فى خطاب الرئيس الأمريكى جو بايدن خلال قمة المناخ (كوب 27) التى استضافتها مصر من 6 إلى 18 نوفمبر 2022فى مدينة شرم الشيخ عروس البحر الأحمر بحق والتى بدت متألقة ومتوائمة ومنسجمة مع الحدث العالمى الكبير شكلا وموضوعا. وخلال الخطاب عطف الرئيس بايدن الى منحى على ذكر المحاربين القدماء فى يوم عيدهم القومى للولايات المتحدة الذى صادف يوم الخطاب فى 11/11, حيث أشار بفخر ومودة الى وزير الخارجية الأمريكى الأسبق جون كيرى فى إشارة إلى زمالة المحاربين القدماء وأعتقد انه قصد بها مرحلة الحرب الفيتنامية فى ستينيات القرن الماضى وما تلاها عندما كانا فى شَرْخ الشباب.
ويقودنا ذلك الى وضع المحاربين القدماء فى برنامج الانتخابات الرئاسية وما بعدها فى الولايات المتحدة الأمريكية. حيث غالبا ما يذكرالرئيس بايدن أن سلفه ومنافسه الرئيس دونالد ترامب لم يذهب خلال حملته الانتخابية او بعد توليه الرئاسة ودخول البيت الابيض رسميا فى 20 يناير2016, الى زيارة اهم النُصب التذكارية للمحاربين القدماء فى الولايات المتحدة، وهى مقبرة أرلينجتون فى ولاية بنسيلفانيا إلا مرة واحدة وقبل نهاية رئاسته دون ان يلقى كلمة. عكس ما فعل هو فى اول عيد قومى فيدرالى فى 11 نوفمبر 2020(ليجدد العهد) مع هؤلاء المقاتلين الذين ضحوا بحياتهم من اجل امن وسلامة الولايات المتحدة الامريكية.
تأسست جمعية المحاربين القدماء الأمريكية بعد نهاية الحرب الاهلية وتوحد الشمال والجنوب عام1865 ولكن بعد الحرب العالمية الاولى 1914- 1918 وتداعياتها, تأسست وزارة شئون المحاربين القدماء الأمريكية عام 1930 لتعتنى بالشئون الصحية والاجتماعية وأسر الشهداء واسر من هم بالخدمة العسكرية عندما يكون رب الاسرة فى مهام عسكرية خارج الولايات المتحدة. هذا وقد بلغ عدد اعضائها مؤخرا 29.5 مليون محارب ومحاربة بما يقارب 9% من إجمالى سكان الولايات المتحدة البالغ 335 مليون نسمة.
وقال بايدين فى آخر خطاب لتجديد العهد مع المحاربين القدماء, إنه يحمل دائما ورقة فى جيبه عن آخرشهداء وجرحى الوطن والواجب من المحاربين. وقد بلغ إجمالى عددهم فى الحروب الأخيرة 52 ألفا و 323 منهم 7047 شهيدا بعضهم فُقدوا ولم تَعدْ جثامينهم الى اهلهم. وإنه مر وزوجته بهذه المشاعر الصعبة عنما كان ابنهما فى كوسوفو والعراق.
وإذا كان الرئيس والمسئولون يستخدمون تعبير (تجديد العهد مع المحاربين) فإن الشعب الأمريكى يحمل ويقدٍر الممنونية تجاه محاربيه القدامى والجدد وهو ما لمسته بنفسى عندما كنت مبعوثا الى الولايات المتحدة 1981-1982 وكنا حديثى عهد بالمولات الكبيرة وكيف اعطت السيدة التى امامى دورها للدفع (الكاشير) الى الضابط مرتدى اليونيفورم والتفتت لى مبتسمة ان وقته ثمين ويساوى أمنى وأمن أسرتى.
وفى عام 1984 وفى احد نوادى الضباط فى كارولينا الشمالية مساء نهاية الاسبوع دخل إلينا رجل مسن، فتوقفت الموسيقى الغنائية وعرفت انه جنرال من المحاربين القدماء وعُزف السلام الوطنى الأمريكى (فليحرس الله امريكا) ووقف الجميع فى صمت ووقار واضعين ايديهم على قلوبهم وبنهاية السلام الوطنى عاد كل شىء الى ما كان عليه، وتقدم الجنرال الى طاولتنا فقد دعاه جلسائى من الفرقة 82 مظلات الامريكية.
بايدن والمحاربون القدماءكان الجنرال يضع على اسفل كُمْ سترته شرائط مُذهبًة مائلة ومتوازية وعرفت منه ان كلا منها يرمز الى مدة معينة فى خدمة الميدان. فقلت ملاطفا لو طبقنا ذلك فى الجيش المصرى. فربما لا تكفى اذرع البعض لتلك الشرائط الذهبية. وابتسم الرجل وإنتقلنا للحديث عن العبورالعظيم للجيش المصرى لقناة السويس وكان مهتما بذلك فقد عبر بقواته نهر الراين فى المانيا منذ قرابة 40 عاما خلال نهاية الحرب العالمية الثانية 1939-1945. وفى مصر تأسست جمعية المحاربين القدماء وضحايا الحرب عام 1951 وانضمت الى الاتحاد الدولى بفرنسا عام 1952 وأسست الاتحاد العربى عام 1960 ومقره القاهرة. ويَنتظِر مجال المحاربين القدماء فى مصر طفرة إضافية فى جميع المجالات بعد مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى بنهاية مؤتمرالمناخ، لرعاية اُسر شهداء الحروب والإرهاب منذ عام 1948 وبأمل ان تمتد الرعاية الى من حضروا حروب 1948و 1956 واليمن و1967 والاستنزاف وحرب 1973 وما زالوا على قيد الحياة وهم قِلًة (لإرساء وتجديد العهد والتضحية) من اجل امن الوطن المفدى مصر.
نقلا عن جريدة الاهرام الأربعاء 23 نوفمبر 2022
.
رابط المصدر: