- مؤيدو خط أنابيب كيستون إكس إل يزعمون أنه يوفر فوائد اقتصادية وإستراتيجية كبيرة
- المنتقدون يشيرون إلى مخاطر التسربات النفطية على طول مسار خط الأنابيب
- الطلب طويل الأجل على البنزين والنفط الثقيل آخذ في الانخفاض
- سوق نقل النفط في أميركا الشمالية تتكيف مع متطلبات الطاقة المتغيرة والتقدم التكنولوجي
يواجه نقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة عبر خط أنابيب كيستون إكس إل 3 تحديات ريسة تتثل في جدواه الاقتصادية والمخاطر البيئية ومعارضة مجتمعات السكان الأصليين.
وتحوّل خط الأنابيب إلى نقطة خلاف مهمة في مناقشات سياسة الطاقة في أميركا الشمالية منذ اقترحت شركة ترانس كندا (التي أصبحت الآن تي سي إنرجي TC Energy) المشروع في عام 2008.
وكان من المقرر أن ينقل خط الأنابيب النفط الخام من الرمال النفطية بمقاطعة ألبرتا إلى مصافي التكرير الأميركية، وسط توقعات بتحقيق فوائد اقتصادية وتعزيز أمن الطاقة.
وسرعان ما أصبح نقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة محور مناقشات أوسع نطاقًا حول البنية التحتية للوقود الأحفوري وتغير المناخ وحماية البيئة.
خط أنابيب كيستون
في عهد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تلقّى خط أنابيب كيستون إكس إل” دعمًا قويًا، جزءًا من سياسته المؤيدة للوقود الأحفوري.
وفي عام 2017، ألغى ترمب قرار إدارة أوباما بمنع المشروع، وأصدر التراخيص الرئاسية اللازمة، وقد تماشى هذا التحرك مع تركيز ترمب على خلق فرص العمل، واستقلال الطاقة، وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وكندا.
رغم ذلك، عند تولّيه منصبه في يناير/كانون الثاني 2021، ألغى الرئيس جو بايدن تراخيص خط الأنابيب، مشيرًا إلى المخاوف بشأن تغير المناخ، إذ أدى القرار في النهاية إلى إلغاء شركة (تي سي إنرجي) المشروع بحلول منتصف عام 2021.
وعلى الرغم من أن ترمب أشار إلى استعداده لإحياء مشروع خط أنابيب كيستون إكس إل، إذا أعيد انتخابه في عام 2025، فإن مثل هذه الجهود ستواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك الحاجة إلى الموافقات التنظيمية الجديدة، والتدقيق البيئي، وحالة اقتصادية متضائلة بسبب انخفاض الطلب على النفط الثقيل.
ويعكس مسار المشروع، الذي اتّسم بالعقبات التنظيمية والتحديات القانونية والأولويات السياسية المتغيرة، سياسات الطاقة والبيئة المتطورة في الولايات المتحدة وكندا.
ومنذ بدايته حتى إلغائه في عام 2021، كان خط أنابيب “كيستون إكس” إل يرمز إلى التوتر بين المصالح الاقتصادية والاستدامة البيئية.
الآفاق الاقتصادية والبيئية لخطّ كيستون
يزعم مؤيّدو خط أنابيب نقل النفط من كندا إلى الولايات المتحدة أن خط كيستون يوفر فوائد اقتصادية وإستراتيجية كبيرة تشمل آلاف فرص العمل في قطاع البناء، وتحفيز الاقتصادات المحلية، وتعزيز أمن الطاقة في الولايات المتحدة، بالحدّ من الاعتماد على واردات النفط من المناطق غير المستقرة.
ويزعم المؤيدون أن خط الأنابيب يوفر بديلًا أكثر أماناً وكفاءة للنقل مقارنة بالسكك الحديدية أو الشاحنات التي تشكّل مخاطر أعلى للتسربات.
بالإضافة إلى ذلك، يزعم هؤلاء المؤيدون أن زيادة إمدادات النفط الخام من شأنها أن تخفض أسعار البنزين، ما يعود بالنفع على المستهلكين والشركات على حدّ سواء.
من ناحية أخرى، يثير المعارضون مخاوف جدّية بشأن التأثير البيئي للخط، ويشيرون إلى مخاطر التسربات النفطية على طول مسار الخط، التي قد تلحق الضرر بالنظم البيئية، وتلوث مصادر المياه، وإرباك المجتمعات المحلية.
إضافة إلى ذلك، تسهم الطبيعة الكربونية المكثفة لاستخراج الرمال النفطية بشكل كبير في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، ما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ.
ويزعم دعاة حماية البيئة أن بناء بنية تحتية جديدة للوقود الأحفوري يرسل الإشارة الخاطئة في وقت تكثّف فيه الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.
من جانبهم، يعارض السكان الأصليون بشدّة خط الأنابيب، مستشهدين بالانتهاكات المحتملة لأراضيهم ومواقعهم المقدسة، فضلًا عن عمليات التشاور غير الكافية التي تقوض حقوقهم وسيادتهم.
ومن الناحية الاقتصادية، يزعم المنتقدون أن إسهام خط الأنابيب في إمدادات النفط الأميركية ضئيل -أقل من 1% من إجمالي الاحتياجات-، وأنه لن يكون له تأثير يُذكر في استقلال الطاقة أو أسعار المستهلك.
وبالنظر إلى التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، ينظر الكثيرون إلى خط الأنابيب بوصفه استثمارًا عفا عليه الزمن، ولا يتماشى مع اتجاهات الطاقة الطويلة الأجل.
وفي نهاية المطاف، يزعم المعارضون أن التكاليف البيئية والاقتصادية للمشروع تفوق بكثير أيّ فوائد محتملة قصيرة الأجل.
ديناميكيات سوق النفط
تضاءل المبرر الاقتصادي لخط أنابيب كيستون إكس إل بشكل كبير بسبب التحولات في المشهد العالمي للطاقة وديناميكيات سوق النفط المتطورة.
وأدت زيادة إنتاج النفط المحلي في الولايات المتحدة إلى تقليل الحاجة إلى واردات الخام الكندية، ما قوّض إحدى الحجج الأساسية لدور خط الأنابيب في تعزيز أمن الطاقة في أميركا الشمالية.
بالإضافة إلى ذلك، طورت كندا طرق تصدير بديلة، بما في ذلك خط أنابيب إلى الساحل الغربي، ما يسمح للرمال النفطية في مقاطعة ألبرتا بالوصول إلى الأسواق الدولية دون الاعتماد على خط أنابيب كيستون إكس إل.
وقللت التطورات من الأهمية الإستراتيجية لخطّ الأنابيب، ما جعله أقل أهمية للبنية التحتية للطاقة الإقليمية.
إلى جانب ذلك، فإن الطلب طويل الأجل على البنزين والنفط الثقيل آخذ في الانخفاض بسبب انتعاش السيارات الكهربائية وزيادة اعتماد مصادر الطاقة المتجددة.
وهذا يعكس انتقالًا أوسع نحو أنظمة طاقة أكثر نظافة، ما يُضعف الأساس الاقتصادي لمشروعات البنية التحتية للوقود الأحفوري واسعة النطاق.
وإلى جانب أسعار النفط المتقلبة، وتكاليف البناء المرتفعة، والتحديات التنظيمية، أثارت هذه الاتجاهات الشكوك حول جدوى مشروعات مثل كيستون إكس إل.
وبالنظر إلى إعطاء أسواق الطاقة الأولوية للاستدامة والابتكار، فإن خط الأنابيب يبدو غير متوافق مع احتياجات الطاقة المستقبلية.
نقل النفط في أميركا الشمالية
تتكيف سوق نقل النفط في أميركا الشمالية مع متطلبات الطاقة المتغيرة والتقدم التكنولوجي، إذ من المتوقع أن يكون نمو الصناعة مدفوعًا بتحديث البنية التحتية الحالية لتحسين الكفاءة والقدرة.
وينصبّ التركيز بشكل كبير على دمج تقنية احتجاز الكربون وتخزينه في أنظمة خطوط الأنابيب، ما يسمح بنقل الكربون المحتجز إلى مواقع التخزين جزءًا من الجهود المبذولة للتخفيف من انبعاثات الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يُعاد تشكيل خطوط الأنابيب بشكل متزايد لدعم نقل الهيدروجين، ما يشير إلى التحول نحو بدائل الطاقة النظيفة مع التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
وعلى الرغم من هذه الابتكارات، يواجه القطاع تحديات كبيرة، بما في ذلك التشريعات البيئية الصارمة والمعارضة العامة المتزايدة للبنية التحتية الجديدة للوقود الأحفوري.
وتؤكد هذه العقبات التحول المجتمعي والسياسي الأوسع نحو الاستدامة وإزالة الكربون.
ومع سعي الحكومات والشركات والمجتمعات إلى المساءلة المناخية، فإن مستقبل البنية التحتية لنقل النفط سيعتمد على قدرتها على التوافق مع أولويات الطاقة النظيفة الناشئة مع معالجة المخاوف البيئية والاجتماعية.
تحديات مشروعات خطوط الأنابيب
تواجه مشروعات خطوط الأنابيب تحديات متزايدة تعقّد من تطويرها وقابليتها للاستمرار على المدى الطويل، وغالبًا ما تؤدي التأخيرات التنظيمية، بما في ذلك تقييمات الأثر البيئي والمراجعات القانونية وعمليات الترخيص، إلى تمديد الجداول الزمنية للمشروع وتضخيم التكاليف، ما يقلل من ثقة المستثمرين.
بدورها، تؤدي التحديات الاقتصادية إلى تفاقم هذه الصعوبات، مع تقلُّب أسعار النفط وتأخير البناء، ما يقوّض الربحية.
ومع تحول الاستثمارات نحو الطاقة المتجددة، قد تصبح مشروعات الوقود الأحفوري واسعة النطاق، مثل خطوط الأنابيب، أقل جاذبية.
وتمثّل المعارضة العامة حاجزًا كبيرًا إضافيًا، إذ تثير المجموعات البيئية والمجتمعات الأصلية والسكان مخاوف بشأن استعمال الأراضي وتلوث المياه والتأثيرات المناخية للبنية التحتية للوقود الأحفوري.
وتشكّل مخاطر الأمن السيبراني مصدر قلق متزايد، حسبما يتضح من هجوم الفدية على خط أنابيب كولونيال في عام 2021، ما يسلّط الضوء على نقاط الضعف في البنية التحتية للطاقة الحيوية.
وتعكس هذه التحديات مجتمعة التعقيد المتزايد لبناء وصيانة خطوط الأنابيب في عصر تُعطى فيه الأولوية للاستدامة والمرونة.
مستقبل خط أنابيب كيستون
من المتوقع أن يواجه إحياء خط أنابيب كيستون إكس إل عقبات كبيرة، نظرًا للأولويات المتغيرة لأسواق الطاقة والسياسات العامة.
وفي الوقت نفسه، أدت تطورات السوق -بما في ذلك انخفاض الطلب على النفط الثقيل وتطوير كندا طرق التصدير البديلة- إلى تقليص ضرورة خط الأنابيب.
إضافة إلى ذلك، فإن الهيمنة المتزايدة للطاقة المتجددة وانتعاش السيارات الكهربائية من شأنها أن تقلل من الجدوى طويلة الأجل للبنية الأساسية للوقود الأحفوري على نطاق واسع.
وتشير هذه الاتجاهات إلى أن الاستثمارات في مثل هذه المشروعات قد تكافح لتحقيق الإيرادات في مشهد الطاقة المحايدة كربونيًا بشكل متزايد.
في المقابل، تُعدّ التحديات التنظيمية والقانونية هائلة، حيث تتطلب أيّ محاولة لإعادة تشغيل المشروع التعامل مع عمليات الترخيص المعقّدة، ومعالجة المخاوف البيئية الكبيرة، وحلّ النزاعات مع المجتمعات الأصلية حول حقوق الأراضي والإدارة البيئية.
من ناحيتها، تزيد المشاعر العامة، التي تفضّل بشكل متزايد الاستدامة والعمل المناخي، من تعقيد الجهود الرامية إلى إحياء خط الأنابيب.
وعلى الرغم من أن المؤيدين يزعمون أن خط الأنابيب ما يزال من الممكن أن يوفر فوائد اقتصادية، فإن التحول الأوسع في مجال الطاقة نحو بدائل أنظف يجعل مشروعات، مثل كيستون إكس إل، تُعدّ أقل أهمية، وربما عفا عليها الزمن.
الخلاصة
أصبح خط أنابيب كيستون إكس إل رمزًا للصراع المتزايد بين الأولويات الاقتصادية والمخاوف البيئية في سياسة الطاقة الحديثة.
ويسلّط مؤيدو خط الأنابيب الضوء على فوائده الاقتصادية المحتملة، مثل خلق فرص العمل وتحسين أمن الطاقة.
رغم ذلك، أدى الوعي المتزايد بالمخاطر البيئية المرتبطة بالبنية الأساسية للوقود الأحفوري إلى معارضة واسعة النطاق من الجماعات البيئية والمجتمعات الأصلية.
ويمثّل إلغاء مشروع كيستون إكس إل تحولًا في السياسة، يعكس التزامًا عالميًا بمعالجة تغير المناخ وتسريع التحول إلى حلول الطاقة النظيفة، بما في ذلك الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
وعلى الرغم من أن خط الأنابيب يحمل قيمة رمزية لأجزاء من صناعة الوقود الأحفوري، فإن جدواه العملية في مشهد الطاقة اليوم أصبحت مثار تساؤل.
من جهة أخرى، فإن انخفاض الطلب على النفط الثقيل، وصعود بدائل الطاقة النظيفة، والزخم السياسي المتزايد لإزالة الكربون، يجعل مشروعات الوقود الأحفوري واسعة النطاق مثل كيستون إكس إل أقلّ أهمية.
وعلى الرغم من الجهود المحتملة لإحياء خط الأنابيب لأسباب سياسية أو رمزية، فإنه يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك العمليات التنظيمية الصارمة، والمعارضة العامة، وتحوّل السوق الأوسع نحو أنظمة الطاقة المستدامة.
وفي ظل تحول أميركا الشمالية إلى الطاقة المتجددة، فإن مستقبل مشروعات البنية التحتية للوقود الأحفوري سوف يعتمد بشكل أكبر على مدى توافقها مع أهداف الاستدامة والمناخ طويلة الأجل، أكثر من اعتمادها على الاعتبارات الاقتصادية قصيرة الأجل المرتبطة بالنفط والغاز.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001“.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.