ما بعد داعش …. التكفيريون الشيعة
أصبح من الواضح لدى عامة الناس فضلاً عن النخب أن داعش صنيعة غربية مثلها مثل طالبان والقاعدة وأخواتهن ، وما إن اقتربت نهاية داعش بدأ التفكير بخليفتها لإثارة البلبلة في المناطق الحساسة من العالم لتمهّد وتبرر لوجود القوات الأمريكية وغير الأمريكية في تلك المناطق ومن بعد ذلك التدخل السياسي ثم الاقتصادي وهكذا .
إن ما يجمع طالبان والقاعدة وداعش وبوكو حرام ومجموعة أبو سيّاف وغيرهن هو التطرف بإسم الدين الذي يسمح لهذه الجماعات بتكفير اي شخص لا ينتمي لهم أو يتقاطع معهم ، وبالتالي من المتوقع أن تكون خليفة داعش هي مجموعة متطرفة بإسم الدين وتكفّر أي شخص أو جهة تتقاطع معها او لا تنتمي لها ، وبما أن الجماعات السنية المتطرفة قد أدت ما عليها من خلق الأزمات وإثارة الفتن الى حد أن أي جماعة سنية حتى المعتدلة أصبحت مشبوهة ومكروهة من السنة أنفسهم قبل غيرهم من الشيعة وغير المسلمين ، فإن ذلك يستلزم من القوى الغربية إيجاد بديل معادل للقوى المتطرفة السنية تكون الأنظار مصروفة عنهم في الوقت الحالي حتى تؤدي دوراً دقيقاً خارج التوقعات .
ولا يؤدي هذا الدور إلا جماعات متطرفة بإسم الدين من غير السنة ، وهذا يعني أن القوى الغربية ربما تلجأ الى جماعات شيعية تكفيرية متطرفة لدعمها وزجّها في المناطق ذات التشكيلات السكانية الطائفية المتعددة ، ولهذا التحول الاستراتيجي عدة مبررات :-
1) وجود أصلاً مثل هذه الجماعات منتشرة في المجتمعات الشيعية وغير الشيعية وتحمل هذا الفكر ولها قنوات إعلامية عديدة وبعضها تبث برامجها من دول غربية ، إلا أنها غير منظّمة ولا ممنهجة ولا مؤدلجة بأيديولوجية التكفير العلني الواضح .
2) شعور كثير من الشيعة بالغُبن والمظلومية جرّاء ما مرّ بهم من قتل وتفجير وتفخيخ على أيدي العصابات السنية المتطرفة ، وبالتالي يكون دافع الانتقام وأخذ الثأر مندرج ضمن تفكيرهم .
3) انتشار التشيع وبروز دور المرجعية الدينية في العراق بعد 2003 إضافة الى دور إيران الإقليمي يعطي ضوءً أحمراً لوجود تنامي لقوة تكون في الأعم الأغلب مناهضة للقوى الغربية وإسرائيل ، مما يجعل تشويه صورة التشيع من خلال بروز سمة التكفير أمر في غاية الأهمية .
4) في العراق اتسعت الثقافة الطائفية بسبب سياسة السياسيين الطائفية فيه ، بحيث أصبح كل شيء يُنظر إليه من زاوية طائفية وهذا يساعد في إيجاد شعبية لأي حركة متطرفة طائفية شيعية كانت أم سنية ، وقد يميل السياسيون الطائفيون الى دعم الحركات المتطرفة بدرجة تحفظ وجودهم في السلطة ، وبما أن الأغلبية للشيعة في العراق فإن الكفة تميل أكثر نحو السياسيين الشيعة .
5) سياسة ترامب الرئيس الجديد للولايات المتحدة التي تبدو وكأنها معادية للسعودية تجعل سيناريو تهيأة جماعات متطرفة شيعية مطروحاً .
6) بروز قوة شيعية متطرفة أمر غير متوقع بسبب مرور عقود من الزمن على وجود عصابات سنية تكفيرية متطرفة كما أسلفنا .
ولكن تبقى هناك معرقلات لظهور هذه الجماعات التكفيرية الشيعية ، وأبرز هذه المعرقلات هو وجود المرجعيات الدينية الفاعلة والمؤثرة في الساحة الشيعية ، فإذا قامت تلك المرجعيات بدورها كما ينبغي فإنها سوف تقطع الطريق على تأسيس مثل هذه الجماعات وتسحب البساط من تحت أقدام هؤلاء المتطرفين ، فيتعدى مستوى الفتوى والتحريم الى وضع برامج عمل وآليات سياسية واجتماعية وتثقيفية تعرقل نشوء مثل هذه الجماعات .
إضافة الى أن تفعيل النهج التكفيري للمتطرفين الشيعة يحتاج الى سنوات عدة ، وهذا يتيح الفرصة لمن يريد أن يعمل بالضد منها أن يعدّ عدته لقطع الفتنة من جذورها ومنع وجود حواضن لها في البيئة الشيعية .