عند قيام الإنسان بشراء سلعة جديدة، يقوم الدماغ بإفراز هرمونات السعادة مثل الدوبامين؛ والدوبامين ناقل عصبي يلعب دوراً كبيراً في تعزيز مشاعر الرضا والمكافأة، وتجعل هذه المادة الكيميائية الإنسان يشعر بالمتعة، ولهذا يرتبط التسوق بالإحساس بالمكافأة، ما يدفع البعض إلى تكرار التجربة بشكل مستمر.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
ويدفع هذا الشعور العديد من الأشخاص لممارسة التسوق بشكل متواصل، حتى لو اضطر في كثير من الأحيان لشراء سلع أو خدمات لا يحتاجها.
السعادة التي يولدها التسوق، جعلت بعض الأطباء النفسيين يجعلونه بمثابة وصفة طبية لمعالجة بعض الصعوبات مثل التخفيف من التوتر أو القلق، فيما عرف بمصطلح “التسوق العلاجي” (Retail Therapy).
وحين يشعر الفرد بالتوتر أو الحزن، يمكن أن تكون تجربة التسوق وسيلة لتخفيف هذه المشاعر السلبية، ولو مؤقتاً، من خلال التركيز على الأشياء المادية الجديدة.
كما يُعد التسوق وسيلة لتحسين الصورة الذاتية، خاصة عندما يشتري الإنسان سلعة جديدة، متعلقة بالموضة أو المظهر الخارجي، فإنه يشعر بالثقة والرضا عن ذاته.
هذا الشعور بالتحسن الذاتي ينعكس إيجابياً على نفسية الشخص، ما يعزز شعور الإنسان بالسعادة الداخلية ويجعله أكثر صلابة في مواجهة أمور الحياة اليومية.
ورغم أن الكثيرين يشترون السلع الترفيهية للحصول على المتعة، فإن تلبية الحاجات الأساسية من خلال الشراء يُعتبر أيضاً محفزاً للسعادة.
فعند شراء الأشياء التي يحتاجها الإنسان فعلاً، يشعر بالإنجاز والرضا نظراً لكونه اعتنى بنفسه أو بأسرته، وهذا الشعور مرتبط بمفهوم الأمان النفسي.
ليس التسوق في حد ذاته
السعادة عند التسوق قد لا تكون مرتبطة بالتسوق في حد ذاته، إذ غالباً ما يكون التسوق نشاطاً اجتماعياً يُمارس مع الأصدقاء أو العائلة، وهو ما يضيف بعداً اجتماعياً للسعادة.
بالإضافة إلى ذلك، مشاركة التجربة مع الآخرين أو تلقي ردود فعل إيجابية حول المشتريات من المحيطين تعزز من مشاعر الفرح والارتياح.
وقد يزور الشخص متجر البقالة كل يوم للمساعدة في إعداد العشاء لعائلته، هذه الوظيفة النفعية للتسوق أثبتت أنها تحدث الشعور بالرضا والسعادة عند الكثيرين وفقاً لعدة أبحاث.
ووصف العديد من الدراسات أنشطة التسوق بأنها شكل من أشكال الترفيه، ونشاط يخلق الإثارة العاطفية والفرح.
ويقول الباحثون إن التسوق قد يساعد الأفراد على التعبير عن أنفسهم، لذا يرى العديد من الدراسات أن التسوق ليس متعة في حد ذاته، بل إنه يكون كذلك لارتباطه بجوانب أخرى.
أكثر القطاعات مبيعاً عبر الإنترنت وفقا لتوقعات 2024 |
||
الترتيب |
القطاع |
حجم المبيعات المتوقع (بالمليار دولار) |
1 |
الإلكترونيات الاستهلاكية |
922.50 |
2 |
الأزياء |
760.00 |
3 |
الأطعمة والمشروبات |
708.80 |
4 |
الأدوات والأجهزة المنزلية |
220.20 |
5 |
الأثاث |
220.10 |
6 |
الجمال والرعاية الصحية |
169.60 |
التوقعات التي تصاحب عملية الشراء تلعب دوراً في زيادة الشعور بالسعادة، فمجرد التفكير في شراء شيء جديد، والتخطيط لهذه اللحظة، قد يولد مشاعر إيجابية، فهذا الانتظار والتشوق يمكن أن يكون ممتعاً بحد ذاته.
التسوق عبر الإنترنت
هناك بالتأكيد العديد من العوامل التي ساعدت على جعل التسوق أكثر متعة وسهولة، ومن أبرز تلك العوامل انتشار التجارة الإلكترونية التي أصبحت جزءاً لا غنى عنه من تجارة التجزئة العالمية.
ومثل العديد من الصناعات الأخرى، خضع شراء وبيع السلع لتحول كبير بعد ظهور الإنترنت، وبفضل الرقمنة المستمرة للحياة الحديثة، يستفيد المستهلكون في جميع أنحاء العالم الآن من امتيازات البيع والشراء عبر الشبكة العنكبوتية.
أكبر الأسواق الإلكترونية بالعالم من حيث متوسط عدد الزيارات الشهرية في 2023 |
||
الترتيب |
الشركة |
عدد الزيارات الشهرية (بالمليار) |
1 |
أمازون |
4.79 |
2 |
إي باي |
1.21 |
3 |
راكوتن |
0.56 |
4 |
شوبي |
0.56 |
5 |
علي بابا |
0.53 |
وفي عام 2024، من المتوقع أن تتجاوز مبيعات التجارة الإلكترونية بالتجزئة 4.1 تريليون دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم، بحسب موقع ستاتيستا.
في حين تشير دراسات أخرى إلى أن حجم مبيعات التجارة الإلكترونية خلال العام الحالي قد يتجاوز 6 تريليونات دولار أمريكي، ليلامس مستوى 8 تريليونات دولار بحلول 2027، بحسب موقع إنسايدر إنتليجنس.
واعتباراً من عام 2023، استحوذت الأسواق عبر الإنترنت على عمليات الشراء الإلكتروني في جميع أنحاء العالم، وتصدرت أمازون الترتيب العالمي لتلك الأسواق من حيث حركة المرور.
أكبر 5 أسواق للتجارة الإلكترونية في العالم حسب البلد في 2023 |
||
الترتيب |
الدولة |
حجم السوق (بالتريليون دولار) |
1 |
الصين |
3.01 |
2 |
الولايات المتحدة |
1.16 |
3 |
المملكة المتحدة |
0.20 |
4 |
اليابان |
0.19 |
5 |
كوريا الجنوبية |
0.15 |
وتحصد دول مثل الصين أو كوريا الجنوبية أكثر من 70% من إجمالي مبيعاتها عبر الإنترنت من خلال الأجهزة المحمولة.
التسوق قد يكون مرضاً
قد يتحول التسوق في بعض الأحيان من كونه علاجاً إلى مرض يحتاج مراجعة أحد الأخصائيين النفسيين، فإدمان التسوق تم التعرف عليه منذ أوائل القرن التاسع عشر وجرى تصنيفه باعتباره اضطراباً نفسياً.
هذا الاضطراب النفسي له عدة أعراض وأسباب على رأسها التفكير دائماً في الأشياء التي يخطط لشرائها، وعدم القدرة على التوقف عن التسوق القهري، والشعور بنشوة بعد شراء شيء ما ثم الشعور بالندم أو الذنب بشأن الأشياء التي اشتراها.
ومن أعراض التسوق القهري وجود مشاكل مالية أو عدم القدرة على سداد الديون جراء فواتير الشراء المتزايدة، والكذب بشأن الأشياء التي اشتراها أو إخفاء مشترياته، وفتح بطاقات ائتمان جديدة دون سداد الأرصدة على البطاقات الحالية، وإنفاق كل هذا في الأغلب على أشياء لا يحتاجها.
الأشخاص الذين يعانون هذا الأمر يمكنهم القيام بالعديد من الأشياء لتقليل الضرر الناتج عن الإنفاق القهري والسيطرة على هذا السلوك الإشكالي، مثل إيجاد طرق بديلة للاستمتاع بوقت الفراغ لكسر دائرة استخدام التسوق كوسيلة لمحاولة الشعور بالتحسن تجاه نفسك.
نصيحة بافت في إنفاق المال
قدم الملياردير المعروف “وارن بافت” في إحدى المقالات التي كتبها بعنوان “التعهد الخيري” نصيحة تشعرك بالسعادة ومرتبطة بالمال أيضاً، ولكن هذه المرة ليست بكيفية كسب المال إنما إنفاقه.
الإنفاق هذه المرة لن يتعلق بشراء سلع أو بضائع جديدة إنما يتعلق بتوجيهه في أعمال الخير، حيث أوضح “بافت” سبب قراره التبرع بنسبة 99% من ثروته للجمعيات الخيرية، قائلاً إن هذا هو أفضل قرار اتخذه لجعله “أكثر سعادة”.
ولكن هل نحتاج إلى التبرع بمليارات الدولارات مثل “بافيت” من أجل تجربة هذا الشعور؟ لحسن الحظ بالنسبة للناس العاديين، يمكن أن تجعلهم أشكالاً أكثر تواضعاً من العطاء والجود أيضاً سعداء.
وأظهرت العديد من الدراسات أنه حتى في البلدان الفقيرة للغاية مثل الهند وأوغندا -حيث يكافح العديد من الناس لتلبية احتياجاتهم الأساسية- كان الأفراد الذين فكروا في العطاء للآخرين أكثر سعادة من أولئك الذين فكروا في الإنفاق على أنفسهم.
ووجدت أن مطالبة الناس بإنفاق ما لا يقل عن 5 دولارات على شخص آخر على مدار اليوم جعلهم أكثر سعادة في نهاية ذلك اليوم، مقارنة بالأشخاص الذين أنفقوا 5 دولارات على أنفسهم فقط.