بلدان المنطقة كالأواني المستطرقة في التأثير السياسي والامني، بمعنى أن استقرارها يعتمد على نسب ازدياد أو انخفاض التوتر في المنطقة، وهو يجعل الأوضاع في العراق اشبه بمادة قابلة للاحتراق اذ ما اقترب منها المؤثر الخارجي (استمرار التصعيد في لبنان)، الآن ليس امامنا سوى الترقب ولا أحد يمكن ان يتكهن بموطن استقرار كرة النار…
اعتدنا على ان العراق لن يكون بعيدا عن سيناريوهات المنطقة التي تغلي على صفيح ساخن، ومن المتوقع ان يدخل مجبرا الى الصراع الإقليمي الذي وصلت شرارته الى لبنان وفتح ابوابه امام جرحى القصف الإسرائيلي، فهل يدفع العراق ثمن هذا التحرك؟ وهل سيسمح له حلفاءه الغربيين من الذهاب بعيدا في تقديم المساعدات.
العراق ربما هو الأكثر من بين البلدان العربية تعاطفا مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، فعلى المستوى السياسي أعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء، عن وصول 75 طناً من المساعدات والمستلزمات الطبية العراقية إلى لبنان عبر 5 طلعات جوية، تضمنت شحنة لوزارة الصحة وثلاث شحنات لهيئة الحشد الشعبي وواحدة لجمعية الهلال الأحمر.
وكانت الحكومة العراقية أعلنت الإثنين الماضي، عن جسر جوي وبري الى لبنان وتقديم المساعدات الاغاثية والإنسانية له دعماً لشعبه في مواجهة العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أيام وأسفر عن عشرات الشهداء والجرحى.
وعلى مستوى الجهات الدينية فقد دعت مرجعيات دينية الى ضرورة الوقوف مع الشعب اللبناني المظلوم في حربه ضد الكيان المجرم، وعلى خلفية ذلك استقبلت مستشفيات العتبة الحسينية المقدسة اول وجبة جرحى من اللبنانيين، بينما تستعد خلال الساعات المقبلة لإطلاق اول قافلة مساعدات برية تحتوي أجهزة طبية ومواد اغاثية.
اما الفعاليات الشعبية بدأت تأخذ دورها الإنساني عبر البدء بتنظيم حملات لجمع المواد الغذائية من اجل التخفيف عن كاهل الشعب اللبناني، ولا تعرف ما الذي يمكن ان تدفعه من ثمن إزاء هذا الدعم غير المسبوق.
دخول الحشد الشعبي على خط الدعم هو ما يثير القلق ويربك الأوضاع بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية، خصوصا وهي تؤمن بان من يقف وراء المواجهات والردود اللبنانية هي إيران، التي تتبع نظام الحرب بالإنابة وعدم زج نفسها على خط المواجهة المباشرة، ومن اجل ذلك فتحت العديد من الجبهات منها في اليمن وسوريا والعراق ولبنان.
فإرسال الطائرات المسيرة من الفصائل العراقية مباشرة ودون علم الحكومة العراقية ربما تحدث هزات سياسية على المستوى الداخلي العراقي، بين من يريد تجنيب العراق خطر الحرب الإقليمية او الحرب بالإنابة، وبين من يريد ان يقول انه لا يزال محور المقاومة متماسك في مواجهته داخليا وخارجيا.
الاصطفاف من قبل الشعب العراقي مع لبنان في حربه التي بلغت وستصل مراحل متقدمة، ربما كما يحصل في فلسطين او أكثر، يجعل حزب الله في موقف اقوى بكثير من موقف المقاومة الفلسطينية، التي استخدم معها الجيش الإسرائيلي استراتيجية الحصار ومنع وصول المساعدات الدولية، لكن الامر يختلف مع لبنان الذي يحظى بدعم ربما غير مسبوق.
السؤال الأهم هنا، هل ستترك الولايات المتحدة قافلات المساعدة تمر على طريق معبد الى بيروت؟
وهل ستقتصر المساعدات عل المؤن الغذائية ام هنالك اشياء خلف الكواليس؟
كثيرة هي الاستفهامات التي تتطلب إجابات شافية وكافية، تجعل شريحة من الشعب العراقي التي تقف على الحياد ولا ترغب بخروج الوضع الأمني عن السيطرة بحكم الجماعات، تطمأن لما سيجري في الأيام القادمة، خوفا على مصالحها المعيشية واوضاعها الاجتماعية.
الفصائل أعلنت انخراطها المباشر في المواجهة ضد الاعتداء الإسرائيلي، وبالتأكيد هذا الدخول سيجعل كرة النار ستتدحرج الى العراق، لا سيما وان رئيس الوزراء الإسرائيلي أوضح خارطة الدول التي تمثل محور الشر بضمنها العراق، في إشارة الى مساهمات محور المقاومة العراقية.
بلدان المنطقة كالأواني المستطرقة في التأثير السياسي والامني، بمعنى أن استقرارها يعتمد على نسب ازدياد أو انخفاض التوتر في المنطقة، وهو يجعل الأوضاع في العراق اشبه بمادة قابلة للاحتراق اذ ما اقترب منها المؤثر الخارجي (استمرار التصعيد في لبنان)، الآن ليس امامنا سوى الترقب ولا أحد يمكن ان يتكهن بموطن استقرار كرة النار.