هدى رؤوف
أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران أمس، في بيان مشترك، بأنه سيتمكّن المفتشون من الوصول إلى موقعين نوويين سابقين مشتبه بهما، ويقال إن الدول الأوروبية، خصوصاً فرنسا، مارست ضغوطاً مباشرة على طهران، للسماح للوكالة بالدخول إلى هذين الموقعين. لكن، هل يعني ذلك وجود انفراج محتمل في الملف النووي؟
بعد أكثر من عام من المماطلة الإيرانية بشأن المواد النووية غير المصرّح بها في موقعين نوويين، تعرّضت طهران لإدانة شديدة عندما اجتمع مجلس إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الـ19 من يونيو (حزيران) مؤكداً أن إيران لم تسمح بالوصول إلى موقعين، يُعتقد أنهما حدث فيهما نشاط نووي غير معلن منذ ما يقرب من عقدين. كما لم تجب عن تساؤلات الوكالة المتعلقة بالمواد النووية المحتملة غير المعلنة والأنشطة النووية.
ونتيجة لذلك، للمرة الأولى دانت الدول الأوروبية الموقّعة على الاتفاق إيران، متهمة إياها بتخصيب اليورانيوم بما يتجاوز ما هو مسموح به بموجب الاتفاق، وحثتها على التعاون مع الوكالة.
لكن، لم تستجب طهران وجرى كثير من التطورات التي شهدت مزيداً من التوتر بين إيران والولايات المتحدة، كان آخرها محاولة واشنطن مدّ حظر الأسلحة على طهران، التي فشلت بمجلس الأمن، مع إعلان الولايات المتحدة مسارات أخرى في مواجهة إيران.
الواضح، أن إيران والدول الأوروبية تحاول أن تخفف الضغوط، في وقت تواصل فيه أميركا جهودها لاستعادة العقوبات الدولية. فقد تقدّم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الخميس الماضي، بشكوى رسمية تتهم طهران بعدم التزامها الكبير بالاتفاق النووي، وتستهدف الولايات المتحدة الوصول إلى نتيجة عدم امتثال طهران إلى اتفاقها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإرسال تقرير إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم سياسة الضغط الأقصى، ومن ثمّ تحريك آلية سناباك.
وعلى الرغم من رغبة إيران في إبراز أنها تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن الانفراجة الحقيقية أو التأزم في الملف الإيراني يرتبطان بالولايات المتحدة لا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ يزداد اهتمام طهران بالتداعيات المحتملة على مستقبل الاتفاق النووي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وإن كانت بعض التوقعات داخل إيران تدعو إلى عدم الرهان على نتائج الانتخابات الأميركية، معتبرة أنه لا يوجد اختلاف جوهري في مواقف الديمقراطيين والجمهوريين بشأن إيران.
لكن، هذه التوقعات في الداخل الإيراني التي خرجت من بعض المنصات المتشددة والإصلاحية على حد سواء، تعتبر أن حتى التفاوض مع الولايات المتحدة أياً كانت القيادة الأميركية سيفرض شروطاً على إيران، بشأن منظومة الصواريخ الباليستية والملفات الإقليمية.
ومع ذلك، هذا لا يعني بالضرورة أن تمتنع طهران عن العودة إلى طاولة المفاوضات بعد الانتخابات الأميركية، وهو قرارٌ يعتمد على عرض أميركي، لتجديد العملية السياسية والمصالح الإيرانية المختلفة، بالتالي توقعات طهران ربما هدفها إبراز أن إيران غير متطلعة لتحسين وضعها الضعيف، بل إنها في موقف لا يبالي أو يتوقع تحسناً في ظل رئيس أميركي جديد.
وفي النهاية، أياً كان الرئيس الأميركي القادم وأياً كانت مآلات النظام السياسي الإيراني الذي يميل توازنه إلى صالح المتشددين في المؤسسات الرئيسة بالبلاد، وقرب انتهاء ولاية حسن روحاني واحتمالات وجود رئيس ينتمي إلى التيار المتشدد، فهذا لا يعني تزايد احتمالات انهيار الاتفاق النووي في المستقبل، أو عدم إمكانية التفاوض بين الجانبين، فالمفاوضات بشأن الملف النووي دخلتها الولايات المتحدة إلى جانب الترويكا الأوروبية، فضلاً عن التعاون مع إيران في العراق وأفغانستان، في ظل رئاسة كل من الرئيسين محمود أحمدي نجاد وبوش الابن وإدارة المحافظين الجدد، وإلى أن يحدث جديد، فإن طهران حذرة بشأن كيفية رد فعلها، إمّا على قرار تمديد الحظر، أو على إعادة عقوبات الأمم المتحدة.
رابط المصدر: