تؤدي سياسات المناخ دورًا حاسمًا -على ما يبدو- في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية 2024 والتي يخوضها الرئيس جو بايدن رغم الجدل المثار حول صحته العقلية.
ويواجه بايدن، 81 عامًا، اتهامات بضعف الذاكرة بعد تعرضه لعدد من المواقف المحرجة التي خانته فيها ذاكرته وأخطأ في أسماء بعض رؤساء الدول، لكنه يؤكد دائمًا أن قواه العقلية في حالة جيدة.
ويُعرَف بايدن بتأييده جهود تحول الطاقة، ونجح في أن يرسّخ الانطباع بأذهان الناخبين الأميركيين، وهو ما يحاول سلفه دونالد ترمب استغلاله لصالحه خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، عبر تقليب قطاع الوقود الأحفوري على الرئيس الحالي.
وما قد يدعم موقف بايدن في الانتخابات هو ميول أغلب الناخبين إلى تفضيل مرشح على وعي بشؤون المناخ وسياساته، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتستهدف إدارة بايدن إنتاج 25 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة البرية على الأراضي الفيدرالية بحلول أواسط القرن الحالي (2025).
قلق مناخي
أظهرت دراسة مسحية أجراها مركز التقدم الاجتماعي والبيئي بجامعة كلورادو الأميركية أن القلق إزاء سياسات المناخ كانت له آثار كبيرة في خيارات الناخبين خلال آخر دورتين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، وفق ما نشره مركز الأبحاث زينودو (Zenodo).
يأتي هذا رغم أن أقل من 5% من المشاركين في استبيان منفصل أجراه مركز غالوب الأميركي لاستطلاعات الرأي في 2023 و2024 قالوا إن تغير المناخ هو أخطر معضلة تواجه الولايات المتحدة الأميركية.
وأشار المسح إلى أن سياسات المناخ ربما كان لها أثر كافٍ في تغيير نتيجة انتخابات عام 2020 لصالح جو بايدن.
تغير المناخ والانتخابات
حلّل المسح العلاقات بين آلاف الناخبين الذين اختاروا الرئيس في آخر دورتين من الانتخابات الرئاسية وبين تركيبتهم السكانية الخاصة وآرائهم بشأن 22 قضية مختلفة؛ بما في ذلك تغير المناخ.
وطلب المسح من الناخبين تقييم أهمية تغير المناخ عبر 4 خيارات: “غير مهم”، أو “ليس مهمًا جدًا”، أو “مهم إلى حد ما” أو “مهم جدًا”.
وفي عام 2020، صنّف 67% من الناخبين تغير المناخ على أنه “مهم إلى حد ما” أو “مهم جدًا”، صعودًا من 62% في عام 2016، وفق بيانات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن بين هؤلاء الناخبين الذين يصنّفون تغير المناخ على أنه “مهم”، دعم 77% بايدن في انتخابات 2020، بزيادة من 69% دعّموا وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون في عام 2016.
ويشير هذا إلى أن الآراء ذات الصلة بسياسات المناخ قد منحت الديمقراطيين ميزة انتخابية حاسمة.
بايدن وترمب
يمتلك الرئيس جو بايدن وسلفه الجمهوري دونالد ترمب سجلّات مختلفة جدًا بشأن سياسات المناخ، وسياسات مختلفة كذلك حول البيئة.
وسبق أن وصف ترمب تغير المناخ بأنه “خدعة”، وفي عام 2017 سحب ترمب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ 2015، والتي تلزم الدول قانونيًا بتقليص انبعاثات غازات الدفيئة، قبل أن يأتي بايدن في عام 2021 ويلغي قرار ترمب بشأن الاتفاقية.
كما تراجع ترمب، خلال وجوده في منصبه، عن 125 لائحة تنظيمية وسياسة بيئية تستهدف حماية الهواء والماء والأرض والحياة البرية في البلاد، بحجة أن هذه القواعد تضر الشركات.
في المقابل أعاد بايدن العمل بالعديد من تلك اللوائح، بل إنه أضاف العديد من القواعد واللوائح الجديدة، من بين ذلك مطالبة الشركات بالكشف علنًا عن انبعاثات غازات الدفيئة الخاصة بها.
كما وقّع الرئيس الديمقراطي 3 قوانين رئيسة تتيح كل منها تقديم عشرت المليارات من الدولارات في شكل إنفاق سنوي لمواجهة تغير المناخ، علمًا بأن اثنين من تلك القوانين كانا يحظيان بدعم الديمقراطيين والجمهوريين.
أكبر مُنتِج للنفط والغاز
أصبحت الولايات المتحدة الأميركية أكبر مُنتِج للنفط والغاز في العالم، وكذلك أكبر مصدر للغاز الطبيعي في عهد ترمب.
وفي حملته الرئاسية الحالية، تعهد دونالد ترمب بإلغاء الدعم المخصص للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري محليًا إلى جانب التراجع عن اللوائح البيئية.
ويختلف الرأي العام بشأن سياسات مناخية معينة أقرها بايدن، لكن يظل اتخاذ خطوات ملموسة بشأن تلك القضية أكثر إيجابية من عدم اتخاذها على الإطلاق.
فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع أجرته جامعة ييل في نوفمبر/تشرين الثاني (2023) أن 57% من الناخبين يفضّلون المرشح الذي يدعم العمل على مكافحة ظاهرة الاحترار العالمي على المرشح الذي يعارض تلك الجهود.
انتخابات 2024
وجد المسح أنه خلال المدة التي تخللت الانتخابات الرئاسية التي جرت في عام 2016 ونظيرتها في عام 2020، صارت سياسات المناخ تهم الناخبين، كما أصبحت الأهمية التي يمنحها الناخبون إلى تلك القضية مؤشرًا ينبئ بالتصويت لصالح الديمقراطيين.
وحال استمرت تلك التوجهات، يمكن أن تمنح التغيرات المناخية ميزة انتخابية للديمقراطيين في عام 2024، غير أن هذا لا يعني بالضرورة أن المرشح الديمقراطي سيحسم انتخابات 2024.
فسبق أن أظهرت دراسات مسحية مماثلة أن سياسات المناخ منحت الديمقراطيين ميزة في عام 2016، ومع ذلك حسم ترمب تلك الانتخابات بفضل قضايا أخرى.
وتبرز الهجرة -حاليًا- القضية الأولى بالنسبة لعدد كبير من الناخبين، وتشير استطلاعات الرأي الوطنية الأخيرة إلى أن ترمب يتقدم -حاليًا- في السباق الرئاسي لعام 2024 على بايدن.
ورغم أن أغلبية الناخبين يفضّلون -الآن- مواقف الديمقراطيين المناخية؛ فلا ينبغي أن يؤخذ هذا الأمر حقيقةً مسلّمًا بها دائمًا؛ فعلى سبيل المثال، يخاطر الديمقراطيون بخسارة ثقة الناخبين عندما تفرض سياساتهم تكاليف اقتصادية، أو عند وصفهم بكونهم مناهضين للرأسمالية، أو حتى عنصريين.
في المقابل تحظى بعض سياسات المناخ التي يدعمها الجمهوريون، مثل محاولة تسريع مشروعات الطاقة المتجددة، بشعبية كبيرة.
المصدر : https://attaqa.net/2024/03/19/%d9%87%d9%84-%d8%aa%d9%86%d9%82%d8%b0-%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d8%ae-%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9-%d8%a8%d8%a7%d9%8a%d8%af%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7/