هل سيوطّد فريق بايدن العلاقات الأمريكية السعودية أم يفككها؟

سايمون هندرسون

 

ظن الكثيرون أن العلاقات الأمريكية – السعودية ستكون أول المتضررين من السياسات التي ستتخذها إدارة بايدن. ولعلها ستكون كذلك، لكن هذه العلاقات تتعزز في الوقت الحالي. فالانفجارات التي وقعت في الرياض، وعدم اليقين بشأن الاتفاق النووي الإيراني، وتقرير “وكالة المخابرات المركزية” الذي قد يكون ضاراً بشأن مقتل جمال خاشقجي، هي من بين العديد من العوامل التي يمكن أن تغير حسابات الإدارة الأمريكية الجديدة.

ظن الكثيرون أن العلاقات الأمريكية – السعودية ستكون أول المتضررين من [السياسات التي ستتخذها] إدارة بايدن. ولعلها ستكون كذلك، لكن هذه العلاقات تتعزز في الوقت الحاليففي الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن “القوات الأمريكية توسع انتشارها في السعودية”.  وفي الرابع والعشرين من كانون الثاني/يناير، أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن “إسرائيل تسمح للولايات المتحدة بنشر نظام «القبة الحديدية» للدفاع الصاروخي في الخليج”. ولم يتم الكشف عن الدول الذي ستُنشر فيها الصواريخ، لكن من الواضح أن السعودية ستكون إحدى هذه الوجهات.

ومع ذلك، فإن هذه التطورات، التي وُضعت في شكلها النهائي على ما يبدو في الأشهر الأخيرة، أو حتى في الأسابيع الأخيرة، من إدارة ترامب، هي بالتأكيد عرضة لأي إعادة لتعديل للعلاقات أو لأي خطوة تتخذها الولايات المتحدة لتقليص تواجدها في الخليج. وبشأن السعودية فإن الكونغرس قلقٌ أساساً من إبرام اتفاق معها لتزويد قواتها الجوية بذخائر إضافية قد تُستخدم على الأرجح (وبدرجات متفاوتة من الدقة) ضد أهداف حوثية في اليمن. وحول الإمارات، فأثناء كتابة هذه السطور في 27 كانون الثاني/يناير، علّقت إدارة بايدن بيعها طائرات مقاتلة متطورة من طراز “إف-35”.

ويمكن توضيح وضع العلاقات الحقيقي بين واشنطن والرياض إذا وعندما يتم الكشف عن التقييم الذي تجريه “وكالة المخابرات الأمريكية” بشأن كاتب العمود في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي [الذي قُتل في قنصلية بلاده في اسطنبول في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر 2018]. ووعدت أفريل هينز، التي تم تأكيد تعيينها “مديرة للاستخبارات الوطنية” الأمريكية الأسبوع الماضي، برفع السرية عن تقرير المخابرات عن الحادث أثناء مثولها أمام “لجنة العلاقات الخارجية” بمجلس الشيوخ الأمريكي.

وهذا التطور هو بمثابة “سيف دموقليس” يضرب به المثل (وربما يكون مناسباً) ويتدلى فوق رأس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الزعيم الفعلي للسعودية. وفي “التقرير المؤقت” حول حقوق الإنسان نُشر في 26 كانون الثاني/يناير، فحتى [المعهد البحثي] المحافظ “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”  وصف محمد بن سلمان بأنه “الجاني الأساسي” في مقتل خاشقجي.

وتشمل البنود الأخرى على أي أجندة ليبرالية تقريباً والمعادية للسعودية استمرار احتجاز الناشطات، ومن بينهن لجين الهذلول، التي قد يتم الإفراج عنها في نهاية الشهر المقبل. إلّا أن لجين ستظل ممنوعة من مغادرة المملكة خلال السنوات الخمس المقبلة، وهذا تقييد ستعترض عليه بشدة هي وغيرها. ويبدو أن الأمير محمد بن سلمان يدير الأذن الصماء للاضطراب الذي تثيره مثل هذه الخطوات. ويقول دبلوماسيوه إن حقوق الإنسان هي قضية محلية ولا تهم الأجانب. لكنه أعلن في نهاية الأسبوع المنصرم عن خطط لمضاعفة قيمة صندوق الثروة السيادية للمملكة إلى أكثر من تريليون دولار. ولكنه إذا أراد جذب المستثمرين الأجانب، فقد يحتاج إلى تغيير طريقة تفكيره.

وفي غضون ذلك، يواجه محمد بن سلمان مشكلة أخرى. هناك جهة تستهدف عاصمته الرياض بصواريخ أو بطائرات مسيرة. ففي 23 كانون الثان/يناير ومرة أخرى في 26 كانون الثاني/يناير، سمع السكان دوي انفجارات ورأوا دخاناً عالياً في السماء. والتزمت وسائل الإعلام السعودية الصمت، لكن السفارة الأمريكية أصدرت تنبيهاً أمنياً قدّم بعض التأكيد على وقوع شيء ما سيء. و في 27 كانون الثاني/يناير، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مُجمّعاً ملكياً مهماً تعرض لأضرار طفيفة. وربما جاء الهجوم الأول من العراق، حيث أن وضعه الأمني ضعيف ويمكن للجماعات الموالية لإيران العمل فيه بحرية. وقد يكون مصدر الهجوم الثاني هو اليمن، حيث تدعم إيران حكومة المتمردين الحوثيين، على الأقل من الناحية العسكرية.

إن عدم وقوع أضرار واضحة لا يبعث الكثير من الارتياح للسعودية أو لحلفائها العرب في الخليج، الذين هم أكثر عرضة للهجمات المباشرة من إيران أو بتحريض منها. وقد بدأت هذه الحسابات الجديدة تأخذ مجراها منذ الهجوم بطائرات بدون طيار وبصواريخ جوالة على مصنع بُقيق المهم لمعالجة النفط في السعودية ومنشأة أخرى في أيلول/سبتمبر 2019. وإذا أرادت إيران شن هجوم، فبإمكانها القيام بذلك. ومن المحتمل أن تكون حوادث المضايقات الصغيرة متعمدة، وليست إشارة إلى فشل المعدات.

إن العنصر السياسي الذي يفتقر إلى الوضوح في الوقت الحالي هو المدى الذي تريد إدارة بايدن الذهاب إليه للتوصل إلى حل وسط مع طهران بشأن القيود المفروضة على برنامجها النووي. فمع المصادقة على تعيين توني بلينكن وزيراً للخارجية الأمريكية، فقد تتغير الأمور – على الرغم من أن الكثيرين يتوقعون أن الدبلوماسية ستكون بطيئة، وكما هو الحال في الاتفاق النووي الأصلي من عام 2015، فقد يكون لها تأثير محدود على أنشطة إيران في المنطقة.

وذكر تقرير صحيفة “وول ستريت جورنال” أن القوات الأمريكية ستعمل انطلاقاً من قواعد جوية في الطائف وتبوك غربي المملكة، وكذلك من قاعدة “الأمير سلطان” الحالية جنوب الرياض. وسيُستخدم ميناء ينبع المطل على البحر الأحمر لسفن النقل، بتجنبها مضيق هرمز. وتذكرنا الكثير من هذه الأمور ببصمة القدم [العسكرية] التي كانت للولايات المتحدة في أواخر التسعينيات عندما كان من الضروري ردع صدام حسين في العراق. ولم يتم الكشف بعد عما إذا كانت إدارة بايدن تعلم أنها ورثت هذه الاستراتيجية أم لا.

 

رابط المصدر:

https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/hl-sywtwd-fryq-baydn-allaqat-alamrykyt-alswdyt-am-yfkkha

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M