جواد العطار
مرت 25 تشرين الاول من هذا العام مختلفة تماما عن العام الماضي… فالتظاهرات التي ملئت الشوارع والساحات جاءت هذا العام خافتة مقننة تفتقر الى الاعداد الكبيرة والشعارات الرنانة ومطالب السقف العالي لعدة اسباب منها: تلبية اهم مطالب المتظاهرين اولا؛ في اسقاط الحكومة السابقة واقرار الانتخابات المبكرة. وثانيا؛ الخلاف والانشقاق بين صفوف المتظاهرين السلميين ودعاة التطرف والعنف في مواجهة القوات الامنية. وثالثا؛ وهو العنصر الاهم المتمثل في انتشار وباء كورونا وعزوف اغلب الناس عن الالتحاق بالتجمعات التي لا تلتزم بالإجراءات الوقائية. ورابعا؛ تبوأ بعض قادة التظاهرات مناصب رفيعة في حكومة الكاظمي كان سببا في مهادنتها والتعاون معها.
الاسباب اعلاه ادت الى انفضاض وانسحاب اغلب المتظاهرين من الساحات ورفع الخيام من ساحة التحرير معقل التظاهرات ومركزها الرئيسي وفتح الطرق امام السيارات من ساحة الخلاني الى ساحة النصر ببغداد مرورا بنفق التحرير بعد يومين فقط على ذكرى عام من انطلاقها بسبب خيبة الامل على الجهود التي ضاعت في التهيئة للمناسبة والتي استمرت لأكثر من شهر بذل فيها المنظمون جهودا وعقدوا آمالا كبيرة على التحشيد هذا العام اكثر مما سبق.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل انتهت التظاهرات؟ ام انها ستبقى وتستمر الى تندثر؟ وهل يمكن ان تعود مرة اخرى بعد اشهر او اعوام اقوى مما كانت عليه العام الماضي؟.
كل شيء وارد في عالم المتغيرات والمفاجئات، خصوصا اذا لم تأتي الرياح بما لا يشتهي الشباب… لذا ونحن مقبلين على ازمة اقتصادية خانقة يجب ان نسعى حتى لا تتكرر مآسي العام الماضي التي عطلت اغلب الحياة العامة وراح ضحيتها المئات من الشباب والقوات الامنية على حد سواء وكانت سببا في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي فاقم من ازمات البلد اكثر مما حلها. عليه يجب ان نسعى الى التالي:
1. العمل بجد الى الاستماع وعن قرب الى الشباب آمالهم وتطلعاتهم اوجاعهم ومشاكلهم ومحاولة وضع الحلول الناجحة لها، وهذه مسؤولية تتحملها الحكومة والقوى السياسية.
2. ضمان اجراء الانتخابات المبكرة في موعدها والحفاظ على نزاهتها وشفافيتها، وهذه مسؤولية تتقاسمها الحكومة ومفوضية الانتخابات والبرلمان في اقرار قانون المحكمة الاتحادية.
3. توفر الارادة السياسية الجادة في تغيير بوصلة العمل السياسي من خدمة الحزب والذات الى خدمة الوطن والمجموع، وهذه مسؤولية كل ذوي المناصب الرفيعة والوزراء والموظفين من اعلى سلم المسؤولية الى ادناها.
4. تغيير الوجوه في كافة مفاصل الدولة والبرلمان، وهذه مسؤولية يتقاسمها المواطن والقوى المرشحة للانتخابات… فيفترض بالمواطن الناخب ان لا يكرر اختيار ذات الوجوه والجهات ويفترض بالقوى السياسية ان تبث دماء جديدة في العملية السياسية تختلف عن الوجوه المخضرمة منذ عام 2003 والى اليوم.
5. القضاء على الفساد بتأييد ومساندة خطوات اجتثاثه، وترك الخلاف السياسي البيني في موضوع الفساد لأنه وجه آخر من وجوه الارهاب اخطر وادهى يجب على الجميع مكافحته لأنه عدو لدود يعمل بيننا ويهدم كل ما يبنى.
اذن الخطوات اعلاه هي خارطة طريق يتحمل مسؤوليتها البرلمان والحكومة والقوى السياسية والمواطن ايضا، فالكل يتحمل مسؤولية ما جرى في تشرين الاول من العام الماضي حتى المواطن نفسه الذي تظاهر. لذا وحتى نضمن ان مشهد العام الماضي لا يتكرر مجددا واقوى مما كان لا سامح الله، يجب ان نعمل سويا للخروج من الازمة السياسية بانتخابات مبكرة حرة عادلة ونزيهة حتى نتهيأ لمواجهة الازمة الصحية والاقتصادية. وبعكس ذلك فإننا نسير الى ما لا يحمد عقباه ونهاية التظاهرات لا تعني عودة الامور الى ما كانت عليه قبل تشرين الاول 2019.
رابط المصدر: