على المراقب أن يختار من بين التفاؤل والتشاؤم الكلام الموضوعي ليرسم صورة تقريبية عن الكاظمي كرجل إعلام وثائقي ومعلوماتي وسياسي له الكثير من السمات الجيدة، وليس سيئا إلى الدرجة التي هوجم وانتقد بها من قبل خصومه غير الواضحين، ولكنه ليس قديسا كما يحاول فريقه إظهاره يوميا. إذ ليس من المنطق تفنيد العوامل التي جعلت من الكاظمي شخصية بديلة للسيد عادل عبد المهدي.
على الصعيد الشخصي أراه قريبا من المجتمع المدني والتيار الليبرالي، ومقبولا عند الأوساط الإسلامية الوسطية المعتدلة، نشأ في وسط حركي سياسي وتعاطى مع العديد من الكيانات الحزبية والسياسية المؤتلفة والمختلفة. وذكر من يعرفه عن قرب أنـه صاحب شخصية متواضعة وكاريزما خجولة.
وعلى الصعيد المجتمعي الشعبي، تمرس الكاظمي في تمكين الديمقراطية ووسائلها في عراق بعد عام 2003، رأس جهاز المخابرات العراقية في عام 2016، واقترب من قيادات سياسية عديدة تاريخية وتقليدية وتقدمية هامة، وأصبح وسيطا لترميم العلاقات العراقية مع غربه العربي في حكومتي العبادي وعبد المهدي.
كل ذلك قد يرسم صورة الكاظمي الرجل الوطني العصامي الذي يرمم بلده، وهي صورة أصبحت واضحة بشدة بعد دفق الاحتجاجات التشرينية، وصورة الكاظمي عند خصومه، ذلك الشخص الذي استغل موقعه “قريبا من الامريكان وليس عدوا لإيران”، واستعمل وسائل الاعلام والمخابرات وعلاقته التاريخية برئيس الجمهورية برهم صالح في الوصول لمنصب رئيس مجلس الوزراء.
الكاظمي شخصية إعلامية مخابراتية على علاقة مباشرة مع أهم الشخصيات الفاعلة في الداخل والخارج، أفادت علاقاته مع قيادات شيعة لبنان كثيرا خصوصا في مواجهة غضب الفصائل الولائية في فترة التكليف وفي التعاطي مع الأزمة السياسية الشيعية الداخلية في العراق.
ولكنه أيضا قريب من الأسرة المالكة في السعودية ومن قيادات خليجية كبيرة في الامارات والكويت وقطر، وقف ضد خطف المتظاهرين وقمع الاحتجاج السلمي، وساند تسهيل إطلاق سراح المعتقلين في مرحلة حكومة تصريف الاعمال اليومية.
هذا الرجل أصبح رئيس وزراء العراق عام 2020، ثابر في سنوات الحرب على داعش على اصلاح العلاقات مع العرب السنة، وابعد كل مادة للفرقة والكراهية، هكذا وقبل أن يصل إلى منصب رئاسة الوزارة، كان الكاظمي مفتاحا للمصالحة الوطنية والمجتمعية والدولية.
هل يملك الكاظمي القدرة على الاستمرار مع توسع تمرد خلايا الكاتيوشا، وتعرضات داعش، وعودة الخلاف بين بغداد والاقليم، وتدحرج النظام الصحي نحو قاع الحطام، وانهيار الاقتصاد، وتلكؤ الحوار مع ممثلي ساحات التظاهرات السلمية، وضعف فريقه الاقتصادي الذي يسعى الى خطط تقشفية تضر بالشعب، واستخدامه السياسة الناعمة مع الفاسدين السياسين.. قد يحتاج الى معجزة حتى يستطيع تعديل الموقف.
التحديات والتداعيات كبيرة ومعظم الوزراء في حكومته ادوارهم بيروقراطية تقليدية لا يملكون حلولا حاسمة ولا تزال المكاتب الاقتصادية في الوزرات تسيطر على ملفات الاستثمارات والعقود وتسيطر على ملفات الكمارك والمواني واجازات الاستيراد والتحكم في افشال القطاع الخاص..
المركزية ومسك جميع عقد الخيوط الادارية والسياسية والقيادية بيده قد تجعله امام مواجهة قيادات الاحزاب الشيعية والسنية التي لم تشارك في حكومته ولم تعطى حصتها من المحاصصة.
يدرك الكاظمي جيدا انه بحاجة الى أصدقاء صدوقين لكي ينهي هذه التصدعات الخطيرة.
– صديق خليجي لاغاثة العراق في ازمته الاقتصادية وليس امامه غير المملكة العربية السعودية وحلفاءها، وحل مشاكل العراق مع الكويت، ومساعدة العراق الى العودة الصادقة نحو عمقه العربي.
– صديق اوروبي- امريكي للمساعدة في انقاذ العراق دبلوماسيا واقتصاديا وعسكريا في الحرب بالضد من فلول داعش والمنظمات المتطرفة الخارجة عن القانون التي تتحدى قانون العراق، وملفات تمكين الاستقرار في المناطق المحررة وعودة النازحين، وحل المشاكل بين بغداد والاقليم وخاصة ملف المناطق المتنازع عليها.
– صديق ايراني جاد في ضبط ايقاع خلايا الكاتيوشا والفصائل خارج هيئة الحشد الشعبي وتنظيم ايقاعهم تحت قانون الدولة العراقية، وكف ايديهم من التحكم بالمال الدولة خلافا للقانون، ومحاسبة المتورطين في قتل وخطف المتظاهرين، ومسك الحدود، وابعاد العراق عن صراع المحاور.
– صديق تركي يساعد العراق في استثماراته في اقليم كردستان وكركوك ونينوى، وخاصة في قطاع الاسكان والزراعة والصناعات الخاصة.
– صديق صيني-روسي يساهم في قطاع الاسكان والطرق والغاز والصناعات النفطية.
رابط المصدر: