- تمكّنت دولة الإمارات من تحقيق موقع مهم وفعّال لنفسها في المنطقة والعالم عبر اتّباع أدوات ذكيّة وناعمة، ومن دون خلق التهديد لجيرانها، وللدول الأخرى، ومن دون بسط القوة العسكرية، وذلك باختيارها نموذجاً مغايراً للقوة، يمزج بين القوة الذكية والقوة الاقتصادية.
- أظهر النموذج الإماراتي قدرة على التحرر من الضغوط في ظل حالة الاستقطاب الدولية، وخلافات القوى الكبرى الحالية، خاصة تلك القائمة بين أمريكا وروسيا. ومكّن هذا النموذج المستقل دولة الإمارات من أداء دور مهم في تهدئة التوتُّرات، ودعم فرص منع التصعيد في أكثر من مناسبة.
- توسيع الخلاف بين إيران والإمارات ليس فيه أي فوائد للطرفين. ويبدو أن القادة في البلدين مصممون على تكريس نهج جديد في علاقاتهما الخارجية يقوم على حسن الجوار، والتعامل الإيجابي، والمقاربات الجماعية المربحة للجميع.
- يمكن تجاوز الخلافات بين إيران والإمارات من خلال تغيير طريقة النظر إلى السياسة الخارجية، والاحترام المتبادل لاستقلال الأطراف، وحقّهم في الدفاع عن مصالحهم ضمن المجالين الداخلي والخارجي.
هناك حاجة إقليمية واضحة في منطقة الشرق الأوسط للتوصل إلى حلول عملياتية، من أجل الاستعداد لظروف المرحلة الانتقالية المعقدة في النظام الدولي المُتشكِّل، والتحرك نحو نظام عالمي جديد. إذ تشهد المنطقة حالة مستمرّة منذ عقود من انعدام الأمن، والتوترات المختلفة الناتجة عن تأثير القوى الخارجية، وتضارب مصالح القوى ذات التوجه الأيديولوجي، والتنافس على تمرير أفكار وسياسات أحادية من دون النظر إلى المصالح الجماعية، ومصالح الدول الأخرى، ومواصلة صناعة الوكلاء دون الدولة ودعمهم بهدف زيادة الوزن والقوة التفاوضية، والسعي لتحقيق أهداف محددة في ظروف محددة، وعوامل أخرى متعددة الأوجه، تسهم في مجموعها في استمرار التوتُّر، والهشاشة الإقليمية.
لكنّ بعض دول منطقة الشرق الأوسط قرّرت تغيير نموذج اللعبة الصفريّة هذا، وسعت إلى إصلاح برنامج السياسة الخارجية، والابتعاد عن عوامل التوتُّر المستهلِكة [للطاقات والإمكانات]. وأطلقت مساراً لخفض التصعيد بغية الحصول على أقصى قدر من الفوائد، وتهيئة هيكل الدولة للعمل في النظام العالمي الجديد. وفي هذا الصدد، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة باتت مستعدة للقيام بدور فعّال، ونشط في التطوُّرات الإقليمية والدوليّة من خلال تبنّي هذه الإجراءات، وإحداث التغييرات الضروريّة، والتحديث المستمرّ في استراتيجية سياستها الخارجية مع التركيز على مبدأي الأولويّة الاقتصادية، وضرورة تكريس الاستقرار والازدهار. ونجحت دولة الإمارات من خلال هذا النهج في النأي بالنفس عن التوترات في الشرق الأوسط، وخلق مسارات إقليمية لخفض التصعيد. ولا شكّ أن قوة التقدم الإقليمي، لها مصداقية، وأهمية في كسب التحالفات في النظام العالمي الجديد.
الإمارات باعتبارها “قوة ذكية” صاعدة
اعتمدت دولة الإمارات نهجاً متوازناً في سياستها الخارجية، واستخدمت أدوات “القوة الذكية” عبر موازنة القوة الاقتصادية إلى جانب توسيع قدرات الردع العسكري، والمشاركة في الوقت نفسه في تحالفات إقليمية ودولية مهمة، وذلك في سبيل تحقيق أهدافها المعلنة في تكريس الاستقرار والازدهار بالرغم من التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط. إنّ تحرُّك السياسة الخارجية، نحو تكريس معادلات مربحة للجميع، ومواصلة نهج التقارب مع مختلف الأطراف، ومواصلة اعتماد النهج الدبلوماسي المخفف للتوترات، والموجهة نحو التعاون، والعمل المشترك، خاصة فيما يتعلق بنهج تعزيز الشراكات الاقتصادية؛ كل ذلك، يعمل على تغيير اللعبة الإقليمية، من خانة اللعبة الصفرية إلى لعبة مربحة للجميع. وهو أمرٌ ينطبق على كل طرف يضع هذه السياسة على جدول أعماله، وليس فقط دولة الإمارات. إن مواصلة إشعال التوترات، والتسابق في مجال زيادة القدرات العسكرية، وعدم وضع استراتيجية للتوافق على خيار مشترك للتعاون متعدد الجوانب، ليس بالتأكيد في مصلحة أيّ من الأطراف الإقليمية، أو الدولية، ولن يحقق سوى مزيد من تعطيل التنمية، وزعزعة الاستقرار، وتفجير التناقضات.
وبالرغم من ظروف التوترات، وحالة عدم الاستقرار الممتدّة، والمتنامية التي تشهدها بعض دول الشرق الأوسط، واستمرار الحروب بالوكالة، وانتشار التهديدات، والتوترات السياسية، والتطرف، والأزمات الاقتصادية، وأزمات الهوية، والفشل في الوصول إلى نموذج التفاعل والتقارب الجماعي بسبب تعارض مصالح بعض الدول في هذه المنطقة، وبالطبع دور بعض القوى الأجنبية في نشر هذه التوترات، نجحت السياسة الواقعية التي تنتهجها دولة الإمارات في مجال تعزيز البنية التحتية المتعلقة بجذب الاستثمارات الأجنبية، والاهتمام بتعزيز الركائز الثقافية والاقتصادية والدبلوماسية والسياسية، والاستفادة من المثلث الاقتصادي، والثقافة، والهوية السياسية، وبالطبع زيادة القوة الصلبة، والقوة العسكرية، وتعزيز قوة الردع الأمني. ونتيجةً لذلك كله، ومن وجهة نظر النخب السياسية، والمحلّلين المستقلين، ينبغي اعتبار دولة الإمارات العربية المتحدة قوة ناشئة فعالة في النظام العالمي الجديد، مع برنامج مركزي للتفاعل، ونزع التوتر إلى جانب تقاسم المنافع مع الشركاء، والحلفاء. وفي الوقت نفسه، تتعزّز هذه المكانة الفعالة لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليس فقط في المنطقة، ولكن في تعزيز النظام الدولي والمنظمات الدولية.
لقد أصبحت دولة الإمارات اليوم، الوجهة السياحية الأولى في العالم باستقبالها أكثر من خمسة وعشرين مليون سائح أجنبي، من جميع أنحاء العالم، نتيجة لما تتمتع به هذه الدولة من مزايا جذبت الجميع لزيارتها، والاستفادة من تجاربها، في تعزيز رخاء وازدهار هذه الأرض. وتُشير مبادرة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنشاء متحف اللوفر أبوظبي، إلى الاهتمام بالتعددية الثقافية، حيثُ روعي احترام هويات العالم وثقافاته كافة في ترتيب هذا المتحف؛ ما يجعله مثالاً جيداً حول التفاعل الثقافي العالمي. وتحتضن الإمارات عشرات المتاحف الأخرى التي تعكس اهتماماً بالتراث، والثقافة، والتاريخ الاجتماعي والسياسي لدولة الإمارات، والمنطقة بشكل عام. وتكشفُ أنماط العمارة التي تمزج بين الحديث والتقليدي عن ملامح المستقبل البعيد لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تطمح بثقة إلى التحول إلى مركزٍ للتفاعلات الثقافية في الشرق الأوسط.
ويعتبر كبار المستثمرين في العالم الإمارات المكان الأفضل للاستثمار، وهو ما يتضح من خلال وجود المقرّات الإقليمية لشركاتهم العالمية فيها. وشكّلت استضافة “إكسبو 2020” إضافةً نوعيّةً للمكانة العالمية لدولة الإمارات، فالمعرض يُعدُّ واحداً من أهم الأحداث الاقتصادية العالمية وأطولها. وقد برهنت التجربة الإماراتية في استضافة الحدث، بالطرق المبتكرة التي شهدها العالم، على أن دول المنطقة قادرة على إدارة أكبر الفعاليات العالمية، في الوقت الذي تحافظ فيه على الفهم الثقافي للهوية التاريخية.
إن تشابك تأثير البعدين الاقتصادي والثقافي سيزيد بالتأكيد من قوة الفعل الإيجابي، ويعزز من فعاليّة الدور الإماراتي المعزز للازدهار والاستقرار في المنطقة والعالم. وبالطبع، لا يمكن إهمال مجال الإعلام، حيث استقطبت الإمارات كبريات الشركات الإعلامية العالمية التي بادرت إلى إنشاء مكاتب تمثيلية لها في دولة الإمارات؛ ويوجد على أرض الإمارات اليوم كبار ممثلي وسائل الإعلام العالمية. ويقوم صانعو الأفلام العالميين، وكبريات شركات الإنتاج بتسجيل أفلامهم في الدولة، ومنها أعمال حققت شهرة عالمية. وتُقام على أرض الإمارات مختلف الفعاليات السينمائية، والموسيقية، والثقافية التي تتسم بحسن التنظيم، وتجذب المزيد من الجماهير من مختلف أنحاء العالم.
لقد تمكّنت دولة الإمارات من تحقيق موقع مهم، وفعّال لنفسها في المنطقة، والعالم عبر اتّباع أدوات ذكيّة، وناعمة، ومن دون خلق التهديد لجيرانها، وللدول الأخرى، ومن دون بسط القوة العسكرية، وذلك باختيارها نموذجاً مغايراً للقوة، يمزج بين القوة الذكية، والقوة الاقتصادية. وكلّ ذلك تطلّب إعادة الترتيب الصحيح لمكونات السياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والثقافة. وفي هذا الصدد، يمكنُ الافتراض بأن دولة الإمارات قد وصلت إلى هذا المنظور في وقت أبكر من توقعات خريطة الطريق الكلية المعلنة.
وانتهجت دولة الإمارات سياسة واقعية، وتبنَّت نموذجَ تعاونٍ قائمٍ على مبادئ مستقلة، ومرتكز على عقيدة السياسة الخارجية. وأظهر النموذج الإماراتي قدرة على التحرر من الضغوط في ظل حالة الاستقطاب الدولية، وخلافات القوى الكبرى الحالية، خاصة تلك القائمة بين أمريكا وروسيا. ومكّن هذا النموذج المستقل دولة الإمارات من أداء دور مهم في تهدئة التوتُّرات، ودعم فرص منع التصعيد في أكثر من مناسبة. ويُعدُّ نجاح الوساطة الإماراتية في ملفات محددة مثل تبادل الأسرى، والأمن الغذائي خلال الأزمة الأوكرانية، أحد الأمثلة البارزة على إنتاجية هذا النموذج المستقل، وتأثيراته الإيجابية. ويُشير التقدُّم المستمرّ في العلاقات الإماراتية الروسية، والعلاقات الإماراتية الصينية، والتطور المستمر في الشراكة الاستراتيجية مع الهند، في نفس الوقت الذي تتواصل فيه تنمية العلاقات، وتعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وأوروبا إلى فعالية هذا النموذج المتوازن.
اقرأ أيضاً: |
مسار تطبيع العلاقات مع مختلف القوى الإقليمية
تتمتّع دولة الإمارات بالحق الكامل في اختيار السياسة الخارجية، وتنظيم العلاقات مع الدول الأخرى في المشهد الدولي باعتبارها دولةً مستقلةً في النظام الدولي، وقوةً ناشئةً، ومتناميةً على المستوى الإقليمي، وذلك استناداً إلى ميثاق الأمم المتحدة، وجميع المبادئ والمواثيق الدولية، كما هو الحال بالنسبة لجميع الدول الأعضاء في النظام الدولي. وفي ضوء جهود دولة الإمارات لخفض التصعيد الإقليمي، ومساعيها لتحقيق الاستقرار والازدهار لشعبها، ولمحيطها الإقليمي، وزيادة تأثيرها، وقدرتها على تحقيق تلك الأهداف، تبنَّت الإمارات خيار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والذي بدأ في 13 أغسطس 2020. وأسهم الإعلان عن اتفاق السلام الإبراهيمي في تعزيز القوة الذكية لدولة الإمارات في النظام العالمي. وعزّز قدرةَ دولة الإمارات في الدفاع عن المطالب المتجاهلة للشعب الفلسطيني الشقيق، والمستمرة منذ 70 عاماً لتكوين دولته المستقلة، وتحقيق حلّ الدولتين. وقد أثبتت التوتّرات الأخيرة غير المسبوقة في غزة، أهميّة المضي قدماً في تطبيق هذا المسار السلميّ، والذي ستواصل دولة الإمارات جهودها لتحقيقه.
في سياق موازٍ، وبعد توقف دام سبع سنوات في العلاقات الثنائية بين إيران والإمارات، بدأت منذ النصف الأول من عام 2022 عملية كسر الجليد في العلاقات بين البلدين، وبدأ برنامج تبادل الزيارات، واستئناف العلاقات الدبلوماسية، وعودة السفراء. ومن المؤكد أن توسيع الخلاف بين طهران وأبوظبي ليس فيه أي فوائد للطرفين. ويبدو أن القادة في البلدين مصممون على تكريس نهج جديد في علاقاتهما الخارجية يقوم على حسن الجوار، والتعامل الإيجابي، والمقاربات الجماعية المربحة للجميع.
ويمكن لجمهورية إيران الإسلامية الحصول على فرص فريدة في مجال الاستثمار في البنية التحتية المحلية، والازدهار الاقتصادي، وتوسيع قطاع السياحة، وتطوير الموانئ التجارية، وكذلك المساعدة في حل الأزمات البيئية من خلال الانخراط في مسار تعاون استراتيجي مع دولة الإمارات في هذه القطاعات كافّة. كما يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز مكانتها الإقليمية، ودعم مختلف مسارات التنمية، والتطوير، والتنويع الاقتصادي، والأمن الغذائي من خلال تطوير العلاقات مع إيران، والانخراط أكثر في السوق الإيرانية، وزيادة التعاون الثنائي في مختلف المجالات.
من ناحية أخرى، يمكن لطهران الاهتمام بالمصالح الأمنية لدولة الإمارات، باعتبارها جاراً جنوبياً، والتوصل إلى تفاهم مربح للجانبين في المجال الأمني الإقليمي، ويمكن للإمارات أيضاً أن تتوصل إلى إطار تفاهمي بشأن القضايا الحساسة بالنسبة لطهران، خاصة ما يتعلق بإزالة التعارض المحتمل بين مسار الاتفاقات الإبراهيمية، ومسار التطبيع مع إيران.
الاستنتاجات
تشهدُ البيئة الدوليّة توسُّع نطاق تحديات الانتقال من النظام الدولي الأحادي إلى نظام تعددي جديد. وتتزايد التغيرات الملحوظة في قواعد الألعاب في ظلّ التقليص الملموس لسلطة النظام الدولي، وعدم كفاءة المؤسسات الدوليّة الواضحة في حل الأزمات العالمية. وتمكّنت دولة الإمارات من أداء دور مهم في هذه المرحلة الانتقاليّة؛ ما يُكرّس الاعتقاد بأنها ستضطلع بدورٍ أكثر أهميّةً في النظام الإقليمي المتعدّد الأطراف، وبأنها أيضاً، حجزت لنفسها موقعاً متميّزاً في النظام العالمي قيد التشكُّل. ويعزز هذا الأداء المتميّز الثقة بمستقبل النموذج الإماراتي، سواءً لجهة تنامي الخبرات المكتسبة في النموذج المُصمَّم؛ وهو مزيج من القوة الذكية لعصر ما بعد القيادة الأحادية للعالم، أو لجهة المشاركة الفاعلة في الهياكل التنفيذية الجديدة للنظام الدولي الآخذ في التشكُّل.
ومنذ اليوم الأول لتأسيس الاتّحاد، أصبحت دولة الإمارات العربية المتحدة شريكاً تجارياً جذاباً للمجتمع الدولي بشكلٍ عامّ. ونجحت الإمارات على مرّ العقود الماضية باستقطاب المستثمرين العالميين، كما نجحت في استقطاب رؤوس الأموال والمستثمرين في النطاقات الإقليمية. وزاد موقع الإمارات الاستراتيجي المطلّ على بحر العرب باتجاه المحيط الهندي من ميزتها الاستراتيجية، وأصبحت أكثر جاذبية للهند التي تبحث عن طريق عبور أسرع لدخول الأسواق العالمية. وجاء الإعلان عن المشاركة الفاعلة لدولة الإمارات في خطة “الممرّ التجاري الهندي العربي الأوروبي” تعبيراً عن هذه الميزة الاستراتيجية.
وتُعدّ طرق العبور الآمنة والميسورة التكلفة، أحد أهم عوامل إنشاء التحالفات الجديدة في النظام العالمي الجديد، وهناك منافسة شرسة بين الدول لإثبات تفوقها الجيواقتصادي، وتهيئة البنية التحتية اللازمة لاستضافة هذه الطرق، واستقطاب الاستثمارات العالمية في مجالات النقل والعبور. ويمكن دون أي مواربة تقييم سياسة دولة الإمارات في المشاركة في هذا البعد بأنها فاعلة؛ ما يعني بالضرورة ضمان دور فعّال ونشط في النظام العالمي الجديد.
إن الخلافات بين إيران والإمارات، هي في معظمها نتيجة سوء التفاهم، ويمكن تجاوزها بتغيير طريقة النظر إلى السياسة الخارجية، والاحترام المتبادل لاستقلال الأطراف، وحقّهم في الدفاع عن مصالحهم ضمن المجالين الداخلي والخارجي، واعتماد نهج عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتطبيق الدبلوماسية المستقلة.
وفي المقابل، فإن الإصرار على التوقُّف عند قضايا هامشية، والتدخل في السياسة الخارجية المعتمدة، وكذلك النظر إلى القضايا من الناحية الأيديولوجية، لن يحقق إلا زيادة المسافة بين البلدين، ودعم أهداف ومصالح أعداء البلدين، فضلاً عن دخول الجهات الفاعلة من خارج المنطقة، لتوجيه، وإطالة أمد الاختلافات. لذلك، من الضروري أن يكون لدى البلدين، وخاصة إيران، منظور وسياسة جديدين. وقد أعلنت طهران عن استعدادها لقيادة فصل جديد، ومختلف في العلاقات مع الإمارات، من خلال الابتعاد عن التوجه نحو الهيمنة، وتبنّي منظور تنافسي نحو التفاعل الاقتصادي، ومنح دول الجوار الجغرافي أولويّةً في التعاون الاقتصادي، بوصف ذلك مدخلاً نحو تطوير التعاون الشامل.
وللأسف، فإن فهم قدرات دولة الإمارات العربية المتحدة وإمكاناتها ومكانتها، ليس مجهولاً لدى عامة الناس في إيران فحسب، بل أيضاً لدى النخب، والشخصيات السياسية، وحتى الشعب الإيراني. وللأسف أيضاً، فقد تشكّلَ مفهومٌ خاطئٌ لدى البعض في طهران، نتيجة محاولات البعض تصوير اقتصاد دولة الإمارات وثروتها على أنهما “فقاعة أو غرفة زجاجية ضعيفة”. وهذه من دون شكّ معلومات خاطئة، ومخالفة للواقع الميداني، لكنّها دفعت بعض القرارات المتعجّلة، وأدّت إلى تقليص أولوية التعامل مع الإمارات، أو التوجه المعاكس نحو محاولة المساس بالمصالح السياديّة، والاستقلال السياسي لهذه الدولة. ومن أجل حل هذه المشكلة والتعريف بدقة بقدرات دولة الإمارات وإمكاناتها، للشعب الإيراني، يتعيّن بذل مزيد من الجهود الإعلامية، والتواصل الثقافي، وغيرها من المبادرات المماثلة.
المصدر : https://epc.ae/ar/details/brief/namudhaj-alqua-al-imarati-fi-nizam-iqlimin-waalami-muteddid-alatraf-manzur-min-iran