الشيخ علي آل محسن
ينبغي للرجل المؤمن أن يرضى بما قسمه الله تعالى إليه من الرزق، وأن يقنع به إذا كان قليلاً، وأن يشكره عليه إذا كان واسعاً، والله تعالى قسم الأرزاق بين عباده، وقد اقتضت حكمته أن يوسع أرزاق بعض خلقه، ويضيق أرزاق بعض آخر منهم، كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [سبأ: 36].
ثم إن بعض الأحاديث دلت على أن الله تعالى لو أغنى بعض خلقه لبطر، ولو أفقر بعض خلقه لكفر، فلعل المصلحة أن يكون رزقك قليلاً، فإن قليلا تؤدي شكره، خير من كثير لا تؤدي شكره، ولعل الغنى يطغيك ويرديك ويلهيك.
وقد ورد في الأحاديث أن الفقر زينة المؤمن، وأنه كرامة من الله تعالى، وأن أكثر أهل الجنة من الفقراء والمساكين، وأنهم ملوك الجنة، وأن العبد كلما ازداد إيمانا ازداد ضيقاً في معيشته، وأن الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، وقد روي أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام: إذا رأيت الدنيا مدبرة عليك، فقل: مرحبا بشعار الصالحين.
ولا يظن أحد أن هناك أحرازاً أو طلاسم تفعل في الرزق فعل السحر، ومن حدثكم بذلك فلا تصدقوه، ولو كان الأمر كذلك لرأيت كل الناس أغنياء، ولرأيت طالب العلم الذي أعطاك هذه الحرز أو الطلسم من أغنى الناس.
ولكن ذُكر في الأخبار أمور توسع الرزق.
منها: التزويج، فقد ورد أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله، فشكى إليه الحاجة، فأمره بالتزويج، حتى أمره بذلك ثلاث مرات.
ومنها: صلاة الليل، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: كذب من زعم أنه يصلي صلاة الليل وهو يجوع، إن صلاة الليل تضمن رزق النهار.
ومنها: أن يقول بعد صلاة الفجر كل يوم: سبحان الله العظيم وبحمده، أستغفر الله. ثم يسأل الله من فضله.
ومنها: كثرة الاستغفار، وقد استفيد ذلك من قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا) [نوح: 10- 12].
ومنها: تقوى الله تعالى، وعدم ارتكاب المعاصي، فإن المعاصي تمحق الأرزاق كما تأكل النار الحطب، قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) [الأعراف: 96]. وقال سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) [الطلاق: 2، 3]. وقال: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا) [الجن: 16].
ومنها: الدعاء لسعة الرزق، ولا سيما عقيب الصلوات، وهناك أدعية كثيرة مذكورة في كتب الأدعية، ولا سيما في تعقيبات الصلوات، وخصوصاً صلاة الفجر.
وهناك أمور أخرى فهي خير من الأحراز والطلاسم، لأنها إذا لم تكن سببا في توسيع رزقك فإنك لم تحرم الثواب بفعلها، وعلينا أيضا ألا نيأس مما عند الله تعالى، فإن توسع رزقك فاحمد الله على ذلك، وإلا فعليك بالصبر والشكر والقناعة، والله يعوضك في الآخرة أضعافاً مضاعفة خيراً مما فات منك.
رابط المصدر:
https://masom.imamhussain.org/more/1693?utm_source=dlvr.it&utm_medium=twitter