إعداد: عمرو سليم (مدير المستقبل للدراسات الإعلامية والسياسية – عضو التحالف العالمي للشراكات في مجال الإعلام GAPMIL التابع لمنظمة اليونسكو)
دستور عالمي يجمع دول العالم على السلام والاستقرار والتعاون من أجل رفاهية البشر ومنع الحروب والصراعات .. ذلك كان الهدف الرئيسي من اجتماع اشترك فيه عدد من قادة دول العالم في 24 أكتوبر 1945 بمدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، بعد ان خرجت العديد من و دول العالم مثقلة بالأعباء و مرهقة من ويلات الدمار الذي سببته الحرب العالمية الثانية فقرروا ان يضعوا نقطة ويدشنون منظمة الأمم المتحدة لتكون بديلة عن عصبة الأمم التي لم تؤدي الغرض المنشأة من أجله، وأثبتت فشلها في تحقيق السلم ومنع انتشار الأسلحة حول العالم، وتسوية المنازعات الدولية عبر المفاوضات والتحكيم الدولي، مما جعل الحاجة لمنظمة بديلة تلعب الدور العالمي في حفظ الامن والسلم الدوليين أمر لا غني عنه، لذلك تم الإعلان وقتها عن ميلاد منظمة الأمم المتحدة.
آمال عريضة
تشعبت منظومة عمل وانتشرت بعثاتها الرسمية عبر العديد من دول العالم ووسعت عضويتها لتشمل حوالى 193 دولة أي معظم الدول المستقلة، مع امتداد العديد من أذرعها الأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتنموية كذلك الاقتصادية للأمم المتحدة المنبثقة من أجهزتها الرئيسية وهي الجمعية العامة ومجلس الأمن والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوصاية ومحكمة العدل الدولية والأمانة العامة للأمم المتحدة، ليتفرع منها عدد من البرامج والصناديق والمفوضيات والوكالات المتخصصة التي تعمل بالتعاون مع المنظمة الأم في تحقيق أهدافها وتنفيذ بنود ميثاقها.
لنري في النهاية اجتماعات قمة وندوات ومؤتمرات دولية ومناقشات دبلوماسية وسياسية وسط خلية نحل تعمل ليل نهار من أقصي شمال لجنوب الكرة الأرضية، ليشكل ذلك المشهد صورة المنظمة التي من المفترض ان تدير شئون العالم، وتعمل على تحقيق ميثاق المنظمة التي وقعت الدول الأعضاء عليها، وتعهدت باحترامها، بداية من حفظ السلم والأمن الدوليين وتسوية المنازعات سلمياً حتى تحقيق تعاون دولى بين الدول الأعضاء، مع العمل على تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لجميع سكان كوكب الأرض بدون أي تمييز، إلا ان الواقع يشهد عكس ذلك تماماً، فتزايدت النزاعات والصراعات بين الدول وانتشر التطرف والإرهاب والمجاعات والأزمات الإنسانية، وتراجع دور القوي الكبري في تحقيق التعاون الاقتصادي وتسوية النزاعات سلمياً ليحل محلها العديد من الحروب والصراعات الدموية التي شهدت تزايداً ملحوظاً خلال عام 2019 مثل أزمات اليمن وأفغانستان والعراق والساحل الإفريقي، وتزايدت العمليات الإرهابية التي تضرب القارة الإفريقية خاصة منطقة الساحل فضلاً عن اضطرابات منطقة البحيرات العظمي التي مازالت مستمرة حتى الآن، بجانب الصراعات المستمرة في سوريا وليبيا وجنوب السودان وميانمار، واخيراً دخول الصين بأزمة الإيجور على خط الأزمات الدولية، ليقف العديد من المواطنين فضلاً عن سياسيين وصحفيين متسائلين عن الدور الغائب للأمم المتحدة الذي من المفترض ان يظهر بقوة على الأرض ليتدخل ويضع حد فاصل في تلك الصراعات التي لن ينتح عنها سوي التدمير والقتل وملايين النازحين والمهجرين حول العالم.
فقدان الثقة
مع تزايد الأزمات الدولية وتشعبها وتحول العديد منها الصراعات المسلحة نتج عنها كوارث إنسانية مثل سوريا واليمن وليبيا الذين يتحولوا لحلبات صراع دولية تتنافس فيها القوي الكبري على السيطرة ودعم الجبهات المؤيدة لمصالحهم، وسط سقوط مئات ألاف من القتلي والمصابين من النساء والأطفال والشيوخ والرجال وهدم منازل وتدمير المنشآت، تحت مرآي ومسمع من عشرات وسائل الإعلام الدولية وتصريحات مسؤولى الأمم المتحدة التي تكتفي بالتنديد والقلق والمناشدة للأطراف المعنية أو جلسات مجلس الأمن التي تلعب فيها دول الفيتو لعبة الكراسي الموسيقية لتحقيق مصالح خاصة بغض النظر عن الكوارث الإنسانية وحجم الدمار المحقق على الأرض، ولم تغلق الستارة المأسوية عند ذلك الحد بل وسط كل ذلك تعددت مشاهد انتهاكات حقوق الإنسان وتزايد القيود المفروضة على حرية الرآي والتعبير والعمل الصحفي، فضلا عن حرمان العديد من المواطنين حول العالم من حقوقهم المعيشية الأساسية مع ان الأمم المتحدة قد اعتمدت العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في ديسمبر عام 1966، الذي يقر ويؤكد على حق جميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة ، وحقوق متساوية وثابتة، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، وعلى أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، أي انه من المفترض ان تقوم الدول الأعضاء في الامم المتحدة والموقعة على الميثاق والعهد الدولى بتنفيذ تلك التعهدات على أرض الواقع والإلتزام بها أو على الأقل بالأساسيات التي تضمن ذلك، إلا ان الواقع يجعل العديد من المواطنين يبدون بالغ استغرابهم من ذلك المشهد الذي يثير الحيرة والتعجب من الدور المفترض ان تقوم به الأمم المتحدة في حفظ الأمن والسلم في العالم بصفتها كالشرطي العالمي حامي الحقوق والحريات ومكافح الجريمة والصراعات.
إصلاح الأمم المتحدة
وسط ذلك المشهد العبثي الذي يضرب كوكب الأرض من شماله لجنوبه وضعف ثقة المواطنين بالعديد من جوانب النظام العالمي، نجد ان هناك العديد من الأصوات عبر العالم بدأت تنادي بقوة لإصلاح الأمم المتحدة لتأخذ شكل أكثر جدية وواقعية في تسوية الأزمات، والتدخل لمواجهة الأزمات الإنسانية بشكل أكثر واقعية على الأرض لتسمح بدور أكثر فعالية في حماية النظام العالمي الذي بدأ يتأثر بقوة من الصراعات بين الدول والتكتلات التي تصارع بعضها البعض أو تلتهم الدول الصغري بدون أي رحمة أو شفقة، ومن أبرز وأحدث الأصوات التي خرجت خلال الفترة البسيطة الماضية لتؤكد ان هناك نوايا جادة لذلك الإصلاح والتطوير هو ما أشار إليه المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر “ريتشارد ديكتس”، حين قال: “إننا في رحلة معا.. رحلة لتنفيذ قرار الجمعية العامة للشروع في أكبر عملية إصلاح لمنظومة الأمم المتحدة الإنمائية في التاريخ”.
وإذا عودنا بالذاكرة فسنجد إنه قد بدأت بالفعل أولي المحاولات الجدية لإصلاح الامم المتحدة في عام 1963عندما زاد عدد أعضاء مجلس الأمن غير الدائمين من 6 إلى 10 أعضاء، كما زاد عدد أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي مرتين (في عامي 1963 و 1971)، فضلا عن انه قد ظهرت محاولات جديدة بعدها للإصلاح استؤنفت في عام 1975 حيث تم تشكيل لجنة خاصة لميثاق الأمم المتحدة لتعزيز دور المنظمة، كما قدم الأمين العام للأمم المتحدة وقتها “بطرس غالي” في عام 1992رؤية لإصلاح المنظمة لتجديد دمائها وتنشيط دورها العالمي، واشتملت الرؤية التي قدمها “غالي” لإصلاح مجلس الأمن والتي حملت عنوان “خطة للسلام” على مجموعة مفاهيم منها الدبلوماسية الوقائية وصنع السلام وحفظ السلام وبناء السلام، كما انه في عام 1993 تم مناقشة مسالة الانصاف في التمثيل وعضوية مجلس الأمن وما يختص بذلك ويؤثر عليه من قضايا دولية في محاولة جديدة لإصلاح مظنومة العمل داخل المجلس.
أما في عام 2006 قدم الامين العام للأمم المتحدة وقتها “كوفي عنان” تقرير حمل عنوان “الاستثمار في الأمم المتحدة: من أجل منظمة أقوى”، وناقش التقرير مقترحات “عنان” لتحسين قدرة المنظمة على الانتشار وإدارة عمليات حفظ السلام، وقد حث “عنان” جميع الدول على التحرك الجدي في ذلك الإطار باعتبارها فرصة قد لا تعوض قائلا “إن هذه فرصة، ربما لن تتكرر مرة أخرى، لتحويل الأمم المتحدة إلى منظمة قادرة وفعالة على مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين”.
تعددت بعدها أصوات فردية من جانب بعض الدول للمناداة بضرورة التحرك لإصلاح المنظمة، ونري ذلك بوضوح في دعوة “ليو تشن مين” نائب الممثل الصيني الدائم لدى الأمم المتحدة في عام 2008 خلال مطالبته أمام جلسة الجمعية العامة بضرورة إصلاح مجلس الأمن وإعطاء الأولوية لزيادة تمثيل البلدان النامية وخاصة الدول الأفريقية، وفي ذات السياق أعلن رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس الاتحاد الروسي “قنسطنطين كوساتشيوف” في عام 2018، أن موسكو مستعدة للتعاون مع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فيما يتعلق بملف إصلاح المنظمة، ودعا ان يكون التغيير مبتكراً وملموساً، كما ظهر ذلك ايضا واضحا في الاقتراح الفرنسي عام 2013 الذي دعا إلى ضبط اللجوء لحق النقض في حال إرتكاب الفظائع الواسعة النطاق، وأعلنت فرنسا تاييدها لمبادرة إصلاح عمليات حفظ السلام التي استهلها الأمين العام للأمم المتحدة لكي تتمكّن من تحقيق أهدافها، وأكد على ذلك الرئيس الفرنسي ماكرون في عام 2018 حينما قال “أتطلّع إلى أن تصبح منظمة الأمم المتحدة أكثر مسؤولية وفعالية ومرونة وإني أؤيّد بالكامل مشروع الأمين العام للأمم المتحدة وأدعم طموحه وعزيمته على تعزيز المنظمة لكي تتمكّن من التصدي للتحديات العالمية.”
وفي يناير ،2017 قدم الأمين العام “أنطونيو جوتيريش” مقترحات لإصلاح الأمم المتحدة منذ بداية ولايته من أجل تنفيذ تغييرات أساسية في مجالات التنمية والإدارة والسلام والأمن.
الولايات المتحدة والإصلاح
أما الولايات المتحدة الأمريكية فكان موقفها يختلف في عهد الرئيس “أوباما” عن نظيره “ترامب”، ففي يناير 2012 أعلنت أمريكا عن طريق “جو تورسيلا” ممثلها لدي الأمم المتحدة للإدارة والإصلاح خطتها المكونة من أربعة أجزاء لإصلاح المنظمة من خلال 4 محاور رئيسية تتمثل في (التطوير والإصلاح ،المساءلة ،النزاهة ،والتميز)، الذي وجه وقتها انتقاد قوي لمنظومة العمل بالأمم المتحدة قائلا ” أنظمة الإدارة داخل المنظمة قد عفا عليها الزمن، ولم يعد بها سوي القليل من الشفافية والمساءلة، والنفايات المذهلة للعقل”، أما في عهد الرئيس الأمريكي الحالى “دونالد ترامب” فقد اختلف الامر بصورة كبيرة حيث صرح بأن “المستقبل لا ينتمي للمنادين بالعولمة، بل ينتمي إلى الوطنيين” في دعوة منه إلى الإنغلاق والاهتمام بالأداء المحلى الداخلى على حساب المشاركة الدولية والتعاون العابر للحدود، وهوما ظهر بشدة خلال كلمته أمام الجمعية العامة في 24 سبتمبر 2019، والتي ذكر فيها إنجازات إدارته الاقتصادية الداخلية متجاهلا الحديث عن أي دور للمنظمة في القضايا الدولية أو إصلاح وتطوير منظومة العمل داخل الأمم المتحدة لتفعيل دورها العالمي.
وكان البعض قد اتهم الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة على مقاليد الأمور بالمنظمة بل بتوجيهها بحسب مصالحها الخاصة لتكون المنظمة بمثابة ذراع جديدة تستخدمها أمريكا لمساندة خططها وأهدافها حول العالم، بما ان واشنطن تمول وحدها حوالى 22% من الموازنة العامة للأمم المتحدة، وحوالي 27% من مهمام حفظ السلم، ليشبه الكاتب “على حسن باكير” ذلك المشهد بان الأمم المتحدة أصبحت مثل قسم تابع لوزارة الخارجية الأمريكية، وأحيانا وزارة الدفاع البنتاجون، ليؤكد انه لن يكون هناك اي إصلاح حقيقي لمنظومة العمل داخل المنظمة إلا بتحرك أمريكي جاد وفعال نحو ذلك الغرض.
تغرات تهدد عمل المنظمة
من أبرز الثغرات التي تهدد منظومة العمل داخل الأمم المتحدة هي سيطرة القوي الكبري على إتخاذ القرارات داخل المنظمة، فضلا عن ان الدول ذات حق “الفيتو” تمثل القوي الكبري ولا نري أي تمثيل للدول النامية بمختلف تنوعاتها، لتضع بذلك عملية إتخاذ القرارات المصيرية داخل المجلس في يد 5 دول دول كبري فقط بل يمكن ان تعترض أحدي الدول كما يحدث في معظم الأحوال – نري ذلك بوضوح وبشكل متكرر عند مناقشة ما يخص الأزمات السورية والليبية والفلسطينية واليمنية – ليبقي الوضع عما هو عليه ويعود الأمر للوضع صفر نتيجة مصالح بعض الدول، وعلاقاتها التي تعمل على إرضاء وحماية من يحمي تلك المصالح بغض النظر عن الهدف الأساسي للمجلس وهو حماية السلم والأمن الدوليين، وكان لذلك بالغ الأثر في إضعاف ثقة العديد بالمنظمة نظراً لما يشاهدوه أمامهم من تحولها لما يشبة “خيال الماتة” الذي يقف ثابت لا يتحرك أو يتفاعل مع أي شىء .. بل انه وجود شكلى فقط، لتتحول الوثائق والمعاهدات والعهود التي وقعت عليها العديد من الدول الأعضاء داخل أروقة المنظمة لأرشيف أوراق تذكارية، فمن ينظر لعمليات القتل اليومية في اليمن وليبيا وسوريا – الذي يحدث نتاج صراع القوي الكبري الأعضاء بالأمم المتحدة – يدهشه ان المنظمة تكتفي بالإعراب عن القلق والدعوة لوقف العنف والمناداة والمناشدة، ليتسائل البعض عن مدي جدوي وجود المنظمة التي هدفها الأساسي تسوية المنازعات سلميا والحفاظ على السلم والأمن الدوليين!!
تجربة رمزية
شخصياً اختلف جزئياً في الطرح السابق للكاتب “على باكير” لأن المصلحة هى التي تحرك الدول، واذا تم وضع رؤية توافقية بين القوي الكبري أو على الأقل بها جزء يكون مسار مشترك بين جميع الأعضاء يقوم على خدمة مصالح الجميع وتحفيزهم اقتصاديا وسياسيا، سيصبح من المرجح وقتها رؤية تحرك جدي على الأرض ونشاط واقعي يخرج من إطار التصريحات الدبلوماسية وموائد المؤتمرات والندوات والمناقشات والتقاط الصور أمام وسائل الإعلام، والتي أصبح البعض يشبه ذلك المشهد بإعادة عرض مسلسل عدة مرات، ليمل الجميع من متابعته أو حتى الاهتمام به.
لذلك أري ان الاهتمام والتفاعل العالمي الآن مع أهداف التنمية المستدامة التي يمكن اذا تم التعامل معها بجدية اكثر بعيدا عن التصريحات الاعلامية الرنانة، يمكن ان يكون بمثابة فرصة ذهبية لإعادة طرح فكرة إصلاح الأمم المتحدة بشكل أكثر جدية وتوافقا بين الدول الاعضاء، بشرط وجود نية لدي القوي الكبري لذلك الإصلاح والتطوير الذي سيعود بالنفع على مصالحها حول العالم، من سلام وتنشيط تعاون اقتصادي وتبادل تجاري، فضلا عن حماية ممراتها التجارية ومصادر مواردها الاقتصادية المختلفة حول العالم.
دعونى أطرح عليكم مبادرة شخصية قمت بها مؤخرا قد تقترب من ذلك الإطار، فقد قدمت مقترحاتى بالنيابة عن مؤسستي قبل إنعقاد المنتدي العالمي السياسي رفيع المستوي للأمم المتحدة 2019 من خلال مجموعة العمل وكسب التأييد التابع للمنتدي، وايضا مجموعة المنمظمات NGO من أجل وضع ما يؤكد على ضرورة المساءلة والمحاسية على تحقيق التقدم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في ورقة الموقف المقدمة للمناقشة داخل المنتدي، وجدت بالفعل في مسودة الوثيقة المنبثقة عن المنتدي قد تحقق ما تم المطالبة به، كما قدمت مقترح لإنشاء لجنة جديدة تابعة للتحالف العالمي للشراكات في مجال الإعلام ومحو الأمية المعلوماتية (GAPMIL) –المنبثق من اليونسكو- لتكون أداة مع فكر ورؤية جديدة تساهم في تطوير العمل الإعلامي داخل التحالف بما يعود بالنفع العام على الإعلام الدولي، ووجدت بالفعل مرونة ترحيب ومتابعة جدية للفكرة، وهو ما يؤكد ان عملية الإصلاح والتطوير يمكن ان تأتي من خلال العديد من الأطراف الفرعية ولا يشترط ان تبدأ من القمة، وان فكرة المصالح العالمية المشتركة يمكن ان تكون بوابة ذهبية بالتوازي مع الاهتمام الإعلامي الدولى بالتنمية المستدامة لتحقيق ذلك الإصلاح، لنطمئن بان هناك أمل لوضع خطط وتنفيذ إصلاح وتطوير حقيقي لمنظمة الأمم المتحدة، خاصة مع تزايد التحديات التي ربما تهدد الكوكب بأكمله، وتجعل الإنسانية في خطر جدي خلال المستقبل القريب.
الخلاصة
تزايدت الصراعات والنزاعات الدولية وتضخمت التحديات التي تواجه دول العالم ليتحول بعضها إلى عقبات كبري ربما تهدد النظام لعالمي بأكمله مثل أزمة تغير المناخ والإرهاب والصراعات المسلحة، إلا انه بالرغم من كل تلك التحديات لا نكاد نري دور حاسم للأمم المتحدة على الأرض نتيجة بعض التعقيدات السياسية، وتشكيل موازين القوي داخل المنظمة، ليتلخص دورها في بيانات الشجب والإدانة والإعراب عن القلق، وسط معاناة ملايين من المواطنين من الحروب والأزمات الإنسانية المختلفة، وهو ما يجعل من الضروري تفعيل الدور العالمي لمنظمة الأمم المتحدة، خاصة فيما يخص حفظ الأمن والسلم الدولييين، وتحقيق تعاون سلمي بين مختلف دول العالم يفيد البشرية وينفعها، ولن يتأتي ذلك إلا من خلال إجراء سلسلة من الإصلاحات الجوهرية المؤثرة داخل المنظمة خلال المستقبل القريب.
التوصيات:
1- يفضل ان تستعين الأمم المتحدة بخبراء مستقلين لإعداد مخطط مبدئي من أجل إصلاح المنظمة يقوم على تفعيل التعاون الاقتصادي والثقافي بين مختلف الدول بلا استثناء خاصة بين الدول المتصارعة أوالمتنازعة، وايضا تنشيط خطط المنظمة للتبادل التجاري واتفاقيات التعاون الإنمائي والاقتصادي.
2- لا ينبغي ان يتم الانتظار حتي يأتي الإصلاح من الأعلى، فيمكن ان تبدأ المنظمة بمناقشة المقترحات والأفكار الخاصة بالتطوير والإصلاح من المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة، والمجتمع المدني والخبراء المستقلين.
3- ضرورة الاهتمام بالعنصر الإعلامي وتدشين حملات عبر وسائل الإعلام المختلفة، والسوشيال ميديا لتفعيل خطة الإصلاح، وكذلك دفع ضغط عالمي على الحكومات الأعضاء للتحرك في ذلك الإطار.
4- التعاون من أجل الإصلاح سيبدأ من مناقشة وتفعيل نفاط المصلحة المشتركة بين الدول، مع ربطها بالجانب الإصلاحي، أي التحرك نحو الإصلاح من خلال اتفاقيات تحفيزية للدول لتحقيق تعاون اقتصادي متنوع وتبادل تجاري يقوم على المنافع المتبادلة.
5- من الطبيعي ان تواجه المنظمة تعارض مصالح بين الإصلاح والتطوير وبين مصالح البعض، كذلك من المتوقع مواجهة بعض حملات المعارضة والتعقيدات السياسية، لذلك يجب ان تكون الأمم المتحدة صريحة بشكل كاف مع المجتمع الدولي بشأن، تلك التعقيدات وأطرافها وان تعمل على تحفيز المصالح المشتركة تجنباً لأي تعارض بين أعضاء الأسرة الدولية.
6- الإصلاح يجب ان يكون شامل يتناول كافة الجوانب داخل المنظة مثل مجلس الأمن، وايضا القوانين وما يحد من سلطات الأمم المتحدة ويعوق عملها الخاص بتسوية الصراعات أو مواجهة الأزمات الإنسانية.
7- الروتين قد يعيق الكثير من مخططات الإصلاح، لذلك يفضل ان تبتعد المنظمة عن بعض الإجراءات الروتينية وتكون اكثر وضوحا وشفافية مع الرأي العام العالمي، الذي ينتظر تحرك جدي من جانب المنظمة لتسوية العديد من ملفات الصراع المشتعلة.
8- اهتمام الأسرة الدولية بأهداف التنمية المستدامة يعتبر الفرصة الذهبية لمناقشة خطط الإصلاح وربطها بتلك الأهداف.
9- لا يشترط ان يكون الإصلاح على مرحلة واحدة ولكن … يمكن ان يأتي على عدة مراحل معلنة وفق مخطط وجدول زمني محدد ومعلن عنه، لتمهيد الأمر أمام أعضاء الأسرة الدولية، وليتمكن الجميع من معرفة خطط الإصلاح والتطوير بشفافية معلنة، ليكون أمل جديد لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة.
10- بعد ان تقوم الأمم المتحدة بتحقيق توافق مبدئي على الأقل على مبدأ الإصلاح ، يمكن ان تقوم المنظمة بتنظيم مؤتمر دولي لمناقشة خطط كل دولة نجو ذلك الأمر، وان يكون المؤتمر معلن مباشرة أمام وسائل الإعلام والرأى العام العالمي، يعقبه تصريح ومؤتمر صحفي يتحدث فيه مسؤولي المنظمة عن المناقشات، وما توصلت إليه من نتائج بكل شفافية ووضوح.
References
1- Ali Baker, UN reform … a failed attempt to revive the dead, CIA website, 7 April 2005.
2- Annan reports on United Nations reform, UN news, 7 March 2006.
https://news.un.org/ar/story/2006/03/50872
3- China calls for progress in UN reform by looking for the broadest possible consensus, People’s Daily Online, 7 Oct 2008.
http://arabic.people.com.cn/31664/6510762.html
4- International covenant on civil and political rights, the University of Minnesota.
http://hrlibrary.umn.edu/instree/b3ccpr.htm
5- Kosachev: Russia is ready to participate in the reform of the United Nations, Sputnik News, 23 April 2018.
6- Natalino Ronzitti, the Reform of the UN Security Council, Istituto Affari Internazionali, July 2010.
https://www.iai.it/sites/default/files/iai1013.pdf
7- Embassy of France in Muscat 7- Seventy-third session of the United Nations General, Assembly, 25 Sep 2018.
8- Speech of the United Nations Resident Coordinator in Egypt, Mr. Richard Dictus, on the occasion of United Nations Day, UNIC, OCT 2019.
9- STEWART M. PATRICK, Obama’s 4-Part Plan to Fix the United Nations, the Atlantic, 24 JANUARY 2012.
https://bit.ly/37vldJt
10- Ten conflicts to Worry About in 2019, Relief Web, Feb 2019.
11- United to Reform
12- US President Trump says countries have ‘absolute right’ to protect their borders, UN News, 24 Sep 2019.
https://news.un.org/en/story/2019/09/1047252
https://news.un.org/ar/story/2019/09/1040172
13- United Nations website
https://www.un.org/ar/about-un/index.html
رابط المصدر: