سايمون هندرسون
قد تكون إحدى الطرق لوصف مبدأ حل المشكلات وفقاً لشفرة “حلاقة أوكام” (Occam’s Razor) هي أن الأمر الواضح قد لا يكون دائماً أفضل تفسير، ولكن غالباً ما يكون من المغري الاعتقاد أنه قد يكون كذلك.
في 30 نيسان/أبريل، ذكرت وكالة “رويترز” أنه قبل أربعة أسابيع من ذلك التاريخ وجّه الرئيس ترامب إنذاراً لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قال فيه: “إقطع إمدادات النفط أو إفقد الدعم العسكري الأمريكي”. وفي السابع من أيار/مايو الحالي ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنه تم سحب أربع بطاريات من الصواريخ الأمريكية أرض – جو من طراز “باتريوت” من المملكة، كما أن طائرات “F-15” التي كانت تحميها هناك قد عادت بالفعل إلى الولايات المتحدة.
إذاً، فإن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي: هل ربما لعب الرئيس ترامب بطاقة سحب بعض القوات الأمريكية لليّ ذراع محمد بن سلمان؟ أو ربما ما يمكن تفسيره على أنه مجرد إعادة نشر القوات هو تذكير مناسب بمن هو الرئيس الحقيقي في العلاقات الثنائية؟
لقد بدأت حرب أسعار النفط من قبل محمد بن سلمان، القائد الفعلي للمملكة العربية السعودية، في بداية آذار/مارس مما أدى إلى زيادة كبيرة في معروض النفط، تزامناً مع التباطؤ الشديد للاقتصاد العالمي مع بدء الإغلاق العالمي الناجم عن فيروس كورونا. وكانت روسيا بزعامة بوتين هي العدو الرئيسي لمحمد بن سلمان، لكن قلق ترامب هو أن إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيكون حادث عرضي.
وربما كان الرئيس ترامب يحاول في السابع من أيار/مايو (عندما تم سحب أربع بطاريات من صواريخ “باتريوت” من المملكة) إنهاء هذه الفترة من التوتر عندما أوضح: “نحن نتخذ الكثير من التحركات في الشرق الأوسط وأماكن أخرى. نقوم بالعديد من الأشياء في جميع أنحاء العالم عسكرياً. … وهذا لا علاقة له بالمملكة العربية السعودية”.
ويعود الانتشار العسكري الأمريكي إلى تشرين الأول/أكتوبر، بعد أسابيع قليلة من سقوط صواريخ إيرانية على بقيق، مصنع معالجة النفط الرئيسي في السعودية، وعلى منشأة نفطية أخرى. وذهل العالم من دقة الهجوم والضرر الذي سببه – وفوجئ لدرجة عدم قيام المملكة أو الولايات المتحدة بإلقاء اللوم على طهران مباشرة.
وكان الرد الأمريكي في نهاية المطاف هو إرسال عناصر رئيسية لسربين من طائرات “F-15” وأربع بطاريات من صواريخ “باتريوت”، التي يمكن استخدامها ضد الطائرات والصواريخ على حد سواء. وشمل ذلك حوالي 3000 من الأفراد والعسكريين الأمريكيين في “قاعدة الأمير سلطان الجوية” جنوب الرياض. ومن المفارقات أن هذه كانت القاعدة الرئيسية التي طلبت المملكة من واشنطن إخلائها في الأشهر التي أعقبت الهجمات على الولايات المتحدة في 11 أيلول/سبتمبر 2001، عندما كانت الرياض تحاول تهدئة المشاعر المعادية لأمريكا في المملكة.
لقد حدث الكثير منذ الخريف الماضي، ولكن يجدر بالذكر أنه في تشرين الأول/أكتوبر، قال الرئيس ترامب إن الرياض وافقت على دفع 100 في المائة من تكلفة نشر القوات والأسلحة الأمريكية، وهو اتفاق ادّعى أنه لم يستغرق أكثر من “35 ثانية للتفاوض” حوله. وبحلول كانون الثاني/يناير، نُقل عن مسؤول أمريكي قوله إنه تم استلام 500 مليون دولار.
ومن الناحية الاستراتيجية، فإن المغزى هو احتواء التهديد الإيراني، مما يبرر بعض التغييرات في هيكل القوة. وبالطبع، من الممكن أن يكون السبب الأكثر واقعية لسحب الصواريخ – والذي تشير التقارير الأخيرة إلى أنه تم سحب اثنان فقط من البطاريات الأربع الموجودة في القاعدة الجوية – هو أن الصواريخ تحتاج إلى صيانة وأن مشغليها يحتاجون إلى استراحة بعد قضائهم عدة أشهر في الصحراء.
إلّا أن ذلك قد يكون مغرياً. ففي الشهر الماضي، لعبت زوارق سريعة إيرانية “لعبة الدجاج” مع السفن الحربية الأمريكية في المنطقة، وفي آذار/مارس أطلق الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن صاروخاً زوّدته إيران على العاصمة السعودية. (من غير الواضح ما إذا كانت صواريخ “الباتريوت” التي تشغلها السعودية هي التي أسقطتها أم لا. وفي شوارع الرياض، تم التعرف على صور حطام أحد صواريخ الـ “باتريوت” التي تم إطلاقها كما التُقط فيديو لهذا الصاروخ عن طريق أحد الهواتف المحمولة.)
ويبدو أن المبدأ التوجيهي للتكتيكات الإيرانية ضد السعودية ودول الخليج العربية الأخرى هو الاستمرار في تغيير التكتيك. ويتمثل التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة في توفير رادع موثوق به ضد إيران بغض النظر عن ماهية هذا التكتيك الجديد.
رابط المصدر: