يخلط الكثير من الناس ما بين ضرورة الالتزام بمحددات الجماعة البشرية التي ينتمي لها وما بين فرض اوامر غير عادلة وليست منطقية عليه يراد لها ان تطاع وبدون مناقشة ربما كما في الكثير من الاحيان والازمان، لكن البعض يرفض الاملاءات ويفضل ان الاقتناع قبل التنفيذ…
يخلط الكثير من الناس ما بين ضرورة الالتزام بمحددات الجماعة البشرية التي ينتمي لها وما بين فرض اوامر غير عادلة وليست منطقية عليه يراد لها ان تطاع وبدون مناقشة ربما كما في الكثير من الاحيان والازمان، لكن البعض يرفض الاملاءات ويفضل ان الاقتناع قبل التنفيذ لاعتبار ان الامر جزء من شخصيته التي يجب ان تحترم ولا يتم التجاوز عليها.
نحن اليوم نتحدث عن الطاعة من منظور نفسي وكيف يمكن ان تحدث برضا وقبول بينما ترفض اذا كانت بأكراه، فهل يمكن أن يلغي الإنسان عقله لينفذ أوامر شخص آخر دون تفكير؟، ولماذا يجب ان يقبل الانسان فعل ما يؤذيه لارضاء احدهم؟، هذا ما نحاول الاجابة عليه في الاسطر القادمة.
الثقافة العربية تفرض على الصغير الطاعة وهو امر فيه من الايجابية سيما مع الوالدين والاجداد اذا تطرز بغطاء الاحترام والتقدير لمن يطاع امره وهذا الجانب الحسن من الطاعة، لكن المشكلة تتمثل في كونها لم تقف عند هذا الحد وهي تحاول بأستمرار ان تجعله اسلوب حياة للجميع، على سبيل المثال يجب ان تطيع وتطبق كل ما يريده منك مديرك في العمل وان كان خاطئاً وحين تعترض تكون انت المقصر في نظره ونظر المتملقين لذلك المدير والقاعدة تنسحب على اغلب فئات المجتمعات البشرية.
سلبيات الطاعة العمياء
ومن مشكلات الطاعة غير العقلانية ان صح اطلاقي عليها هذه الصفة ان الابن لا يمكن ان يناقش ابويه حتى في الامور التي تتعلق بأختيار نوع الدراسة والزوجة وباقي تفصيلات حياته ومن يخرج عن إطار هذه الطاعة فهو حتماً خرج عن حدود اللياقة والأدب وينعته الجميع بأنه أبن عاق وغير مؤدب.
وكذا الحال بالنسبة للزوجة يجب ان تطيع الزوج دون تفكير، ويجب عليها السمع والطاعة وتنفيذ أوامر الزوج دون جدال وما دون ذلك فهي زوجة خارجة عن اطر اللياقة والاخلاق، خاصة في جيل الألفية السابقة، التي اتسمت باستسلامها لا إرادياً لسلوك الطاعة العمياء لأولي الأمر.
والخطورة في طاعة الطاعة العمياء قد توصل صاحبها الى حد ارتكاب المعاصي التي تذل الانسان وتذهب به الى مهاوي الردى وهو ما يجعلنا نقف حائرين في تفسير السلوك الانساني وعما يدور داخل عقل الفرد الذي يجعله يطيع الآخر الظالم مثلما حدث مع الجيوش التي قاتلت الإمام الحسين وارادت قتله.
فعندما ألقى عليهم الحجة وعرفهم بنفسه عليه السلام ولم يجدوا أي مبرراً لقتله، فقالوا “طاعة لابن زياد”، فقال لهم: “إذا لم يكن عندكم دين يمنعكم عن قتلي؟ فكونوا أحرا”، وهو ما أعاد الأمر برمته للوازع الديني الذي لا ينجح دائمًا في ردع المخالف عن أداء مخالفته.
وبالتوارث الكارثي لضرورة ان يطيع الصغير الكبير على اي حال نشأ جيل مستسلم خانع متقبل لكل ما يفرض عليه ممن يحكمه ويعبث بأمنه السياسي والاقتصادي والمالي وحتى النفسي ولم يقوى على قول (لا) وهذا الذي اوصلنا الى ما نحن عليه اليوم، حيث يرمى القليل المختلف عن القطيع بأنواع التهم والشتائم لكونه حرر عقله ورفض ما يرفضه عقله هذا ما حصل مع الذين تصدوا للسطات ووقفوا بوجها.
في الخلاصة قارئنا الكريم للطاعة وجهين اثنين اولهما حسن متمثل بالطاعة النسبية للاهل من باب الاحترام والتوقير لهم في سبيل ارضائهم وعدم ازعاجهم، والثاني قبيح وهو قبول كل ما يراد منك بلا تفسير ولا اقناع لذا نحن ندعوا الى الموزانة في الامر والابتعاد عما يسئ للانسان وكرامته وانسايته.
المصدر : https://annabaa.org/arabic/psychology/39918