الملك.
  • المبحث الثاني يتناول الوزير.
  • المبحث الثالث يتناول الموظفين.
  • المبحث الرابع الادارات المتخصصة.

المبحث الاول الملك.

حيث كما وضحنا في البداية، أن مظام الحكم في مصر الفرعونية أتخذ صورة الملكية المطلقة، والتي كانت تدعمها فكرة ألوهية الملك واعتقادهم بأن الملك صاحب الاختصاص الاصيل في الوطن وصاحب فكرة التحكم في مصير وحياة الناس، فالتاريح المصري الفرعوني كان يسوده الملكية والتي أستقرت بين يدي الملك مختلف السلطات وكذلك التحكم في المجمتع وتطبيق سلطاته الواسعة.

أولاً ألوهية الملك.

حيث كان للملك مكانة كبيرة داخل المجمتع الفرعوني، فلم يكن إنساناً كسائر البشر وأنما كان بمثابة أبن للإله وخليفة الله في الأرض، بل أيضاً كان الإله نفسه، وأطلقوا عليه المقدس أو الاله وجلالته، وكذلك كان الملك يُلقب بالاله الطيب، وعند وفاته يُشار إليه بالاله العظم.

وقد برزت عقيدة أخري للفراعنة منذ العصر القديم ، حيث يري البعض أن هذه العقيدة ظهرت بهدف ترسيخ دعائم الوحدة بين القطرين، حيث لاقي اولي الاسرتين صعاب كثيرة في المحافظة علي الوحدة وتثبيت دائم الدولة وأركانها التي تكونت من خلال الوحدة بين مملكتي الشمال والجنوب، فوصل  الامر لبعض الملوك وصفهم بأنهم أبناء الاله، كوصفه بأنه الابن الشرعي لاله الشمس “رع”، فهو يهدف بأن يكون خارج البشر.

وللتأكيد علي فكرة ألوهية الملك، لجأ بعض الكهنة إلي تجسيد هذه الصفة الآلهية وتصويرها في صورة حقيقة مادية، وكان اله الشمس يتقمص جسد الملك الحاكم، وأن أبنائهم هم ملوك الأرض المستقبليين والذين لهم كل حقوق الملك الاب، والتي تكتسب أيضاً في ظل السلطة الملكية المطلقة، وطالما كان للملك سلطات واسعة وغير مقيدة بحدود، فالملك يملك كل شئ وهو قادر علي فعل كل شئ داخل المجمتع، لكن وعلي الرغم من الطبيعة الالهية التي مُنحت للملك نتيجة الألوهية والحكم المطلق؛ حملت أيضاً تقييداً نتيجة ألوهية، فذلك الأمر مرتبط بصفات كونية ربانية، فطالما الحاكم يحمل صفات الهية، فلابد من أن يحمل الصفات، فالعدل من صفات الأله، لذلك وجب علي الملك التحلَي بالعدل وتطبيقه بين الشعب.

ثانياً سلطات الملك

تحدثنا عن السلطة المطلقة وكيف أن الملك هو مستقر السلطات جميعاً، ففي يده تتركز كل السلطات سواء تنفيذية أو تشريعية أو القضائية، بالاضافة إلي السلطة الدينية، فالفرعون هو الحاكم والرئيس الاعلي وصاحب الحق الوحيد ومشرعها وكذلك القاضي والكاهن الأكبر.

فالرئيس بوصفه القائد الأعلي للدولة هو المختص بإعلان الحرب وعقد المعاهدات مع الدول الاجنبية، فالملك هو المختص الاول والرئيسي لإدارة شئون الدولة وكذلك محاسبه الموظفين وكذلك قيادة الجيش في المعارك المختلفة، خصوصاً تلك التي تهدد كيان ووجود الدولة وكذلك تؤثر علي استقرار الدولة وأركانها.

ويعد الملك أيضاً هو مصدر السلطة التشريعية، حيث انه هو صاحب الحق الوحيد في اصدار القوانين والمراسيم، قد يلجأ بعض الملوك إلي تفويض بعض وزراءه في ممارسة ذلك الأمر؛ لكنه أيضاً يكون نيابتاً عن الملك وتحت اشرافه، حيث أن الملك كان  يباشر سلطته بنفسه[1]، فالنسبة إلي القرارات أو التشريعات التي كان يصدرها الملك، فهي لا تتعارض مع نص قانوني قائم، فالملك يتلك حق إلغاء قانون قائم، لكن لا يحق له مطلقاً مخالفة قاعدة قانونية أو قرارات نافذة[2]عصر الدولة القديمة، فالملك حتي وإن أصدر قاعدة قانونية مخالفة لترشيع قائم، تُلغي الجديدة وتسري القائمة.

فالملك يبنوع العدالة ومصدرها علي الأرض وداخل البلاد، فهو القاضي الأعلي، ولكن كان من النادر أن تجد الملك يحكم بنفسه، بسبب الدعاوي والفصل فيها، والتي وَكل إليها الوزير والمحاكم المختصة للفصل فيها، فالوزير كما سيتم التطرق له، هو كبير القضاة وكذلك رئيس المحكمة العليا بعد الملك، الذي كان يتدخل في بعض الحالات للبت في الامور، وممارسة سلطته القضائية التي وكلها له القانون، والتي قد تتشكل لجنة خاصة للدنظر في بعض الدعاوي الهامة، والتي يعد اختصاص اللجنة هو ادانة الشخص أو لا، اما الحكم فهو من اختصاص الملك الي يقر العقوبة حسب ما يراه ملائم.

كما كان للملك سلطة دينية، فهو الكاهن الأكبر في البلاد، وهو الذي يتولي بنفسه تقديم القرابين إلي الألهة المختلفة في كل معبد، وقد تكون بعض الأمور شاقه بالنسبة له، فقد تتولي بهض الكهنة هذه المهمة نيابة عنه، والملك يقدم القرابين إلي الاله الرئيسي، كما يترأس الملك أيضاً رئاسة الاحتفالات التي تقام في المناسبات الدينية المختلفة، بإعتباره الكاهن الأكبر في البلاد وعليه ألتزامات وواجبات دينية واجبة النفاذ.

طالما من حق الحاكم الطاعة الشعب له، فإن ذلك يحتم علي الحاكم تنفيذ واجباته واحترام الشعب، والدفاع عن الارض والعرض وكذلك احترام حق الشعب في الحياة، فالصبغة الاهلية تجبره تطبيق مبادئ العدالة بأعتباره خليفة الله في الارض ومصدر العدالة.

ثالثاً  القيود علي سلطة الملك.

علي الرغم من أن سلطة الملك كانت من الناحية النظرية مطلقة لا حد لها، فإنها من الناحية العملية ليست كذلك، فهناك عدة أعتبارات معينة كان لها دورها في تقييد سلطته والتي منها:

  • القيد الذي يصدر من كونه ذات صفة ألهية “العدالة”

حيث أن الملك الهاً، وممثلا من الله في حكم مصر، لذلك وجبت عليه العدالة ولزم علي الملك التحلي بالعدل، فإدارة امور الرعية بالعدل كان أحد أهم الواجبات المُلقاه علي عاتق الحاكم، فالحاكم كان يقدم القرابين في الطقوس للاله معت وهو رمز للحق والعدل، وكذلك قرباناً إلي آلهه السماء؛ كتعبيراً عن مراعاته وتطبيقه للعدل والعدالة، وقد جرت بعض العادات الجنائزية نوعاً من الرقابة الشعبية علي سلوك الملك وتصرفاته أثناء حياته[3]

  • ألغاء بعض الملوك لفكرة الجنائز.

حيث أن كثيراً من الملوك حرم حق الدفن الرسمي، الذي خوله لهم الشرائع نتيجة لاعتراضهم علي الشعب، وكان من يخلفونهم علي العرش، يقيمون العدل خوفاً من العار الي قد يلحق بأجسادهم بعد الموت نتيجة عدم العدالة، ومن اللعنة الأبدية، فالحرمان من الدفن طبقاً للطقوس الدينية المرعية وما كان يستتبعه ذلك من لعنة أبدية، والتي كانت تشكل جزاءاً يهدد الملك الذي ينحرف عن تحقيق العدالة وتقديم القرابيين وكذلك إقامة الشعائر الدينية واقامة حياة طيبة للرعية والعمل علي تحقيق مصالهم المختلفة، حيث كل ذلك شكل مهدد للملك الذي ينحرف ويسقط في البغي والفساد.

  • حرص الملوك علي تلاشي النمط الاستبدادي.

فوفق ما جاء به ديودور الصقلي، في وصف ملوك مصر بأنهم لم يعيشوا علي نمط الحكم المستبد علي غرار البلاد الاخري، فيتصرفون كيفما يشاءون حسب ما تمليه عليهم رغباتهم غير مهتمين لرقابة ما، فوجود القوانين رسمت للملوك الحدود ونظمت لهم نمط الحياة، وأسلوب معيشتهم، فساعات الليل والنهار بالنسبة لهم منظمة ومحددة، فالملوك كانوا يتصرفون في الخصومات وكذلك العقوبات حسب القانون دون النظر إلي كيد أو مدفوعاً بغيظ أو أي دافع ظالم آخر، فكل شئ عنده بحساب وميزان وفق للقانون.

  • حرص المك علي كسب وارضاء الكهنة .

فالكهنة ذات نفوذ وتأثير قوي في المجمتع، وتعتبر مراكز قوة لما يملكونه من تأثير علي الرأي العام، وتحكمهم في الثروات الطائلة المملوكة من المعابد، فبعض الكهنة من خلال نفوه القوية اتسطاعوا مزاحمه الملك علي السلطة، بل أيضاً أستطاعوا الاستيلاء علي مقاليد الحكم والسلطة، وكذلك وضع أشخاص علي كرسي العرش، وفي بعض الأمور كانت سلطة الملك او الفرعون سلطة شرفه أسمية، لكن الحكم الحقيقي مرتكز في يد حكام الأقاليم أو يد الكهنة ومواليهم.

المبحث الثاني: الوزيــر.

يعد منصب الوزير في العصر الفرعوني، واحد من أهم المناصب أهمية حيث لعب شاغل هذا المنصب دور هام وخطير في المجمتع المصري، حيث حمل في طياته العديد من الواجبات والألتزامات، هفو يعد المنصب التالي للملك أو حاكم الدولةفهو اليد اليمني للحاكم في ادارة شئون البلاد وتنظيم أحوال ومعيشه العباد، ففي بداية العصر الفرعوني وقبل تثبيت أركان الدولة، كان هذا المنصب قاصراُ علي أفرا الأسرة الحاكمة، حتي وصل الأمر واصبح هذا المنصب غير قاصر علي أفراد الأسرة، فخلال عصر الدولة القديمة والوسطي من العصر الفرعوني، كان الملك يعتمد علي وزير واحد فقط، أما في عصر الدولة الحديثة أصبح الملك يعتمد علي وزيري وتتنوع أختصاصات كل منهم علي أساس إقليمي كمثلاً واحداً علي طيبـة والاخر علي هليوبوليس.

كان ذلك المنصب علي وزن من الخطورة والأهمية، حيث تعددت أيضاً مسميات الوزير وألقابه، ففي الدولة القديمة أضافوا له بعض العبارات التي كانت لا تمنح إلا للملوك والأمراء[4] واستعمال عبارات رمسية لمخاطبتهم، التي تستعمل مع الملوك والأمراء، فالناس لا يتكلمون إلي الوزير، بل يتكلموا أمامه، وهم لا يكتبون له وانما يرفعون كتابهم اليه، وما وجد من كتابات علي جدران المعابد والمقابر الي الوزراء، توضح مدي أهميتهم داخل المجتمع ودورهم الذي قد يساوي دور الملك والحاكم في بعض الأحيان، وتمثيله للحاكم في بعض الامور الهامة.

فالوزير كان له العديد من الأختصاصات التي يمكن حصرها في ثلاث بنود هامة، اختصاصات ادارية، اختصاصات قضائية، اختصاصات تشريعية.

  • أولاً الأختصاصات الادارية للوزير.

فالوزير هو المسئول الأول عن الجهاز الأداري بالدولة، وقد عرفت مصر منذ بدايتها نظام بيروقراطي تتعدد في الاختصاصات والوظائف، وتفاوتت درجته في العصور الوسطي وبخاصة في عصر الدولة الحديثة، حيث كانت الوظائف تتدرج علي شكل هرم، فكان الوزير في القمة والتي من خلالها يصدر الأوامر إلي الموظفين، ويتلقي منهم التقارير في كل شئون البلاد، كما كان للوزير حق تعيين الموظفين وترقيتهم وتأديبهم عند الحاجة.

  • ثانياً الاختصاصات القضائية للوزير.

حيث كان الوزير بمثابة كبير القضاة وهو بصفته هذه يرأس محكمة عليا والتي تختص بالفصل في القضايا الهامة، وفي تلك التي سبق الفصل فيها بواسطة محاكم أخري ولم يلقَ الحكم الصادر قبولاً من المحكوم ضده، ويفخر كذلك الوزراء بأنهم كانوا يحكمون بالعدل، والتي ظهرت نشوف عدة في مقابر الوزراء بذلك[5]

  • ثالثاً الاختصاصات التشريعية للوزير

حيث كان الوزير أيضاً يتمتع ببعض السلطات التشريعية التي تحق له أعداد قوانين أو مشاركة الملك في وضعها، كما يدل ذلك من خلال ما حملته نقوش مقبرة “منتوحوتب” والتي أوضحت من خلالها أنه كان يشارك في سن وأعداد القوانين، وعلي الرغم من أن الملك هو الوحيد الذي له هذا الحق فقط، لكن مشاركة الوزير في ذلك نتيجة تفويض.

المبحث الثالث: الوظائف

أولاُ كثرة الموظفين وتدرجهم.

حيث تميزت مصر خلال العصر الفرعوني بكثرة  موظفيها، وهؤلاء منتشرين في أرجاء الدولة يؤيدون الملك في مختلف الأعمال، وكانت ألقابهم تعبر عن طبيعة أعمالهم، منهم من كان يلقب بمستشاري الأوامر الملكية، وهؤلاء مهمتهم نقل الأوامر الملكية إلي مدينتهم، ومنهم المسئول عن

اشغال الملك والمهام الملكية وكذلك مسئولية ادارة الاشغال العامة، ومنهم من كان يهتم بجمع الضرائب من الناس، وقد تزايد أعداد الموظفين في الدولة الوسطي والحديثة بسبب أتساع نشاط الدولة وتزايد الأعباء.

لكن درجة أهمية الموظفين كانت تختلف وتتفاوت في الاهمية والمركز، حيث كانت حسب تفاوت الأعمال الموكولة إليهم، لذلك كانوا يخضعون لنظام رئاسي متدرج، وكان الجهاز الوظيفي اشبه بقاعدة الهرم، والتي يتركز صغار الموظفين في قاع الهرم، وفي القمة تجد الوزير،  وبين القاع والقمة تجد بعض الهيئات أو الأعمال التي تتوسط المجتمع المصري.

ثانياً: تعيين الموظفين وترقيتهم وتأديبهم.

حيث كان لنتيجة القاعدة الهرمية في الجهاز الوظيفي بالقاعدة المصرية، كانت طريقة التعيين قد تشبه السائدة داخل المجتمع المصري في الوقت الحالي، فصغار الموظفين يتم اختيارهم عن طريقروساء الادارات، أما كبار الموظفين يتم تعيينهم عن طريق الملك أو الوزير، فالملك مثلاً هو الذي يعين الوزير وكبار الكهنة وكبارالموظفين وقادة الجيش، والوزير يعين الموظفين الأقل منه، ومسئولي الادارات يعينوا الكتبة.

وفي بعض العصور أصبحت بعض الوظائف وراثية، فصار الأبن يحل محل أبيه داخل الوظيفة، وكان والديهم يحرصوا علي ذلك، وكما سمح القانون بشراء الوظائف من أصحاب الحق فيها[6]، وكذلك كانت ترقية الموظفين تعتمد في الأساس الاول علي أداء الموظف وجهده ومهارته، بدأ بعض المصريين بوظائف بسيطة حتي وصلوا نتيجة تدرجهم الي وظائف عالية وكبيرة، كما كان لزاماً علي الموظف أن يؤجي عمله علي النحو المطلوب، حتي لا يتعرض للجزاء فقد كانت هناك بعض النصوص التي من شأنها معاقبة الموظفين  غير المطيعين وقد يحصل الأمر إلي حد الحرمان من الوظيفة، وق يتعرض لجزاء قاسي اذا تمت ادانته بفعل فاضح تخل من واجبات وظيفته، فذلك العقاب كان راع قوي تجاة الموظفين حتي لا يسئ استعمال وظيفته،[7].

ثالثاً رواتب الموظفين.

لم يكن الموظفين يحصلون علي رواتب نقدية، انما كان يحصلون علي مكافآت بمقادير من الطعام والشراب والكساء، وكان كبار الموظفين الذين يؤدون خدمات جليلة وكبيرة للملك، يحصلون علي مكافأت اضافية في صورة عطايا وهبات، والتي كانت تُعطي في المناسبات الهامة، والتي يتم توزيع المنح والعطايا إلي كبار رجال القصر وكبار الكهنة وقادة الجيش.

رابعاً وضع الموظفين بالنسبة لأصحاب المهن الأخري.

حيث كان الكتبه والموظفين أهم أفضل المهن حالاً، فالكاتب لا يبذل جهد كبير مثل باقي المهن، وكذلك أفضل طمأنينة علي حياته من الاخرين، وكذلك لا يخضع لضرائب بخلاف الفالحين والصناع، وقد أنتقلت بعض البرديات لبيان أهمية وظيفة الكاتب في مصر القديمة.

المبحث الرابع: الادارات المختلفة.

حيث قام نظام الحكم زالأدارة في مصر علي أساس وجود عدد من الادارات تختص كل منهم بعمل معين أو مجموعة من الأعمال التي يرتبط بعضها بالبعض الأخر، وقد اختلفت اسماء الادارات كما تعددت واختلفت اختصاصات كل منهم حسب طبيعة الوقت، ولعل أهم الادارات:

  • ادارة بيت المال.
    حيث كان مسئولة عن جباية الاموال وكل ما يتعلق بجمع المال، فكان موظفوها يتولون عمل الاحصاءات اللازمة لربط الضريبة، وتحصيلها وايداعها بالمخازن الرئيسية سواء هذه المخازن بالعاصمة أو الاقاليم، كما كانت أيضاَ مسئولة عن تسجيل منسوب مياه النيل كل عام، حيث مقدار الضريبة يختلف حسب حالة الفيضان.
  • ادارة الاشغال.
    كانت هذه الادارة تتولي القيام بالأعمال المختلفة سواء ما يخص الملك أو الدولة بصفة عامة، فكان يقع علي عاتقها انشاء المعابد والمقابر وتولي بناء السدود والقلاع.
  • ادارة الوثائق الملكية.

كانت هذه الادارة مختصة بتسجيل القوانين التي تصدر عن الملك، والتي من شأنها يتم فرض الضرائب أو اعفاء اشخصا أو هيئات من كل ألتزام أو ضريبة، والمراسيم التي تتضمن تعيين الوزراء وكبار المسئولين وتحديد مختلف أوجه النشاط الحكومي، وبعد تسجيل هذه القوانين والمراسيم، كانت تنسخ صور وترسل الي جميع انحاء الدولة، حتي يسير عليها الموظفين، حيث كان الملك دائماً ما يحرص علي تطبيق القوانين والمراسيم التي يصدرها بكل صرامة وحزم، ويكلف الوزير والمسئولين بالاشراف علي نشرها.

  • ادارات التسجيل والتوثيق.

يتمثل دور هذه الادارات في تسجيل الوثائق الخاصة بنقل ملكية الأراضي سواء عن طريق البيع أو الهبة، أو الوصية، فكان يحتفظ في هذه الادارات بالوثائق الأصلية للتصرفات والرجوع إليها عند الحاجة واللزوم.

الخاتمة.

حيث في خلال هذه الدراسة البحثية، تم التطرق إلي النظم القانونية التي سادت بالعصر الفرعوني وتم مناقشة نظم الحكم والادارة، والتعرف علي الظروف المختلفة التي أحاطت بحاية المجتمع المصري لتكوين نظم الحكم والتعرف علي أدوات الحكم وبعض الادارات المختلفة ومهامها، وكذلك التعرف علي نظام الحكم السائد والتي تميز بالملكية المطلقة ولكنه يساعده في الحكم معاوينه ووزراءه الذين يباشرون الاعمال تحت اشرافه ونيابة عنهُ في ادارة شئون البلاد وتولي الأجهزة الادارية والاقاليم.

المراجع والمصادر.

  • تاريخ القانون المصري دكتور عبدالكريم نصير.
  • تاريخ النظم الاجتماعية والقانونية دكتور محمد إلهامي.
  • تاريخ القانون المصري دكتور محمد عبدالعليم
  • فلسفة وتاريخ النظم الاجتماعية والقانونية، دكتور محمود السقا، دار الفكر العربي.
  • تاريخ النظم القانونية والاجتماعية، دكتور صوفي أبوطالب.
  • الوجيز في تاريخ النظم القانونية والاجتماعية، دكتور عادل بسيوني، دار الثقافة للنشر.

[1] مقدمة القانون الذي أصدره الملك حور محب

[2] ففي العصر الفرعوني قدمت  ثلاثة التماسات رفعت إلي الملك ضد قرارات الملك نفسه،تنطوي علي مخالفته للقانون وتراجع عنها.

[3] ما ذكره ديودور الصقلي أن عادة المصريين كانت تجري في حالة وفاة الملك، بأن يوضع النعش أمام القبر، وتشكل محكمة لتنظر فيما قدم المتوفي من أعمال في الدنيا، ويحق لأي شخص أن يتهمه

[4] مثل عبارة “له الحياة والصحة والسعادة” وهي عبارة كانت تمنح للملوك والأمراء فقط.

[5] حيث كان في خطاب تحتمس الثالث إلي رخمارع عند تعينه وزيراً، ونصحه بألتزامه الكامل بتحقيق العدل والقضاء

[6] تاريخ القانون المصري، النظم القانونية في العصر الفرعوني، دكتور محمود سلامة زناتي ج أسيوط. ص68

[7] وفق ما جاء به قانون حور محب والذي جازي الكثير أمثال رجال الادارة الذين اساءوا معاملة الفلاح في جمع الضرائب.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M