بسنت جمال
أصدرت منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “الأوابك” تقريرها الربع السنوي حول “تطورات الغاز الطبيعي المسال والهيدروجين خلال الربع الثالث من عام 2021” من أجل عرض المستجدات في السوق العالمية للغاز الطبيعي وتحليل انعكاساتها على الدول العربية التي تحتل مكانة مهمة على خريطة الطاقة العالمية.
ويستعرض التقرير أبرز التطورات التي شهدتها صناعة الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الثالث من عام 2021 عبر استعراض ديناميكية الأسواق، وتطور صادرات الغاز الطبيعي المسال، ومكانة الدول العربية في السوق العالمي.
تطورات قطاع الغاز الطبيعي المسال العالمي
بلغ إجمالي صادرات الغاز المسال في السوق العالمي خلال الربع الثالث من عام 2021 حوالي 91.32 مليون طن مقارنة بنحو 82.5 مليون طن خلال الربع المماثل من عام 2020، بما يمثل زيادة سنوية تبلغ 10.5%، وهو ما يرسل إشارة مفادها استمرار تعافي السوق العالمي مع تعويض الفترات السابقة التي شهدت تراجعًا في حجم الصادرات بسبب تداعيات جائحة كورونا على النشاط الاقتصادي العالمي.
وعلى مستوى الدول المصدرة، استطاعت الولايات المتحدة تحقيق قفزة في حجم صادراتها خلال الربع المننتهي في سبتمبر الماضي، حيث قامت بتصدير نحو 17.8 مليون طن، مقارنة بنحو 7.1 مليون طن خلال نفس الربع من العام السابق بنسبة نمو تبلغ 150.7% حيث أصبحت كافة مشاريع إسالة الغاز تعمل بكامل طاقتها الإنتاجية مستفيدة من ظروف السوق الراهنة المحفزة للطلب وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق الأوروبية والآسيوية لتعوض الخسائر التي تكبدتها العام الماضي بسبب تراجع الطلب العالمي، وتهاوي الأسعار بشكل حاد مما أسفر عن إلغاء نحو 100 شحنة خلال شهري يوليو وأغسطس من 2020.
وفي أستراليا، بلغت صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو 20.7 مليون طن خلال الفترة محل الدراسة مقارنة بنحو 18.3 مليون طن خلال نفس الفترة من العام الماضي، بما يمثل زيادة بنحو 13.3% على أساس سنوي بدعم من إعادة تشغيل بعض المحطات التي تعطلت عن العمل لعدة أشهر بسبب أعمال الصيانة.
أما عن روسيا، رابع أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عالميًا، فقد تراجعت صادراتها بنحو 18.6% إلى5.7 مليون طن من 7 مليون طن خلال الربع الثالث من 2020 بضغطٍ من توقف محطة “Sakhalin-2 LNG ” لتنفيذ أعمال الصيانة خلال شهري يوليو وأغسطس، ونتيجة لذلك تراجعت صادرات المحطة إلى 1.4 مليون طن فقط مقابل 2.9 مليون طن خلال الربع الثاني من 2021، وكذلك هبطت صادرات محطة “Yamal LNG” إلى نحو 2.4 مليون طن. وفي النرويج لا تزال محطة “Hammaerfast” -المحطة الوحيدة لتصدير الغاز المسال- متوقفة عن العمل بسبب حادث الحريق التي تعرضت له في شهر سبتمبر 2020، ومن غير المتوقع دخولها حيز التشغيل حتى نهاية العام 2021.
صادرات الغاز الطبيعي المسال في الدول العربية
حافظت الدول العربية على مستويات مرتفعة من صادرات الغاز الطبيعي المسال خلال الربع الثالث من عام 2021 حيث بلغ إجمالي صادراته نحو 26.5 مليون طن مقابل نحو 25.7 مليون طن، بما يمثل ارتفاعًا سنويًا قدره 3.2%.
وجاءت هذه الزيادة مدفوعة بارتفاع الصادرات من الإمارات، والجزائر، ومصر مع استمرار تشغيل محطات الإسالة في سلطنة عمان بكامل طاقتها الإنتاجية، مما أدى إلى استحواذ صادرات الدول العربية من الغاز الطبيعي المسال على نحو 29.1% من السوق العالمية.
وفي الإمارات، سجلت الصادرات نحو 1.5 مليون طن خلال الثلاث أشهر المنتهية في سبتمبر الماضي حيث تعمل محطة الغاز الطبيعي المسال “أدجاز” بكامل طاقتها وقد توجهت غالبية الشحنات منها إلى الأسواق الآسيوية ولاسيما اليابان والصين والهند. في حين ارتفعت صادرات الجزائر بحوالي 6.1% إلى 2.4 مليون طن. وعلى النقيض، تراجعت صادرات قطر بنحو 3.5% على أساس سنوي إلى 19.1 مليون طن لتتراجع إلى المركز الثاني عالميًا بعد أستراليا.
بينما سجلت مصر أكبر زيادة سنوية في صادراتها من الغاز المسال بنحو 900% لتصل إلى مليون طن مقارنة بنحو 0.1 مليون طن فقط خلال الربع المماثل من 2020، ويعود ارتفاع وتيرة التصدير إلى إعادة تشغيل مجمع الإسالة في دمياط في فبراير الماضي بعد توقف دام 8 سنوات إلى جانب استمرار تشغيل مجمع “إدكو”، ومن المتوقع أن تحقق مصر رقمًا قياسيًا في صادرات الغاز المسال بنهاية العام الجاري عقب استئناف نشاط التصدير بهذه الوتيرة بفضل نمو الإنتاج المحلي وتحقيق اكتشافات للغاز والإسراع في تنميتها وفي مقدمتها حقل” ظهر” و”أتول”. ويوضح الشكل الآتي الدول المستوردة للغاز الطبيعي المسال من مجمع دمياط منذ معاودة تشغيله وحتى الربع الثالث من 2021:
الشكل 1- الأسواق المستقبلة لشحنات الغاز الطبيعي المسال من مجمع دمياط
يتبين من الشكل السابق أن الهند من أكبر الدول المستقبلة لشحنات الغاز المسال من مجمع دمياط منذ فبراير وحتى سبتمبر حيث استحوذت على نحو 28% من إجمالي صادرات المجمع، يليها باكستان بنحو 25%، والصين حوالي 14%، ومن ثم إسبانيا وبنجلاديش بنحو 12% و9% على الترتيب، لتتساوى حصلة بلجيكا والكويت واليابان عند 4%.
تطور واردات الغاز الطبيعي المسال عالميًا
أما من جانب تطور الطلب في الأسواق العالمية، فقد انتعش الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال لتصل الواردات العالمية إلى 91.2 مليون طن مقارنة مع 84 مليون طن خلال نفس الربع من 2020 بما يمثل زيادة بنحو 8.6% على أساس سنوي.
ففي السوق الآسيوي، بلغ إجمالي واردات الغاز المسال نحو 67.6 مليون طن بمعدل نمو سنوي 9.9%، وهو ثاني أعلى وتيرة مسجلة في هذا الربع مقارنة بباقي مناطق العالم، وقد استحوذت أسواق شرق آسيا على النصيب الأكبر من الواردات بإجمالي 53.9 مليون طن بدعم من ارتفاع واردات الصين التي استقبلت وحدها نحو 19.3 مليون طن لتحافظ بذلك الصين على مكانتها كأكبر سوق مستورد للغاز المسال للربع الخامس على التوالي متخطية اليابان التي احتفظت بهذه المكانة لمدة عقود، كما توضح الخريطة التالية:
الشكل 2- توزيع الطلب على الغاز المسال في الأسواق الآسيوية
وفي سياق مختلف، تراجعت واردات السوق الأوروبي إلى 14.3 مليون طن بنسبة تراجع تبلغ 10.6% على أساس سنوي، ولهذا لم تتمكن الأسواق الأوروبية من تأمين مخزونات كافية من الغاز بسبب استحواذ الأسواق الآسيوية على الإمدادات في السوق الفوري وعدم تلقي إمدادات إضافية من روسيا.
وفي منطقة الأمريكيتين، بلغ إجمالي واردات الغاز المسال حوالي 6.5 مليون طن مقارنة مع 3.4 مليون طن، ويعود هذا النمو إلى ارتفاع واردات البرازيل التي بلغت 2.9 مليون طن بسبب تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية نتيجة تراجع سقوط الأمطار وهو ما تم تعويضه بتشغيل المحطات الحرارية العاملة بالغاز الطبيعي. وبالتحول صوب أسواق الشرق الأوسط التي تضم الكويت والإمارات والأردن وفلسطين فقد بلغت واردات الغاز المسال نحو 2.8 مليون طن، وبشكل عام من المرجح أن تشهد واردات المنطقة نموًا عقب تشغيل الكويت -التي تعد أكبر سوق للغاز الطبيعي المسال في الشرق الأوسط- لأول مرفأ بري لاستقبال الغاز الطبيعي.
أسعار الغاز الطبيعي المسال في الأسواق العالمية
تميز الربع الثالث من العام الجاري بارتفاعات غير مسبوقة وتاريخية في أسعار الغاز الطبيعي المسال بضغط من عدة عوامل، وهي؛ تحسن النشاط الاقتصادي مما دعم نمو الطلب العالمي على الغاز، وتراجع الإمدادات في بعض الدول المصدرة بسبب أعمال الصيانة الدورية والطارئة وعدم ضخ إمدادات إضافية من روسيا عبر خطوط الأنابيب، والمخاوف من عدم تخزين كميات كافية من الغاز في مرافق التخزين بالسوق الأوروبي تمهيدًا لتلبية ذروة الطلب المتوقعة بحلول فصل الشتاء المقبل. وعلى إثر ذلك، ارتفعت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة تصل إلى 40 دولار لكل مليون وحدة حرراية بريطانية.
ففي السوق الأوروبي، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي حسب مركز “TTF” في هولندا خلال يوليو إلى 12.6 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، واستمرت الأسعار في الصعود حتى سبتمبر لتسجل 22.4 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. كما ارتفعت الأسعار الفورية في أسواق شمال شرق آسيا إلى 23.1 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية خلال سبتمبر.
وبالنسبة لأسعار شحنات الغاز الطبيعي المسال في الاتفاقيات طويلة الأمد المرتبطة بسعر خام برنت (معامل 12% من سعر خام برنت لكل مليون وحدة حرارية بريطانية وفقًا لشروط التعاقد) فقد ارتفعت خلال الربع الثالث إلى 9.5 دولار في ظل ارتفاع أسعار خام برنت إلى 77 دولار للبرميل في نهاية سبتمبر.
.
رابط المصدر: