ترجمة: ابراهيم قنبر
في عام ٢٠٠٣ و ٢٠٠٥ تمّ بثّ خطابين سريّين أمام أرفع كوادر الحزب الشيوعي الصيني ( PCC)عن طريق الجنرال تشي هاو تيان وزير الدفاع في الفترة بين عامي ١٩٩٣-٢٠٠٣ عبر الإنترنت.
كان الخطابان بعنوان: “الحرب ليست بعيدة، ستندلع في القرن الذي ستولد فيه الصين” و “الحرب قادمة إلينا”.
على الرغم من صعوبة التحقق من صحة هذين الخطابين يعتقد النقّاد أنهما يعكسان العقلية الحقيقية لقيادة الدولة-الحزب، وأنّهما قد تمّ نشرهما عن قصدٍ لقياس ردود الفعل ولترهيب الغرب.
يُقال إنّ الجنرال تشي قد وضع خطّةً طويلة الأجل “للنهضة الوطنية الصينية”، وذلك من خلال طرح ثلاث قضايا حيويةٍ ينبغي أخذها في الاعتبار.
القضية الأولى هي الحاجة إلى مساحةٍ للعيش في الصين، حيث كانت البلاد مكتظّةً للغاية، الأمر الذي أدّى إلى تدهور البيئة المحيطة في الصين بسرعة.
من هذا الوضع نشأت القضية الثانية، هي أنه على الحزب الشيوعي توجيه الشعب الصيني إلى العمل على “مغادرة وطنه”، ويَقصد الجنرال بهذا غزو مناطق جديدةً يمكن فيها بناء “الصين الثانية” عن طريق “الاستعمار”.
ومن هنا أيضًا تطرح القضية الحيوية الثالثة نفسها، قضية “أمريكا”، إذ أنه وبحسب ما ورد فقد لخّص تشي هاو تيان الوضع لمسؤولي الحزب: “يبدو الأمر مروّعًا، لكن المنطق بسيطٌ جدًّا، إذ أنّ الصِّين في صراعٍ أساسي مع المصالح الاستراتيجية الغربية، وبالتالي فإنّ الولايات المتحدة _أقوى أطراف هذا الصراع _ لن تسمح للصين أبدًا بالاستيلاء على دولٍ أخرى لبناء صينٍ ثانية”، باختصار ستقف الولايات المتحدة في طريق تحقيق أهداف النظام الصيني.
“هل ستسمح لنا الولايات المتحدة بمغادرة وطننا والحصول على مساحةٍ معيشيةٍ؟ بدايةً إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تمنعنا بالشدة التي نتوقع، فسيكون من الصعب علينا أن نفعل أي شيء مهم في تايوان وفيتنام والهند وحتى اليابان، على ذلك كم ستكون تلك المساحة المعيشية الإضافية التي سنحصل عليها؟”.
قال الجنرال أيضًا: “فقط الدول مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا لديها الأراضي الشاسعة اللازمة لتلبية احتياجاتنا للاستعمار الشامل”. وأضاف “لسنا أغبياء إلى الدرجة التي نهلك فيها مع أمريكا باستخدام الأسلحة النووية”.
تابع تشي في نفس الموضوع: “فقط من خلال استخدام أسلحة غير مدمِّرة والتي يمكنها هي أيضًا أن تقتل الكثير من الناس يمكننا أن نحصل لأنفسنا حتى على أمريكا”.
وهنا يمكن أن نحصل على الإجابة عن تساؤلاتنا إن وردت في الأسلحة البيولوجية: “بالطبع لم نكن نشطين جدًّا في هذا المجال ولكن في السنوات الأخيرة أغنتنا الفرصة لإتقان أسلحة من هذا النوع”.
يُقال إن الجنرال تشي منح الزعيم الصيني السابق دنغ شياوبينغ الفضل في وضع أسلحة بيولوجية أمام جميع الأسلحة الأخرى في الترسانة العسكرية الصينية: “عندما كان الرفيق شياوبينغ لا يزال معنا كان لدى اللجنة المركزية للحزب رؤيةٌ ثاقبةٌ لاتخاذ القرار الصحيح بعدم تطوير مجموعات حاملات، والتركيز بدلًا من ذلك على تطوير أسلحةٍ فتاكة، يمكن أن تقضي على سكان بلدٍ معادٍ على نطاقٍ واسع”.
يبدو من الصعب تصديق ذلك، لكن الجنرال تشي كانَ يعتبر نفسه شيوعيًّا إنسانيًّا، وبالتالي أظهر مشاعر شخصية مختلطة: “أعتقد أحيانًا أنه من المؤلم للغاية أن تكون الصين والولايات المتحدة أعداء”.
بعد كلّ شيءٍ كان قد أضاف أن الولايات المتحدة ساعدت الصين خلال الحرب العالمية الثانية، تذكّر الصينيون وقتها أن الولايات المتحدة تعارض الإمبريالية اليابانية، ولكن اليوم لم يعد أي شيء من هذا مهمّا.
وعلى المدى الطويل، تعدّ العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في حالة صراعاتٍ للحياة والموت: “يجب ألا ننسى أن تاريخنا الحضاري علمنا مرارًا وتكرارًا أنه لا يمكن لِنمرَين أن يعيشا على نفس الجبل”.
وفقًا لوزير الدفاع الصيني السابق فإن مشكلة الاكتظاظ السكّاني وتدهور البيئة في الصين ستؤدي في نهاية المطاف إلى انهيارٍ اجتماعي وحربٍ أهلية، وقدّر أن أكثر من “٨٠٠مليون” من الشعب الصيني سيموتون في مثل هذا الانهيار.
نتيجةً لذلك، لم يكن لدى الحزب الشيوعي الصيني أيّ بديل، فإمّا أن يتمّ “تنظيف” الولايات المتحدة بهجماتٍ بيولوجية، أو أنّ الصين ستعاني من كارثةٍ وطنية.
“يجب أن نستعدّ لأحد سيناريوهين، إذا نجحت أسلحتنا البيولوجية في تنفيذ هجومٍ مفاجئ فلن يتحمل الشعب الصيني سوى الحدّ الأدنى من الخسائر في القتال ضدّ الولايات المتحدة، ولكن إذا فشل الهجوم وأثار ردّ فعلٍ نووي من الولايات المتحدة فقد تواجه الصين كارثةً يهلك فيها أكثر من نصف سكانها وهذا هو السبب في أنّنا يجب أن نكون مستعدّين للقتال بأنظمة الدفاع الجوّي في مدننا الكبيرة والصغيرة”.
في خطابه كان الجنرال تشي قد أعطى مفتاحًا لفهم الهدف من استراتيجية التنمية الصينية: “إنّ تنميتنا الاقتصادية هي إعدادُنا بالكامل لاحتياجات الحرب”.
لا يتعلق الأمر بتحسين حياة الصين على المدى القصير ولا يتعلق كذلك ببناء مجتمع قائمٍ على الليبرالية الرأسمالية ويركّز على الاستهلاك: “رسميًّا نركز دائمًا على التنمية الاقتصادية كهدفٍ رئيسي لنا، ومع ذلك في الواقع فإنّ الحرب هي الهدف الأساسي للتنمية الاقتصادية”، ويمكن ملاحظة ذلك أيضًا من اهتمام الصين الكبير بالبحوث البيولوجية.
إنشاء فيروسات لأغراضٍ عسكرية:
لم يفهم الغرب بعد الدوافع الكامنة وراء المشاركة الفعّالة للصين في أبحاث مختبرات الأحياء الدقيقة في الدول الغربية المصنّفة على أنّها من الفئة P4 _مسببات الأمراض من الفئة ٤_ هذه المختبرات التي يتمّ فيها دراسة الميكروبات الأكثر فتكًا بالبشرية.
لقد بدأنا الحديث عن ذلك بسبب وباء فيروس كورونا الجديد الذي ضرب ووهان في قلب الصين، بالضبط خارج المختبر الوبائي الصيني الوحيد P4 والذي يقع في ووهان، كما تمّ تصميمه (المختبر) بمساعدة فرنسا.
وفي عام ٢٠٠٣، بعد وقتٍ قصير من إلقاء الجنرال تشي أول خطاب له ترك منصبه كوزير دفاع، وكان هذا نفس العام الذي تفشّى فيه وباء (سارس) الذي سبّب أيضًا فيروس كورونا في الصين، هل كان ذلك من قبيل المصادفة، وتحديدًا في العام الذي قرّرت فيه بكين أيضًا بناء مختبر P4شديد الحراسة في ووهان.
مع الأخذ في الاعتبار خطابي الجنرال تشي وظهور وباء فيروس كورونا الجديد في هذه المدينة بالذات، فهل هو ناتجٌ عن إنشاء فيروسات لأغراضٍ عسكريةٍ في مختبرها شديد الحراسة؟.
في هذا السياق، يمكن أخذ النقاط الثلاث التالية في الاعتبار: أولًا وفقًا لصحيفة سيدني مورنينغ هيرالد فقد أخبر كبير مسؤولي الأمن التايواني تساي تشاو مينغ مشرعي البلاد في عام ٢٠٠٨ أنّ “تايوان لديها معلومات تربط فيروس (سارس) بالبحوث في المختبرات الصينية”.
ولكن بالنظر إلى نفوذ الصين الاقتصادي في تايوان وتسلّلها إلى وسائل الإعلام باللغة الصينية، فليس من المستغرب أن يضطر مدير مكتب الأمن التايواني إلى سحب بيانه الذي لم يكن خطأ شائعًا أبدًا.
قد يتساءل المرء أيضًا ما إذا كان تساي _مدير الأمن_ قد أُجبر على سحب بيانٍ يعكس الحقيقة التي لم يستطع إثباتها دون الكشف عن مصادر استخباراته داخل البر الرئيسي للصين.
ثانيًا، نشرت مجلة فيرولوجي جورنال مقالًا في ٢٨شباط/فبراير ٢٠١٣ كتبه جلفاراز خان، كان خان يصف في مقاله اكتشاف فيروس كورونا جديد في المملكة العربية السعودية في حزيران/يونيو٢٠١٢، كان هذا هو نفس فيروس ووهان بفارقٍ واحد: عندما تمّ اكتشافه لم يكن ينتقل بسهولةٍ من إنسانٍ لآخر.
منذ ذلك الحين، لم يعد هذا الفيروس هو نفسه: يُطلق على نسخة ووهان nCOV-2019 بدلًا من NCOV المكتشف أصلًا، هذا الأخير ليس مُعديًا في حين ينتشر الفيروسُ نسخةُ ووهان بسرعةٍ في جميع أنحاء الصين وينتشر إلى بلدان أخرى وأنت تقرأ هذه الكلمات.
برأيك ما السبب وراء التغير في قابليته للعدوى بين عامي ٢٠١٢ و٢٠٢٠؟ هل هو أمرٌ عشوائي أم نتيجة بحثٍ لأغراضٍ عسكريةٍ؟ إذا كان الوباء القاتل الحالي قد حدث في مدينة أخرى غير ووهان فقد نميل إلى الاعتقاد بوجود طفرةٍ عشوائية، ولكن ووهان هي (نقطة الصفر) للأسلحة البيولوجية الصينية، فهل يجب أن ننسب هذا كله للصدفة؟
ثالثًا، نشرت مجلة GreatGameIndia مقالًا بعنوان (فيروس كورونا البيولوجي؛ كيف سرقت الصين فيروس كورونا من كندا واعتمدته لأغراض عسكرية؟).
كان لدى مؤلفي هذا المقال ذكاءٌ في المقارنة بين مقال جلفاراز خان في مجلة فيرولوجي جورنال والمعلومات المتعلقة بانتهاك الأمن من قبل الرعايا الصينيين في المختبر الوطني العام للميكروبات الكندي p4 في وينيبغ، المختبر الذي يتم فيه تخزين فيروس كورونا الجديد مع الفيروسات القاتلة الأخرى.
في شهر أيار/مايو الماضي، تمّ استدعاء الشرطة الملكية الكندية لفتح تحقيقٍ، وفي نهاية تموز/يوليو تمّ طرد الصينيين من هذا المختبر، وأُفيد أنّ رئيس العلماء الصينيين الذين عملوا هناك سافر من وينيبغ إلى ووهان.
من هنا يمكننا تتبّع المسارات المحتملة لفيروس NCOV: اكتُشف لأول مرة في المملكة العربية السعودية، ثمّ أُجريت عليه دراسات في كندا حيث سرقه عالمٌ صيني ونقله إلى ووهان.
تجدر الإشارة هنا أيضًا إلى أنّ مقال GreatGameIndia كانت عرضةً وهدفًا لهجماتٍ عنيفةٍ كما حدث مع تصريح رئيس أجهزة المخابرات التايوانية.
أيًا كانت الحقيقة ينبغي أن تُؤخذ هذه المعلومات وموقع تفشي المرض وكذلك احتمال حدوث طفرةٍ عشوائيةٍ في الفيروس بعين الاعتبار.
من المحتمل جدًّا أن تكون نسخة ncov-2019 نسخةً مخصّصةً للأغراض العسكرية لفيروس NCOV الذي اكتشفه الأطباء السعوديون في عام ٢٠١٢.
يجب إجراء تحقيقٍ في سبب انتشار وباء ووهان، ويجب على الصين ضمان الشفافية الكاملة في هذا الشأن، كما ويجب كشف الحقيقة.
إذا كان المسؤولون الصينيون بريئين فلن يكون لديهم ما يخفوه على العالم، وإذا كانوا مدانين فسوف يرفضون التعاون.
الشاغل الرئيسي هو ما إذا كان لدى بقية دول العالم الشجاعة للمطالبة بإجراء تحقيقٍ حقيقي وشاملٍ، من هنا يجب ألا نخاف من أن نطلبها من الدولة-الحزب الصينية ويجب ألا نسمح أيضًا للمصالح الاقتصادية بأن تجعلنا خجولين، وأن نتقبل وجود لعبةٍ شريرةٍ في هذا الإنكار العام.
رابط المصدر: