هل يستطيع بايدن وقف إسرائيل؟

تعرقل العلاقة المتوترة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الآمال بنجاح الجهود الدبلوماسية الأميركية في الحد من العنف المتصاعد في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من تصوير بايدن لنفسه باستمرار كحليف شديد الولاء لإسرائيل، ودفاعه المستمر عن حق الدولة اليهودية في الدفاع عن النفس بعد هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، تستمر المخاوف بأن العلاقة المتأزمة مع نتنياهو تؤثر سلبا على الجهود الدبلوماسية لوقف العنف.

ومع استمرار إسرائيل في شن هجمات عسكرية في غزة ولبنان، والقلق من أن الإسرائيليين يخططون لشن ضربات انتقامية ضد إيران في أعقاب الهجمات بالصواريخ الباليستية الأخيرة ضدهم الأسبوع الماضي، تسعى واشنطن جاهدة لتخفيف التوترات في المنطقة.

بينما يقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر المقبل، تشعر إدارة بايدن بالقلق من أن أي تصعيد جديد في الأعمال العدائية في الشرق الأوسط قد يؤثر سلبا على فرص فوز نائبة الرئيس كامالا هاريس بالانتخابات عن الحزب الديمقراطي.

وقد تعرضت إدارة بايدن، التي استثمرت كثيرا من رأسمالها السياسي في محاولات تطبيق وقف إطلاق النار في غزة، لانتقادات حادة في الولايات المتحدة بسبب عدم قدرتها على الحد من تأثير الهجوم العسكري المدمر الذي شنته إسرائيل على “حزب الله” في لبنان. وبينما تحث واشنطن الإسرائيليين باستمرار على إظهار ضبط النفس في حملتهم ضد هجمات صواريخ “حزب الله” التي تستهدف شمال إسرائيل، يبدو أن نتنياهو لم يأخذ بعين الاعتبار رغبات إدارة بايدن، واختار بدلا من ذلك شن الهجوم العسكري الإسرائيلي الأشد ضد أهداف “حزب الله” في لبنان منذ النزاع الكبير الأخير مع الجماعة المدعومة من إيران عام 2006.

وقد دفعت المخاوف من أن الإسرائيليين يخططون الآن لشن ضربات عسكرية كبرى ضد إيران، مع تزايد التكهنات بأن منشآت إيران النووية والنفطية قد تكون هدفا، دفعت إدارة بايدن إلى إطلاق مبادرة دبلوماسية جديدة تهدف إلى إقناع الإسرائيليين بضبط النفس. وتشعر الولايات المتحدة بالقلق من أن أي محاولة من جانب إسرائيل لاستهداف المنشآت النووية والنفطية الإيرانية قد تثير حربا شاملة في الشرق الأوسط، خصوصا بعد إعلان إيران عن استعدادها للرد عسكريا على أي هجوم إسرائيلي. وإلى جانب إثارة نزاع كبير في المنطقة، فإن أي تصعيد إضافي في الأعمال العدائية قد يكون كارثيا بالنسبة لآمال هاريس في الفوز بالانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

 

تشعر الولايات المتحدة بالقلق من أن أي محاولة من جانب إسرائيل لاستهداف المنشآت النووية والنفطية الإيرانية قد تثير حربا شاملة في الشرق الأوسط

 

 

كانت القضية الإيرانية حاضرة بقوة في المحادثة الهاتفية التي استمرت ثلاثين دقيقة والتي عقدها بايدن مع نتنياهو هذا الأسبوع، والتي كانت أول مكالمة معلنة بينهما منذ أغسطس/آب. وفي حين أكد بايدن دعمه “الحازم” المعتاد لإسرائيل، فقد كان واضحا من نص المحادثة الذي نشره البيت الأبيض فيما بعد أن لإدارة بايدن وجهة نظر مختلفة جدا عن كيفية رد إسرائيل على الهجمات الصاروخية الإيرانية الأخيرة مقارنة بنهج نتنياهو الأكثر عدوانية.

وبحسب ما صرحت به المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، فإن المحادثات بين بايدن وهاريس، التي شاركت أيضا في المكالمة، ونتنياهو كانت مباشرة ومثمرة. ومع ذلك، كان من الواضح أن هناك اختلافات كبيرة ظهرت حول كيفية رد إسرائيل على الهجمات الإيرانية.

وعلى الرغم من أن بايدن “أدان بشكل قاطع هجوم إيران الصاروخي ضد إسرائيل”، فإن الرئيس الأميركي صرح بعد مناقشته مع نتنياهو بأنه لا يدعم بعض الخيارات العسكرية الأكثر عدوانية التي تفكر فيها إسرائيل. وعندما سئل عما إذا كان سيدعم ضربة إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، أجاب بايدن: “الجواب هو لا”.

 

عندما سئل عما إذا كان سيدعم ضربة إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، أجاب بايدن: “الجواب هو لا”

 

 

كما أوضح الرئيس أن واشنطن تعارض قصف حقول النفط الإيرانية، قائلا: “الإسرائيليون لم يستقروا بعد على ما سيفعلونه. ذلك ما زال قيد النقاش… لو كنت مكانهم لفكرت في بدائل أخرى غير ضرب حقول النفط الإيرانية”. إذ إن مثل هذا الهجوم قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط على مستوى العالم، وهي خطوة قد تكون كارثية لهاريس قبل انتخابات الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

السؤال المطروح الآن هو ما إذا كان الزعيم الإسرائيلي سيأخذ بعين الاعتبار مخاوف واشنطن، خصوصا في ضوء التقارير الأخيرة التي تشير إلى أن العلاقات بين بايدن ونتنياهو قد أصبحت متوترة للغاية لدرجة أن الرئيس الأميركي أطلق تعليقات غاضبة مليئة بالشتائم حول سلوك رئيس الوزراء الإسرائيلي.

كتاب جديد للصحافي الكبير بوب وودوارد يكشف نظرة مذهلة وراء الكواليس على تقييم بايدن الحاد لنتنياهو، حيث يتناول الكتاب تفاصيل وجهة نظر بايدن القاسية تجاه الزعيم الإسرائيلي. في إحدى نوبات الغضب داخل المكتب البيضاوي في وقت سابق من هذا العام، عندما كثفت إسرائيل هجومها العسكري في غزة في الوقت الذي كانت فيه إدارة بايدن تحاول التفاوض على وقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حماس”، أدان بايدن سلوك نتنياهو واصفا إياه بأنه “شخص سيئ”، قبل أن يلجأ إلى مجموعة من الشتائم لينتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي.

لا تبدو احتمالات أن تتبنى إسرائيل استجابة عسكرية مدروسة أكثر ضد إيران مشجعة، خاصة بعد آخر محادثة بين نتنياهو وبايدن، وبعد التعليقات التي أدلى بها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في أعقاب تلك المحادثة. ففي تصريحات لوسائل الإعلام الإسرائيلية، أكد غالانت أن الجيش الإسرائيلي يخطط لشن ضربات انتقامية ضد إيران، مشيرا إلى أن هذه الضربات ستكون “قاتلة ودقيقة ومفاجئة”. ونقلت الوسائل عن غالانت قوله إن الإيرانيين “لن يفهموا ما حدث وكيف”. ووفقا لما ذكره مسؤولون أميركيون، رفضت إسرائيل حتى الآن الكشف لإدارة بايدن عن تفاصيل خططها للرد على طهران.

ومن المحتمل أن إقدام الإسرائيليين على شن هجمات مدمرة ضد إيران يعكس تدهور العلاقات بين بايدن ونتنياهو إلى درجة أن واشنطن لم تعد تملك القدرة على التأثير على الأعمال العسكرية الإسرائيلية.

 

المصدر

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M