هل يلغي ترمب سياسات تغير المناخ والطاقة التي وضعها بايدن؟

على الرغم من انسحاب الرئيس بايدن من سباق الرئاسة في نوفمبر المقبل، فإن برامجه بشأن البيئة والطاقة قائمة حتى إشعار آخر، وأفادت التقارير بأنه سيكون لدى الرئيس السابق للولايات المتحدة، والمرشح الحالي على منصب الرئيس ترمب أدوات متعددة، تجعله قادرًا على إحباط طموحات بايدن في مجال خفض التضخم وتغير المناخ…

يتردّد في أذهان الكثيرين سؤال حول مبادرات الرئيس جو بايدن المتعلقة بالطاقة وتغير المناخ والبنية التحتية، وما إذا كان دونالد ترمب سيلغيها إذا فاز برئاسة الولايات المتحدة، في إطار المعركة الانتخابية والسياسات المتضاربة للحزبين الجمهوري والديمقراطي.

وبحسب تقارير اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإنه على الرغم من انسحاب الرئيس بايدن من سباق الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، فإن برامجه بشأن البيئة والطاقة قائمة حتى إشعار آخر.

وأفادت التقارير بأنه سيكون لدى الرئيس السابق للولايات المتحدة، والمرشح الحالي على منصب الرئيس دونالد ترمب أدوات متعددة، تجعله قادرًا على إحباط طموحات الرئيس جو بايدن في مجال خفض التضخم وتغير المناخ.

فقد تعهّد دونالد ترمب بإلغاء أجزاء أساسية اعتمدها جو بايدن، تتعلّق بالجهود المبذولة لإنفاق أكثر من تريليون دولار على إعادة تشكيل الاقتصاد الأميركي لصالح سياسات مكافحة تغير المناخ.

مدى سلطة ترمب لإلغاء مبادرات بايدن

لن تكون سلطة الرئيس السابق دونالد ترمب مُطْلقة حتى لو هزم نائبة الرئيس، كامالا هاريس، في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

في المقابل، سيكون لدى ترمب العديد من السبل المحتملة لإلغاء أو إعادة صياغة أو عرقلة أجزاء كبيرة من مبادرات بايدن البالغة 1.6 تريليون دولار، وترتبط بمكافحة تغير المناخ والطاقة والبنية التحتية، حسبما يقول المسؤولون الجمهوريون وخبراء الإنفاق الحكومي لمجلة “بوليتيكو” الأميركية POLITICO.

قد تكون لنتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل تداعيات طويلة الأجل، وتنعكس تأثيراتها على مئات المصانع المخطط لها للسيارات الكهربائية والبطاريات والطاقة المتجددة وعلى آمال إبطاء ارتفاع درجة حرارة الأرض.

من ناحية ثانية، كان ترمب غامضًا بشأن الأجزاء التي سيسعى إلى إبطالها أو تغييرها من برامج بايدن، ولكن ليس بشأن عدائه لسياسات تغير المناخ، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وقال ترمب، خلال خطاب قبوله في المؤتمر الوطني الجمهوري: “جميع تريليونات الدولارات التي لم تُنفق بعد، سنعيد توجيه تلك الأموال إلى مشروعات مهمة مثل الطرق والجسور والسدود، ولن نسمح بإنفاقها على أفكار احتيالية خضراء جديدة لا معنى لها”، في إشارة إلى الأموال التي لم تصرفها وكالات بايدن بعد.

بدورها، تدعو منصة الحزب الجمهوري الجديدة إلى “إنهاء الصفقة الخضراء الاشتراكية الجديدة” وإنهاء ما تصفه بـ”قانون السيارات الكهربائية” لدى حكومة بايدن.

الجهات التي يمكنها ردع ترمب

يمكن للحكام والمشرعين الجمهوريين الذين من المقرر أن تستفيد ولاياتهم من برامج بايدن الاعتراض على سياسات ترمب وردع توجهاته.

وسيواجه ترمب صعوبات قانونية وعملية متفاوتة في استعادة أي أموال أنفقتها وكالات بايدن قبل يوم التنصيب، بالإضافة إلى مئات المليارات من الدولارات من أموال النقل والطاقة التي وضعها الكونغرس بتصرّف الولايات لإنفاقها.

وأعرب مسؤولو الإدارة عن ثقتهم برادع آخر، ما لم يلغِ الكونغرس برامج عهد بايدن، فسيكون ترمب ملزمًا قانونًا بتنفيذها.

من جهته، أكد ترمب أنه يجب أن يتمتع بالسلطة لتجاوز قرارات الإنفاق التي يتخذها الكونغرس وفي هذا الشهر فقط، منحت المحكمة العليا الرؤساء حصانة واسعة النطاق من العواقب القانونية لانتهاك القانون علنًا.

إن ما يزيد من خطر أجندة بايدن هو أن نسبة صغيرة فقط من استثماراته البالغة 1.1 تريليون دولار في الطاقة وتغير المناخ والتكنولوجيا والبنية التحتية التي خصّصها الكونغرس قد جرى إنفاقها حتى الآن – أقل من 17% بدءًا من أبريل/نيسان الماضي، وفقًا لتحليل مجلة بوليتيكو POLITICO للبيانات الفيدرالية.

وتشمل أسباب هذا التأخير وتيرة توزيع المنح، واستكمال التشريعات التي توجه الإعفاءات الضريبية للطاقة والخطوات الكبيرة الأخرى المطلوبة من وكالات بايدن، التي انتهى بعضها بمبالغ ضخمة من النقود لمشروعات لم تشرف عليها من قبل.

بالإضافة إلى السعي لإلغاء برامج بايدن بصورة مباشرة، قد يسعى ترمب إلى تحويل الإنفاق إلى أولوياته الخاصة، مثل الترويج للنفط والغاز الطبيعي والفحم أو بمساعدة الكونغرس، واستعمال الأموال للمساعدة في دفع تكاليف تجديد قانون الضرائب الذي أصدره ترمب عام 2017.

هل يعيد ترمب صياغة قوانين الضرائب؟

تأتي إحدى الركائز الأساسية لقانون بايدن للمناخ، قانون خفض التضخم، من الحوافز الضريبية المقدرة بنحو 527 مليار دولار للتكنولوجيات منخفضة الكربون مثل السيارات الكهربائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح ووقود الهيدروجين والجهود المبذولة لاحتجاز تلوث الكربون.

إزاء ذلك، الكونغرس ترك لوزارة الخزانة تحديد تفاصيل طريقة تنفيذ هذه الإعفاءات الضريبية، في حين ما يزال الكثير من هذا العمل، الذي يغطي غالبية الإعفاءات الضريبية الجديدة، غير مكتمل.

وهذا يعني أن المعينين في وزارة الخزانة من جانب ترمب يمكنهم إعادة صياغة أو إعادة تفسير قوانين التنفيذ هذه، دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس.

ومن بين تلك القوانين الإعفاءات الضريبية لإنتاج الهيدروجين النظيف أو وقود الطيران الأقل تلويثًا، التي تُقدّر تكلفتها بما لا يقل عن 19.3 مليار دولار و45 مليون دولار حتى عام 2031 على التوالي.

على صعيد آخر، فإن من شأن إرشادات أخرى لم تكتمل بعد أن تقدم حوافز لمشروعات الطاقة النظيفة التي تستعمل الحديد والصلب والمواد الأخرى المنتجة محليًا أو تمديد الإعفاءات الضريبية إلى ما بعد هذا العام.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخزانة بقيادة ترمب لا تستطيع إلغاء الائتمانات بالكامل دون مساعدة الكونغرس، إلا أنها قد تعدّل القواعد التنظيمية المعلقة لتحديد شروط التأهيل مع الاستمرار في العمل ضمن حدود القانون الأساسي.

وقال المستشار والمساعد السابق لوزارة الطاقة في إدارة ترمب، دان سيمونز: “أنا متأكد بنسبة 100% من أن حكومة ترمب المحتملة ستغير القوانين التي يجري بموجبها إصدار الائتمانات الضريبية”.

وما يزال أحد الائتمانات المثيرة للجدل تحديدًا، وهو الائتمان الخاص بالهيدروجين النظيف، في مرحلة الاقتراح.

وهذا يعني أن إدارة ترمب قد تلغي الاقتراح وتخفّف التفسير لصالح شركات الوقود الأحفوري بدلاً من ذلك، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

إيقاف تدفق الأموال

منحت القوانين الـ4 التي ترتكز عليها سياسة بايدن، مثل قانون خفض التضخم لعام 2022، وقانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف لعام 2021، وقانون الرقائق والعلوم لعام 2022، وتدابير الإغاثة من الجائحة لعام 2021، الإدارة الأميركية أكثر من تريليون دولار لإنفاقها على سياسات تغير المناخ والطاقة والبنية التحتية.

وحتى يونيو/حزيران الماضي، أُعلنت قرارات تمويل مؤقتة بقيمة 564 مليار دولار من هذه الأموال، وأنفقت أقل من 208 مليارات دولار، وفقًا لتحليل بوليتيكو.

بموجب القانون، يُطلب من الرؤساء إنفاق الأموال بالطريقة التي خصّصها الكونغرس، لكن لا شيء يمنع إدارة ترمب من الإيقاف المؤقت في اليوم الأول لتنصيبه رئيسًا، ومعرفة مصير الأموال غير المخصصة وفي أي مرحلة هي، وهو أمر ليس خارجًا عن المألوف لأي رئيس جديد.

وقد تعهّد ترمب بفعل ذلك، ووعد حشدًا في تجمع جماهيري هذا العام بأنه سيفرض “وقفًا فوريًا على جميع الإنفاقات الجديدة”.

وأشارت المتحدثة باسم حملة ترمب، كارولين ليفات، إلى أن الرئيس السابق ترمب يعتزم إلغاء سياسات بايدن بشأن السيارات الكهربائية “وخفض تكاليف الحد من التضخم وإعادة ازدهار اقتصادنا مرة أخرى”.

وهذا يعني أن السباق جارٍ لإدارة بايدن لإنفاق الأموال، ومن غير المتوقع أن يجري تخصيص أو إنفاق جميع أموال الطاقة والبنية التحتية قبل 20 يناير/كانون الثاني.

ولا يصبح ما يقرب من ثلث الأموال متاحًا للوكالات لمنحها حتى السنة المالية التي تبدأ في الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أو بعد ذلك.

وقال مساعد وزير الطاقة السابق في عهد ترمب، دان سيمونز: “من منظور شخص محايد، فإن أحد التحديات التي تواجه إدارة بايدن هو أنها لم تنفق الكثير من المال كما قد يبدو”.

في شهر يوليو/تموز الماضي، اختارت وزارة الطاقة 11 مصنعًا للسيارات متعثرة أو مغلقة، لتلقي ما مجموعه 1.7 مليار دولار في صورة منح للمساعدة في إعادة تجهيز مصانعها لإنتاج السيارات الكهربائية، بما في ذلك في ولايات مثل ميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا وجورجيا.

وتهدف مجموعة أخرى من البرامج، التي سخر منها ترمب مرارًا وتكرارًا في سياق حملته الانتخابية، إلى إنفاق 7.5 مليار دولار لبناء عشرات آلاف محطات شحن السيارات الكهربائية بالقرب من الطرق الرئيسة في كل ولاية.

وقد أدى الجهد، الذي جرى تمويله بموجب قانون البنية التحتية لعام 2021، حتى الآن إلى بناء 15 موقعًا للشحن، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الوقت الذي استغرقته الولايات لإنشاء برامج المنح لديها، والحصول على الموافقة الفيدرالية والبدء في البحث عن المتقدمين.

وسخر ترمب من برامج الشحن، خلال خطابه في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري؛ إذ أخبر الحشد -بصورة غير دقيقة- أن بايدن “أنفق 9 مليارات دولار على 8 محطات شحن”.

وأعلنت برامج شحن السيارات الكهربائية ما يقرب من 3.2 مليار دولار في ترسيات مؤقتة حتى الآن، وفقًا لموقع تتبع البنية التحتية للبيت الأبيض “إنفست.غوف” Invest.gov.

وتلقت مواقع الشحن الـ15 التي جرى بناؤها حتى الآن ما معدله 770 ألف دولار من التمويل الفيدرالي لكل منها، باستثناء 4؛ إذ لا تتوفر المبالغ بالدولار، وفقًا لشركة الأبحاث أتلاس ببليك بوليسي Atlas Public Policy.

وقد أشارت الحكومة إلى أنها تدرك تمامًا ضيق الوقت، لكنها تقول إنها تحاول ضمان إنفاق هذه الأموال بحكمة.

قال وكيل وزارة الطاقة للبنية التحتية، ديفيد كرين، الشهر الماضي: “نحاول التعاقد على أكبر قدر ممكن منها بحلول نهاية العام، لأنه عندئذٍ يُلتزم بها”، ويرى المسؤولون السابقون وغيرهم من الخبراء أن قانون الرقائق والعلوم قد يكون آمنًا من تدخل ترمب، بالنظر إلى تركيزه على مواجهة الصين.

 

المصدر : https://annabaa.org/arabic/environment/39676

حول الكاتب

مقالات ذات صله

الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

W P L O C K E R .C O M