كما كان متوقعًا، جاء قرار منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في اجتماعها رقم 167، في 5 يونيو/ حزيران عام 2015، ليؤكِّد الإبقاء على سقف الإنتاج الحالي من النفط في حدود 30 مليون برميل يوميًّا. وعلى الرغم من التباينات في الآراء بين دول المنظمة في الاجتماع السابق، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، في ما يتعلّق بجدوى سياسة الحفاظ على كميات الإنتاج بحجة الدفاع عن حصص السوق وأثرها في مستويات الأسعار، يبدو أنّ كفَّة المدافعين عن سياسة بقاء كميات الإنتاج على حالها من دون تغيير قد رجحت على حساب المطالبين بخفْضها لدعم الأسعار.
وقد قادت السعودية – وهي المُنتِج الأكبر – التيار الأول الذي اعتمد الحفاظ على كميات الإنتاج دفاعاً عن حصص السوق ضدّ المنافسين الآخرين من خارج الأوبك، وفي صدارتهم الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية. في حين رأت كلّ من الجزائر وفنزويلا أنّ من مصلحة المنظمة خفْض كميات المعروض في السوق العالمية لدعم مستويات الأسعار ورفعها.
ويبدو أنّ تطورات السوق التي حصلت بعد هذا الاجتماع، والتي حسّنت مستويات الأسعار، وصولًا إلى ما فوق الستين دولارًا للبرميل، مقارنةً بما كانت عليه في كانون الثاني/ يناير عام 2015 عندما وصل السعر إلى أدنى مستوياته (نحو 45 دولارًا للبرميل الواحد)، عزّزت موقف المدافعين عن سياسة عدم تغيير كميات الإنتاج، وساهمت في إقناع المعارضين لها بجدواها على الأقل في الأمد المنظور. وفي هذا السياق نُذكِّر بأنّ الدول التي أيَّدت قرار تثبيت سقوف الإنتاج سابقًا قد استندت في موقفها إلى نقطتين أساسيتين؛ إحداهما توقُّع التحسُّن في أوضاع الاقتصاد العالمي مع حلول نهاية عام 2015، وهو أمرٌ يعني تعافي الطلب العالمي للنفط، والأخرى أنّ جزءًا مهمًّا من انخفاض السعر الذي حصل مع نهاية عام 2014 يعود إلى المضاربات المالية في الأسواق العالمية، وخصوصًا منها أسواق عقود البيع الآجلة.
ويبدو أنّ ظهور بوادر تحسُّن – وإن كان طفيفًا – في أداء الاقتصاد العالمي، خصوصًا في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في الربع الأول من عام 2015، عزّز التوقعات الإيجابية ببدء تعافيه في النصف الثاني منه. ومن ثمة، ساهم ذلك في توقع تحسُّن الطلب العالمي على النفط. وفي المقابل توقّعت منظمة الأوبك انحسار معدل نموّ العرض النفطي من خارج الأوبك خلال عام 2015، ليصل إلى ثُلث ما كان عليه عام 2014. ونتيجةً لذلك، من المتوقّع – نظريًّا – تحسُّن الطلب مع تراجعٍ نسبيٍّ في المعروض الكلِّي، وخفوت حدَّة المضاربات المالية في أسواق العقود الآجلة، من شأنهما أن يرفعَا مستويات السّعر. وربما هذا ما جعل منظمة الأوبك تُصرُّ على موقفها بخصوص كميات الإنتاج في اجتماعها الأخير، مستندةً إلى التحسن النسبي في مستويات الأسعار في الربع الثاني من عام 2015، مقارنةً بالربع الأول منه؛ إذ بلغ متوسط السعر المرجعي للنفط بحسب الأوبك (وهو متوسط أسعار مجموعة من أنواع النفط المنتوج في دول الأوبك) 57.30 دولارًا للبرميل في شهر نيسان/ أبريل، و62.16 دولارًا للبرميل في شهر أيار/ مايو، و60.21 دولارًا للبرميل في شهر حزيران/ يونيو.